تأجيل محاكمة 62 متهما بخلية اللجان الإدارية    مدير تعليم القاهرة تكرم الطلاب ذوي الهمم بمدرسة الفسطاط    تجاوزت 8% خلال أسبوع.. استمرار قفزات الفضة بسبب نقص المعروض وتزايد الطلب    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات وحدات «سكن لكل المصريين» بعدد من المدن الجديدة    طارق شكري رئيسًا لغرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات    نواب ديمقراطيون يهاجمون إدارة ترامب بسبب وثائق قضية إبستين    برشلونة يفوز على فياريال 0/2 ويعزز صدارة الدوري الإسباني (صور)    الدوري الإنجليزي، مانشستر يونايتد يتعادل مع أستون فيلا 1/1 في الشوط الأول    مجلس الشيوخ يوافق على تعديلات قانون الكهرباء لضبط المال العام    محمد هنيدي يبدأ تصوير مسلسل "عابدين" عقب انتهاء الموسم الرمضاني    حقيقة ارتباط أحمد العوضي ويارا السكري    ضبط طرفي مشاجرة بعد تداول فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي    حقيقة توقيع يوسف بلعمري مع الأهلي 3 مواسم ونصف.. مصدر يكشف    هايدينهايم ضد البايرن.. البافارى بالقوة الضاربة فى الدورى الألمانى    فيلم "القصص" يفوز ب التانيت الذهبي لأفضل فيلم بمهرجان قرطاج    خبير دولى: إسرائيل تماطل فى تنفيذ اتفاق غزة للتهجير.. ومصر تتمسك بالإعمار    حصاد 2025.. تنفيذ أكبر خطة حضارية لتطوير شوارع مدينة كفرالشيخ| صور    التشكيل – واتكينز يقود هجوم أستون فيلا.. وتبديلات في مانشستر يونايتد بسبب غيابات إفريقيا    وكيل الأزهر يلقي محاضرة لعلماء ماليزيا حول "منهج التعامل مع الشبهات"| صور    جامعة عين شمس تحقق إنجازًا جديدًا وتتصدر تصنيف "جرين متريك 2025"    وزير الخارجية يعقد اجتماعاً ثلاثياً حول ليبيا مع نظيريه الجزائري والتونسي    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم مدينة قلقيلية ‫ويداهم بناية    الجيزة توضح حقيقة نزع ملكية عقارات بطريق الإخلاص    رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد تشغيل فندق الكونتيننتال التاريخي وسط القاهرة بعلامة تاج العالمية    على أنغام الربابة.. نائب محافظ الأقصر يشهد تعامد الشمس على معابد الكرنك| صور    «النجمة التي سقطت من السماء» يفتتح عروض نوادي مسرح الطفل في الغربية    مفتي الجمهورية: المؤسسة الدينية خَطُّ الدفاع الأول في مواجهة الحروب الفكرية التي تستهدف الدين واللغة والوطن    الصحة: إغلاق 11 مركزًا خاصًا للنساء والتوليد ب 5 محافظات لمخالفتها المعايير الطبية    رئيس الإمارات يبحث مع نظيره الفرنسي تعزيز العلاقات    القيمة السوقية لمنتخبات أفريقيا في كان 2025    إحالة أوراق قاتل زوجته أمام أبنائه إلى المفتي بالبحيرة    أمن الجيزة يفحص فيديو اقتحام عدد من الخيول فناء مدرسة بمنطقة بولاق    رئيس الوزراء يتابع مع وزير الكهرباء الموقف التنفيذى لمشروعات الطاقة المتجددة    نصيحة للأمهات، احذري من تأثير ضغط الدراسة على علاقتك مع أبنائك    الداخلية تكشف حقيقة فيديو محاولة سرقة شخص بالسيدة زينب: خلافات عائلية السبب    إيمى سمير غانم تكشف كواليس اختيار أسماء أبنائها مع حسن الرداد    لماذا نشتهى الطعام أكثر في الشتاء؟    عراقجي: مستعدون لإبرام اتفاق "عادل ومتوازن" بشأن برنامجنا النووي    اتحاد شركات التأمين: معالجة فجوات الحماية التأمينية تتطلب تعاونًا بين شركات التأمين والحكومات والمجتمع المدني    برلمانية المؤتمر: تعديلات قانون الكهرباء خطوة ضرورية لحماية المرفق    ضبط 3 محطات وقود بالبحيرة لتجميع وبيع 47 ألف لتر مواد بترولية    وزير الخارجية يلتقي نائبة وزير خارجية جنوب إفريقيا لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية    «المصدر» تنشر نتيجة الدوائر الملغاة بالمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    محافظ أسيوط: استمرار تدريبات المشروع القومي للموهبة الحركية