"الإرادة الشعبية ".. العزة والكرامة المصرية.. ما أخذ بالقوة لن يسترد إلا بالقوة، مفاهيم رسخت فى وجدان الشعب المصرى منذ أن أطلقها عبد الناصر. ما أشبة اليوم بالبارحة، فعندما شعرت أمريكا بقوة وعزيمة الإرادة المصرية بعد 25 يناير ومروا ب 30 يونيو ومواجهتها لحليفهم الاسترايجى الجديد فى المنطقة وهم جماعة الإخوان المسلمين، وقررت أن توقف تسليم طائراتf16،وهو نفس الموقف الذى اتخذه الامريكان ورفضها تسليح مصروبعدها أعلن عبدالناصر صفقة الأسلحة السوفيتية في سبتمبر 1955. وترد واشنطون بإعلان جون فوستر دالاس وزير خارجية أمريكا سحب تمويل بلاده لمشروع السد العالي في يوليو 1956 لتتطور الأحداث ويؤمم عبدالناصر قناة السويس لينفق من عائدها علي بناء السد العالي. وتبدأ المعركة الحقيقية بين مصر وأمريكا.. وتتعرض مصر للعدوان الثلاثي، ولكن ناصر ينتصر وينطلق في عدائه لأمريكا التي تتحرك ضده في مشروعه الرائع «الجمهورية العربية المتحدة». وترصد «البديل» موقف الأمريكان مع عبد الناصر والسيسى وقراءة فى المشهد الحالى المصرى، وكيفية التغلب عليه كما فعل عبد الناصر فى الخمسينات : من خلال آراء عدد من السياسيين يقول السفير حسين هريدى -مساعد وزير الخارجية الأسبق ومدير إدارة اسرائيل الأسبق- أن ماحدث بالأمس فى أمريكا أكثرمن تلك القرارات التى تم إعلانها بوقف تسليم الأربع طائرات f 16، بل إن الكونجرس الأمريكى يبحث الآن قرار تقسيم المساعدات لمصر على أربع فترات، ويتم الموافقة على تسليم كل فترة بناء على شهادة من وزارة الخارجية الأمريكية تؤكد فيها أن مصر تسير على خطى الديمقراطية. وأضاف "بهذه القرارات دخلت مصر فى إطار المساعدات المشروطة، بدليل تصريح أحد زعماء الكونجرس الأمريكى قائلا: "إننا سنوافق على تقديم المساعدة حسب المعايير الأمريكية وليس المصرية". وأشار هريدى أن ماحدث فى عهد عبد الناصر ووقف الأسلحة الأمريكية ثمار نجنيها الآن عزة وكرامة، مؤكدًا أن عهد عبد الناصر نجح فى بناء دولة حرة ومستقلة، وعدم الخضوع للكيان الأمريكى، وأراد عبد الناصر وقتها بناء جيش قوى، وبناء على مافعله بالأمس فلدينا اليوم جيش وطنى مستقل نفخر به. وقال "يتبقى السؤال الآن بعد موقف الأمريكان أمس بوقف تسليم طائراتf16، هل هذه العلاقات بالنمط الحالى تخدم المصالح المصرية أم لا، بالإضافة إلى سؤال أنفسنا، هل نريد أن نصبح دول مستقلة حرة أم لا؟ هل هناك ثورة شعبية حقيقية قامت أم لا؟. وأضاف " أريد أن تعيد الدولة فكرة تسليح الجيش المصرى من مصادر أخرى، خاصة أن سوق السلاح العسكرى مفتوح أمام الجميع، وعلى الدولة المصرية توفير 8 مليار قيمة هذه المساعدات الأمريكية من ميزانيتها الخاصة من أجل استرداد كرامتنا المصرية وحرية قرارنا ،التى لا يمكن شراؤها بثمن". وأكد أن ما أعلنته الإدارة الامريكية أمس بوقف تسليم الطائرات ليؤكد على أن الغرب وجدوا فى الإخوان عملاء لهم ينفذون ما يطلبه الغرب، وكل ما نراه الآن هو مجرد مناورات لإعادة الإسلاميين إلى الحكم من جديد والإفراج عن الرئيس المعزول مرسى، وعدم اعتقالهم وإعادة الديمقراطية من جديد. أما ريهام باهى-أستاذ العلاقات الدولية كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ،جامعة القاهرة- فتقول " تهديد أمريكا بوقف صفقة الأسلحة، لأنها لا تمتلك سلاحًا آخر تضغط به على الحكومة المصرية، ولكنها لا تعلم أن الشعب المصرى لايقبل بعد ثورة يناير أن يلوى أحد ذراعه وبالأخص لو كانت أمريكا، لأنه قال كلمته بوضوح برفض هذه التبعية الأمريكية. وأضافت أن هذه المحاولات من وقف المعونات العسكرية ماهى إلا مناورات يقوم بها الرئيس الأمريكى الذى وضع رهانه