تحرك أمني بالعاشر من رمضان بعد بلاغ عن استدراج طفلة وتقديم مشروب يحتوي على مادة مجهولة لها    جامعة حلوان تنظم برنامجًا تدريبيًا بعنوان "مفاهيم الإدارة الحديثة"    آخر موعد لتلقي المقترحات البحثية في برنامج العلوم الأساسية والمجالات المطلوبة    خبير عسكري يكشف كواليس غرفة العمليات يوم 6 أكتوبر 1973    منتخب الجزائر يتأهل رسميًا إلى كأس العالم 2026 بعد الفوز على الصومال    خامس العرب.. الجزائر تتأهل لكأس العالم 2026    مصر ترفع رصيدها إلى 9 ميداليات في اليوم الأول لبطولة العالم للسباحة بالزعانف    رسالة النني للاعبي منتخب مصر بعد التأهل للمونديال    حبس 4 سيدات بتهمة ممارسة أعمال منافية للآداب عبر تطبيق هاتفي بالإسكندرية    نوكيا تطلق هاتف Nokia Premium 5G بمواصفات رائدة وتقنيات متطورة    كاظم الساهر يحيي حفلا في الرياض 30 أكتوبر    هيئة الدواء تبحث مع فاكسيرا توطين صناعة اللقاحات وتعزيز الأمن الدوائي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 9-10-2025 في محافظة الأقصر    الطاهر: الدولة تبنت برنامجًا طموحًا لزيادة إنتاج الطاقة المتجددة وتعظيم قيمتها الاقتصادية    مصدر من اتحاد الكرة ل في الجول: من السابق لأوانه تحديد المرشحين لتدريب مصر للشباب    إصابة 4 أطفال فلسطينيين برصاص جيش الاحتلال في الخليل وجنين    تحذير مهم من «الأطباء» بشأن تصوير الأطقم الطبية في أماكن العمل    موعد تطبيق التوقيت الشتوي في مصر وإلغاء الصيفي 2025    على أنغام السمسمية.. مسرح المواجهة والتجوال يحتفل بانتصارات أكتوبر فى جنوب سيناء    «محدش فينا هيتردد».. كريم فهمي يكشف حقيقة اعتذاره عن المشاركة في «وننسى اللي كان» ب رمضان 2026    «واخدينها بالفهلوة».. رجال هذه الأبراج هم الأسوأ في قيادة السيارات    في اليوم الثاني لفتح باب الترشح لمجلس النواب بالبحر الأحمر: «لم يتقدم أحد»    ترمب بعد اتفاق شرم الشيخ : أنهينا الحرب فى غزة ونتوقع سلامًا دائمًا فى الشرق الأوسط    خبيرة أمن: ترامب واضح في التزامه بجلب السلام للشرق الأوسط    بارليف.. نهاية وهم إسرائيل.. تدريبات الجيش المصري على نماذج مشابهة ببحيرة قارون    جهاز تنمية المشروعات ينظم معسكر للابتكار ضمن معرض «تراثنا 2025»    بيت الزكاة والصدقات يثمّن جهود الوساطة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة    هل يجوز للرجل الزواج بأخرى رغم حب زوجته الأولى؟.. أمين الفتوى يجيب    ساليبا: نريد الثأر في كأس العالم.. والإصابة مزعجة في ظل المنافسة الشرسة    سمير عمر: الوفود الأمنية تواصل مناقشاتها لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق غزة    نتائج مباريات اليوم الخميس في دوري المحترفين    تأثير اللولب على العلاقة الزوجية وطرق التغلب على ذلك    جامعة قناة السويس ضمن تصنيف التايمز البريطاني لعام 2026    محافظ كفر الشيخ: تجربة مصر في زراعة الأرز نموذج يُحتذى إفريقيا    إعلان عمان: ندين ما خلفه الاحتلال من أزمة صحية كارثية بقطاع غزة    وزير التنمية النرويجي يلاطف الأطفال الفلسطينيين خلال زيارته لمستشفى العريش العام    الاحتلال الإسرائيلي يطلق قنابل غاز مسيل للدموع وسط الخليل بعد إجبار المحلات على الإغلاق    بتكليف من السيسي.. وزير الصحة يزور الكابتن حسن شحاتة للاطمئنان على حالته الصحية    أطعمة تضر أكثر مما تنفع.. احذر القهوة والحمضيات