أيام قليله وتحتفل مصر بعيد محافظة البحيرة القومي في 19سبتمبر، ذلك اليوم الذى انتصر فيه شعب رشيد على حملة فريزر عام 1807. وبين عبق المدينة العريقة وإهمال المسئولين مسافة ليست بعيدة، فقد بدا متحف رشيد وهو المتحف الوحيد الذي تمتلكه محافظة البحيرة ويحتضن ذلك التاريخ الممتد لمدينة باسلة، وكأنه مجرد منشأه عادية يمكن للقاصي والداني الاعتداء عليه. ولأن جماعة الإخوان لا تكترث بالآثار أو بالتاريخ المصرى فقد سمح نائب رئيس مدينة رشيد والذي ينتمى إليها لأحد أقاربه بالتعدي على حرم المتحف وضرب عرض الحائط بكل القرارات الإدارية الصادرة عن الإدارة الهندسية بمجلس مدينة رشيد. "البديل" حصلت على وثائق تؤكد التعدي الصارخ على حرم متحف رشيد الأثري، حيث تبدأ القضية بقيام أحد الأهالي "هانى عبد المحسن محارم" بهدم منزله المجاور للمتحف بشارع الجيش من أجل بناء برجا سكنيا واستخرج رخصة مباني وتصريح من الآثار. وقد تم استخراج الرخصة وفقا لاشتراطات "الارتداد" والتي تقضي دخول حوالي 70 مترا من مساحة الأرض، ولكن نفوذ الجماعة في ذلك الوقت ساعد على إقامة المبنى بدون ارتداد أو دخول وقام مالك المبنى بحفر الأساس للبرج السكني دون التزام بما جاء في رخصة الإنشاء الممنوحة له من مجلس المدينة وبدأ بالبناء، مما دعا إدارة المتحف إلى اللجوء لمجلس المدينة، الذي أصدر من جانبه قرارا بوقف الأعمال رقم 55 في11يوليو 2013 ، ولكن دون جدوى. وأخطرت الوحدة المحلية مركز الشرطة برشيد بقرار فرض "الحراسة على المبنى" برقم صادر 295 في 14 يوليو2013 حتى لا يتمكن صاحب المبنى من الاستكمال. ولم يحرك مركز شرطة رشيد ساكنا امام هذا التعدي الموثق وحررت الوحدة المحلية قرارا بإزالة المبنى الذي تعدى على حرم المتحف. من جانبه قال "الهيثم تيسير" عضو مجلس نقابة المحامين بالبحيرة وأحد ابناء رشيد، أن المتحف يمثل كنزا أثريا وقيمة تاريخية لن يسمح لأحد بالعبث بها، ولن نتهاون أمام أي تعدى مهما كان مصدره. وأضاف الهيثم أن مجلس مدينة رشيد كان على مستوى المسئولية ولن الكرة الآن في ملعب أجهزة الأمن لتحمل مسئوليتها أمام تاريخ وطنها وتنفيذ قرارات الإزالة. ويقول "وليد الكفراوي" أن هذه الجريمة ليست جريمة ارتكبها شخص فقط؛ بل إن المسئولين بمحافظة البحيرة شركاء فيها "بالسكوت وإغماض أعينهم" وعدم تطبيق القانون . وطالب الكفراوى مدير أمن البحيرة بسرعة التدخل لحماية متحف رشيد وحرمه، والذى كان يتولى أعمال محافظ البحيرة في وقت المخالفة وأيضا مديرا للأمن بالبحيرة. ويقول "مصطفى فهمي" المحامي وأمين بلجنة الدفاع عن الحريات، أن ما يحدث الآن من مخالفة بالتعدي على 70 مترا من شارع متحف المدينة ما هي إلا تعدي على أملاك الدولة وخصوصية المتحف الذي يأتي إليه الأجانب والمصريين لزيارته. وحمّل فهمي المسئولية لمسئولي محافظة البحيرة، مضيفا أنه سيتم تحريك دعوى ضد كل من تقاعس في تنفيذ القانون لحماية متحف المدينة والشارع الخاص به. ويرى "أحمد خضر" المحامي, أن ما صدر من تعدي على حرم متحف رشيد أدى إلى ظهور تصدعات وشروخ في جسم المبنى الأثري الذى تكلف ملايين الجنيهات في ترميمه خلال خطة تطوير رشيد الأثرية بإشراف اليونسكو وتبرعات الدول الأوروبية المحبة لهذة الآثار. هذا ويعتبر متحف رشيد واحدا من أشهر منازل رشيد التاريخية وأكبرها وعرف بمنشأة "عرب كللى" الذي كان محافظا لرشيد أثناء حملة فريزر على مصر، وشيد المنزل في القرن 18م، ويتكون من أربعة طوابق تبرز خصائص العمارة والفنون الإسلامية في هذه الفترة. يضم المتحف مقتنيات ونماذج تبرز كفاح شعب رشيد والمعارك التي خاضها ضد المستعمر الفرنسي والإنجليزي، وتتضمن نماذج وصور للمعارك وللحياة الأسرية في رشيد والصناعات الحرفية الشعبية ومخطوطات وأدوات للحياة اليومية، بالإضافة إلى نسخة من حجر رشيد الذي كشف عنه عام 1799 ومجموعة من الأسلحة من القرنين 18، 19. كما يعرض بالمتحف بعض الآثار الإسلامية التي كشف عنها مؤخرا في رشيد كعملات إسلامية وأوان فخارية. ويعرض ملامح عن تاريخ رشيد الوطني ويشتمل على ثلاثة طوابق. فالطابق الأرضي لبيع الهدايا والنماذج الأثرية ذات الطابع الخاص برشيد، والطابق الثاني نموذجا لحجر رشيد وصور ونموذج لقلعة رشيد وتماثيل ولوحات لشخصيات مهمة ومجموعة من البنادق والسيوف، والطابق الثالث يشتمل على مجموعة من الآثار الإسلامية المكتشفة بمدينة رشيد منها أوان فخارية وعملات إسلامية.