على حكم الإخوان فى المنطقة باعتبارهم حليفًا قويًا ينفذ مخططاتهم فى المنطقة، ويرغب أوباما فى تحسين صورته داخليا، بعد الصورة السلبية التى أصبحت مأخوذة عن الأمريكان فى مصر. وأشارت إلى أن الكونجرس الأمريكى يعلم جيدا أن فكرة المساعدات الأمريكية لم تعد تفيد كورقة ضغط، وأنها ليست مؤثرة بل هى تفيد الولاياتالمتحدة أكثر مما تفيد مصر، وقطعها هو ضد المصالح الأمريكية بشكل أساسى ، لأن الأمريكان لا يستطيعون أن يفقدوا مصر كحليف استراتيجى. أما عن المقارنة بين موقف الأمريكان لوقف التسليح فى عهد عبد الناصر والآن مع الفريق السيسى، قالت:"فى كلا الحالتين، مع عبد الناصر والفريق السيسى هناك تشابه كبير، حيث يحظيان بتأييد شعبى جارف، ومن ثم فهذا يخلق بعدا جديدا للمعادلة السياسية الأمريكية المصرية، التى يجب عليها أن تعى إرادة الشعب المصرى وأنه لم يعد يقبل الذل والمهانة. وأكدت أن دعوة السيسى للملايين للنزول غدا لتأييد حربه على الإرهاب، هو دراية بأهمية وجود الشعب فى هذه المعادلة، فالأمريكان لا بد أن يروا أن هناك أصواتًا أخرى غير رابعة، وتوصيل كلمة الشعب بأنه لن يقبل تلك الضغوط التى تمارسها أمريكا. بينما يرى اللواء د.نبيل فؤاد -أستاذ العلوم الاستراتيجية- أن الفرق بين وقف التسليح فى عهد عبد الناصر مختلف عن وقفه فى عهد الفريق السيسي ، لأنه فى الخمسينات كان العالم يعيش فى ظل قوتين عظميين. أما الآن، فالعالم أصبح يعيش فى عالم شبه قطبية أحادية، لكن البيئة العامة مختلفة، لأن السلاح الحالى التى تستخدمه مصر هو أمريكى، وليس من السهولة الفكاك منه، لأن هناك قطع غيار حديثة لا تتوافر إلا لدى الولاياتالمتحدةالأمريكية. ومن ثم يجب أن نحافظ على هذه المصادر، وبالرغم من أننا اخذنا درس جيد عام 1972 عندما طرد السادات الخبراء الروس ، وخرجنا بعد حرب 1973 بدرس مهم وهو تنويع مصادر السلاح، إلا أننا للأسف عدنا مرة أخرى للاستقطاب وأصبحنا فى التسليح إلى جانب أمريكا قلبا وقالبا. أما فيما يتعلق بقرار تعليق تسليم الأمريكان للطائراتf16، فهو يجب أن نقرأه فى إطاره الصحيح، وجاء لتهدئة المعارضة، والكونجرس الذى اكتشف منذ 30 يوينو أن الواقع مختلف تماما عما صورته آن باترسون بأن حلفاءهم من الإخوان المسلمين يسيطرون على المشهد السياسى فى مصر، ومن ثم فالولاياتالمتحدة لم تلغ الصفقة بل علقتها لحين وضوح الرؤية فى المشهد السياسى. أما عن أهمية تنويع مصادر السلاح، فأشار قائلا: "هو قرار يجب أن تتخذه الدولة المصرية ولا يشترط أن تعلن عنه، وإذا أرادت اتخاذه فيجب عليها أن تدبر الميزانيات اللازمة لتعويض نسبة 1.2 مليار دولار قيمة المساعدات التى تحصل عليها القوات المسلحة من الأمريكان، حتى يمكنها أن تنفتح على سوق السلاح العالمى. وأكد أن هذا السوق أصبح مفتوحًا أمام الجميع، فروسيا أصبحت على استعداد لبيع الأسلحة لمن يدفع أكثر، ففى الخمسينات كانت تدفع على "النوتة"، وعلى هيئة قروض وكانت عملية البيع تحكمها فكرة العقيدة لدى السوفييت من حيث رغبتها فى استقطاب حلفاء لها من دول أخرى تعتنق الشيوعية، أما الآن فروسيا تتعامل مع بيع الأسلحة من منطلق اقتصادى بحت. وأكد فؤاد، فبرغم قرار تعليق تسليم الطائرات والتلويح بمنع المساعدات إلا أن مايحدث الآن بين مصر وأمريكا مجرد "حبل " يشده الأمريكان ولكن سيرخونه بعد فترة. السفير حسين هريدى: تصريحات أمريكا دليل على أن مصر دخلت فى إطار المساعدات المشروطة ريهام باهى: كل من السيسى وعبد الناصر يلقيان دعمًا شعبيًا فى مواجهة الأمريكان بعد وقف التسليح اللواء نبيل فؤاد: الولاياتالمتحدة لم تلغ الصفقة بل علقتها لحين وضوح الرؤية فى المشهد السياسى