قوات الاحتلال تقتحم مدينة قلقيلية فى الضفة الغربية    القوى والفصائل الفلسطينية : الأولوية في الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي ورفع الحصار عن قطاع غزة    "بوليتيكو": أوروبا تتأرجح بين الأمل والخوف مع لقاء ترامب وبوتين    "يكتب اسمه على القميص".. مايو حكما لمباراة الزمالك والمقاولون في الدوري    نبيل الكوكي: تركنا الاستحواذ لهذا السبب.. وننتظر المزيد من لاعبي المصري    جدو: لدينا أزمة في استغلال الفرص.. والبدايات دائما صعبة    ليلى علوى: الحمد لله أنا كويسة ومحبتكم نعمة من عند ربنا (فيديو)    محمود سعد: أرقام تحاليل أنغام تتحسن لكن موصلتش لمرحلة الخروج من المستشفى    "أكذوبة سياسية وخرافة قديمة"، كيف رد الأزهر ودار الإفتاء على تصريحات وهم "إسرائيل الكبرى"    طريقة عمل سلطة التبولة بمذاق مميز ولا يقاوم    «هتستلمها في 24 ساعة».. أماكن استخراج بطاقة الرقم القومي 2025 من المولات (الشروط والخطوات)    #رابعة يتصدر في يوم الذكرى ال12 .. ومراقبون: مش ناسيين حق الشهداء والمصابين    سعر اليورو اليوم الجمعة الموافق 15 أغسطس 2025.. كم سجلت العملة الأوروبية في البنوك؟    لو اتكسر مصباح السيارة هتعمله من غير ما تروح للميكانيكي: دليل خطوة بخطوة    رسميًا بعد قرار البنك الأهلي.. حدود السحب والإيداع اليومي من البنوك وال ATM وإنستاباي    نجم الأهلي السابق يكشف سر غضب الخطيب.. وهذه رسالتي ل ريبيرو    بيراميدز يخوض ودية جديدة استعدادا للمواجهات المقبلة في الدوري    خالد الغندور: تفاصيل اقتراب عودة أحمد فتوح للتدريبات الجماعية بعد مباراة المقاولون    السيطرة على حريق بمخزن بتروكيماويات في بلبيس بالشرقية    حبس المتهمين بمطاردة سيارة فتيات على طريق الواحات 4 أيام    محامي فتاتي طريق الواحات يطلب من النيابة إجراء كشف المخدرات على الشباب الأربعة    بحوزتهم أسلحة بيضاء.. أمن القليوبية يضبط طرفي مشاجرة في الخصوص    رسميًا بعد التأجيل.. موعد بدء العام الدراسي الجديد 2025-2026 للمدارس بالجزائر    بالأسماء.. إصابة 12 مصريا وروسي الجنسية في تصادم على طريق الساحل الشمالي بالعلمين    نائب محافظ مطروح يتفقد قافلة «الخير» بقرية أبو زريبة بالسلوم ويعقد حوارًا مجتمعيًا مع الأهالي    رسميًا ..مد سن الخدمة بعد المعاش للمعلمين بتعديلات قانون التعليم 2025    من الأطباء النفسيين إلى اليوجا.. ريهام عبد الغفور تكشف ل يارا أحمد رحلة تجاوز الفقد    رئيس دينية الشيوخ: وثيقة القاهرة خطوة استباقية لمواجهة سيل فتاوى الذكاء الاصطناعي المغرضة    «اللهم ارزقنا لذة النظر إلى وجهك الكريم».. دعاء يوم الجمعة ردده الآن لطلب الرحمة والمغفرة    رسميًا الآن.. رابط نتيجة تنسيق رياض أطفال 2025 محافظة القاهرة (استعلم)    هترجع جديدة.. أفضل الحيل ل إزالة بقع الملابس البيضاء والحفاظ عليها    تناولها يوميًا.. 5 أطعمة تمنح قلبك دفعة صحية    مكافآت أمريكية ضخمة للقبض على 5 من أخطر تجار المخدرات في المكسيك    32 شهيدًا في غزة حصيلة العدوان الإسرائيلي خلال ساعات    القانون يحدد ضوابط استخدام أجهزة تشفير الاتصالات.. تعرف عليها    بعد موافقة النواب.. الرئيس السيسي يصدق على قانون التصرف في أملاك الدولة    ظهرت الآن، نتيجة المرحلة الأولى لرياض الأطفال بمحافظة القاهرة    "بعد اتهامها بتجارة الأعضاء".. محامي زوجة إبراهيم شيكا يكشف لمصراوي حقيقة منعها من السفر    تعرف على عقوبة تداول بيانات شخصية دون موافقة صاحبها    النائبة أمل سلامة: المرأة تعيش عصرها الذهبي.. والتأثير أهم من العدد    بالصور| نهضة العذراء مريم بكنيسة العذراء بالدقي    وزير البترول يكلف عبير الشربيني بمهام المتحدث الرسمي للوزارة    ثقافة الفيوم تصنع البهجة في الشواشنة بفعاليات فنية وثقافية متنوعة.. صور    حدث بالفن| ناقدة تهاجم بدرية طلبة ونجم ينفي