العاملون فى الشركة المصرية للاتصالات لم يتعمدوا أن تصل الأمور بينهم وبين رئيس شركتهم لما وصلت إليه . لم يتعمد أحد فى أية مؤسسة فى مصر أن تصل العلاقة بينه وبين رؤسائه لنقطة اللاعودة . الساكتون عن الخراب رغم كونهم يملكون إقالة الفاسدين وأعضاء أمانة السياسات ( بطل قصتنا أيضاً عضو أمانة سياسات , هذه هى مصر التى شوهها مبارك ومسخ مسئوليها ) هؤلاء هم الذين يجب أن نتصدى لهم بكل قوة . المرارة تملأ حلوق الناس والظلم طفح . فاض الكيل أيها السادة وحين نزلت من منزلى إلى عملى صباح الأحد 16 أكتوبر فوجئت بينما أستدير بأعداد الموظفين الذين يقفون أمام سنترال الدقى , بعد ما قرأته الليلة قبلها بالصحف الإليكترونية والورقية عن الغضب الهادر لموظفى هيئة الاتصالات المصرية الذين رأوا كل شئ من مديرهم السيد محمد عبد الرحيم . هو اتهم بعض الموظفين بأنهم مفصولون وهم ليسوا كذلك , وهو اتهم هؤلاء البعض بأنهم احتجزوه وهددوه بالقتل , بحسب زعمه , ويؤكدون أنهم أرادوا إخراجه من المكتب والشركة لذا دخل مكتبه وأغلقه على نفسه . أكد العاملون فى خدمة الدليل الذين كانوا يخرجون للتظاهر فى وقفة حضارية أمام مقر عملهم ثم يعودون لتأدية العمل لكى لا يضروا بمصالح الجماهير , كما شاهدت بعينى أكثر من مرة فى ذات السنترال أسفل منزلى أنهم فوجئوا يوم الجمعة الماضى بعدم وصول أى مكالمات إليهم وتم تحويلها إلى ما وصفوه بجهة غير معلومة لهم , لا تعطى أية أرقام ولكن تفيد بأن هناك تحديثاً لقاعدة البيانات , مع استمرار احتساب الشركة لسعر المكالمة على العميل وهو 50 قرشاً . ربما هدف خصمهم رئيس الشركة هو إظهارهم ممتنعين عن العمل ( هذا استنتاجى الخاص وليس كلامهم فى هذه الجزئية ) ما يقوى اتهاماته لهم ويضعف موقفهم القانونى ويُحنق عليهم المواطنين المتضررين . المشكلة تصاعدت ودخل فيها بُعدٌ بلطجي فتعرض زميلهم محسن منصور , بحسب كلامهم , للخطف من الشارع إلى المقابر وتهديد بالأسلحة البيضاء ولاقى ضرباً مبرحاً ثم أعاده الخاطفون , بعد أن قالوا له بالنص ( وفقاً للعاملين الذين رفضوا ذكر أسمائهم خشية بطش رؤسائهم ) :” عشان تعرف تتكلم عن أسيادك ” , ثم توالت التهديدات على بعض الموظفات والعاملين صغار السن من إدارة الدليل بخصم يوم لهم لو تمت المشاركة فى الوقفة التى رأيتهم بها, وتعرضت بعض الموظفات بالشركة للتهديد بالرفت والفصل على تليفونهن الشخصى الذى لا تعلمه , خارج دائرة معارفهن وأصدقائهن , بحسب تصريحهن , غير إدارة الشركة و إدارة خدمة الدليل . حكوا فصولاً من قصص قهرهم على مدى سنوات وقالوا أنهم يريدون التركيز على مطالبهم والأشياء المهمة مثل اعتقال زملائهم : محمد زكى , سيد حجازى , رضا يوسف ,مجدى على , هانى شوقى , أيمن عبد التواب والذين لم يحظوا سوى بإثنين من المحامين فقط مقابل أعداد غفيرة من المحامين عن الشركة وما أكدوه من ” طمأنة ” وكيل النيابة للأخيرين بكلام محدد لن أذكره هنا . بينما ذكرت