«التضامن» تقر قيد 5 جمعيات في 3 محافظات    17 يونيو 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة اليوم    انخفاض أسعار الدواجن اليوم الثلاثاء بالأسواق (موقع رسمي)    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    أسعار النفط تقفز 1% مع تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل    سعر الذهب اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025.. استقرار وترقب للأونصة    وزير الإنتاج الحربي: مصنع 200 الحربي قلعة صناعية كبرى ونموذج للتكامل مع القطاع الخاص وتوطين التكنولوجيا    صحة كفر الشيخ: استعراض خطة حملة طرق الأبواب لتنظيم الأسرة    وزير الدفاع الأمريكي: سنحمي وجودنا العسكري والدبلوماسي في الشرق الأوسط بنشر قدرات إضافية    3 أزمات ل "روبيرو" مع الأهلي في كأس العالم للأندية    يوم الامتحان تحول لكابوس.. ننشر أسماء المراقبين المصابين في حادث أسيوط- صور    بالأسماء.. 3 جثث و14 مصابًا في حادث مروع لسيارة عمالة زراعية بالبحيرة    "مش بنام من التوتر".. أولياء أمور يتجمعون أمام لجان الثانوية بالإسماعيلية    ضبط 300 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة في القاهرة    محافظ أسيوط يفتتح معرض فنى لتدوير المخلفات البيئية    الصحة: استمرار إجراء المقابلات للمرشحين للمناصب القيادية لليوم الثاني    معهد تيودور بلهارس ينظم الملتقى العلمى 13 لأمراض الجهاز الهضمى والكبد    عميد طب قصر العينى يستقبل سفير جمهورية الكونغو الديمقراطية لتعزيز التعاون    رئيس الأوبرا يشهد احتفالية ذكرى دخول المسيح مصر (صور)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 17-6-2025 في محافظة قنا    تنسيق الجامعات.. برنامج هندسة الاتصالات والمعلومات بجامعة حلوان    ورشة تدريبية متخصصة حول الإسعافات الأولية بجامعة قناة السويس    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 17 يونيو والقنوات الناقلة    بالميراس بكامل قوته أمام الأهلي.. تغييرات هجومية منتظرة في موقعة نيو جيرسي    ابن النصابة، تعرف على تفاصيل شخصية كندة علوش في أحدث أعمالها    تركي آل الشيخ يكشف كواليس زيارته لمنزل الزعيم عادل إمام    طقس اليوم الثلاثاء.. استمرار انخفاض الحرارة والأمطار تعود للسواحل المصرية    انتشار أمني بمحيط مدارس 6 أكتوبر لتأمين امتحان اللغة الأجنبية الثانية للتانوية العامة    انتظام لجان اللغة الأجنبية الثانية بامتحانات الثانوية العامة في الإسكندرية    طلاب الأدبى بالثانوية الأزهرية فى الأقصر يؤدون امتحان الفقه اليوم.. فيديو    "فقرات استشفائية".. الأهلي يواصل تدريباته استعداداته لمواجهة بالميراس    بعد أزمة الاستبعاد.. جلسة صلح بين ريبيرو ونجم الأهلي في أمريكا (تفاصيل)    «سكاي أبوظبي»: 240 مليار جنيه مبيعات مشروع «رأس الحكمة»    طريقة عمل كيكة الجزر، مغذية ومذاقها مميز وسهلة التحضير    ترجمات| «ساراماجو» أول أديب برتغالي يفوز بجائزة نوبل أدان إسرائيل: «ما يحدث في فلسطين جريمة»    جهاز منتخب مصر يشيد بالشناوي ويدعم تريزيجيه قبل مواجهة بالميراس في كأس العالم للأندية    إيران تشن هجوما جديدا الآن.. إسرائيل تتعرض لهجمات صاروخية متتالية    وزير الدفاع الأمريكي يوجه البنتاجون بنشر قدرات إضافية في الشرق الأوسط    بعد تصريحات نتنياهو.. هل يتم استهداف خامنئي الليلة؟ (مصادر تجيب)    «إرث الكرة المصرية».. وزير الرياضة يتغنى ب الأهلي والخطيب    3 أيام متتالية.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    سحر إمامي.. المذيعة الإيرانية التي تعرضت للقصف على الهواء    ماكرون: نؤيد وقف إطلاق النار ومستعدون ل مفاوضات نووية جديدة مع إيران    خامنئي يغرد تزامنا مع بدء تنفيذ «الهجوم المزدوج» على إسرائيل    وكالة إس إن إن: إيران تعتزم مهاجمة قاعدة جوية عسكرية إسرائيلية حساسة    إغلاق جميع منشآت التكرير في حيفا بعد ضربة إيرانية    بعد إنهاك إسرائيل.. عمرو أديب: «سؤال مرعب إيه اللي هيحصل لما إيران تستنفد صواريخها؟»    ما هي علامات قبول فريضة الحج؟    تفاصيل محاضرة ريبيرو للاعبي الأهلي    حدث بالفن | عودة إلهام شاهين وهالة سرحان من العراق والعرض الخاص لفيلم "في عز الضهر"    بسبب إغلاق مطار بغداد.. إلهام شاهين تكشف تفاصيل عودتها لمصر قادمة من العراق    "حقوق الإنسان" بحزب مستقبل وطن تعقد اجتماعًا تنظيميًا بحضور أمنائها في المحافظات    إلهام شاهين تروي ل"كلمة أخيرة" كواليس رحلتها في العراق وإغلاق المجال الجوي    قطع أثرية بمتحف الغردقة توضح براعة المصريين القدماء فى صناعة مستحضرات التجميل    محافظ كفر الشيخ: إقبال كبير من المواطنين على حملة «من بدرى أمان»    ما الفرق بين الركن والشرط في الصلاة؟.. دار الإفتاء تُجيب    لمست الكعبة أثناء الإحرام ويدي تعطرت فما الحكم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    عضو ب«مركز الأزهر» عن قراءة القرآن من «الموبايل»: لها أجر عظيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عريب الرنتاوي: ربح أردوغان وخسرت تركيا
نشر في البديل يوم 02 - 04 - 2014

حظي أردوغان بنصر غير ملتبس، في انتخابات أرادها شخصياً وأرادها خصومه، تصويتاً على المستقبل السياسي للرجل.. لكنه بدل أن يدلي بخطاب المصالحة، وطي صفحة الحملات الانتخابية كما درجت عليه العادة في الديمقراطيات.. رأيناه يواصل التهديد ويصعّد الوعيد، لخصومه ومعارضيه.. سيدخل "عرين" هذا، ويقتحم "أوكار" أولئك.. سيقضي على هذا الفريق، وسيوجه "صفعة عثمانية" لذاك.. حالة من الاهتياج لم تتوقف طوال الأشهر الفائتة، والأرجح أنها ستتواصل في الأشهر القادمة كذلك.
فاز أردوغان، مدعوماً بأصوات المحافظين والقرويين والأرياف، الذين لم يأبهوا لحجب "توتير" أو لحرب رئيس حكومتهم على "يوتيوب".. فاز الرجل مستنداً إلى إرث من المنجز الاقتصادي – الاجتماعي، الذي تشير دلائل الاقتصاد التركي على أنه بلغ ذروته، وأنه بات في مرمى التهديد من جديد.. فاز الرجل مستنداً إلى ميل شعبي ومجتمعي عميق، للاستقرار والاستمرار، وإرث يحتل ذاكرة الأتراك الجمعية، عن تجارب في حكم العلمانيين، مفرطة في غلوها وتطرفها، وأحزاب معارضة، تفتقد للرؤية والقيادة الكارزمية المقاتلة.
لكنه فوز لحزب ورجل، هو في واقع الحال، أقرب ما يكون للخسارة الوطنية الكبرى.. تركيا لم تشهد استقطابات اجتماعية، من قومية ومذهبية، كتلك التي سبقت الانتخابات ومهدت لها وتحكمت بنتائجها.. تركيا تستقبل "فيروس" الانقسامات المذهبية والقومية، التي تعصف بدول المنطقة العربية وكياناتها.. وحدة تركيا الوطنية ونسيجها الاجتماعي، اهتز في سياق الانتخابات الأخيرة، كما لم يحصل من قبل.
