الشيخ حسن خلف : حزني علي فقد ولدي الوحيد شديد لكن حزني علي تطاول البعض علي الجيش اشد عقب انتصار اكتوبر قال مدير المخابرات الحربية للرئيس السادات " لم تكن لدينا أقمار صناعية، ولكن كان لدينا هذه العيون الثاقبة والصادقة من أبناء سيناء" ارفض تحويل الجامعات لساحات اقتتال سياسي .. و"حمل الصخور اهون من سهام من لا يفهم " «وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون»، بتلك الآية الكريمة بدأ الشيخ حسن خلف، أحد كبار مشايخ وعواقل قبيلة "السواركة" بالشيخ زويد بشمال سيناء، والذي لقي نجله الشاب «حسين» البالغ من العمر الرابعة والعشرين حتفه خطئا برصاص قوات الجيش الأسبوع الماضي.. حديثه ل"البديل" يقول الشيخ خلف: الموت أقدار ولكل فرد علي وجه الأرض قدره، من لم يمت برصاصة قد يموت من شربة ماء وتعددت الأسباب والموت واحد، مضيفاً أن التضحية والموت في سبيل الوطن أمنية كل مصري، داعيًا الله أن يمنحه الشهادة مثل ابنه الذي يحتسبه شهيدًا ويطلب من الله أن يعوضه خيرًا . ويتابع خلف :أنا مواطن بسيط وعادي من قبيلة "السوراكة" ومقيم بقرية "الجورة" جنوب الشيخ زويد من مواليد سنة 1948، وأحد الفدائيين المتطوعين في حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر وشهدت نكسة 67 وشاركت في هذه الحروب، وضحيت بالكثير أنا وعائلتي في سبيل الوقوف بجانب الجيش المصري منذ 67 وحتى الحرب ضد الإرهاب الآن، واحتفلنا معهم بالنصر وحزنا معهم في أوقات المحن، واعتدت علي تقديم كل ما هو غالي فداء الوطن، ورفع اسم مصر عالياً هي الأمنية الوحيدة التي أسعى إليها دائمًا . يروي الشيخ "خلف" قصة مقتل ابنه خطئا برصاص قوات الجيش قائلا : خرج حسين الذي نحتسبه شهيداً عند الله وفداء للبلد وأرضها وجيشها، من منزلنا بقرية الجورة ، لشراء بعض مستلزمات المنزل من أحد المحال التجارية، وذلك بالتزامن مع قيام قوات الجيش بإطلاق النيران التحذيرية في كل الاتجاهات عقب قيام جماعة مسلحة بزرع عبوة ناسفة في طريق مدرعة بالقرب من كمين أمني بالقرية، فأصيب بطلق ناري أودي بحياته في الحال». ويتابع الشيخ خلف، أنه يحزن حزناً شديداً أكبر من حزنه علي مفارقة نجله الوحيد عندما يتطاول أحد المواطنين أو يعلو صوته علي جيش مصر العظيم. ويشير إلى أنه عندما يحدث ذلك يُذكِر القيادات الذين يعرفهم بقول لقمان الحكيم لابنه "يا بني إن حملك الصخور من أماكنها أهون من سهام من لا يفهم"، ويضيف لابد أن يعرف كل من يسيء إلي جيشنا العظيم، انه يضم أبنائنا وفلذات أكبادنا الذين يضحون بأرواحهم في سبيل الوطن ويموتون من أجل أن يعيش الآخرون من أبناء الوطن بأكلمة، فالجيش هو ضمان أمننا وحمايتنا وعزتنا وكرامتنا . ويستطرد الشيخ "خلف" قائلا: إتخذ جيشنا العظيم خطوات متقدمة حتى الآن في حربه علي الإرهاب بشمال سيناء، حيث شل حركة الإرهابيين بسيناء بنسبة 70 %، وقضي علي عدد كبير من البؤر الإجرامية المنتشرة والمستوطنة هناك ، ولكن تلك الحرب مع الإرهاب تقع في وسط المدنيين ولابد وان تشهد بعض الأخطاء، وعلي جميع المواطنين تقبل تلك الأخطاء غير المقصودة، وأرجو ألا تؤثر علي أداء قوات الجيش ونفسيتهم، أوتدفعهم للتراجع عن واجبهم المقدس في تطهير البلاد والعباد من الفكر الضال والمضلل والجماعات الإرهابية المسلحة . وعبر الشيخ "حسن" عن أمله في أن تقوم الدولة ولجنة الخمسين بوضع دستور يحقق مطالب البدو ويرفع الظلم والتهميش الواقع علي أبناء سيناء، ووضع دستور يرتكز علي مكارم الأخلاق، متابعًا أن من قرأ التاريخ جيداً يعرف أن كل الحروب والمصائب التي ابتليت بها مصر جاءت عبر هذه البوابة، وعقب انتصار أكتوبر المجيد ولدت قناعة لدي القادة والعسكريين والسياسيين أن سيناء لابد أن تعمر بالبشر والخضرة والنباتات ولا تترك بورا خالية من السكان حتى تغلق تلك البوابة في وجه أي معتدي، فلو كانت سيناء معمرة لما احتلت في 