كشف الرئيس السابق للإدارة المركزية للاستخبارات الفرنسية الداخلية برنار سكاوارسيني السياسات التي اتبعتها فرنسا إزاء ما يجري في سوريا منذ بداية الأزمة فيها وكشف الدول الداعمة للمجموعات المسلحة، وأكد فضل الحكومة السورية بإحباط الكثير من الهجمات التي كانت تستهدف فرنسا على أراضيها. وأفادت توب نيوز أن سكاوار سيني قال في كتاب نشره حمل عنوان "الاستخبارات الفرنسية.. الرهانات الجديدة" وذلك بعد عام ونصف العام فقط على تركه رئاسة الإدارة المركزية للاستخبارات الفرنسية الداخلية " إن إدارة الدبلوماسية الفرنسية للأزمة في سوريا تتناقض مع كل منطق لم نتمكن من فهم الدوافع التي تعمل من خلالها دبلوماسيتنا وخصوصا ما الفائدة منها". وأضاف سكاوارسيني "منذ وصول لوران فابيوس إلى منصب وزير الخارجية قطعت كل الجسور مع دمشق لأن باريس كانت تراهن على سقوط سريع للدولة في سوريا وكانت تلك حسابات محفوفة بالمخاطر" مشيرًا إلى أنه رغم الأزمة في سوريا إلا أن الدولة السورية خرجت أقوى من السابق. وفسر سكاوارسيني الاندفاع الكبير الذي قام به فابيوس نحو قطع أي اتصال دبلوماسي وأمني بدمشق ب "الرهانات الخطأ على سقوط النظام" ما أدى لحرمان الأجهزة الفرنسية من تفقد الأرض ومتابعة الأحداث والتعاون مع الاستخبارات السورية ضد الإرهاب في فرنسا. وركز سكاوارسيني في كتابه على عمق الخلافات بين وزارة الخارجية والأجهزة الأمنية الفرنسية، ويقول المسئول الفرنسي "نستطيع الآن معرفة أسباب التعرجات التي سلكتها الدبلوماسية الفرنسية خلال الربيع الماضي، حيث قدم الرئيس فرنسوا هولاند تعهدات بتسليح المعارضة في سوريا أقواها في مارس الماضي ثم تراجع عنها لاحقا تحت ضغط الأجهزة الأمنية التي حذرت من تركيبة المعارضة السورية وهيمنة الجماعات المسلحة مبكرًا على العمل العسكري وعلاقة نواتها بشبكة أخرى عابرة للقارات تهدد المصالح الفرنسية". ولم يغب عن سكاوارسيني الدور الكبير الذي لعبته صحيفة اللوموند في التحريض على الحرب ضد سوريا وفي دفعها الخارجية الفرنسية إلى تبني تحقيق صحفي عن استخدام الكيميائي في ريف دمشق وتحويل ريبورتاج إلى مادة مرافعة قانونية ضد سوريا ودلائل تضاف إلى الملف الاتهامي ورفعه إلى الأممالمتحدة. ويبين سكاوارسيني أن الصحيفة الفرنسية لعبت دورا بارزا في الضغط لتسليح المعارضة، ويروي مأزق الجواسيس الفرنسيين في التفتيش عن الإبرة العلمانية السورية المعارضة في تلة القش القاعدية لكي يتاح لهولاند تسليحها. ويؤكد سكاوارسيني أنه لا يوجد جهاز أمني فرنسي أو أجنبي قادر على تحديد من هو علماني أو ديمقراطي في المعارضة السورية لكي تقوم فرنسا بتسليحه أو تمويله داعيا المسئولين الفرنسيين للتحلي بوضوح الرؤية وبالشجاعة والاعتراف بالأخطاء الكثيرة في السياسة التي انتهجوها حيال سورية. وشدد سكاوارسيني على ضرورة أن يعي الفرنسيون أن "الحرب الإقليمية المستعرة" تسمح للقاعدة والجماعات التي تندرج في تيارها بأن تتوسع وتنتشر بطريقة ممنهجة ومتواصلة في الشرق الأوسط" ففي مواجهة الأزمة في سوريا ينبغي على الاستخبارات الفرنسية أن تستخدم كل معجزاتها ونحن نعلم تماما أن بين من يعارضون الحكومة السورية بالسلاح يوجد إرهابيون من المغرب وليبيا والعراق ومصر وأفغانستان وباكستان والشيشان وداغستان ومن الممكن أن نحصي بينهم المئات من الفرنسيين هؤلاء المحاربين المخربين يخوضون حربا دينية لاستئصال نظام لا يعجبهم". وأكد سكاوارسيني بشكل واضح في كتابه دور بندر بن سلطان رئيس جهاز الاستخبارات السعودي في دعم الجماعات المسلحة في الأزمات الممتدة من أفغانستان إلى المتوسط إلى مصر وشمال إفريقيا ويقول "قطر الشريك التجاري والسياسي الكبير لفرنسا متهمة بتمويل إذا لم نقل بتسليح الجماعات المقاتلة في إفريقيا ضد الجيش الفرنسي وتستخدم قطر الجمعيات غير الحكومية لإخفاء وتمرير الدعم اللوجيستي وتجنيد وتدريب الجماعات الجهادية بشكل يضمن لها الولاء الدائم لأسيادها". ويوضح سكاوارسيني أن الدور السعودي كبير وفعال في التمويل والتدريب وتنظيم ما يسمى "الجهاد" في سورية حيث استرجع السعوديون وصفاتهم القديمة التي استخدموها في أفغانستان والبوسنة ففي 22 مارس الماضي نظمت الاستخبارات الهولندية والبريطانية والبلجيكية والفرنسية اجتماعا في دبلن لإطلاق صافرة الإنذار ورأى المجتمعون أن أعداد مواطنيهم المقاتلين في سوريا يعد بالمئات في صفوف الجماعات الأكثر تطرفا في لندن وفي بروكسل بعثت الشبكات نفسها التي استخدمت في أفغانستان والبوسنة والشيشان وهذا كله يدعو إلى خوف الاستخبارات من احتمال عودة هؤلاء إلى أوروبا. ويقول سكاوارسيني "في هذا السياق" كيف يمكن تقييم ما تقوم به قطر والسعودية وممالك نفطية أخرى اعتادت هي الأخرى تمويل الإرهاب، هل يمكن وصف هذه البلدان بالصديقة بينما تعمل موضوعيا ضد المصالح الفرنسية". ويؤكد سكاوارسيني وجود هواجس لدى الاستخبارات الفرنسية بعودة المئات من الأوروبيين المقاتلين في سوريا أحياء ويلفت إلى الاستعداد لحرب أجهزة الاستخبارات الغربية من أجل الأسواق والصفقات الكبيرة بهذا الصدد. وأشار سكاوارسيني إلى أن التعاون فيما سبق بين سورياوفرنسا ساهم في إحباط الكثير من الهجمات التي كانت تستهدف المصالح الفرنسية داخل وخارج الأراضي الفرنسية.