ما زالت قضية تلوث مياه الشرب بمحافظة الغربية، مستمرة ورغم معاناة الأهالى إلا أن مسئولى المحافظة لم يحرك أحد منهم ساكنا وكأن صحة المواطنين لا قيمة لها، وهذا ليس كلاما للإثارة، لكنها نتائج التحاليل المعملية التى تؤكد أن مياه الشرب بالمحافظة ملوثة ومحملة بمواد مشعة منها اليورانيوم، وذلك لأن معظم الشركات والمصانع هناك تلقي بصرفها الصناعي دون معالجة في نهر النيل مباشرة، ولأن جميع محطات معالجة مياه الصرف الصحي التي تنفق عليها الدولة مليارات الجنيهات سنويا لا تعمل، بدليل أن المياه الخارجة منها هي الأخري محملة بمواد مشعة ومسممة. تلقى 90% من الشركات الموجودة فى مدينتى المحلة وكفرالزيات، بصرفها الصناعى دون معالجة فى النهر مباشرة فى مخالفة صريحة للقانون، خصوصا الشركة المالية والصناعية بكفر الزيات وشركة الملح والصودا وشركة فيرتا لتصنيع الأوراق والتى تستخدم أحبارا وعناصر ثقيلة والتى تلقى بصرفها مباشرة على ترعة الباجورية 700 م أعلى التيار مأخذ عملية مياه الدلجمون – أى تتغذى منها محطات مياه الشرب، وباقى المصانع تلقى بصرفها الصناعى فى مصرف قنال، فشركة كفر الزيات للمبيدات ترمى على المجارى العامة وهذه المجارى نهايتها محطة معالجة الصرف الصحى بكفر الزيات. والشيء السيئ أن هذه المحطة نفسها غير متوافقة بيئيا فالمفروض أن تكون خارج الكتلة السكنية بمسافة 500 م لكنها تبعد بمسافة 5 م فقط وهى كارثة بيئية. أكد الدكتور محمد عبد الوهاب أستاذ زراعة الكبد ل "البديل"، أن تلوث المياه أدى إلى حالات موت جماعية بسبب توطن أمراض الكبد والفشل الكلوى الناتج عن المياه الملوثة والتى تشبه مياه المستنقعات، حيث تعتبر الدلتا بؤرة أمراض الكبد الناتج من التلوث على مستوى العالم، مما يؤدى إلى ارتفاع نسبة الوفيات ولعل هذه الأمثلة خير دليل على تقاعس الحكومات المصرية بداية من عصر مبارك وإلى الآن عن القيام بدورها إزاء أزمة مياه الشرب ونحو تحسين هذا المرفق الحيوى من أجل كفالة حق كل مواطن بسيط فى الحصول على كوب مياه نظيف. وأضاف الدكتور محمد يوسف طبيب بمعهد أورام طنطا أن مرض السرطان المنتشر بالغربية مرتبط بتلوث مياه الشرب، وكذلك بسبب تفشى المخلفات الصناعية فى النيل، وبسبب ذلك انتقل المرض إلى المحاصيل الزراعية، وكذلك إلى الأسماك، الأمر الذى يؤدى إلى تراكم سموم السرطان فى جسم الإنسان. وقال الدكتور عبد العليم محمد أستاذ الكيمياء بجامعة طنطا: مشكلة المياه فى الغربية تكمن فى المحطات الصغيرة التى يكون مصدرها المياه الجوفية، وقد تصل هذه المواد إلى حد الخطورة بما يؤثر على صحة المواطن، فمازالت غالبية المواطنين فى المدن والقرى يعانون من عدم وجود صرف صحى فبالتالى ليس أمامهم إلا عمل ما يسمى" الطرنشات " وهذه الوسيلة من الصرف أدت إلى تلوث المياه الجوفية بشكل دائم، ولذلك أطالب الحكومة بتطبيق قانون البيئة، خاصة فى مجال محطات معالجة المياه