67، ولما اضطررنا إلي ترحيل وتهجير أهالي مدن القناة أثناء حرب أكتوبر، متمنيا أن تُزرع سيناء بالبشر، ويظلل عليها الأمن والأمان ويبدأ الأعمار من الحدود الدولية متجها نحو الغرب وليس العكس . يكمل الشيخ خلف حديثة قائلاً : شهدنا نكسة 67 ورأينا بأعيننا المأساة التي حدثت لجيشنا العظيم ، الذي لم يقاتل بل رأينا جيشا ينسحب وجيش أخر يعتدي، فتوجه عدد كبير من أبناء سيناء وأنا منهم بالإضافة إلي أبناء مدن القناة الثلاثة "السويس، بورسعيد، والإسماعيلية" إلي إدارة المخابرات الحربية التابعة للجيش، وقلنا لهم نحن تحت تصرفكم، فنحن لسنا مجندين بل فدائيين متطوعين وقتها طلب من أبناء سيناء القيام بثلاثة مهام أساسية وهامة جدالدي الجيش المصري آنذاك، وهي "جمع المعلومات عن جيش العدو، وتصوير مراكز وقواعد ارتكازات جيش العدو، والقيام بالعمليات الاعتراضية خلف الخطوط والمواقع المتأخرة لجيش العدو"، وتركوا لنا الخيار . ويضيف "اخترت القيام بالعمليات الاعتراضية خلف خطوط العدو في الجبهة، وتدربنا علي إطلاق صواريخ "الكاتيوشا" علي المواقع المتواجدة في أخر جبهة العدو، حيث كان الجيش يقوم بقصف مواقع العدو علي الجبهة ، ونحن نقوم بضرب المواقع المتواجدة في أخر الجبهة، وكانت تلك الصواريخ روسية الصنع ومداها 8 كم، و كانت تقصف مواقع العدو الواقعة علي بعد 160 كم داخل الجبهة الإسرائيلية . ويشير الشيخ "خلف" إلى انه وصل عدد المجاهدين في ذلك الوقت إلي 850 فدائياً من الأربع محافظات "سيناء ومدن القناة"، مستعيدا كلمة مؤثرة يتذكرها دائما كلما مرت عليه ذكري حرب أكتوبر المجيد، وهي كلمة اللواء "فؤاد نصار" مدير المخابرات الحربية في ذلك الوقت، حينما قال أمام الرئيس الراحل، محمد أنور السادات، والقيادات العسكرية عقب انتصار أكتوبر "سيدي لم تكن لدينا أقمار صناعية، ولكن كان لدينا هذه العيون الثاقبة والصادقة من أبناء سيناء، لقد جعلوا المواقع الإسرائيلية كتاباً مفتوحاً أمام القوات المسلحة، فلولا أبناء سيناء ما كانت حرب أكتوبر"، مشيراً "خلف" إلى أن هذه الشهادة تعد وساما علي صدور كل أبناء سيناء. وتابع "خلف" انه سيحتفل بالذكري الأربعين لنصر أكتوبر المجيد مع بقية أبناء الوطن ولكن عبر الفضائيات، وذلك نظراً للظروف الأمنية التي تعاني من محافظة شمال سيناء، مؤكداً أن الاحتفال سيمر بسلام في المحافظة بعيداً عن أي مزاعم أو تهديدات أعلنت عنها قوى الإرهاب والجماعات المسلحة للقيام بها في ذلك اليوم بسيناء، مشيراً إلي وجه نظره الشخصية كمقاتل قائلاً "أنا مقاتل اعرف ان الجيش نجح خلال عملياته الأخيرة في شل حركة الارهابين بنسبة 70 %، وان ما يفعله الإرهابيون الآن نابع من اليأس فقوي الإرهاب في سيناء تحتضر"، فالمقاتل الواثق من نفسه دائما لا يهدد. ويتابع "خلف" «كل ما أخشاه هو التصادم بين أبناء الوطن الواحد، فعندما أري المظاهرات المؤيدة والمعارضة للجيش المصري، اقاق علي مستقبل مصر وأبنائها، فأنا اخشي الحرب الأهلية، فعندما أشاهد التصادم بين الطلبة وأبناء الوطن الواحد داخل الجامعات، والانقسام بين الشباب المصري هذا ما أخشاه والذي من الممكن أن تستغله أي دولة تريد خراب مصر في إشعال فتنة وحرب أهلية بين أبناء الوطن، والذي لا يجب علي أي مواطن محب لبلده أن يشارك فيه، مطالباً الحكومة والجيش بضرورة وسرعة التدخل وعمل قرار بشكل استثنائي لمنع التظاهرات داخل الجماعات لأنها ساحات للعلم وليس للصراعات السياسية . وفي نهاية حديثه ل"البديل" دعا الشيخ "حسن خلف" كل من فقد عزيز وابن خلال تلك الثورات التي تشهدها مصر، أن يتحلى بالصبر ويتمني الشهادة للالتقاء به في جنات النعيم، مؤكداً أن لكل ثورة أو حركة نضالية في العالم ضحايا ، مضيفاً انه لابد من الوقوف والتعاون مع جيشنا العظيم وعدم الهدم في مؤسسات الدولة والتعاون معهم من اجل تطهير البلاد من الإرهاب ودفعها إلي الأمام والتقدم .