قالها ذات مرة أحد المحللين السياسيين : إن فوز الإخوان في مصر هو أكبر خسارة لهم ! و بالفعل هذا ما حصل ، و بدأ المشروع السلفي-الإخواني بالسقوط و التدهور في عموم البلاد العربية بدءاً من مصر ، و ساهمت الأزمة المصرية في تغيير آراء الكثيرين من أبناء مصر تجاه سورية و فضل الكثيرون الجيش السوري على عصابات المتطرفين المسلحين. قد يكون الأمر غريباً ، إلا أن العامل الأكبر في بداية تغير النظرة المصرية تجاه سورية ليس ما يحصل في سورية بل ما يحصل في مصر نفسها ، فمواقف و تصرفات الإخوان المسلمين و السلفيين بشكل عام بعد وصولهم إلى الحكم أظهرت نفاقهم و تطرفهم و لاقت أغلب آرائهم الرفض التام من قبل المجتمع المصري الذي رفض تجنيد المصريين و إرسالهم للقتال في سورية ، و مجرد وقوف دعاة التطرف ضد الجيش و الدولة في سورية كان سبباً كافياً للتأثير في الرأي العام المصري الذي وجد الأمر مثيراً للشبهات. أيضاً قناة الجزيرة التي لطالما دعمت الحراك المسلح في سورية إعلامياً و عسكريا أثارت غضب الشارع المصري بسبب وقوفها إلى صف الإخوان و إطلاقها ألفاظاً مشابهة لتلك التي اعتمدتها في سورية مثل (كتائب السيسي) ، و تم طرد مراسليها و إغلاق مكتبها في ميدان التحرير يوم الثورة 30 يونيو/حزيران. و كانت مشاركة سوريين معارضين إلى جانب الإخوان في تجمعات مؤيدة لمرسي عاملاً بالغ التأثير في الرأي العام المصري خصوصاً بعد اتباعهم العنف ، حيث أصيب 6 سوريين أثناء دفاعهم عن مقر الاخوان في الاسكندرية و تم إلقاء القبض على اثنين في القاهرة أثناء مشاركتهم في الاشتباكات مع المتظاهرين أحدهما مسلح. أما فيما يتعلق بالسياسيين و الإعلاميين ، لوحظ تغير كبير في آراء الكثيرين منهم ، فالتيارات الناصرية دعت إلى الوقوف إلى جانب الدولة السورية ضد الاعتداءات الإسرائيلية ، و من تابع الإعلامي باسم يوسف العام الماضي و هذا العام سيجد اختلافاً كبيراً في مواقفه رغم استمرار معارضته للدولة السورية ، حيث تسائل في إحدى حلقاته عن سبب قيام مرسي بافتتاح مهرجان لدعم ما يسمى "الثورة السورية" بعد يومين من القرار الأمريكي بتسليحها. و وصل التطور في المواقف إلى الكثير من الكتاب الصحفيين و المحليين السياسيين و رسامي الكاريكاتير مثل الرسام (عمرو عكاشة) ، و انعكس الأمر بشكل واضح على الصفحات المصرية على فيسبوك التي وقف الكثير منها إلى جانب الدولة السورية مثل صفحة (ائتلاف 19 مارس – الأغلبية الصامتة) و أغلب الصفحات المؤيدة للمرشح الرئاسي السابق و القيادي الحالي في جبهة الإنقاذ حمدين صباحي و كذلك أنصار البرادعي. و يوماً بعد يوم تتكشف معالم التوجهات السياسية المقبلة في مصر و العالم العربي ، حيث تقف التيارات المدنية و العلمانية في وجه تيارات الإسلام السياسي و الحرب بينهما إما سياسية مع بعض الاشتباكات كما يحدث في مصر و تونس أو عسكرية كما يحصل في سورية ، * تم النشر بالتعاون مع التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة