تناولت وكالة شينخوا الصينية الرسمية فى تقريرا لها الأوضاع فى مصر فى ظل الاستفتاء على الدستور الجديد وما يشكله من حلقة مفصلية أساسية في استعادة الاستقرار، حيث قالت الوكالة : واصل أبناء الجاليات المصرية في دول العالم هذه الأيام التوافد على مقار سفارات بلادهم للإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء على مسودة الدستور الجديد. وعلى هذا الصعيد، يرى الخبراء الصينيون أنه سيتم على الأرجح تمرير مسودة الدستور في هذا الاستفتاء الذي يعد بمثابة خطوة بالغة الأهمية لإتمام خارطة الطريق التي وضعها الفريق أول عبد الفتاح السيسي ودفع المسار السياسي المصري في الاتجاه الصحيح وتمهيد الطريق لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة، لافتين إلى أن ارتفاع نسبة الإقبال على التصويت من شأنها أن تسهل الانتقال إلى الخطوة المقبلة حيث بات الآن صوت الشارع المصري حاسمًا في اجتياز البلاد سريعًا لهذه المرحلة الانتقالية. ويشير المحلل السياسي تيان ون لين من المعهد الصيني للعلاقات الدولية المعاصرة إلى أن الاستفتاء خطوة لازمة وأساسية في العملية السياسية المصرية الحالية التي لن يتسنى لها أن تُحرز تقدما للأمام إلا بعد إتمام هذا الاستفتاء وإقرار الدستور. وشاطره آن هوي هو، سفير الصين السابق لدى مصر، الرأي قائلا إن الاستفتاء بات محوريا لمستقبل جموع المصريين، إذ يتوقف عليه البدء في إجراء استعدادات مكثفة للانتخابات البرلمانية والرئاسية. وأضاف أنه تمرير الدستور يصب في صالح خروج مصر من وسط الاضطرابات واستعادة الاستقرار الاجتماعي وتهيئة الظروف المواتية للانتعاش الاقتصادي . وقال الخبير آن هوي هو إنه من أجل تحقيق الخير لمصر والمصريين، سوف تبذل الحكومة المؤقتة قصاري جهدها لإنجاح الاستفتاء، مضيفا أن المظاهرات التي ينظمها الإخوان المسلمين لعرقلة الاستفتاء ليست كبيرة وعدد المشاركين فيها لا يذكر مقارنة بعدد سكان مصر الذي يتجاوز 80 مليون نسمة، ومن ثم فإن تنظيم الاستفتاء على نحو جيد سيؤثر على أن النتيجة ستكون "نعم" لتمرير مسودة الدستور. واتفق معه في الرأى لي قوه فو، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط التابع لمعهد الصين للدراسات الدولية، قائلا إنه من خلال قراءته للوضع الحالي واستكشافه لنبض الشارع المصري، فسيتم على الأرجح تمرير مسودة الدستور لأنه على الرغم من أن جماعة الإخوان المسلمين وبعض أطياف المعارضة العلمانية أعربت عن مقاطعتها للاستفتاء ومواجهة الأمن المصري لتحديات ضخمة لتنظيمه، إلا أن القوات المسلحة المصرية قادرة تماما على السيطرة على الوضع. ومع قيام وزير الدفاع المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي برهن ترشحه فى انتخابات الرئاسة القادمة ب"طلب شعبي وتفويض من الجيش"، وذلك خلال ندوة تثقيفية نظمتها إدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة يوم السبت، يرى الخبراء الصينيون أن خروج المصريين بأعداد كبيرة للمشاركة في الاستفتاء يعني التأكيد مجددا على تأييدهم له. ويقول الخبير لي قوه فو إن نسبة الإقبال على التصويت هى المؤشر على مدى رضاء الشعب المصري إزاء سياسات الحكومة المؤقتة والدستور الجديد والجهة التي ستتجه إليها مصر، مفسرًا أن تسجيل نسبة حضور عالية في الاستفتاء تؤيد "نعم" تعنى تأكيد على شرعية 30 يونيو وأن ما حدث في ذلك اليوم كان تعبيرًا عن إرادة شعبية ساندها الجيش وتمنح السلطات المصرية الحالية الثقة في تطبيق سياساتها في المرحلة القادمة. وإن كانت نسبة الحضور منخفضة وتؤيد "نعم" فسيعنى هذا أن وضع الخطوات المقبلة موضع التنفيذ مستقبلًا سيواجه بعض الصعوبات، وشرح لي أن أكبر التحديات التي تواجه مصر الآن هو استعادة الاستقرار الاجتماعي والتوصل إلى المصالحة بين الأطراف السياسية المختلفة، لأن الخلاف السياسي الآن ليس بين الحكومة وجماعة الإخوان المسلمين فحسب، وإنما بين التيارات العلمانية المختلفة أيضا حيث أعلنت حركة "6 إبريل الجبهة الديمقراطية" مقاطعتها للاستفتاء. ومن ثم فإنه من الضرورة بمكان توحيد الصف بين مختلف التيارات السياسية المصرية للعبور بسلام من هذه المرحلة. وشاطره تيان ون لين الرأي في أن الخلافات السياسية أصبحت الآن أكثر تعقيدا ولكنه أكد أن الاستفتاء هو خطوة واحدة على طريق طويل تقطعه مصر نحو تحقيق مجتمع ديمقراطي، قائلا إن أهم شيء الآن هو دعم الشعب لخارطة الطريق وتمرير مسودة الدستور في هذا الاستفتاء بنسبة حضورة عالية، إذ أن ذلك هو أمثل وسيلة لدفع العملية السياسية المصرية للأمام . ومن جانبه قال الخبير لي قوه فو إنه في ظل المشهد السياسي المعقد في مصر، لا بد من التوصل إلى مصالحة ما وهي الطريق الوحيد لحل المشكلات السياسية، موضحا أن ثمة محاور رئيسية لا بد الإنطلاق منها لتحقيق التنمية في مصر باعتبارها أولويات عاجلة لا بد من التعامل معها بالسرعة المطلوبة حتى يكون الطريق ممهدا لإحداث النمو المنشود والتنمية المستدامة. وأضاف لي أنه من الأهمية بمكان أن تسعى مصر إلى النهوض باقتصادها الذي يمر حاليا بمرحلة فارقة هى الأصعب في تاريخها الحديث وكذا رفع مستوى معيشة شعبها الكادح الذي ينشد الاستقرار والرخاء لأنهما السبيل إلى تجسيد الاستقرار الاجتماعي على أرض الواقع، ومن ثم جذب الاستثمارات الأجنبية واستعادة السياحة التي تشكل ركيزة أساسية للاقتصاد المصري ومصدرا رئيسا للعملة الصعبة. وقد أكد الخبير تيان ون لين أن مصر تسعى دومًا إلى التطور على أساس الاستقرار، ولا بد لها من التوصل في هذه المرحلة إلى توافق مشترك لدفع عجلة التنمية، مشيرًا إلى أن الحقائق قد برهنت على أن سياسات مبارك ومرسي قد فشلت، ولا بد لمصر من إيجاد طريق آخر نحو التنمية، مقترحا أن تمضى مصر على نهج سياسات جمال عبد الناصر الذي قاد عصرا قويا في تاريخ بلاده.