طالب سياسيون الحكومة المصرية باتخاذ إجراءات حاسمة تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة، وتصعيد الأمر لمجلس الأمن، مستنكرين تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي ليبرمان التي قال فيها «لا بديل عن احتلال غزة بشكل كامل». ورأى البعض أن العدوان على غزة بالونة اختبار للحكومة المصرية بعد إعلان حماس منظمة إرهابية، مستبعدين جرأة إسرائيل على احتلال غزة. قال الدكتور محمد السعيد إدريس – رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، إن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة اختبار لمصداقية الحكم في مصر وموقفه من حركة حماس، والجرائم التي ارتكبتها ضد الشعب المصري وتحالفها مع الإخوان، وهل يغير هذا من موقف مصر تجاه باقي الفصائل الفلسطينية والشعب الفلسطيني أم لا؟ وهل يعد اتهام مصر لحماس مجرد ذريعة لتنصل مصر من مسئولياتها تجاه الشعب الفلسطيني؟! وأكد «إدريس» أن مصر لن تسمح بأي حال من الأحوال باعتداء إسرائيل على شعب أعزل تحتل أرضه بهذا الأسلوب الإجرامي دون اتخاذ إجراءات فعلية، مطالبا الحكومة المصرية باستدعاء السفير المصري لدى تل أبيب للتشاور كإجراء أولي وليس سحبه، وإعلان رفض هذا العدوان الإجرامي، واستدعاء السفير الإسرائيلي في القاهرة، وتسليمه مذكرة احتجاج رسمية، ومطالبة مندوب مصر في الأممالمتحدة بانعقاد جلسة عاجلة لإدانة هذا العدوان الإسرائيلي على غزة، مشيرًا إلى أن هذه الإجراءات تعد نقطة بداية في حدود ما لا يعرض مصر لمواجهة انقسام، ولا يتعارض مع «كامب ديفيد». وشدد «إدريس» على ضرورة اتخاذ كل الدول العربية الإجراءات الحاسمة، وإدراك أنه لا أمل في عودة مفاوضات فلسطينية / إسرائيلية، مشيرا إلى أن حكومة نتينياهو تدير الصراع معنا على أنه صراع وجود، فالأرض وفقا لهذا الصراع وتلك الرؤية إما للشعب الفلسطيني العربي أو لليهود، لذا على كل العرب عدم قبول أية مفاوضات مع إسرائيل، وعلينا أن نخوض معها الصراع مثلما تخوضه ونرفض أي تهاون في قرارات الأممالمتحدة. وردا على تصريحات «ليبرمان» – وزير الخارجية الإسرائيلي، التي تضمنت أنه لا بديل عن إعادة احتلال غزة بشكل كامل، قال «إدريس» إنه لا حل للقضية الفلسطينية إلا بتحرير فلسطين من النهر إلى البحر، وليعد كل «يهودي صهيوني إسرائيلي» من حيث أتى. ويرى الدكتور أيمن عبد الوهاب – الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن القضية الفلسطينية قضية أساسية للسياسة المصرية، بغض النظر عن الموقف من حماس، وأن التحرك المصري الراهن يجب أن يتجاوز أية أزمة مع حماس، ويصب في الحوار بين تنظيم الجهاد في غزة وبين إسرائيل، وبالتالي محاولة العودة لتهدئة الأوضاع في غزة ربما يكون أحد أطر التحرك المصري في الوقت الراهن، خاصة أن هناك مفاوضات دائرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وطالب بأن تتحرك السياسة المصرية في إطار القضية الفلسطينية، وإعلان أن الاختلاف مع حماس سببه اعتبارها تنظيم داعم لجماعة الإخوان وأنها لعبت دورا «غير شريف» في الأحداث المصرية، لكنه لن يؤثر على دور مصر كدولة مساندة للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني. وأوضح أن التصعيد الدبلوماسي بإجراءات من قبيل طرد السفير الإسرائيلي وغيرها يمثل إحدى الأوراق الأخيرة التي يمكن اللجوء إليها، لكن لا يمكن التصعيد الآن طالما هناك مفاوضات. وحول تصريحات «ليبرمان» قال «عبد الوهاب» إنها مجرد تهديدات للدعاية السياسية، تمثل العادة الإسرائيلية في مسألة التفاوض، لكن إسرائيل لن تجرؤ مرة أخرى على دخول قطاع غزة لأنها تدرك أنه مستنقع كبير، وفرحت كثيرا عندما خرجت من غزة؛ فضلا عن أنها تلقي بمسئولية قطاع غزة على العديد من الأطراف التي ستتحمل هذه المسئولية، وتدخلها فيه مجددا سيحملها مسئوليته أمام الرأي العام العالمي. وقال الدكتور إكرام بدر الدين – أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن هذه ليست المرة الأولى لعدوان إسرائيل على غزة، فإسرائيل دائما تبرر عدوانها، مضيفا أن مصر قضيتها الأساسية «فلسطين» وليس غزة فقط، ودورها في هذه اللحظة دور دبلوماسي، مشيرا إلى أن أية محاولات لسحب السفير المصري من إسرائيل أو طرد السفير الإسرائيلي من مصر سيثير تساؤلات عديدة حول اتفاقية كامب ديفيد، ويؤدي إلى توتر شديد في العلاقة بين الدولتين.