على معدة فارغة    النيابة العامة تصدر قرارًا عاجلًا بشأن المتهمين بقتل البلوجر يوسف شلش    استبعاد معلمة ومدير مدرسة بطوخ عقب تعديهما على تلميذ داخل الفصل    نادي جامعة حلوان يهنئ منتخب مصر بالتأهل التاريخي لكأس العالم 2026    التضامن: مكافحة عمل الأطفال مسؤولية مجتمعية تتكامل فيها الجهود لحماية مستقبل الأجيال    بالأسماء تعرف علي أوائل الدورات التدريبية عن العام 2024 / 2025 بمحافظة الجيزة    لترشيد استهلاك الكهرباء.. تحرير 134 مخالفة لمحال غير ملتزمة بمواعيد الإغلاق    بعد معاينة الطب الشرعي.. جهات التحقيق تصرح بدفن طفل فرشوط بقنا    قسطنطين كڤافيس وشقيقه كيف يُصنع الشاعر؟    إصابة 12 شخصا فى حادث انقلاب سيارة بطريق العلاقى بأسوان    إطلاق قافلة زاد العزةال 47 من مصر إلى غزة بحمولة 3450 طن مساعدات    انتخابات النواب: 73 مرشحًا في الجيزة بينهم 5 سيدات مستقلات حتى الآن    كوارث يومية فى زمن الانقلاب…حريق محل مراتب بالموسكي ومصرع أمين شرطة فى حادث بسوهاج    التقييمات الأسبوعية للطلاب فى صفوف النقل عبر هذا الرابط    محمود مسلم: السيسي يستحق التقدير والمفاوض المصري الأقدر على الحوار مع الفلسطينيين والإسرائيليين    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    شاهيناز: «مبحبش أظهر حياتي الخاصة على السوشيال.. والفنان مش إنسان عادي»    عاجل - بالصور.. شاهد الوفود الدولية في شرم الشيخ لمفاوضات غزة وسط تفاؤل بخطوة أولى للسلام    من أدعية الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرشدية اللاتينية.. أول الغيث فكرة
نشر في البديل يوم 02 - 04 - 2014

في عشرينات القرن الثالث عشر الميلادي قام (ميخائيل سكوتوس) بترجمة أهم كتب ابن رشد، وكان ذلك في صقلية في بلاط الملك (فريدريك الثاني)، ومنذ هذا الوقت بدأ الفلاسفة واللاهوتيون اللاتين في اتخاذ مواقف متباينة حيال الرجل وفلسفته وشروحه لأرسطو، وكان على رأس من تبنوا موقفًا عدائيًا متطرفًا (توما الأكويني) الذين قال نصًا "إنَّ الشارح ليس مشائيًا بمقدار ما هو مفسد للفلسفة المشائية".
وفي العام 1266م "حَرَّم أسقف باريس (أتين تومبيه) دراسة كُتب ابن رشد في جامعتها وسماه رأس الضلال" وفي نفس السنة صدر الأمر من روما بتأييد أسقف باريس في قرار التحريم، وبعدها بثلاث سنوات، وبعد أن أصبح أسقف باريس عضوًا في جامعة باريس دعا لجمع أساتذة اللاهوت في الجامعة، والاتفاق معهم على تحريم ثلاث عشرة قضية كلها قواعد رشدية مألوفة".
ورغم كل هذا البطش بفكر ابن رشد على مدار سبعين سنة بقي فكره قويًا ومُتغلغلاً في جامعة باريس مما جعل الأسقف (تومبيه) يتخذ إجراءات أكثر حدة "نصت على تحريم أكثر من مئتي قضية مشائية عامة ورشدية، ووجه هذا التحذير إلى أساتذة كلية الآداب بباريس".
ويُرجِع البعض السبب في هذه الحرب التي شنتها الكنيسة على فكر ابن رشد إلى طرح فلسفي جاء غامضًا في كتاب النفس لأرسطو يتلخص في السؤال: هل العقل واحد يشارك فيه جميع البشر وبه يعقلون؟ أم أنَّه خاص بكل إنسان فرد يصح بموجبه القول: " إنَّ هذا الإنسان يعقل".
ولا ندري على وجه الدقة من أين استقى هؤلاء ما يفيد أنَّ ابن رشد تبنى هذا الطرح الفلسفي القائل ب(وحدة العقل) ويبدو أنَّ الترجمات اللاتينية قد خلطت بين رأيه ورأي غيره، ثم أنَّها اعتُمدت لفترة طويلة، دون ظهور أي محاولة للتمحيص بالعودة إلى الأصل العربي!
