إنها أرض الفيروز، تلك البقعة المباركة التى كلم الله عليها موسى، ومهد الأديان، تواجه اليوم حربا شديدة ضد الإرهاب الأسود، يقف رجال مصر ثابتين وبكل قوة وبلا عجز أو خوف لا يعرفون من أين يأتى الرصاص، ولكنهم عاهدوا الله على حماية الوطن. تشهد سيناء بعد 30 يونيو هجمات شرسة من العناصر الإرهابية والمتطرفة، ولكن هذا لم يكن جديدا بل كان يحدث منذ اندلاع ثورة يناير ولكن الجديد هو التعامل الأمنى بعد خلع "مرسى". استطلعت "البديل" آراء أهالى وبدو سيناء حول الحالة الأمنية، فضلا عن تعاون البدو مع الجهات الأمنية فى التصدى للإرهاب. قال العميد رشدى غانم، رئيس مباحث العريش الأسبق ومن أهالى سيناء، إن المشهد الآن فى شمال سيناء بدأ يتضح، بعد أن كان مجهولا ولا نرى من خلاله وضوح حول رؤية الدولة فى مواجهة الإرهاب والتطرف بهذه المنطقة الحدودية الخطيرة، ولكن بعد 30 يونيو وغياب حكم جماعة الإخوان المسلمين والرئيس المعزول مرسى؛ لأنه كان يغل يد القوات المسلحة أن تمارس مهامها فى غلق الانفاق ومطاردة العناصر المتطرفة، بل كان الرئيس نفسه مدعما لها بعد قرارات العفو على العديد من المتورطين فى قضايا إرهاب، فضلا عن السماح للعائدين من افغانستان والشيشان وتركيا والعراق وغيرهم. وأضاف "غانم" أن شمال سيناء تشهد الآن انطلاقة حقيقة نحو التطهير بدأت بغلق الجيش للانفاق مع قطاع غزة والتى كانت منفذا جيدا ومصدر قوى للمخدرات والأسلحة والعناصر المسلحة والخارجين عن القانون، فالجيش قام الآن بأولى وأهم الخطوات من تجفيف منابع الإرهاب ومصادره، مؤكدا أن الهجوم الذى يحدث على المواقع الأمنية بشكل متكرر يوميا من قبل الجماعات المتطرفة، ماهو إلا إشارة بأن هذه الجماعات الخانق ضاق على رقبتها، وأن المعركة التى يقودها الجيش باستخدام طائرات الاباتشى والتى استهدفت الكثير من البؤر الاجرامية ماهى الا معركة النفس الاخير مع هؤلاء الارهابيين. وأوضح "غانم" أنه بخبرته الأمنية فى العمل فى شمال سيناء فضلاعن كونه ابن العريش، أنه لن يتبقى فى هذه المواجهات سوى مجموعات وفصائل بسيطة تعرف بالخلايا النائمة، فضلا عن تلك الخلايا التى تسخدمها منظمة فتح فى العريش، ولكن كل هذه العناصر المرتزقة والمتطرفة تم رصدها وستنحصر قريبا. أما عن أهالى سيناء، قال إن معظم القبائل تدعم الجيش فى مواجهاته، كما تريد أن تطمئن هذه القبائل ايضا من خلال إسقاط تلك الأحكام الغيابية والجنائية المأخوذة ضدهم والتى أغلبها "ظلم". بينما يختلف معه الشيخ نعيم جبر، المنسق العام لقبائل شمال سيناء، الذى يرى أن الوضع الأمنى فى شمال سيناء متأزم جدا، وغير كاف لموجهة الارهاب والتطرف بالمحافظة الحدودية الواسعة، ويجب اتخاذ خطوات عملية للتنمية وتوفير فرص عمل كافية للشباب، والقضاء على البطالة التى تدفع هؤلاء الشباب لأحد الطريقين إما الإدمان والمخدرات وإما الإرهاب والتطرف الدينى. وشدد على ضرورة تحقيق المصالحة الحقيقية الشفافة بين الدولة وبين أبناء سيناء من خلال حل مشكلة الأحكام الغيابية التى صدرت ضد المئات من المواطنين السيناويين، لانها احكام نتيجة لقضايا تم تلفيقها ظلما وصدر بناء عليها أحكام جائرة، ومن ثم على الدولة أن تقوم بعفو شامل وكامل على أبناء سيناء. ونفى "جبر" تلك الاتهامات التى توجه إلى بدو سيناء بأنهم غير متعاونين مع القوات المسلحة والشرطة فى القبض على المجرمين، وأنهم يتستروا على تلك العناصر التى تهاجم الأمن، مؤكدا أن البادية خدمت القوات المسلحة فى كل الحروب التى خاضتها، وهى الحامية للبوابة الشرقية الشمالية لمصر، التى