شائعة انفصاله عن زوجته وفنانة تثير الجدل    طرائف الدوري المصري.. لاعب بيراميدز يرتدي قميص زميله    ستيفان مبيا: محمد صلاح كان يستحق الفوز بالكرة الذهبية في السنوات الماضية    كالاس: مشروع "E1" يقطع الصلة بين شمال وجنوب الضفة الغربية    تخطيط فرنسي، إحباط محاولة انقلاب عسكري في مالي (فيديو)    جرس إنذار والملابس لا تبرر.. أزهري يعلق على حادث طريق الواحات    لأول مرة بمجمع الإسماعيلية الطبي.. إجراء عملية "ويبل" بالمنظار الجراحي لسيدة مسنة    الأوقاف: تجارة الأعضاء جريمة شرعية وأخلاقية.. والتبرع جائز بشروط صارمة    رمضان عبد المعز يحذر من السرعات الجنونية وحوادث الطرق: "المتهور يقتل نفسه والآخرين"    الإعلام المصرى قوى    هل دفع مخالفة المرور يسقط الإثم الشرعي؟.. أمين الفتوى يجيب    رمضان عبد المعز: الإسلام جاء لرعاية مصالح الناس وحماية الأرواح    شعبة مواد البناء: سعر طن الحديد أعلى من قيمته العادلة في مصر ب16 ألف جنيه    درة تاج الصحافة    الإصدار الثانى عاد ليحكى الحكاية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بسام الهلسه : أمل دنقل .. بلسانٍ عربي مُبين
نشر في البديل يوم 09 - 06 - 2011

* من بين الكثيرين من شعراء الستينيات العرب الذين قرأت لهم- سواء من استمروا منهم في الكتابة، أو توقفوا، أو توفوا- تحتفظ ذاكرتي بالقليل من أسمائهم، وأقل منها ما أذكره من قصائدهم. والشاعر المصري أمل دنقل واحد من هؤلاء القليلين الذين ظلوا في البال رغم مفارقته للحياة في العام 1983م عن ثلاثة وأربعين عاماً من العمر أمضى السنوات الأخيرة منها مكابداً لداء السرطان الذي أودى به.
وكان لرحيله المبكر وقعٌ مؤثر حزين آنذاك في الأوساط الأدبية العربية، وبخاصة لدى الشباب العربي الساخط على معاهدة الصلح المصرية- (الإسرائيلية) التي وقعت في “كامب ديفيد” في العام 1979م، وعلى التقاعس العربي إزاء اجتياح الجيش (الإسرائيلي) للبنان في صيف العام 1982م.
فإذا كانت الأوساط الأدبية –والشعرية منها بخاصة- قد عرفت أمل دنقل كشاعر الرفض والاحتجاج، وصوت المُهَمَّشين المتمرد الصارخ منذ قصيدته “البكاء بين يدي زرقاء اليمامة” التي كتبها ونشرها غداة هزيمة حزيران- يونيو 1967م، فإن الشبَّان العرب المنشغلين بالشأن العام في سبعينيات القرن الماضي، قد عرفوه كرافض للصلح مع العدو، ولتمزيق الأخوة العربية على مذبح السلام المزعوم مع (إسرائيل). وكانت قصيدته “لا تصالح”-التي استعار فيها وصِيَّة كُليب لأخيه الزير سالم كما روتها السيرة الشعبية- تتداول على نطاق واسع، إلى جانب أغاني الشيخ “إمام عيسى” لقصائد “أحمد فؤاد نجم” التحريضية, في إعلام ولقاءات قوى وتيارات المعارضة العربية، كصيحة إصرار على المقاومة حتى تسترد الأمة حقوقها وكرامتها:
لا تصالح
لا تصالح على الدم حتى بدم
لا تصالح
ولو قيل رأس برأس
أكلُّ الرؤوس سواء؟
أقلبُ الغريب كقلب أخيك؟
أعيناه عينا أخيك؟
وهل تتساوى يدٌ
سيفها كان لَكْ
بيدٍ سيفها أثكلكْ؟
* * *
هذا الجيل من الشباب المصري والعربي، الممتلئ بطاقة الغضب وأحلام التغيير، هو الذي حال دون تمكين أجهزة وأبواق السلطة من فرض التعتيم على الشاعر العصي على الإنسياق، الذي قدِمَ إلى القاهرة من محافظة “قِنا” في جنوب مصر. وتكفلت منابر ودور النشر العربية خارج مصر –وبخاصة في بيروت- بطباعة أعماله وإيصال صوته النابض بالحرقة إلى حيث يجد من يستمع له ويحتفي به، حتى صار أكثر شعراء مصر -في وقته- انتشاراً وشعبية، إذا ما استثنينا شعراءها بالمحكية، كأحمد فؤاد نجم و عبدالرحمن الأبنودي و فؤاد حداد صاحب “الأرض بتتكلم عربي قول الله”، و صلاح جاهين الذي قوَّضت فاجعةُ هزيمة حزيران روحه، فتحول من رائعته الخالدة:
“راجعين بقوة السلاح
راجعين نحرر الحِمى
راجعين كما رجع الصباح
من بعد ليله مظلمه”
إلى تسليته اللاهية التي غنَّتها سعاد حسني:
“خللي بالك من زوزو”!