ويقول الدكتور غانم هنا محاولاً تفسير ذلك"غير أن الباحث في هذه القضية يُفضِي إلى وجود مسلمتين، اعتبرتا يقينيتين، الأولى أنَّ النص اللاتيني قد نقل ابن رشد على حقيقته. وتقوم الثانية على اعتقاد سائد بأن ما نسبه المفكرون اللاتين إلى ابن رشد هو دون شك رأي الفيلسوف العربي. ويرجح هذه الأقوال أنَّ النص العربي لشرح ابن رشد المطول (التفسير) لكتاب النفس لأرسطو، وهو المرجع الأساسي لقضية (وحدة العقل) لا يزال مفقودًا، بينما حفظت ترجمته إلى اللاتينية في نسخ عدة ترجع إحداها إلى عام 1243م وقد تم تحقيقها تحقيقًا علميًا دقيقًًا وأصبحت المصدر المعتمد من قبل الباحثين في حين لم تحظ النصوص العربية ذات العلاقة بالموضوع والمتناثرة في كتب أخرى لابن رشد بالاهتمام الكافي. ومن منطلق مراجعة وتصحيح ما وجد في الأبحاث حول (وحدة العقل) يجهد هذا البحث في إقامة دلائل نصية في كتب ابن رشد وفي أصلها العربي تؤسس وتبرر حق التشكيك في صحة هاتين المسلمتين. فإذا ثبت أنَّ النص اللاتيني قد أضاف إلى الأصل العربي ما ليس لابن رشد وأنَّه يخالف مخالفة صريحة النصوص العربية الواردة خارج (الشرح المطول لكتاب النفس) وثبت من هنا أنَّ (الشارح) لم يقل بوحدة العقل المنسوبة إليه في الفكر اللاتيني؛ لأصبح لزامًا علينا أن نبرئ ابن رشد من أبوة وحدة العقل".
وبسبب هذا الالتباس الذي كان من شأنه إشعال النار في الفكر الأوربي (القروسطي) تطور الأمر بصورة متسارعة، إذ عُدَّت أفكار ابن رشد من قبل السلطات الدينية خطرًا على العقيدة الدينية المسيحية، وتهديدًا لعقيدة خلود النفس الفردية ومسئولية الإنسان عن أفعاله، تبِع ذلك ملاحقات لمعلمي الفلسفة الرشديين الذين لاذ بعضهم بالفرار، وأودع آخرون السجن، ولقيَّ نفر منهم حتفه بسبب اتهامه بالخروج على التعليم الرسمي.
على عكس ما كان من رجال الدين أتباع المدرسة الدومنيكانية نجد حفاوة بالفكر الرُشدي من المدرسة الفرنسيسية ومؤسسها (إسكندر الهالسي) الذي كان أول (لاهوتي) يقبل بما للفلسفة العربية من سطوة، بل ويقوم بنشرها، ليأتي من بعده من أتباع مدرسته؛ من كان مؤيدًا بقوة للفكر الرشدي، واعتماد آرائه وحججه منهجًا قويًا وحاسمًا في المناظرات مع المدرسة الدومنيكانية، ثم نجد(روجر بيكون) يقول: "… واليوم تفوز فلسفة ابن رشد بقبول جميع الحُكماء بعد أن أُهملت ونُبِذت وأنكِرت من قِبَل أشهر العلماء زمنًا طويلاً، ترى مذهبه، الجدير بالاحترام على العموم، قد قُدِّر شيئاً فشيئاً".
ولعله ليس من نافلة القول أن نقول أن الأصولية المسيحية قد حذت حذو مثيلتها الإسلامية، شبرًا بشبر في الموقف من الرشدية من التهام بالكفر والإلحاد إلى حرق الكتب وتحريم تدريسها، غير أنَّ الفكر الأوروبي قد وعى سريعًا أهمية دورها في إنقاذ العقل من مهاوي الخرافة والتضليل، أما نحن فما زلنا نظن أن في الوقت متسع!
المراجع:
الرشدية اللاتينية وأولى إرهاصات الصراع بين الفكر والكنيسة. ياسين اليحياوي
وحدة العقل بين ابن رشد والرشدية اللاتينية. د. غانم هنا
المعجم الفلسفي. د. جميل صليبا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.