فحول نحو 250 من رسوماته إلى أعمال من الخشب المحفور المنحوت و100 إلى حفر، وهاتان المجموعتان تمثلان أروع جانب يستحق التقدير من تراثه. آلبرخت دورر، الرسام الألماني، الذي تمر اليوم ذكرى وفاته ال486، بدأ بتصوير رسوم لكتب مثل الفارس "فون تورن" و"الطيش" لسباستيان برانت، ورسم بعد عشرين عاماً صوراً هامشية لكتاب الصلوات الخاص بماكسمليان. استطاع «دورر» أن ينشىء مدرسة فنية جديد عملت على تحرير الفن من قيود العصور الوسطى والجمع بين الواقعية الفنية الألمانية والمثالية الإيطالية، واستطاع أن يحقق حضوراً عالمياً من خلال عدد من لوحاته. ولد في مايو عام 1471 لعائلة من أصول مجرية. وفي عام 1455، انتقل مع والده الذي كان يعمل صائغا إلى مدينة نورينبرغ الألمانية بحثاً عن عمل أفضل. كانت عائلة دورر على صلة كبيرة بالعلم والثقافة، فقد كانت والدته مغنية أوبرا كنسية نشيطة. ورغم أن دورر اشتهر كرسام، إلا أن المؤرخين يتحدثون كذلك عن اهتمامات أخرى خارج نطاق الفن. فقد اهتم بعلوم الرياضيات ونشر كتبا في هذا المجال مثل: "مشاكل الهندسة الخطية" و"أشكل ثنائية الأبعاد" و"الهندسة المعمارية والديكور". وجدت مواهب هذا الشباب المبكرة اهتماما كبيرا من قبل عائلته، حيث رغب والده بأن يصبح ابنه رساماً على شأن كبير من الأهمية، فدفعه للتعلم على يد الرسام الألماني ميشائيل فولغموت. إذ نهل الكثير من المعرفة من أستاذه هذا وعمل معه بين عامي 1486 و1490. وتذكر كتب تاريخ الفن أن ألبرشت دورر ساهم بشكل كبير في رسم بعض اللوحات لأهم أعمال أستاذه فولغموت وهو "تاريخ العالم"، الذي صدر عام 1493. بعد سنوات تتلمذه تلك انتقل دورر إلى مدن أخرى بهدف جمع المزيد من الخبرات والتعرف إلى أعلام فن الرسم في عصره. فبعيد عيد الفصح عام 1490 انطلق في جولة أوصلته إلى اوبرهاين. ولم تذكر كتب التاريخ الطريق الذي سلكه دورر في تلك الرحلة، التي تعد أولى أطول ثلاث رحلات في حياته. ولكن يرى بعض المتابعين لمسيرة دورر بأنه قد يكون طريقه قد مر بهولندا ومنطقة الراين الوسطى، قبل أن يصل إلى منطقة الألزاس، حيث أراد التتلمذ على يدي الرسام مارتين شونغاور، الذي تأثر به دورر كثيراً. غير أن الموت قد غيب أنفاس شونغاور في الثاني من فبراير عام 1491. وبعد فترة قصيرة من إقامته هناك اتجه دورر إلى مدينة بازل، حيث اكتسب شهرة عالمية من خلال تقديم الكثير من الأعمال. كان من أهمها الرسوم المصاحبة لرواية الكاتب الألماني سيباستيان برانت "سفينة المجانيين"، التي صدرت عام 1494. وبعد عودته إلى مدينة نورينبرغ في العام نفسه وزواجه من انغيس فراي، حزم دورر حقائبه في جولة جديدة بعد أربعة أشهر على زواجه فقط. وفي عام 1495 قفل دورر عائداً إلى مدينته، حيث قدم سلسلة من الأعمال الفنية التي جسدت طبيعة مدينته. ظل طوال حياته مولعا بالنظريات التي تتناول الفن، فقام في أواخر حياته بنشر بعض المؤلفات موضوعها (رسالة في أبعاد الجسم الآدمي).