استيقظت صباحا "وكعادتي السيئة جدا التي أتمنى أن أتوقف عنها" قمت بتصفح الإنترنت والأخباروكالعادة أيضا اصابني الإحباط فبدأت يومي بخبر الحكم بالإعدام على أكثر من 500 شخص دفعة واحدة .. وفي هذه اللحظة لا أعلم لماذا رن في اذني بوضوح صوت المشير عبد الفتاح السيسي بعد 30 يونيو وبعد عزل مرسي حين قال "ماكناش نقدر نشوف كل المصريين أو معظمهم مفزوع .. ومانعملش حاجة" .. تذكرت وقتها كيف انني تأثرت جدا بهذه الكلمة وكنت اشعر فعلا وقتها ان معظم المصريين يشعرون بالفزع والخوف والإضطراب فنزلوا في 30 يونيو يعبرون عن فزعهم الذي لم يتحمله المشير وكان واجبه الوطني يحتم عليه رفع الفزع عن شعب مصر العظيم .. وتساءلت هل يشعر الشعب المصري الآن بالأمان ؟ هل اسباب الفزع الذي انتاب المصريين قبل 30 يونيو انتهت وزالت ؟ هل اعتقد البعض أن أسباب الفزع كانت ان الإخوان المسلمون يحكمون مصر وحسب؟؟ لم يكن أبدا سبب الفزع هو هذه الفكرة السطحية في أن الأمان يعود بالقضاء على الإخوان المسلمون والذي تطور فأصبح القضاء على كل صوت مختلف بل إن معظم هذا الشعب الذي كان يشعر بالفزع – لو لاحظنا – هو نفسه من صوت للإخوان المسلمون وأعطاهم ثقته في البرلمان والرئاسة .. لقد كان سبب فزعه بعيدا عن كونهم إخوان وإنما كان السبب أن من أعطاهم الثقة وفوضهم لإدارة شئونه وحمايته والدفاع عن مصالحه لم يهتموا لأمره ، كان فزعه أنه وجد حاله على أعتاب دولة اقصائية دولة الحزب الواحد والمنهج الواحد وكل ماعداه باطل وخائن ، كان فزعه حين وجد ان ما خرج من أجله وتحمل من أجله سنوات لا يقوم منه شيئ ولا يحقق منه شيئ فحكام البلاد الجدد يقدمون اليد للأعداء ويتهاونون معهم ويشجعون سلطة رأس المال وسيطرته ويتحالفون في الغرف المغلقة مع من ثار الشعب ضدهم ويعيدونهم إلى الحياة بالتدريج ، شعر بالفزع حين وجد من فوضهم يرتمون في أحضان دولة خليجية يعيشون على ما تمنحهم إياه ويعطونها كل الإمتيازات المطلوبة .. شعر بالفزع حين وجد من فوضهم يسجنون شبابه ويضربون بناته، وزاد فزعه حين وجدهم يفرقون بين أبناء الوطن الواحد كل حسب اتجاهه وفكره وما يعتنقه من أفكار .. في هذه اللحظة من الفزع قرر الشعب أن يتمرد ، يتمرد على اختياره وتفويضه هو .. وهب في 30 يونيو يعبر عن سخطه وخوفه وفزعه .. هل غابت أسباب الفزع ؟ هل يشعر المصريين الآن بالأمان؟ هل يهتم القائمون بأمر البلاد بالشعب ؟ هل أصبحت الدولة غير اقصائية تحتضن الجميع وتؤسس لمجتمع صحي متناغم لا يملأه الكره والثأر والإقصاء والتخوين كما كان الحال قبل 30 يونيو ؟ هل يشعر المصريين بإلغاء دولة الحزب الواحد والمنهج الواحد وكل ماعداه باطل ؟ هل يتحقق ما كافح الشعب من أجله سنوات ؟ هل قطعت يد الأعداء من بلادنا ؟ حين قيل في رسالة من مرسي "صديقي الوفي شيمون بيريز" ثار هذا الشعب فهل مازال صديقنا الوفي؟ ام مازلنا نتردد على أبواب الاعداء مبررين كما كان مرسي يبرر؟ هل قطعنا دابر من ثار الشعب ضدهم من لصوص ؟ هل نحارب سيطرة رأس المال؟ هل مازالت هناك دولة خليجية بترولية نرتمي في أحضانها ونعيش على ما تمنحنا إياه ونعطيها ما تبغاه ؟ هل مازال شبابنا يسجن ؟ هل تساوى أبناء الوطن الواحد أيا كان فكرهم أو ما يعتنقون ؟ عزيز القارئ قبل أن تبدا في الجدل اذا كانت هناك اي مبررات لبقاء هذه الاسباب في الوجود فستكون هي بالضرورة مبررات الإخوان أيضا قبل 30 يونيو.. والصبر عليها كان يدعو بالضرورة للصبر على الإخوان وقتها ، إلا ان كل المبررات لم يرضى بها الشعب وخرج في 30 يونيو لتتوقف فورا ولا صبر ولا انتظار .. علينا جميعا أن نقف مع النفس وقفة جادة ونتأمل حال بلادنا قبل ان يضيع آخر أمل .. لأن الواقع لم يختلف كثيرا سوى في المسميات والاشياء ولكن المحتوى واحد .. وكل ما نريده رغبة حقيقية في صنع التغيير .. ووطن يتسع للجميع لا تقام الأوطان إلا برؤى واضحة وبناءة تعرف الطريق جيدا ولا تضل عنه وتعلم أين تتجه وتضه مصلحة الوطن فقط قبل أي مصلحة ، استقيموا يرحمكم الله ..