"الدم المصري حرام" عبارة كثيرًا ما نسمعها على شاشات التلفاز ونستشيط جنونًا حال تفقد وجودها على أرض الواقع، فلا نجد إلا أرقاما جديدة من القتلى والمصابين، خاصة في ظل الخطاب الديني المتطرف الذي يحث الأخرين على أن يرموا بأنفسهم غلى التهلكة، ويجروا البلاد معهم لحرب أهلية على شفى الوقوع في نارها. لجأت "البديل" إلى مؤسسة الأزهر المشهود لها بالوسطية والاعتدال ودرء الفتن، وأخذ التأصيل الديني للحالة الفوضوية التي تشهدها مصر حاليًا، وسبل الخروج الأمن منها، من أساتذة وعلماء تربوا على أسس وتعاليم الدين الإسلامي الصحيحة. حيث قال الدكتور السعيد محمد علي السعيد، مدير البحوث والدعوة بوزارة الأوقاف، إن مايشهده الشارع المصري أمر مؤسف، ونحن في حاجة الى إعمال العقل جيدًا في كثيرًا من الامور، مستشهدًا بقول الله تعالى "ياأيها الذين آمنوا إذاضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا". وأضاف "من خلال الأية السابقة يتضح لنا ضرورة أن يعيش المصريين حقيقة الواقع، وأن يتبينوا قبل فعل أي شئ، فالواقع يشير أن ما نشهده حاليًا ما هو إلا خلاف سياسي بين شخص مرغوب فيه من طرف و مكروه من الطرف الأخر، وهو الأغلبية، ويجب على الجميع مراعاة ذلك الأمر واحترام الشرعية الشعبية إذا ما أردنا درء الفتنة". وتابع مدير البحوث والدعوة بوزارة الأوقاف، "أذكر الجميع بحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال.. ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رءوسهم شبرا.. رجلأ أم قوم وهم له كارهون، ولذلك انصح بعدم التمسك بالمنصب الذي من وراءه ينتج سفك الدماء والاعتداء على الممتلكات وترويع الأمنين، كما أنصح المؤيدين بأن يفيقوا ويبصروا مواقع أقدامهم ويغلبوا المصالح العليا للبلاد على المصالح الشخصية والحزبية". ووجه السعيد رسالة لجميع المصريين مفادها "الدين أبقى والوطن باق وعلينا أن نكون اوفياء لديننا ووطننا مصر، فهم ينتظران التنازل عن المصالح الدنيوية وأغراضها للاهداف العليا، كما أدعو الجميع الى التسامح والتصالح حتى يعم الأمن أرجاء البلاد". من جانبه يرى الدكتور حامدالفقي، وكيل كلية الشريعة والقانون بطنطا، أن الله ورسوله حرموا على المرء أن يضر نفسه ويعرضها للخطر، مستشهدًا بقول الله تعالي "ولاتلقوابأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين". وأكد الفقي أن جميع مؤسسات الدولة لها قدسية وحرمة يجب أن تحترم، خاصة المؤسسات العسكرية التي لها طبيعة خاصة في التعامل معها، ويمنع أي محاولة لاقتحامها، لأنها تضر بهيبة الدولة، ومن يقوم بذلك يعد متجاوزا ويباح مقاومته ومنعه استاندًا للشريعة الاسلامية. ودعا الفقي، إلى ضرورة التهدئة خلال المرحلة الحرجة التي تشهدها مصر في الوقت الراهن، وعدم إعطاء الفرصة لبث الفتنة وجر البلاد إلى حالة من الحرب الأهلية، قائلا "الاسلام يدعوننا أن نكون رحماء ولا يكون بيننا عنف أو شجار وقتال، أو أن يسب المسلم غيره". وانتقد وكيل كلية الشريعة والقانون بطنطا، الخطاب واللهجة الهجومية والحكم على الاشخاص في دينهم بالباطل، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم "أيما رجل قال لأخيه يا كافرفقد باء بها أحدهما". فيما أكد الدكتور محمد الأمير،عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بفرع جامعة الأزهر بالمنصورة، أن ما تشهده شوارع مصر ومؤسساتها الأن من سفك للدماء ما هي إلا أمور حرمتها الشريعة الاسلامية. واستشهد الأمير، بالحديث النبوي، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال، رأيت رسول الله يطوف بالكعبة ويقول :"ما أطيبك وأطيب ريحك ما أعظمك وأعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك، ماله ودمه وأن نظن به إلا خيراً"مشيرًا إلى أن حديث رسول الله أن تلك الافعال تعرض صاحبها لإثم كبير. ودعا الأمير إلى تغليب مصلحة الوطن على المصالح الفردية، بقوله "يجب أن يتقي كل إنسان الله في بلده ووطنه، فمصر حماها الله، وجندها خير أجناد الأرض، وعلينا أن نحكم عقولنا في إدارة الأمور، ولنعلم أن الفتنة إذا استمرت قد تقضي على الأخضر واليابس".