لاكتشاف المواهب الرياضية    حملة للمتابعة الطبية المنزلية لأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن وذوي الهمم.. مجانًا    فى مباحثاته مع مسرور بارزانى.. الرئيس السيسى يؤكد دعم مصر الكامل للعراق الشقيق ولوحدة وسلامة أراضيه ومساندته فى مواجهة التحديات والإرهاب.. ويدعو حكومة كردستان للاستفادة من الشركات المصرية فى تنفيذ المشروعات    مصرع 3 أشخاص وإصابة آخرين في بورسعيد إثر حادث تصادم بين سيارتين    حقيقة تأثر رؤية شهر رمضان باكتمال أو نقص الشهور السابقة.. القومي يوضح    فضل العمرة فى شهر رجب.. دار الإفتاء توضح    محافظ القاهرة جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي    شهر رجب .. مركز الأزهر العالمى للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    الصحة: فحص أكثر من 20 مليون مواطن في مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    شهر رجب.. مركز الأزهر العالمى للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    حبس المتهم بقتل زميله وتقطيع جثمانه إلى أربعة أجزاء وإخفائها داخل صندوق قمامة بالإسكندرية    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    بركلة جزاء قاتلة.. أرسنال يهزم إيفرتون ويعود لاعتلاء صدارة البريميرليج    مبابي يعادل رقم رونالدو التاريخي ويحتفل على طريقته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صناديق الانتخابات والاستفتاءات.. والوعي الجمعي للمصريين
نشر في العالم اليوم يوم 06 - 01 - 2013

يخطئ التيار المدني حين يظن أن الكميات الوفيرة من الزيت والسكر وملحقاتهما التي درجت بعض التيارات التي سميت بالدينية علي توزيعها علي محدودي الدخل لشراء أصواتهم وتأييدهم في صناديق الانتخابات أو الاستفتاءات هي العنصر الحاسم أو المؤثر الأساسي في نتيجة فرز تلك الصناديق.. وليس هذا الظن هو فقط ما يعتبر تبسيطا للأمور وتسطيحا ينعكس علي الفهم والإدراك الصحيح وإنما هو نوع من الكسل العقلي والاستسهال المخل الذي يؤدي بالتيار المدني الي تبني مجموعة من المفاهيم التي تزيد من عزلته عن الشارع المصري بجماهيره الكبيرة.
فالواقع ان الوعي الجمعي لنسبة كبيرة من المصريين أو قل هي النسبة الأكبر تم تشكيله بناء علي مكونات أو مدخلات حياتية تغيرت علي مدي ما يقرب من أربعين عاما بشكل كبير أثرت علي هذا الوعي وغيرت من بوصلة الانتماء للوطن الي بوصلة الانتماء الي الدين علي الرغم من أن الأصل هو عدم تعارض أو تصادم أي منهما بالآخر وكان ذلك في النهاية خصما من الرأسمال المجتمعي وليس إضافة إليه بأي حال من الأحوال مع كل التوقير للأديان السماوية وقدسيتها.
ومن المؤسف ان إعادة تشكيل الوعي الجمعي والخصم من الرأسمال المجتمعي قد تم وتجذر في غياب حقيقي لمؤسسة الأزهر الشريف ورجاله الذين تنازلوا طوعا أو كرها عن دورهم الأساسي الذي تمثل دائما في ملء الفراغ الروحي وتأكيد وسطية الإسلام وتسامحه واعتداله وهو الدور الذي قامت به تلك المؤسسة العريقة علي مدي قرون من الزمن "بصرف النظر عن شطحات هنا وهناك أو قضايا تتعلق بحرية الرأي وإعمال العقل تعثرت فيها هذه المؤسسة ورجالها في بعض الاوقات".
وتجدر الإشارة الي انه في الوقت نفسه الذي غاب فيه الازهر ورجاله عن دورهم المشار اليه أدت التغيرات او التحولات الاقتصادية والاجتماعية الي تقهقهر نظرية النظام الأبوي في القري والريف والكفور والتي كان بموجبها يسيطر الاقطاعيون والرأسماليون من ذوي الاملاك والأعيان والتجار علي جموع غفيرة من مواطني تلك القري والنجوع وعلي توجهاتهم وانتماءاتهم بل ووعيهم أيضا.
وهذه السيطرة وإن كانت تصطدم في كثير من الأحيان " أو في أغلبها" مع مبادئ العدالة الاجتماعية إلا أنها لم تكن علي الإطلاق خصما من الانتماء والاخلاص للوطن أو من نسيج الوحدة الوطنية ولم تتطرق إلي استخدام الدين أو خلط أوراقه بالسياسة وألاعيبها.
يضاف إلي ما سبق أن مؤسسات المجتمع المدني والنقابات المهنية لم تعر أي اهتمام لظاهرة تشكيل الوعي الجمعي بالشكل الذي أثر سلبا علي الرأسمال المجتمعي، فاكتفت الجمعيات الأهلية بالجانب الخيري علي حساب الجانب الثقافي والتنموي، أما النقابات المهنية فكان همها الأكبر عمليات الحشد والتجييش لكسب المقاعد تمهيدا لتسيس تلك النقابات تنفيذا لاجندات خاصة.
وسط هذا الفراغ الذي نتج عن غياب مؤسسة الأزهر وانحصار دور ملاك الأراضي والأعيان وإهمال الدور الثقافي والتنموي لمؤسسات القطاع المدني فضلا عن التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية من ناحية والشعور بالاقصاء والتفرقة في الحقوق والبعد عن العدالة الاجتماعية من ناحية أخري.. ونتيجة لكل ذلك كان من الطبيعي أن يبحث الحائرون عمن يلبي احتياجاتهم الروحية انتظارا لسد احتياجاتهم المادية، وبذلك أصبحت التربة مهيأة لاستقبال البذور لمن يسرع بنثرها.
والحاصل أن من اسرعوا بنثر تلك البذور هم الذين جنوا ثمارها بصرف النظر عما إذا كانت تلك الثمار إضافة أو خصما من الرأسمال المجتمعي الذي هو في الأساس الدعامة الأساسية لبناء المجتمع وقوته.
ولسنا هنا بصدد المحاسبة أو البكاء علي اللبن المسكوب خصما من رصيد تجانس المجتمع ووحدته ونسيجه ولحمته ولكن من الضروري أن نحدد وجهة نظرنا في هذا الشأن علي النحو التالي:
أولا: إن تشكيل الوعي الجمعي القائم في مصر الآن لم يحدث علي سبيل المفاجأة ولم يحدث فقط نتيجة الفقر والجهل والمرض وإنما كان بالدرجة الأولي نتيجة حدوث فراغ روحي وثقافي وتنموي علي النحو السابق شرحه لأن عوامل الفقر والجهل والمرض بالمجتمع المصري كانت من قبل وكما هي الآن إحدي سمات هذا المجتمع علي مر العصور.
ثانيا: إن هذا التشكيل تم خلال أربعة عقود كاملة وبالتالي ليس من المنطقي تغييره أو إعادة تشكيله في سنوات قليلة.
ثالثا: إن نظرة الاستعلاء والتكاسل والركون إلي معتقدات ونظريات تكونت بعيدا عن الشارع المصري في القري والنجوع ليست إلا مضيعة للوقت وإهدارا للجهود وإصرارا علي ما لا ينفع أو يفيد.
رابعا: إن إعادة تشكيل الوعي الجمعي للمجتمع المصري ليس المقصود بها تغليب لتيار سياسي علي حساب آخر ولكنها ضرورة ملحة لاثراء رأس المال الاجتماعي بما يصب في النهاية لصالح عمليات التنمية والبناء وتحقيق فكرة العدل الاجتماعي وإعادة تقوية النسيج الوطني للمجتمع وإنهاء خلط الأوراق بين الدين والسياسة.
خامسا: مؤسسة الأزهر الشريف لن تكون بمفردها قادرة علي ملء الفراغ أو علي إعادة الوعي الجمعي وتشكيله علي النحو الأفضل بدون مشاركة فعالة وحقيقية من المجتمع المدني المشغول حاليا بتوزيع التبرعات علي الفقراء أو بمراقبة صناديق الانتخابات والاستفتاءات دون أن يجتهد في معرفة حقيقة وطبيعة الناخب وتكوينه النفسي وثقافته وتحليل ودراسة نوعية اختياراته وقراراته.
سادسا: علي الإعلام المصري بجميع أدواته وآلياته أن يسهم بفاعلية واصرار في إعادة تشكيل الوعي الجمعي بشكل يصب في صالح رأس المال المجتمعي دون انحازات أو تبني أجندات يفرضها فرضا علي أطياف المجتمع هنا أو هناك وزن يدعم مؤسسة الأزهر ويعيد بناء الثقة فيها وفي رجالها علي أن يكون معيار ذلك هو انتهاج مبدأ الاعتدال والوسطية والانتماء للوطن والتسامح الديني وعدم الخلط بين الدين والسياسة حرصا علي سلامة الوطن وأفراده.
ليس ذلك من قبيل الأماني والأحلام وإنما هو ضرورة وطنية ملحة وعاجلة لا ينبغي تأجيلها تحت أي ظرف من الظروف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.