صحيح أن غالبية تركية – سنيّة، مشدودة العصب المذهبي – والقومي، قد منحت أردوغان فوزاً كبيراً، مستجيبة بذلك لشعارات ونداءاته عن الأخطار المحدقة بالأمة والإسلام، ولصورته عن نفسه وحزبه، التي قدمها خلال طوفان المهرجانات الانتخابية الذي لم ينقطع، بوصفه المدافع عن الأمة والدين، في وجه "الخونة" والعملاء والجواسيس والعلمانيين وأذناب الإمبريالية والصهيونية.. بوصفه المدافع عن المسلمين في سوريا وغزة ومصر، ضد الديكتاتوريين والقتلة.. لكن مالات هذه الحملة الشعواء، جاءت وبالاً على تركيا ونسيجها الوطني والاجتماعي.
خسر "العدالة والتنمية" في مناطق الكثافة السكانية الكردية، ونجح الأكراد في أخذ زمام مناطقهم بأنفسهم، وكسبوا الرهان على الحزب الحاكم الذي كان يحقق اختراقات متتالية في صفوفهم.. خسر العلويين العرب بصورة شبه كاملة، إن لم نقل "مائة بالمائة منهم"، بعد أن اتجهوا بأصواتهم إلى حزب الشعب الجمهوري.. خسر الكثير من أصوات العلويين الأتراك، الذين فضلوا الحركة القومية عليه وعلى حزبه الإسلامي.. فبدا أن الرجل بخطابه السياسي والفكري وحملاته الانتخابية وحروبه المنفلتة من كل ضوابط على الآخرين، قد بات سببا في تأزيم التوترات المحلية والاستقطابات القائمة على الهويات الفرعية والثانوية.
والانتخابات المحلية، ليست بالنسبة لأردوغان سوى "عتبة" للوصول إلى انتخابات أخرى أكثر أهمية: الرئاسية والبرلمانية، والرجل بات مهيّئاً لخوض غمار الصراع على الرئاسة الأولى، شريطة أن ينجح في تعديل الدستور، ونقل صلاحيات الحكومة إلى "قصر شنقايا"، فإن أخفق في تعديل دستور البلاد، سيعمد إلى تعديل دستور حزبه، ليتمكن من خوض غمار الولاية الرابعة على رأس الحكومة، حيث تتجمع السلطات والصلاحيات حالياً.. والأرجح أن معارك من هذا النوع، سوف تدفع أردوغان، لإعادة انتاج خطابه الشعوبي، الذي يتشكل من خليط قوموي – إسلاموي، يداعب فيه مخيلة الأتراك ونزعاتهم القومية والدينية العميقة.. لكنه في المقابل، سيواصل "النخر" في نسيج المجتمع بمكوناته المختلفة، وقد يكتب التاريخ، أن الحزب الذي صنع معجزة تركيا الاقتصادية الحديثة، هو ذاته، الحزب الذي زرع الخراب في نسيج مكوناتها ووحدتها، في لحظة تاريخية، تتميز باشتداد هبوب رياح الفرقة والانقسام والهويات المذهبية والفرعية.
لعلها أول انتخابات، لا يطغى فيها "منجز" الحزب ووعوده على حملاته الانتخابية.. لعلها أول انتخابات، تستند إلى المكانة المحورية لرجل واحد في الحزب.. لعلها أول انتخابات، تطغى فيها "الأنا المتضخمة" لزعيم الحزب على رؤية الحزب وبرنامجه وتصوراته.. والأرجح أنها الانتخابات، التي ستعزز ميل الرجل الفردية والاستبدادية، فمن يستطيع تحقيق تقدم انتخابي، وهو في ذروة حربه على الحريات والإعلام والقضاء، وفي ذروة غرقه في مسلسل الفضائح والتسريبات، لا يتعين عليه أن يقلق، بل ولماذا يرتدع أو يرعوي، طالما أن لديه "كتلة صماء ثابتة" من الأصوات، يستطيع أن يخوض بها غمار البحر، من دون تردد.
الخلاصة، أن تركيا ما بعد الانتخابات المحلية، ليست كما قبلها.. تركيا بعد سنوات من حكم العدالة والتنمية ليست كما قبلها.. تركيا التي ظنت أن لها سياقها الخاص، غير العربي، يبدو أنها باتت مصابة بفيروس الديمقراطيات المنقوصة والحكام المهووسين بأحلام الزعامة الفردية والانقسامات التي ضربت كل دولة من دولنا، وكل مجتمع من مجتمعاتنا، وأعادتنا إلى عصور ما قبل الدولة وما قبل المجتمع، إلى عصور "المكونات الأولى" والهويات السابقة للهوية الوطنية الحديثة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.