لطالما نظرت إلي خالد تليمة بعين الإحترام.. فهو بالرغم من اقترابه من دائرة النشطاء السياسيين "الليبراليين واليساريين الجدد" المتعاونين مع منظمات وجمعيات حقوقية تتلقى تمويلا لا يجرّمه القانون "للأسف" من الخارج.. إلا أنه قدر علمي – فلست أعرفه شخصيًا ولست قريبا من دائرة نشاطه وأقيّم الأمر حسب المنشور سواء في الصحافة او عبر مواقع التواصل – لم يضبط ولو مرة متعاون مع هذه الجمعيات بشكل مباشر أو يموّل عبر أنشطتها وبرامجها لنشر الديمقراطية "حسب الهوى الأمريكى". فهو إبن حزب التجمع وتدرج في مناصبه إلي أن أطاح الجيش بحسني مبارك عقب إنتفاضة شعبية في 11 فبراير 2011، فانتقل إلى دائرة الضوء شأنه شأن غيره.. وليس كل من برز واحتل مكانه في برامج "التوك شوز" عقب يناير عميل أو مموّل، وإن كان ينتقص من قدرهم – وطنيي يناير – الأكثر حضورًا في وسائل الإعلام، ثلاثة أمور.. أولها: عزوفهم عن التصريح بما يعلمون من حقائق تدين عدد من النشطاء "الثوريين" وتؤكد خيانتهم لمصالح الوطن وتهديدهم للأمن القومي ومصالح الأغلبية الشعبية خشية أن يتهموا بالفلولية أو التبعية لنظام مبارك، ثانيها: تخوفهم من الشخصيات الأكثر حضورًا عبر مواقع التواصل الإجتماعي وعدم مهاجمة ما يتبنوه من نظريات سياسية فوضوية هدامة، تؤمن بحتمية إسقاط الدولة ومؤسساتها "الشرطة والجيش والقضاء"، ثالثها: خضوعهم للإبتزاز بإسم الثورة وتورطهم في معارك أفادت خصومهم وإنتقصت من شعبيتهم. وجاء إختيار "تليمة" كنائبا لوزير الشباب بعد ثورة 30 يونيو وإزاحة الجيش لمحمد مرسي ليؤكد كثيرًا من ظني الحسن به، وأعتبرت الأمر رسالة طيبة من قيادات الدولة بإشراك عدد من الشباب الثوريين الذين يضعون مصلحة الوطن أمام أعينهم قبل كل شئ، في الإدارة. ولكن ما فائدة هذا الحديث الآن؟!.. أنا كما قلت سابقا لا أعرف الشخص نفسه ولم أقابله حتى مصادفة، ولكن مناسبة الحديث هو أني افترضت فيه الوطنية والتحرر من أسر التفكير الطفولي الذي يسيطر على قطاع واسع من شباب الساسة، وعزز هذا الإفتراض موقفه الصريح من رفض التدخل الأمريكي في سوريا، بعد أن تصاعدت حدة تصريحات البيت الأبيض بخصوص توجيه ضربة جوية إلي دمشق، ورغم الهجوم الذي تلقاه من عدد من المحيطين به، إلا أنه تمسك بموقفه، أغضبني مواءمته في ردوده والمساواة بين الدولة السورية بأخطائها وبين الميليشيات المسلحة بإجرامها وإستدعائها للتدخل الأجنبي، لكن وضعت هذا الأمر في إطار الأخطاء الثلاثة التي أشرت إليها آنفًا، ما عزز رأيي فيه أكثر هو نشاطه الدؤوب في الوزارة وإثباته في أكثر من موقف جديته في عمله وأنه لا يعتبر المنصب نزهة أو مكافأة إنما تكليف، أيضا ثباته وإدراكه أن الصراع الحالي ليس مجرد منافسة بين جبهتين سياسيتين نقيّم كل واحدة منهما ونفاضل بينهما، وإنما صراع على الوطن نفسه حاضره ومستقبله، فإما دولة وإما فوضى وتفكك. ما زلت لم أجب على السؤال.. وهو مناسبة الحديث الآن ؟!.. السبب هو أني لا أريد فيمن افترضت فيه كل الطيبات التي ذكرتها، أن ينتكس عنها اليوم، خاصة بعد أن تصاعدت أصوات "شبابية" عديدة تطالبه بالإستقالة من منصبه، بعد الأحكام بالسجن التي تلقاها "أحمد دومة وأحمد ماهر ومحمد عادل.. وعلاء عبدالفتاح في الطريق"، لا أرغب في أن يتقدم "تليمة" باستقالته ليس فقط لكونه كما ذكرت، ولكن حتى لا تفقد الجماهير العادية البسيطة، ثقتها المطلقة في كل الشباب الذين شاركوا في خلع مبارك، فتضعهم جميعهم في سلة واحدة.. طيبهم مع خبيثهم، من تلقى تمويلًا مع من تكلّف عناء نضاله، من خرج بنية صافية لدفع ظلم النظام وعمالته مع من أظهر الثورية وهو يبطن تفريغ الثورة من مضامينها وتحريف بوصلة المطالب الشعبية واختصارها في مطلب ديمقراطية الصندوق، مما أدى إلي تمكن قوي الشر في الداخل والخارج من مصير البلد، فتحولت لمطية تمهد لمؤامرات خارجية، نجحت جماهير 30 يونيو في دفع بعضها. نعم يناير حملت الشرفاء مع المرتزقة الينارجيه.. وتحمل شرفاؤها في أوقات كثيرة عبء الدفاع عن أن الثورة على مبارك كانت لازمة والتذكير بأن نظامه خان الأمانة وأضاع الوطن، وفي الوقت ذاته عن أنفسهم بعد أن أختصرت في الأيام اللاحقة بخلع مبارك، الثورة في ذمرة من النشطاء أغلبهم مشبوهين ساقوا الأحداث إلي غير ما كان يتمناه معارضو مبارك أنفسهم. ونريد لبعض من نحسبهم داخل دائرة الوطنية حتى ولو على أطرافها أن يستمرّوا ولا يسقطوا.