انتقد الفريق "عبد الفتاح السيسى"، القائد العام للقوات المسلحة، رد فعل الولاياتالمتحدة بشدة، متهما إياها بتجاهل الإرادة الشعبية المصرية وتقديم الدعم الكافى وسط تهديدات بالحرب الأهلية، وذلك فى أول حوار له منذ الإطاحة بالرئيس المعزول "محمد مرسى" الشهر الماضى مع صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية. وقال "السيسى"، متحدثا عن الحكومة الأمريكية بغضب "لقد تركتم المصريين ورفضتم مساعدتهم، وهم لن ينسوا لكم ذلك، فهل تريدون الآن مواصلة هذا؟". وذكرت الصحيفة أنه رغم أن "السيسى" يعطى خطابات فى بعض الأحيان إلا أنه نادرا ما يجلس لإجراء حوارات، ولكنه قدم شرحا تفصيليا لمدة ساعتين الخميس الماضى، عن سبب قرار الإطاحة ب"مرسى"، مشيرة إلى أن "السيسى" أعرب عن أسفه العميق من عدم تبنى الولاياتالمتحدة لهذا القرار. وأضافت الصحيفة أن تصريحات "السيسى" تعتبر مقياسا لسبب ابتعاد إدارة الرئيس الأمريكى "اوباما" عن كلا الطرفين فى مصر المستقطبة وغير المستقرة بشكل كبير، فجماعة الإخوان المسلمين تتهم واشنطن بقبول الإطاحة ب"مرسى". وأشارت الصحيفة إلى أن "السيسى" تحدث فى نفس اليوم الذى أدلى فيه وزير الخارجية "جون كيرى" بالتصريحات الأكثر تأييدا حتى الآن من الحكومة الأمريكية، حيث قال إن الجيش المصرى كان يستعيد الديمقراطية، وأن ملايين المصريين طلبت منه التدخل". وقال "السيسى" إن المأزق بين الرئيس السابق والشعب نشأت من مفهوم جماعة الإخوان المسلمين للدولة، والايدولوجية التى اعتمدوها لبناء البلاد، والتى تقوم على استعادة الامبراطورية الدينية الإسلامية، وهذا ما جعل "محمد مرسى" ليس رئيسا لكل المصريين، بل رئيس يمثل مؤيديه واتباعه. وأضاف "كان هذا واضحا منذ اليوم الاول – يوم تنصيبه – حيث بدأ بالإساءة إلى القضاء "، مؤكدا أن تجربة حكم الإخوان للبلاد كانت متواضعة جدا، إن لم تكن غائبة، وأن الجيش تعامل مع الرئيس بكل الاحترام الواجب لرئيس اختاره المصريون. وتابع "كنا حريصين جدا على نجاح مرسى، وإذا أردنا أن نعارضه أو عدم السماح له بالقدوم لحكم مصر لكنا فعلنا أشياء فى الانتخابات، كما اعتادت ان تكون الانتخابات مزورة فى الماضى"، وأضاف "لسوء الحظ، الرئيس السابق اختار معارك مع جميع مؤسسات الدولة تقريبا". وشدد "السيسى" على أنه عندما يكون الرئيس فى صراع مع كل مؤسسات الدولة، فإن فرص نجاحه ستكون ضئيلة جدا، وأن "مرسى" كان يحاول استدعاء المؤيدين من الجماعت الدينية، مشيرا إلى أن لديهم (جماعة الإخوان المسلمين) وجودا دوليا فى أكثر من 60 دولة حول العالم، مضيفا أن الفكرة التى تجمعهم ليست القومية ولا الوطنية أو شعور بالبلد، هى ليست سوى ايدولوجية ترتبط تماما بمفهوم المنظمة. وعند الحديث عن قلق الولاياتالمتحدة تجاه الاعتصامات فى رابعة وميدان النهضة قال "السيسى" "نحن حقا نتساءل، أين دور الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبى وجميع القوى الدولية الاخرى التى تهتم بسلامة وأمن ورفاهية مصر؟ هل تمارس قيم الحرية والديمقراطية حصريا فى بلادكم، والبلدان الأخرى ليس لديها الحق فى ممارسة نفس القيم ويتمتعون بنفس البيئة؟ هل رأيتم العشرات من الملايين من المصريين التى نادت بالتغيير فى ميدان التحرير؟ ما هو ردكم على هذا؟". وعندما سألته الصحيفة عما فعلته الولاياتالمتحدة فى مصر، قال السيسى "أين الدعم الاقتصادى لمصر من الولاياتالمتحدة؟ حتى فى السنة التى كان الرئيس السابق فى منصبه، وأين كان الدعم الأمريكى لمساعدة البلاد لاستعادة اقتصادها والتغلب على احتياجاتها؟". وأضاف "أريد أن أقول إن أهم إنجاز فى حياتى هو التغلب على هذا الظرف، لضمان أن نعيش فى سلام، والعمل على خارطة الطرق التى وضعناها، وأن نكون قادرين على إجراء الانتخابات القادمة دون إراقة قطرة دم مصرية واحدة". وعندما سؤاله عما إذا كان سيرشح نفسه للحكم، قال له السيسى "أنت فقط لا تستطيع أن تصدق أن هناك أناس لا يطمحون فى السلطة"، مضيفا "عندما يحبك الناس، هذا هو الشئ الأكثر أهمية بالنسبة لى، معاناة الناس فى مصركثيرة جدا، وهناك الكثير منهم لا يعرفون حجم هذه المعاناة، أنا أكثر الناس إدراكا لحجم المشاكل فى مصر، وهذا هو السبب لسؤالى: أين دعمكم؟". وعند سؤاله هل يعتقد أنه كان من الممكن أن تقوم حرب أهلية إذا لم يتدخل الجيش قال "اعتقد أنه لو أننا لم نتدخل، لكانت تحولت إلى حرب أهلية، وأخبرت مرسى نفس الشئ قبل أربعة أشهر من مغادرته"، وأضاف "ما أريدك أن تعرفه أنت والقارئ الأمريكى هو أن هذا شعب حر ثار ضد حكم سياسى جائر، وأن هذا الشعب الثائر يحتاج دعمكم". وطالب "السيسى" الولاياتالمتحدة بأن تستخدم نفوذها على الإخوان المسلمين والتأثير عليهم لحل هذا الصراع، مشيرا إلى أن من سيقوم بتنظيف هذه الميادين وفض الاعتصامات ليس الجيش، وأن هناك شرطة مدنية يتم تعيينها لهذه الواجبات، وهناك أكثر من 30 مليون نزلوا إلى الشوارع يوم 26 يوليو ليعطوه الدعم، وأنهم ينتظرون منه أن يفعل شيئا. وعند سؤاله عن الضمانات التى تريدها الولاياتالمتحدة بأن الجيش لن يحكم مصر وأنه يريد العودة لمعسكراته، قال السيسى "سجل كلماتى وخذها على محمل الجد:"الجيش المصرى يختلف عن الجيوش الأخرى فى جميع أنحاء العالم".