* الحكومة السعودية تحاول منح صلاحيات للسعوديات وسط مجتمع محافظ من الطراز الأول * الصحف المحلية احتفت بالقرارات الملكية و”صمت مطبق” على المواقع والمنتديات التابعة لبعض رجال الدين * الملك أصدر قراراته بالسماح لترشح السعوديات للشورى بينما كان يتم التحقيق مع نجلاء حريري بتهمة قيادتها السيارة الرياض – أبو زيد عبد الفتاح : في نفس اليوم الذي ألقى فيه الملك عبدالله بن عبدالعزيز خطابه أمام مجلس الشورى السعودي والذي أصدر فيه عدة قرارات تضع المرأة السعودية في صدارة المشهد بالسماح لها بالترشح لمجلس الشورى والمجالس البلدية القادمة، كانت هيئة الادعاء العام ممثلة في لجنة العرض والأخلاق تحقق مع السيدة نجلاء حريري بتهمة قيادتها السيارة مع فريق قناة “ام بي سي” بشوارع جدة، وسيتم إحالة ملف قضيتها إلى المحكمة، وستكون أولى جلسات محاكمتها بعد نحو شهر. ويرى مراقبون، أن الحكومة السعودية تحاول جاهدة العمل على منح المرأة حقوقا أوسع في مجتمع يعرف بأنه مجتمع محافظ من الطراز الأول، إلا أن بعض رجال الدين يعتبرون ذلك نوعا من “التغريب” والرضوخ للضغوط الامريكية والاوربية، بالرغم من اعتراف البعض بعدم وجود نصوص شرعية صريحة تمنع مثلا قيادة المرأة للسيارة. قرارات فاجأت الجميع في المقابل، فاجأت قرارت الملك عبدالله المؤيدين والمعارضين لحق المرأة في الترشح والمشاركة بانتخابات الشورى والانتخابات البلدية، على حد سواء. ففي الوقت الذي تلقاها التيار الليبرالي بفرح شديد جاء ظاهرا وواضحا في احتفال معظم الصحف المحلية بها عن طريق إبراز القرارات بصدر صفحاتها وتخصيص تحليلات ومناقشات للموضوع، حل صمت رهيب على المنتديات والمواقع الاليكترونية التابعة لرجال دين ومحافظون لم يتعاطفوا معها ولم تجد لديهم نفس القبول والحماسة. وكان الملك عبدالله قد قال في خطابه أمس الأحد 25-9-2011م، “لأننا نرفض تهميش دور المرأة في المجتمع السعودي.. فقد قررنا مشاركة المرأة في مجلس الشورى عضواً اعتباراً من الدورة القادمة وفق الضوابط الشرعية، وكذلك اعتباراً من الدورة القادمة يحق للمرأة أن ترشح نفسها لعضوية المجالس البلدية ، ولها الحق كذلك في المشاركة في ترشيح المرشحين بضوابط الشرع الحنيف”. وفي لهجة حاسمة، ختم الملك من حقكم علينا أن نسعى لتحقيق كل أمر فيه عزتكم وكرامتكم ومصلحتكم .. ومن حقنا عليكم الرأي والمشورة ، وفق ضوابط الشرع ، وثوابت الدين ، ومن يخرج على تلك الضوابط فهو مكابر ، وعليه أن يتحمل مسؤولية تلك التصرفات”. صمت مطبق للمحافظين من جهة أخرى، لم تحتفي المنابر المحافظة والمواقع الاليكترونية لبعض رجال الدين المتشددين بتلك القرارات، ولم يعلق عليها سوى بعض المواقع الاسلامية المعتدلة مثل موقع “الاسلام اليوم” الذي أشاد بها في إطار السعي لحقوق المرأة. وكذلك موقع “رسالة الإسلام” للشيخ عبدالعزيز الفوزان، عضو هيئة حقوق الإنسان السعودية، فقد أشار من خلال موقع “رسالة المرأة” الى ان تلك القرارات تدخل المرأة السعودية العمل السياسي من أوسع أبوابها. في المقابل، لم يبرز موقع “المسلم” للشيخ المعروف ناصر العمر خبر القبض على نجلاء حريري كواحدة من المخالفات للقانون، وانتقد ما سماه مخالفات حدثت بإحتفالات اليوم الوطني، بينما لم ياتي على القرارات الخاصة بالسماح بترشح المرأة على الإطلاق. في نفس السياق، أبرز موقع “تواصل” المحافظ تشديد الملك على محاسبة الوزراء والمسئولين في تغطيته لخطاب الملك، وتطرق الى ترشيح المرأة للشورى في ثنايا الموضوع دون تسليط الضوء عليه. إستدعاء حريري مخالف للشرع والقانون من جهة أخرى، أصدرت مؤسسات مبادرة «حقي كرامتي» التي تضم 47 امرأة ورجلاً، وضمن أهدافها الدعوة بالسماح للمرأة بقيادة السيارة، بياناً صحافياً يؤكدن «استدعاء نجلاء حريري من هيئة الادعاء العام للجنة العرض والأخلاق»، واصفين الاستدعاء ب«الأمر الخطير، خصوصاً أن يتم استدعاء سيدة فاضلة وأم وزوجة وابنة الوطن على خلفية التقرير الذي عرضته قناة «ام بي سي» ويظهر السيدة نجلاء حريري تقود سيارتها في شوارع جدة»، موضحين أنهن «يتابعن قضيتها مع المحامي ريان مفتي»، إذ أوضح مفتي أنه أعطى حريري استشارات قانونية قبل ذهابها للهيئة. وكشف بيان مبادرة «حقي كرامتي»، أنه «تتم محاكمة امرأة سعودية (يحتفظن باسمها) في المحكمة الجزئية بجدة على خلفية قيادتها للسيارة في يوليو 2011... وحضرت فعلاً ثلاث جلسات»، موضحات أن «إلقاء القبض على نساء يقدن سياراتهن حدث أكثر من مرة بحيث يتم التحفظ على السيارة وكتابة التعهدات من دون إعطاء أي مبرر أو تعليق من مسؤولي المرور عن طبيعة المخالفة أو إعطاء النص القانوني للنظام الذي تمت مخالفته». ووصفن ما يحدث مع «نسائنا اليوم شيء مؤسف ومخالف للقواعد الشرعية والقانونية ويخالف بالوقت ذاته التوجهات الإصلاحية التي دشنها خادم الحرمين الشريفين»، داعيات إلى «النظر لموضوعنا الذي طال السكوت عنه وأريقت كرامتنا مرات ومرات بسبب مطالبتنا بحق شرعي بشر به الملك عبدالله وكفلته كل القوانين والشرائع وصادرته أعراف ما أنزل الله بها من سلطان»، مطالبات ب«رفع الظلم بشأن ما تتعرض له نجلاء حريري وغيرها من النساء اللاتي تم التحقيق معهن أو محاكمتهن على خلفية قيادة السيارة».