أثار ظهور الناشطة الحقوية داليا زيادة، المدير التنفيذي لمركز ابن خلدون، على قناة شالوم اليهودية في ضيافة الحبر اليهودي مارك جالوب، استياء جميع القوى السياسية؛ لإصرارها على قول معزوفة في عشق إسرائيل، حين فتحت قلبها عن طبيعة علاقاتها باليهود والصهاينة وبإسرائيل، ومدى تأثرها بعدم السماح لليهود العودة إلى بيوتهم في مصر. وكان من أبرز التصريحات وأكثرها استفزازًا، قولها: "الرئيس الراحل جمال عبد الناصر سبب كراهية المصريين لليهود، وكان يقصد صنع بطولة زائفة على حساب إسرائيل"، كما أكدت أن الربيع العربي يفيد الكيان الصهيوني في تغيير نظرة العرب إليه باعتباره نهاية العالم، مؤكدة أن الشرق الأوسط الجديد سيكون أكثر تسامحًا ويسمح بإقامة دولة إسرائيلية مثل بقية دول المنطقة، فقد تخطى الحوار مرحلة التطبيع مع إسرائيل ووصل إلى حد المغازلة والاستعطاف. واستنكر الدكتور رفعت سيد أحمد، مدير مركز ياف للدراسات السياسية والاستراتيجية، تصريحات داليا زيادة، مضيفا أنها مرفوضة تماما وقائمة على مغالطات، خاصة فيما يتعلق بالتعاون بين الجيش المصري والإسرائيلي في إحدى العمليات بسيناء؛ مؤكدًا أن الجيش المصري لم يتعاون مع الاسرائيلي وما جرى هو تواصل مع قوات متعددة الاتفاقية جنسيات التي تراقب "كامب ديفيد"، والتي نطالب بسرعة إلغائها. وأوضح أن نص الاتفاقية لا يسمح بدخول المنطقة "ج" في سيناء وهي المنطقة الحدودية، إلَّا بإخبار اسرائيل، بناء على الشروط المقيدة لكامب ديفيد، فقد كان اتصال مكره من القيادة المصرية لإخبار الجانب الإسرائيلي فقط، وليس بهدف االتعاون أو التنسيق المشترك بين مصر والكيان الصهيوني، لافتًا إلى أن إسرائيل غير مستعدة لفتح جبهة مع الجماعات التكفيرية في سيناء، خاصة أنها هي من تدعمهم وتراعهم ضد الجيش المصري، وما يؤكد ذلك هو أن العبوة الناسفة التي استخدمت لتفجير مبنى مديرية الأمن بالدقهلية كانت إسرائيلية الصنع. وتابع أن الشعب المصري لا يقبل اتفاقية "كامب ديفيد"، وما جرى من اقتحام لمبنى السفارة وإنزال العلم الإسرائيلي مرتين، وتفجيرات خط الغازحوالي 16مرة، وكشف 7 شبكات تجسسية من قبل المخابرات المصرية، كلها أدلة تؤكد أن المصريين جميعهم ضد السلام مع اسرائيل، كما أنهم لا يستطيعون إيجاد سفارة في أي بقعة في مصر حتى الآن، ويدير الأمور منمسكنه القائم بفيلته في المعادي وأضاف أن الاسرائيلين أنفسهم يدركون أن الاتفاقية ضد مزاج الشعب المصري، بينما بعض المطبيعين أمثال "داليا زيادة" و"سعد الدين إبراهيم" وغيرهم لا يفهمون ذلك ويغالطون الرأي العام، ما تحاول تصحيحه لجان مقاومة التطبيع والجيش المصري، مشيرًا إلى أن تصريحات "زيادة" بشان حق عودة اليهود الإسرائليين إلى مصر يسيء إليها ولمركز ابن خلدون؛ لأن القانون ينص على أنه لا يحق لليهودي الحاصل على الجنسية الاسرائيلية أن يمتلك أرضًا أو ميراثًا أو أي ممتلكات، وأن من يريد العودة لابد يتخلى عن اسرائيليته، فضلًا عن ان اليهود القدامى باعوا ممتلكاتهم ويريدون الآن استغلال حالة الفوضى التي خلقتها جماعة الإخوان "المحظورة" في أعقاب 30 يونيو. فيما يرى الدكتور محمد أبو غدير، أستاذ الدراسات الصهيونية بجامعة الأزهر، أن الوقائع التاريخية تؤكد أن الحركة الصهيونية تعمل على تشويه الإسلام والمسلمين؛ على اعتبار أن هذا التشويه الأمر الذي هيأ لهم المطالبة بإنشاء وطن قومي لليهود؛ للتصدي للتشدد الإسلامي على حد وصف زعمائهم، فضلًا عن سعيهم المستمر إلى اختراق كبريات وكالات الأنباء والصحف والمجلات ودوائر المعارف لتصبح سيفًا يمزق الوطن العربي والمسلمين. وأوضح أن من يتحدث عن السلام مع إسرائيل يضر بمصلحة هذا الكيان؛ فالسياسة الاسرائيلة جزء من ظروف نشأتها وهذه الدولة نشأت في ظل الحرب ولولا الحرب لما قامت اسرائيل، ولذلك فهي تدرك جيدًا أن الصراع المستمر السبيل الوحيد لبقائها، ولذلك فلم ولن يوجد سلام حقيقي بين العرب واسرائيل؛ لأنها دائمًا تسعى للحرب ولكنها تستعطف العالم من خلال الترويج لاضطهادهم واستهدافهم من قِبَل الجميع، مضيفًا أن العرب فشلوا في الدفاع عن قضاياهم رغم قدسيتها، وأدى ذلك إلى ظهور المتعاطفين أو دعاة التطبيع والسلام والاعتراف بحق الكيان الصهيوني في الوجود باعتبارها قضية إنسانية، في حين أن الصهيانة لا ينظرون للعرب بهذه النظرة العطوفة، وكل ما يهمهم التوصل إلى صيغة تفاهم وتعايش بهدف الحفاظ على الوجود اليهودي في التاريخ ومنع ذوبانهم في الآخرين. ومن جانبه قال يسري العزباوي، الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية: العلاقات مع إسرائيل لابد أن توضع في مكانها الصحيح؛ لأن الكيان الصهيوني أصبح موجودًا في المنطقة وفرض نفسه على الجميع؛ ولذلك فإننا نسعى إلى ألَّا يوجد تطبيع على المستوى الشعبي أو المجتمعي، فعلى الرغم من وجود علاقات بين الأنظمة الحاكمة في مصر ونظيراتها في إسرائيل، غلا أنهم كانوا دائمًا يشتكون مما أطلقوا عليه "السلام البارد". وأضاف أن كلنا نعترف بأن الكيان الصهيوني عدونا الأول، ونرفض أشكال التطبيع كافة التي تتم الدعوة لها بين الحين والآخر، بحجة أن العالم كله اعترف بإسرائيل، وأن لهم الحق في الوجود وينبغي أن نساعدهم، وهذا امر مستحيل حدوثه، ولابد أن نحارب هذه الأفكار بنوع من الرشادة السياسية؛ لأننا نريد أن نحافظ على أمننا القومي، وتقوم مصر بدورها في الصراع العربي الإسرائيلي، خاصة بعد الحرب الشرسة التي يشنها الغرب علينا بعد التحول الديمقراطي في 30 يونيو.