إحدى الموظفات , و هى تطوعت بذكر اسمها ورضيت هى بأن أورده لكنى سأحذفه لكى لا تكون هى كبش الفداء الوحيد لكل من لم يعطنى اسمه مع شهادته , أقول ذكرت تلك الموظفة بسنترال الدقى كيف كان السيد محمد عبد الرحيم يغلق دورات المياه بحيث لا تستطيع حتى الحامل أن تذهب للحمام لمدة تطول أحياناً عن ثلاث ساعات مما خلق لدى الموظفين نفس الرغبة , كما جادلتنى أمام زملائها , لكى يحبسوه فى مكتبه . لماذا كان يفعل ذلك ؟ . ردت : بحجة ضغط واستقبال المكالمات الواردة . يتهم العاملون بالشركة المصرية للاتصالات رئيسهم محمد عبد الرحيم بنماذج مختلفة من الفساد المالى والإدارى قالوا أنهم طلبوا التحقيق فيها أكثر من مرة من شئونهم القانونية وأنهم ذهبوا بذات المستندات المشتملة على تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات بشأن المصرية للاتصالات المملوكة 80% قطاع عام و20% قطاع خاص إلى النائب العام عدة مرات لكى يفتح التحقيق ولم يفعل . من الوقائع المأساوية الفجة , تعيين السيد محمد عبد الرحيم لابنته سارة محمد عبد الرحيم ( سنترال ألماظة ) وابنه أحمد محمد عبد الرحيم وشقيق محمد عبد الرحيم نفسه واسمه سمير ويتقاضى مرتباً فلكياً بالنسبة لمؤهلاته , كما يقولون . حكوا كيف أن معظم سنترالات المصرية للاتصالات خالية من الأسلاك والكابلات الخاصة بتوصيل الخدمة حيث تجبر الشركة العملاء على دفع ثمن الكابلات من أموالهم الخاصة , عدا تنازلها عن حق استغلال شبكات الفايبر والسماح لشركات المحمول بعمل شبكات فايبر خاصة , وكيف كان الموظفون يفطرون على نفقتهم الخاصة فى شهر رمضان نظراً لعدم صلاحية الكافيتيريا واكتشاف معهد البحوث والأغذية لعدم صلاحية الأطعمة التى تقدمها أكثر من مرة , إلى أن أُغلِقت . قصة الكافيتيريا شهيرة لأنها انعكاس لحجم الفساد داخل الشركة المصرية للاتصالات كما يؤكد العاملون . لماذا ؟ . كانت الكافيتيريا تُحصل بونات قيمة كل منها 8 جنيهات من كل موظف دون رقابة أو منافسة وحيث البون مدفوع مقدماً يكون الربح أو المكسب الذى يتم تحصيله , بحسب الموظفين , مبلغاً هائلاً كل شهر . شخص اسمه محمد جاد تربطه صلة نسب ما مع السيد محمد عبد الرحيم , بحسب الموظفين , هو من تمت ترسية الكافيتيريا عليه بالأمر المباشر وهو كذلك صاحب شركة ” يونيتل ” لصيانة أجهزة الدليل و” السيستم ” أو نظام استقبال المكالمات وال ” خوادم ” , وأنه من حصل على مناقصات لمجمل السوفت وير والهارد وير.حكوا أنه والعاملين معه كانوا يقومون بالدخول بالرقم السرى المحمى الخاص بال ” سيستم ” أو نظام استقبال المكالمات و” توقيع أو توقيف ” السيستم حتى لا يتم استقبال مكالمات العملاء وإظهار وجود عيوب فى ال ” سيستم ” لضمان تجديد عقد الصيانة مرة أخرى بمبالغ أكبر . وهى قضية لا دليل معى على صحتها من عدمه لكن الزميلة ” الفجر ” نشرت ما أعطونى إياه وأرسلوا نسخة منه للنائب العام أكثر من مرة , وهو تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات الصادر فى 12/10/ 2011 . وهو ذاته أيضاً أحدث ما وضعه ” ائتلاف الشركة المصرية للاتصالات من أجل التغيير ” على موقع الائتلاف بالفيسبوك . من بعض ما ورد فى التقرير الصادر من أيام تحت عنوان ” أساس إبداء استنتاج متحفظ “: ” قيام الشركة المصرية للاتصالات فى 30/6/2011 بزيادة حساب الاستثمار فى شركة TE DATA بمبلغ 150 مليون جنيه على حين أدرجت الشركة التابعة تلك القيمة بحساب مسدد تحت حساب زيادة رأس المال حيث لم تُضف بعد لرأس المال لتلك الشركة لذا يتعين على الشركة إجراء التصويب اللازم لتخفيض حساب الاستثمار بالقيمة المُشار إليها إدراجها بحساب الأرصدة المدينة طويلة الأجل لحين الانتهاء من التأشير بالسجل التجارى وقيام الشركة التابعة برفعها لرأس المال .” ومن الوارد فى التقرير أيضاً : - ” صدر قرار مجلس إدارة الشركة فى 8/3/ 2011 بإلغاء تنفيذ مشروعات الشركة على الأرض المخصصة لها بالمنطقة الاستثمارية التكنولوجية بالمعادى على الرغم من قيام الشركة بصرف نحو 7،750 مليون جنيه على المشروع منها نحو 6،510 مليون جنيه نصيب الشركة فى محطة محولات المنطقة ومبلغ 1،558 مليون جنيه مقابل حق انتفاع لمدة 30 سنة لمساحة 6340 متر مربع , فضلاً عن سداد مبلغ 1،870 مليون جنيه كمساهمة فى رصف وإنارة المنطقة المحيطة بالمشروع . يتعين تحديد الموقف بشأن المبالغ المنصرفة على المشروع وكذا الأرض المخصصة للشركة ونصيب الشركة فى محطة المحولات لما لذلك من أثر على القوائم المالية فى 30/6/2011 . - وجود طاقات عاطلة غير مستغلة تتمثل فى أصول ثابتة لم يتم استخدامها أو تم استخدام جزء منها تتمثل فيما يلى : - شبكة ATM , CK2Z والبالغ إجمالى تكلفتها نحو 123 مليون جنيه حيث لم يستغل منها سوى نسبة 10% من طاقتها المتاحة . - عدم استغلال مشروع خدمة EVDO AREV والبالغ تكلفته نحو 30 مليون جنيه . - المحطات اللاسلكية بقطاع وسط الدلتا والمضافة للأصول الثابتة منذ عام 2005 بتكلفة تقدر بنحو 181 مليون جنيه والتى بلغت نسبة استغلال بعضها نحو 10% من الطاقة المتاحة . - وجود مديونيات مستحقة على العملاء ( مشتركين ) مرحلة منذ سنوات طويلة سابقة دون تحصيل أو إتخاذ الإجراءات القانونية بشأنها بلغ ما أمكن حصره منها نحو 1،558 مليار جنيه . - تم صرف نحو 47،64 مليون جنيه على أعمال توريد وتركيب نظام تأمين شبكة التراسل الدولى لمنع الاختراق ( المرحلة الأولى بنحو 24،67 مليون جنيه عام 2003 والثانية بنحو 22،97 مليون جنيه عام 2010 ) بناءًا على موافقة مجلس الإدارة والمدرج بحساب التكوين الاستثمارى ( بقطاع الدولى ) ولم نوافَ بالعقود وكذا أى فواتير أو مستخلصات توضح ما تم من أعمال رغم تكرار طلبها عدة مرات آخرها فى 20/9/2011 ” . وفى موضع آخر من التقرير نجد الآتى : ” لم نتحقق من صحة إيرادات التراسل من دوائر حرارة وخدمات وبلغ ما أمكن حصره منها نحو 225،42 مليون جنيه حيث لم نوفَ بالبيانات والمستندات المطلوبة ” . بالتقرير تفاصيل كثيرة . الواضح أن هناك مشكلة كبرى فى كل موقع عمل فى مصر . الكل يختنق من كثرة الصمت والقمع والظلم . الآن بدأ بعض المواطنين ينصحون بالصبر كى لا يحل الانهيار العام . لكن مقولات الصبر تظل أسهل من القدرة العملية عليه حتى أنى أشعر أوقاتاً أن على المصريين أن يستعيروا أو يشتروا الصبر من مكان غير معلن عنه بعد . أصبر شعوب العالم , لم يعد قادراً على الصبر ! . معنى هذا أن المصريين كانوا يسحبون ” على المكشوف ” من رصيد صبرهم الملحمى المضروب به الأمثال حتى صار الصبر مشبوهاً من امتداد استكانتهم للمذلة والظلم , حتى أنهم فاجأوا حكامهم , لما هبّوا فى ثورة يناير . موظفو المصرية للاتصالات يستحقون التعاطف والإنصات بجدية لمطالبهم , بدلاً من أن يُعاقَب بعضهم لأنهم أرادوا إجبار رئيس الشركة على تقديم استقالته فى بلد ليست به ثقافة الاستقالة , ولا يجد الناس صناع القرار ينفذون إقالات أو يقبلون استقالات , متى تقدم بها أحد . إن سلوك مداهمة مكتب رئيس وإن كنت لا أقره من حيث المبدأ , هو رد فعل طبيعى جداً على تصاعد الظلم فى نفس المرءوس ويأسه من تغير إدارته فى اتجاه يعطيه الأمل أن حتى مبدأ الانتخابات , لو طُبق , لن يكون إلا التفافاً أبشع للإتيان بوجوه أكثر ” فلولية ” من نفس الكوادر الموجودة التى يحتج عليها الموظفون أصلاً ويرونها فاسدة ولا يقدرون على التعامل معها ولا هى قادرة على التعامل بغيرلغة البطش والوعيد والانتقام من رافضيها وكل معارض لنهجها وأدائها المهنى . ما كل هذه الكراهية المتبادلة ؟ . إن الذهاب لعمل يومى يكرهك ويضطهدك فيه رب العمل هو محنة يومية حقيقية عانيت منها لسنوات فى مكان عملى , حيث يتعين على الموظف أن يدفع ثمن أشياء كثيرة أوقاتاً, ليس من أقلها عدم قدرته على النفاق , أو اعتزازه بكرامته الإنسانية وتعففه حتى عن طلب حقوقه أو المشاركة بجمع توقيعات لتعزيز السلطة المطلقة , والتى هى مَفسَدة مطلقة , لطواغيت أحياناً يكونون مرضى نفسيين لا حدود لما ينتظرونه من مرءوسيهم الذين يدخلهم الفريق السابق , متىكانوا هكذا , فى أنفاق لا تنتهى من الانحدار الإنسانى والمهنى . ثم , بعد هذا , وحين ينسد الأفق أمام المظلومين , وييأسون من أن يستمع إليهم أحد ويتغير الوضع سلمياً , وقتها يقرر المظلومون أن يغيروا الظلم والفساد بأيديهم . لا أتهم رئيس المصرية للاتصالات بشئ , لكن العاملين فى الشركة يتهمونه بالكثير ولا يرغبون فى رؤيته , وهو الآن ينشط فى حبس بعضهم ويريد مع ذلك أن يظل رئيسهم , ضد إرادتهم واحترامهم له أو مصداقيته عندهم . يريد أن يستمر لينتصر عليهم وربما للانتقام منهم وليس فقط لمصالحه وليظل بجوار أبنائه وشقيقه الذين عُينوا لأنهم أبناؤه وشقيقه . أفلا يذكرنا كل هذا بموقف كل من بشار الأسد ومعمر القذافى وعلىعبد الله صالح , فقط فى سياق أكثر سيادية وقدرة على تجييش الجيوش والمرتزقة وحتى ” الشبيحة؟! ” .