لماذا الإحتجاجات؟ كما أسلفنا لم تكن الاحتجاجات تخص حديقة بل رد فعل لكثير من التراكمات أشعلتها مسألة الحديقة فلم تكن كل هذه الاحداث فقط لتجريف حديقة و تدمير تراث بل لعدة عوامل كانت كافية لإنفجار شعبي تعقبه ربما ثورة في وقت ما او إسقاط لحزب العدالة و التنمية لو إستمرت الاوضاع او على الاقل تقليل نسبة فوزه ، عبر التالي التراكمات التي فجرت تظاهرات تركيا: -1- الفساد المالي الكبير الذي ضرب بجذوره في حزل العدالة و التنمية و بات محل سخط عبر إستلام رجال أعماله كبرى مشاريع الدولة و عقودها و إنفاقهم سابقا على تعليم أبناء إردوغان بالولاياتالمتحدة فيما يخلق شبة صريحة و الأغرب كون قوانين مكافحة الفساد يتم تفصيلها لتستثني أعضاء العدالة و التنمية. -2- السياسة الاقتصادية لإردوغان التي شملت الخصخصة الجائرة و الفساد في البيع و إتهامات إستفادة رجال أعمال الحزب من الخصخصة و ما ترتب عليه من ديون هائلة وصلت من 120 مليار الى 331 مليار او 207 مليار في يوليو 2013 حسب تقدير الحكومة و فتح باب الائتمان و رأس المال مع قوانين حمايته ضد العمال و الفقراء. -3- مع كل هذه البروباجندا الاعلامية أقل قليل من الشعب التركي بعد 10 سنوات كاملة هم من شعروا بالتغيير الاقتصادي فلم ينعكس شئ على حياة الأتراك فرأس المال يصنع معدل النمو الذي يقفز في جيب صاحب رأس المال و يترك للفقراء خدمة الديون و أرقام هزلية عن تقدم إقتصادي. -4- الوحشية المفرطة للشرطة طوال عهد إردوغان و من قبله منذ إنقلاب 1971 كما تقدر منظمة العفو الدولية حيث إستمر منهج التعذيب و القتل و التنكيل و الوحشية في فض التظاهرات السلمية و الاعتصامات السلمية فكان ما فعلته الشرطة مبرر للإنتفاضة. -5- موقف تركيا الغريب المستفز من الازمة السورية بإستضافة المسلحين بأرضها و تمويلهم و رفض أي محاولة من الرئيس بشار حافظ الأسد لعقد صلح و قد تحول الامر لشئ مزدوج إذ من جانبب بات إستفزاز للعلويين الاتراك من صيغة الخطاب الطائفية من إردوغان و ضرر لجنوب البلاد المعتمد على التجارة مع سوريا. -6- الإستبداد الاردوغاني الكامل في مواجهة المعارضة تماماً كما كان يفعل الرئيس السابق محمد مرسي من إنفراد و تفصيل قوانين و إستبعاد للآخر و زاده قمع الاعلام و اعتقال الصحفيين و تلفيق التهم بشكل حول تركيا على حد وصف صحفيون بلا حدود لسحن كبير للصحافة و الاعلام. -7- الاستفزاز الكامل لحرية الاتراك الخاصة مثل قانون تقييد الخمور " حسب قوانين الاتحاد الاوروبي بالمناسبة " و قوانين عدة تستهدف فرض نمط محافظ " و لا نقول إسلامي " على المجتمع كله بصورة لا يقبلها احد و الغريب انه بالمقابل سياساته الخارجية منبطحة لأقصى حد امام الغرب. -8- كانت مشاريع الدولة الكبيرة محيرة دوماً لكونها تضم رجال اعمال يربحون منها الملايين مثل مشروع بناء مطار استانبول الثالث و المتروباص و ملعب عملاق و هي منظمة من تكتل لرجال أعمال " مجموعة كاليون " مثربون من إردوغان و الحزب و كان آخر طرح قد فاق الوصف حينما سمي بمشروع جسر "سليم الاول" و هم سلطان تركي متوحش إرتكب مجازر بحق الاقليات و منهم العلويين في مشهد مزج بين الفساد و الاستفزاز الطائفي المستغرب. -9- شارك الاكراد في التظاهرات ليأسهم من تحسين الاوضاع المحلية فعلى الرغم من سبق 3 مشاريع مصالحة الا انها فشلت تماماً و آخر مشروع نسخة من السابق و بخلاف هذا كانت عمليات القمع الوحشية للأكراد بالدولة دافع للمشاركة. -10- مثلت القضية البيئية محور التظاهرات حيث تعددت مشاريع إردوغان المدمرة للبيئة مثل مشاريع الطاقة النووية و النفايات و غيرها مما يجعل البيئة التركية في خطر حقيقي فمقابل الربح المالي مارست حكومة إردوغان سلسلة من المشاريع