أولاً:مفهوم الضمير الجمعي يهدف أي مجتمع إنساني إلى البقاء والاستمرار والديمومة ويسعي جاهداً لضمان هذا الاستمرار بإعادة إنتاج نفسه من خلال الزواج والإنجاب وتكوين الأسر.ويصون المجتمع بقاءه واستمراره بتمسكه بضميره الجمعي. ويختصر تعبير الضمير الجمعي مجموع القيم والعادات والتقاليد التي يعتنقها مجتمع بالإضافة إلى الدين والأفكار وأسلوب إدارة الحياة وأهم مايربط عناصر الضمير الجمعي المتعددة هو شعور أبناء المجتمع بالإنتماء القوي لهذا المجتمع الذي يسمى في هذه الحالة "بالوطن" ويسمون هم "بالشعب" ثانيا:العناصرالمكونة للضمير الجمعي: تكاد المجتمعات الإنسانية أن تتفق علي وجود الضمير الجمعي لكل منها لكنها بالطبع تختلف في تحديد العناصر الأساسية للضميرالجمعي الذي تنتجه ويرجع ذلك لطبيعة تكوين كل مجتمع تاريخياً ودينياً وإقليمياً وثقافياً وما إذا كان مجتمعا أصيلاً له تاريخ أم مصطنعاً بفعل سياسات وأغراض دولية …الخ ثالثا:مواقع الفئات الاجتماعية المختلفة من الضمير الجمعي: ولاشك أن الوطنية تجعل أعضاء المجتمع أو بمعني آخر"الشعب" حريصين علي الالتفاف حول الوطن وبالتالي التمسك بالضمير الجمعي واتباع توجهاته سواء بالفطرة الاجتماعية أو بالوعي. وهنا ينبغي أن نفسر أمراً هاماً هو أن الضمير الجمعي ليس مجموع ضمائر الأفراد وإنما هو أعلى من ذلك لكونه نتاج اجتماعي للمجتمع كله وليس لفئة معينة أولشخص بعينه. وإن كان هذا لايمنع أن يصبح تأثيربعض الفئات الاجتماعية أقوي من غيرها في تكوين عناصر الضمير الجمعي كالمثقفين والسياسيين وفقهاء القانون ورجال الدين ورجال المال. رابعا:هل الضمير الجمعي شيء ثابت أم متغير؟ يتمتع الضمير الجمعي بدرجة عالية من الثبات النسبي نظرا لحرص المجتمع على صيانته والتمسك بدوامه وبالذات الجانب الوطني والأخلاقي من الضمير الجمعي فضلا عن شعور الانتماء والوطنية الذي تحرص الأجيال السابقةعلي توريثها للأجيال التالية. وبقدر وعي أعضاء المجتمع بمناطق القوة في الضمير الجمعي بقدر ما يتمتع هذا المجتمع بالحصانة التاريخية والبقاء، بدليل أننا نشاهد مجتمعات ودول تزول من صفحة التاريخ لارتباك وعي أفرادها بأسباب الاستمرار في الحفاظ علي الضمير الجمعي. وهنا يصبح علينا أن نشير إلى تعرض الضمير الجمعي "لآليات التفكيك" بفعل فاعل مع سبق الإصرار والترصد. مثال ذلك محاولات طمس الهوية المصرية و"نحر" الذاكرة الوطنية بتشويه الثقافة المصرية وإعادة تشكيل الضمير الجمعي بعد تفريغه من عناصره الأصيلة ليصبح هشاً مفككاً. خامساً: الجيش المصري يلعب دور جهاز المناعة في الحفاظ علي الضمير الجمعي وذلك لكونه منذ تكون في العصور القديمة والحديثة قد ولد من "رحم" المجتمع الذي ينتمي إليه وكان هو الفئة الوحيدة القادرة ليس فقط علي الفعل السياسي المنضبط وإنما لكونه القادر علي لم شعث البناء الاجتماعي المصري لحظة تعرضه للمحن في فترات الاضمحلال ويرجع المؤرخون السر في استمرار المجتمع المصري وبقائه إلى قدرة الجيش المصري علي التدخل في اللحظة الحاسمة التي تفصل بين الحق والباطل أو بين بقاء واستمرار الأمة المصرية وتخلخلها وانهيارها لاسمح الله. سادساً: موقع الجيش في قلب الضميرالجمعي إذا افترضنا توزع الفئات الاجتماعية علي "مواقع" من الضمير الجمعي للأمة فسنلاحظ أننا نتوزع علي خريطة الضمير وفقا لدرجة انتماءاتنا واخلاصنا والأدوار الوطنية التي نلعبها لصالح الوطن والمجتمع والتي نتجاوز فيها أنانيتنا الفردية التي تدفعنا للانتصار لمصالحنا الذاتية فالتاجر الذي يحرص علي تحقيق أكبر ربح ممكن من فقراء مجتمعه يكون في موقع بعيد عن قلب الضمير الجمعي بينما الجندي الذي أطلق عليه اسم "عبد العاطي صائد الدبابات الاسرائيلية" والفريق عبد المنعم رياض شهيد الاستنزاف فمكانهما هوقلب الضمير الجمعي. وفي النهاية نحاول دعم جهاز المناعة الاجتماعي باستنهاض الروح الوطنية لدي المواطن المصري ليكتشف حجم وأهمية ومكانة جيشه فيمتلئ بالشعور بالثقة في أن أمانه الفردي لايتحقق إلا باكتمال الأمان الجمعي للمجتمع ويشفي الوطن من أي محاولات للانقسام بين أبناء الأمة ومن محاولات هدم وتشويه الضمير الجمعي.