والصرف الصحى والصناعى والزراعى حتى يتم الوصول إلى بر الأمان لحل تلك المشكلة. وقال الدكتور محمد جاويش أستاذ الكيمياء، إن مياه النيل يصيبها التلوث من جراء صرف مخلفات الشركات الصناعية والصرف الزراعى، وكذلك مياه الصرف الصحى، أما ما يخص عمليات التنقية فإن مياه الشرب تمر بمراحل عديدة منها عمليات التذويب والترسيب ومرشحات وملية وتقييم بالكلور والشبة وبعد كل هذه المراحل توجد أنواع من الفيروسات، وكذلك الفطريات الدقيقة لا تتأثر بهذه المراحل والمعالجة التقليدية وبالتالى فهناك احتمالية وجودها فى مياه الشرب بالمنازل. أما عن خطورة وعيوب الكلور فى مواجهة التلوث، فأكد الدكتور جاويش أن الكلور لا يعالج بعض الفيروسات الدقيقة ويتفاعل مع المركبات العضوية، كما أنه يؤدى إلى تكوين مركبات ثانوية لها آثار صحية ضارة أخطرها مسببات السرطان، وهناك بعض المركبات غير متوافر. قال ربيع العماوى صاحب مطعم مأكولات، إن مياه الشرب بمدينة بسيون بمحافظة الغربية، ملوثة وغير صالحة للاستهلاك الآدمى، بالإضافة إلى أن الشبكة متهالكة وانتهى عمرها الافتراضى منذ فترة طويلة. وأضاف أن مشكلة انقطاع المياه مستمرة طوال العام، ولكنه وصل إلى حد لا يمكن تحمله وهو ما دفع الأهالى للبحث عن أى حلول بديلة فى ظل وعود شركة المياه بتقديم حلول سريعة، وأصبحت مياه الشرب تهدد حياة المواطنين بالخطر الدائم، خاصة مع انتشار الأمراض المزمنة الذى يرجع سببها إلى استخدام مواتير المياه التى تسحب مياها ملوثة وغير نظيفة بسبب المخلفات الصناعية فى نهر النيل، والتى يضطر الأهالى إلى استخدامها نظرا لانقطاع المياه معظم الأوقات. وتابعت سعاد الزواوى ربة منزل: تقدمنا ببلاغات كثيرة ضد رئيس شركة مياه الشرب والصرف الصحى فى المحلة الكبرى، بسبب تلوث المياه الذى يتسبب فى وفاة العشرات سنويا بالفشل الكلوى والكبدى، لكن دون جدوى وهناك تقارير تقدمنا بها للمسئولين تؤكد اختلاط مياه الشرب بالصرف الصحى منذ 5 سنوات حتى الآن ولم يتحرك أحد. وأشار حسينى أبو صيرة محام، ساءت حالة مياه الشرب خاصة فى مركز كفر الزيات، حيث انتشار الطحالب ذات الرائحة الكريهة، وأشار إلى ارتفاع معدلات ونسب المرضى المصابين بأمراض الفشل الكلوى واكتفاء اللجنة العليا لمياه الشرب بإصدار التصريحات المطمئنة والتى تبعد عن الحقيقة. وذكر أن أهالى القرية مصابون بالذعر من سوء حالة مياه الشرب فاضطروا إلى شراء المياه المعدنية فاستغل تجار المياه الأزمة وباعوا جراكن المياه بأسعار مضاعفة، وطالب بتشكيل لجنة لفحص مياه الشرب، لبيان مدى صلاحيتها للاستخدام الآدمى. وأكد كل من: نزار الريدى وشيماء محمد وكريم الجندى، أن مياه الشرب بمدينة طنطا، رائحتها وطعمها غير طبيعيين وتستخدم الفلاتر للحد من الأمراض، ويرجع ذلك إلى أن مواسير الصرف متهالكة ومرت عليها سنوات عدة دون أن يتم إصلاحها، مما يهدد صحة الأهالى بالإصابة بأمراض الفشل الكلوى.