مقالات الثورة وميدان التحرير (13) من نعم الثورات على الشعوب أنها تفتح الباب لإعادة كتابة التاريخ و لمراجعة الأساطير المزيفة صناعة السلطة . ولقد كانت واحدة من أساطير عهد ” مبارك ” انه بطل حرب أكتوبر “صاحب الضربة الجوية”. ولعل مشكلة الفريق “الشاذلي” الذي تمر الذكري الأربعين لرحيله أن الرجل في وجوده و آرائه وسلوكه كان تحديا لهذه الأسطورة المزيفة.فأراد نظام السادات/ مبارك بأبواقه الدعائية محو سيرته من التاريخ . وهكذا جرى ما اتضح أخيرا أنه واحدة من أشهر عمليات التزييف التي لم تتورع عن إعادة تركيب الصور الرسمية الفوتوغرافية والتلاعب بها . وقد تورط في هذ الجريمة المشرفون على مشروع “بانوراما أكتوبر ” و قيادات صحف قومية وكتاب ومؤرخون للعسكرية المصرية . لكن ثمة قضايا أخرى لا تقل خطورة وأهمية في سيرة الفريق ” الشاذلي” رئيس أركان الجيش في حرب أكتوبر وما جرى له على أيدي رفاقه وتلاميذه أو من هم في حكمهم . فالرجل يمثل استثناءا إيجابيا في رواية قصة حرب أكتوبر .وعلى خلاف زملائه وتلاميذه استطاع ممارسة النقد لأداء القيادة العسكرية في هذه الحرب وعلى رأسها القائد الأعلى ” السادات “. وقبلها كان في غرفة عمليات الحرب الرجل الذي لديه شجاعة قول ” لا ” . وكل ذلك يتناقض مع ثقافة الطاعة والإذعان للرتبة الأعلى وللقائد الأعلى في المؤسسة العسكرية المصرية . كان للرجل منطقه الوطني الذي تنطلق منه كلمة ” لا ” . ومثلما قالها في القيادة العسكرية كررها لاحقا في السلك الدبلوماسي عندما اعترض على اتفاقات كامب ديفيد عام 1978 ، والتي وجد فيها تنكرا لدماء شهداء حرب 1973 و تفريطا في السيادة . لا أحد يستطيع ان يمنع المصريين من المقارنه بين محاكمة الفريق ” الشاذلي” عسكريا وسجنه في عقد التسعينيات بدعوى اصداره كتابا ينطوي على إفشاء اسرار حرب اكتوبر وبين حماية المجلس الأعلى للقوات المسلحة الآن ل”مبارك” المتهم بجرائم قتل شعبه وسرقته ورفض لو مجرد محاكمته امام القضاء المدني . وهي مقارنه مؤلمة وأظنها كاشفه أيضا لما جرى و مانحن فيه الآن بعد ثورة 25 يناير . وأسألوا عن رجال ” نعم” أولئك الذين يعلون الولاء لشخص ” القائد ” و ” الرئيس ” فوق الولاء للمؤسسة والوطن. كارم يحيى صحفي بالأهرام في 30 مارس 2011 @ مقالات ” الثورة وميدان التحرير ” و ” الأهرام .. تمرد في الثكنه ” و “الشبيهان : سيرة مزدوجة لمبارك وبن على ” و مقالات ودراسات أخرى عن الصحافة المصرية على موقع جريدة ” البديل ” الالكتروني .