* * *
عاش الشاعر الأسمر النحيل الذي أطلق عليه والده خرِّيج الأزهر، الشيخ “فهيم دنقل”، اسم “محمد أمل” من باب التفاؤل والإستبشار عند ولادته في العام 1940م، عمراً قصيراً. لكنه كان كافياً ليقول فيه كلمته التي أودعها في دواوينه التي إبتدأ بنشرها منذ العام 1969م: “البكاء بين يدي زرقاء اليمامة”، “تعليق على ما حدث”، “مقتل القمر”، “العهد الآتي”، “أقوال جديدة عن حرب البسوس”، و”أوراق الغرفة 8′′.
قالها، كصعيدي عنيدٍ آتٍ من أعماق الجنوب إلى القاهرة التي تجاهلته مؤسساتها، فتجاهلها. وكرَّس صوته لإخوته المقهورين “الذين يعبرون في الميدان مطرقين”، كما كتب ذات مرة، مُستعيراً روح ونداء “سبارتاكوس” قائد ثورة العبيد الشهير في الإمبراطورية الرومانية:
” مُعلّقٌ أنا على مشانق الصباح
وجبهتي –بالموت- مَحْنِيَّة
لأنني لم أُحنِها حَيَّة ”
وقال كلمته، كمصري عروبي، ليس في مواقفه القومية كتلك التي تحدثنا عنها وحسب، بل وفي تكوينه المعرفي الأول الذي ورثه عن والده وتراث مكتبته الأدبي العربي، وفيما عبّر عنه في قصائده التي استوحت الشخصيات والقصص التاريخية والأسطورية العربية: (عنترة، زرقاء اليمامة، الزير سالم، الزباء، المتنبي ...) لتحميلها مضامينه ورؤاه المعاصرة. فأكد بذلك على الهوية العربية لقصيدة “التفعيلة” التي كانت مثقلة برموز وشخصيات الأساطير اليونانية تأثراً بالشاعر الإنجليزي الأميركي “ت. س. إليوت” صاحب “الأرض اليباب” (The waste land).
هذا التأكيد على الهوية العربية -بروحها وملامحها الحضارية الخاصة- كان انعكاساً لوعي وإرادة تيارٍ صاعدٍ في الستينيات من القرن الماضي، شغله سؤال “الأصالة والمعاصرة”، فسعى إلى ترجمة ذاته في أشكال وأجناس التعبير الادبي والفني المتعددة، في مواكبة للنهوض التحرري العربي المتأجج في تلك السنوات العاصفة. وكان نِتاجُ “أمل” الشعري، واحداً من المساهمات المميزة لتطلعات هذا التيار الفكرية والجمالية.
* * *
لكن الشاعر الذي امتلك العزيمة على تحدي تقلبات السياسة في عهد “السادات”، فثابر على التعبير عن رؤيته المبدئية، لم يقو على مواجهة داء السرطان الفتَّاك...
ففي الغرفة رقم (8) في مستشفى “المعهد القومي للأورام” في القاهرة، توقف قلب أمل عن الخفقان ومضى في الحادي والعشرين من شهر أيار- مايو 1983م.
أما كلماته وأشعاره, فلم تمضِ معه, فقد قالها بلسانٍ عربي مُبِين..
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.