التي أضرت بقوة بالأرض و الماء و الهواء التركي و جاء مشروع تدمير الحديقة ليفجر هذه الازمة بقوة. -11- كانت الاحباطات التركية الشعبية واسعة من 10 سنوات جاءت بالكثير من الوعود التي لم تتحقق و لعلنا هنا نبرز جانب من السياسات الخارجية و هو جانب العلاقات مع الجيران فبينما أعلن وزير الخارجية اوغلو عن سياسة صفر مشاكل المسروقة أصلاً من سياسة اتاتورك سلام بالوطن و سلام بالعالم إنتهى الامر لصفر علاقات مع الجيران و تداعي للنفوذ التركي على الحدود المباشرة و حتى مع الدول الكبرى مثل روسيا. -12- اخيراً مثلت مشروعات إردوغان السياسية بتعديل الدستور ليصير رئاسياً بدلاً من برلمانيا و التحول لرئيس للدولة عامل سخط شعبي فبعد 10 سنوات من إحتكار السلطة مازال إردوغان يريد تجاوز قواعد الحكم و الحزب ليصير رئيساً بدستور مفصل و يكمل الحكم بدون أس إعتبار لا لتداول سلطة و لو حتى داخليا و لا نظر لطبيعة إنتهاء ما يمكن ان يقدمه فكانت مخططات إردوغان مسببه لغضب ترجم في صيحة لا نريد المزيد التي رجت تقسيم ، إردوغان يريد المزيد من الحكم بدستور مفصل و نظام خاص ربما يصل به يوماً إلى ما وصل له عدنان مندريس. ختاماً: عبر صفحات هذا الكتاب خضنا تاريخ العلمانة بالعهد العثماني تحت مسمى "التنظيمات" ثم تاريخ الأحزاب الاسلامية و تجربة مندريس المحافظة و منها لحزب العدالة و التنمية في سياساته الخارجية و الاقتصادية و الداخلية لننتهي ببيان ازمة ميدان تقسيم أو حديقة جيزي ، إنني في ختام هذا المؤلف المختصر أطرح عليكم سؤالاً لماذا يكذبون علينا طوال الوقت ، ديون و نمو و غيرها بالاقتصاد استبداد و اعتقال و تعذيب بالداخل خضوع و خيانة و تآمر بالخارج كل هذا لا نعرفه و يقدم الينا على أساس كونه غير موجود في صورة إقتصاد عالمي و دولة ديموقراطية و تحالف مع العرب. إنني هنا أقدم حقائق حديثة تمت خلال عشرة أعوام بين 2003-2013 بصورة سهلة الاثبات و من الممكن بكل يسر التاكد منها و لهذا ربما يكون الأمر أكثر حدة على النفس حينما نتكلم عن مدى الجهل بما يوجد هنا فليس هذا خبر منقوش على حجارة بمعبد بل امور عايشتها كغيري و تمت علناً و سهل معرفتها فكيف إستطاعوا الكذب لولا أننا نتلقى منهم و لا نتاكد نسمع و نصدق دون مراجعة نهلل للبراق و إن كان خشباً ضربته أشعة الشمس ، لقد صرخ المجتمع التركي صرخة عالية بتقسيم صرخ من هول ما عايشه في 10 سنوات بيعت فيها ممتلكاته و تحول لحذاء في قدم الولاياتالمتحدة و مورست ضده سياسات الاستبداد و التعسف و التلفيق لكل من يعترض و نحن هنا نقول مظاهرات السكارى و الزناة متبعين نفس من ظلوا ينافقون جماعة الاخوان و يدعموها حتى سقطت في 30 يونيو و لكن هؤلاء الكذابين لا يسقطون معهم ، كل من لمع إردوغان سواء بالشروق او الجزيرة او غيرها سواء إعلامي او "كاتب وسطي كبير" لا يستحقون إلا أن نلفظهم من حساباتنا فمن قام بنفاق الاخوان نافق إردوغان حتى سقطت العصابة بمصر و لكن بعضنا مصر على الاستمرار مع المنافقين. لقد عانى متظاهروا تقسيم من سب و قذف و تشوية من قبل الاعلام العربي و الصحف التي ظلت تكذب و تكذب حتى حولت الكذب إلى حقائق بل ووصل بنا الامر إلى أن إعتبرنا ما يحدث مؤامرة على الإسلام و مؤامرة على الدولة "الاسلامية" بتركيا ووجدنا إعلامياً بالجزيرة يدعي ان المتظاهرين سكارى يشربون الانخاب في صحة اتاتورك و أن إسرائيل تدعمهم ووجدنا منافقاً للإخوان بجريدة خاصة يشرق علينا بمقالات مسخرة لسب و قذف المتظاهرين و الحديث عن كونهم مدعومين من الصهاينة و معظمهم علويين ، لقد عانى الأتراك منا الكثير و لعلي بكتابي هذا أصحح قليلاً من الغائب و أطرح بعضاً مما حدث لعل و عسى أن نفيق. محمود عرفات.. 5-7-2013