جاء منها جميع الغزاة والمستعمرين، مستنكرا كل هذه الاتهامات ووصفها بالباطلة. وأضاف "جبر" أن الأوضاع لن تستقر بسيناء إلا لو استقرت بالجمهورية باكملها، مشيرا أنه طالما قلب مصر ضعيف اى "القاهرة" ومايحدث بها من اشتباكات وحوادث متكررة وعدم استقرار، ومن ثم فالاطراف ستكون ضعيفة أيضا، فلابد من حل الأزمة السياسية التى تواجه العاصمة والانتباه للأطراف، مؤكدا أن الاخوان المسلمين ليس لهم علاقة بالتفجيرات التى تتم فى شمال سيناء، بل عناصر لا تنتمى من قريب أو بعيد لأبناء وقبائل سيناء. وأكد على أهمية المصالحة وأن حل الأزمة الأمنية فى سيناء لن تحققه فقط المدرعات والمجنزرات والاباتشى، بل يحتاج إلى حل سياسى فى المقام الأول. بينما يرى الشيخ أحمد عايد، من قبيلة الحويطات أن أهالى سيناء يشعرون بعد 30 يونيو وتلك العمليات العسكرية التى يقوم بها الجيش مع الشرطة بأن الدولة المصرية استعادت سيادتها على سيناء من جديد، وأنها تستطيع بكل قوة القضاء على الإرهاب الأسود، وهذا الشعور أعاد للسيناوية ثقتهم فى مؤسسات الدولة من جديد، وأنها لم تعد تقوم بتهميشهم ومن ثم فالتعاون بين البدو والجهات الأمنية فى مواجة الخطر واحد. وطالب "عايد" مشايخ البدو بأن يلعبوا دورا مهما فى تلك المرحلة العصيبة التى تمر بها البلاد، بعدما أعلنت القوات المسحلة حربها على الإرهاب، مستنكرا تلك الشائعات التى تفترض أن البدو هم من يرفعون السلاح فى مواجهة الأمن وهذا غير حقيقى، بل البدو يقوموا بدور وساطة فى كثير من الأوقات حتى لاتهدر دماء كثيرة، ويصل إلى حلول باقل خسائر تحت إشراف الجيش والشرطة. ويتفق معه خالد عرفات، أمين حزب الكرامة بشمال سيناء أن القوات المسلحة والشرطة تواجة عمليات إرهابية وقتلة ومجرمين، يروعون المواطنين، وكانوا يسعون إلى القضاء على السيادة المصرية، وأن يقوضوا سلطة الدولة وأمنها على المحافظة، مؤكدا انهم كأهالى العريش وبالرغم من تلك الهجمات المتكررة التى يروح ضحيتها شهداء الواجب من العناصر الامنية، إلا أن المحافظة تشعر بالتواجد الأمنى لأول مرة وأنه فى تحسن منذ اندلاع ثورة 25 يناير وتلك الفوضى التى شهدتها البلاد فى حكم مرسى. وأشار "عرفات" أنه قبل 30 يوينو كان أهالى شمال سيناء يشعرون بغياب الدولة وعدم إحكام قبضتها الأمنية، وكانت تتم عمليات أمنية غير مكتملة وغير مستمرة، ولكن بعد عزل مرسى والتخلص من تلك الإرداة السياسية التى كانت ضعيفة ومقوضة لدور الجيش، أما ما يحدث الآن هو مواجهات حاسمة وقوية، من قبل الجيش والشرطة للقضاء على هذه البؤر الاجرامية والارهابية . وأضاف "عرفات" أنه بالرغم من أنه مازالت هناك بعض البؤر فى شرق العريش ووسط سيناء، إلا أنه تم القضاء على جزء كبير منها، والجديد فى المشهد هو تغيير وجهة نظر المجتمع السيناوى ورؤيته تجاه هؤلاء المجرمين، واصبحوا يرونهم فقط مجرد مرتزقة إرهابين وممولين من الخارج؛ من أجل تنفيذ مشروعات صهيوامريكية، وزالت تلك الصورة المأخوذة عنهم بانهم متديين ويرفعون شعارات إسلامية. واستطرد: هذا التغيير والتحول فى وجهة نظر المجتمع ورؤيته لهؤلاء المجرمين، يلعب دورا كبيرا فى تعاونهم مع قوات الجيش والشرطة من أجل التخلص من الإرهاب ومواجهته، لأنه من الطبيعى أن يحدث هذا التكاتف بين المجتمع المدنى ومؤسساته مع الجهات الأمنية حتى تؤتى هذه الحملات ثمارها بالنجاح. رشدى غانم: إرهابيو سيناء يخوضون مع الجيش معركة النفس الأخير منسق عام قبائل سيناء: الحل الأمنى غير كاف ولابد من مصالحة قبيلة الحويطات: أهالى سيناء يشعرون بالأمان نسبيا بعد 30 يونيو