قدم العالم بصورة مختلفه، وكتب روايته الأولى «عابر سبيل» من فصل واحد، لتعلن عن مولده في عالم الأدب خاصة في الرواية التي أخذت أكثر من محاولاته العديدة في كتابة الشعر. «فرانسو كوبيه»، ذلك الروائي الفرنسي الذي تمر اليوم ذكرى ميلاده ال172، نشر كتبًا شعرية متتابعة أهمها "المودات، اعتصاب الحدادين، المتواضعون"، وبعض القصص النثرية منها: "المجرم"، لكن روايته «في سبيل التاج» كانت الأكثر اختلافًا في مسيرة صاحبها الأدبية. بالتزامن مع ذكرى ميلاد "كوبيه" تقرأ لكم «البديل» عن روايته «في سبيل التاج»، التي نقلها إلى العربية الأديب الراحل «مصطفى لطفي المنفلوطي»، وهي مأساه شعرية تمثيلية أخلاقية، بطلها فتى "قسطنطين"، تعارضت نفسه عاطفتان قويتان حب الأسرة وحب الوطن، فضحى بالأولى فداء للثانية، ثم ضحى بحياته فداء لشرف الأسرة المتمثل في والده الخائن "برانكومير". ويدور في الأجزاء الأخيرة منها الصراع بين زوجة والده الأميرة "بازيليد"، وبين الفتى "قسطنطين"، لقد تجلت في هذه المأساه عبقرية الشاعر ومواهبه الكبيرة، فالأسلوب سهل ممتع، والأفكار متسلسلة متماسكة، والوقائع جلية وواضحة، وأخلاق أشخاص الرواية تفسّرها أقوالهم وحركاتهم فلا غموض فيها ولا إبهام. ولقد تناول "المنفلوطي" هذه المأساه ونقل موضوعها إلى اللغة العربية في قالب روائي، وأخرجها كقصة يستهوي أسلوبها القلوب وتسترعي وقائعها الألباب، ومع أن الرواية ملخصة تلخيصا فقد استطاع الكاتب أن يصور الروح الأصلية للمؤلف تصويرا مؤثرا. اشتغل "المنفلوطي" بتلخيص هذه الرواية إبان الحركة الوطنية الأخيرة، ولقد أوحت إليه الحوادث السياسية التي لا تزال ماثلة في الأذهان صفحات تفيض وطنية وغيرة حتى لكأنه قد أفضى إلى أمته في هذا الكتاب بكثير، مما لا يستطيع كتابته في الصحف السياسية. كما ذهب النقاد في تقدير هذه المأساة مذاهب شتى، قال بعضهم إنها خير ما أخرج للناس من عهد راسين إلى يوم ظهورها. تضمنت الرواية العديد من العبارات التي تداولها النشطاء عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ومنها: «لأني أعلم كما تعلم أنت وكما يعلم السّاسة الكاذبون جميعا أن الفاتحين من عهد آدم إلى اليوم وإلى أن تبدل الأرض غير الأرض والسموات، لا يفتحون البلاد للبلاد، بل لأنفسهم، ولا يمتلكونها لرفع شأنها وإصلاح حالها والأخذ بيدها في طريق الرقي والكمال كما تقول، بل لامتصاص دمها وأكل لحمها وعرق عظمها، وقتل جميع موارد الحياة فيها، والأمة إن لم تتولَّ إصلاح شأنها بنفسها لا تصلحها أمه أخرى». «الحياة الذليلة خير منها الموت الزؤام، وأن الحرية حياة الأمم وروحها، والرق موتها وفناؤها، وأن الأمة التي ترضى بضياع حريتها واستقلالها وتقبل أن تضع يدها في غاصبها إنما هي أحط الأمم وأدناها وأحقها بالزوال والفناء». «إننا الآن في حرب مع عدوّ قاهر جبار ننقم منه جوره وظلمه واستضعافه إيانا واستطالته علينا بقوته وكثرته، فجدير بنا ألا نفعل ما ننقمه منه ونأخذه به، عسى أن يرحمنا الله وينظر إلينا بعين عدله وإحسانه وينتصفَ لضعفنا من قوّته، وقلتنا من كثرته».