ظاهرة البلطجة في مصر كان لا يمكن تخيل أنها تضاف إلى قوة النظام السابق ، وتكون من أقوى أدوات الثورة المضادة ، كان البلطجية أداة فعالة في أيدي مرشحي مجلس الشعب في مصر منذ سنوات ، ولكنها لم تكن بتلك الكثافة والوقاحة التي حدثت في انتخابات مجلس الشعب المصري عام 2010 ، بل كانت يتم التنسيق بين البلطجية والشرطة لإتمام التزوير على أكمل وجه ! ، وعندما قامت الثورة لم يكن يتخيل أحد ولا في أفلام الرعب والخيال السياسي أن تتم موقعة الجمل ، واستخدام البلطجية للنيل من الثوار المحتشدين في ميدان التحرير ، ولم يتخيل أحد أن يتم سحب الشرطة وأن يحتل مصر البلطجية بتلك الصورة المفزعة ، لقد ظهرت شريحة في المجتمع تسمى البلطجية ، تلك الشريحة تتزايد كل يوم ، وتهز وجدان الشعب المصري على أبناءه ، وللأسف ساهمت الشرطة والجيش في تزايد تلك الشريحة وتغلغلها في المجتمع بصورة غريبة لم تحدث في مصر من قبل ، منذ انسحاب الشرطة التاريخي وإعلان الجيش في بيانه أن يحمي المواطن نفسه ، تكونت الكثير من اللجان الشعبية في الشوارع ، ورأينا كم كبير من العصي والسنج والسيوف والسواطير والشوم في أيدي شباب لم يتعود على حملها ، ولكن ألتصق في ذهنه منذ تلك اللحظة قانون البلطجة لحماية نفسه وعائلته ، وساهمت الشرطة في انتشارها البطيء ، بل وتواجدها المائع في الأقسام إلى ترسيخ حالة البلطجة في البلد ، الكل يشعر الآن أن الشرطة لن تحمي أحد ولن تأخذ حق أحد ، بل تساهم في انتشار الجرائم من خلال تراخيها المتعمد حتى تكبد الشعب الثائر الخوف وعدم الأمان ، انتقاما منه على ثورته وتحديه لهيمنة وجبروت الشرطة ، من يقرأ عدد الجرائم من قتل وسرقة واغتصاب منذ الثورة حتى الآن يعلم جيدا أن البلد ليس بها شرطة ترهب أحد ! ما حدث في إستاد القاهرة في مباراة الزمالك مع الترجي التونسي خير دليل على غياب الأمن وتهاون الشرطة السافر ، من يطلب 122 كي تنقذه من بلطجية لن يرد عليه أحد ، من يذهب إلى قسم شرطة لن يحدث سوى مجرد محضر يلقى على المكتب ولن يتحرك أحد ، نحن في حالة عصيان أمني من الشرطة ، جعل شعور البلطجة يتضخم في النفوس الضالة دون خوف ، وجعل غالبيه شعب مصر يحمل مختلف الأسلحة لحماية نفسه ، ومن يشك في ذلك يسأل عن مبيعات الأسلحة سواء النارية أو البيضاء وتزايد شراءها المستمر ، مصر مازالت تحت وطأة النظام السابق بتهاون الشرطة والقضاء ، وطيور الظلام التي تخطط لزرع الفوضى والخوف ( فلول الحزب الوطني وأمن الدولة ( الوطني ). الثورة بدون قوة تحميها حتى الجيش أصبح الناس يشكون في نواياه من جراء تهاونه مع فلول النظام السابق ، ثورة مصر لم تكتمل بعد ، لأن النظام السابق مازال مسيطرا على مصر من عده جهات وعلى عدة محاور ، والتساؤلات تؤرجح يقين الناس بكل القوى السياسية في مصر ، لماذا لا يتم القبض على البلطجية في البلد رغم وجود أسماءهم وعناوينهم في مختلف ربوع مصر لدى عدة جهات ( الشرطة – الحزب الوطني – أمن الدولة ؟ ، لماذا يتم زرع فكر البلطجة بين شباب مصر عن طريق حماية النفس نتيجة لعدم وجود الشرطة ؟ ، كل يوم يزداد يقين المواطن بأن يحمل سلاح لحماية نفسه وأهله لأنه لا مفر من ذلك ، من رأى قضية ابنة أخ السادات المختطفة وكيفية استعادتها بتلك السرعة ، يسأل نفسه وبقية المختطفات والمغتصبات التي لم يتحرك أحد للقبض على الجناة من يعيد لهم حقهم سوى ذويهم ! نعود في كل طريق إلى نهاية واحدة ، لابد أن يحمل كل مواطن سلاح لحماية نفسه ، وتلك الفكرة التي ساهمت في تزايد المشاجرات وجرائم القتل لأتفه الأسباب نتيجة وجود السلاح بغزارة مع المواطنين ، واستخدامه فورا ، فلا توجد شرطة ولا يوجد رادع سوى قانون الغابة الذي ساد ربوع مصر ، لابد أن نخرج من فكرة البلطجة التي سيطرت على وجدان الشعب كله ، وتنتج مزيدا من البلطجية الذين في أول طريق البلطجة وربما تأتي نهايته سريعا في لحظة غضب! لابد أن تعي كل قيادات مصر أنه لابد من القضاء على فكرة البلطجة التي تسيطر على عقول الكثير من الشعب نتيجة عدم وجود قانون رادع سوى قانون الغابة ، لن يحدث أي تطور اقتصادي أو سياسي أو اجتماعي في مصر دون أمان ، لابد من القبض على المسجلين خطر فورا من خلال سجلات الشرطة لردع بقية البلطجة وأشباه البلطجية ، وكي لا يستمر النظام السابق في ألعابه القذرة ، لابد من مجلس رئاسي ينتمي بالفعل إلى الثورة المصرية العظيمة حتى يقضي بالفعل على قوة النظام السابق ، ويبدأ بالفعل عهد الثورة ، والذي بدأ الناس يشكون أصلا بقيام الثورة وسط تراكم الفساد وتحكمه في مجريات الأمور في البلد ، ورغم صحوة ثوار مصر بالمظاهرات الطاهرة لابد أن تتضافر كل القوى السياسية الشريفة في اتجاه مجلس رئاسي يكون ضربة قاسمة للنظام السابق ، ومصر ستظل دائما بخير بحب أبناءها واستعدادهم بالتضحية من أجل رخائها