اليوم.. البرلمان يناقش تعديل قانون الإجراءات الجنائية    «المستشفيات التعليمية» توقع بروتوكول تعاون مع جامعة المنصورة الجديدة لتدريب طلاب الطب    رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 2-10-2025 في البنوك    أسعار الخضروات اليوم الخميس 2-10-2025 في قنا    إيلون ماسك يقترب من عتبة أول تريليونير في العالم    محافظ أسيوط: ربط إلكتروني بين الوحدات المحلية وجهاز تنمية المشروعات لتيسير إجراءات تراخيص المحال ودعم الاستثمار    وزيرة التنمية المحلية فى جولة مفاجئة لمنظومة جمع قش الأرز بالدقهلية والقليوبية    خارجية الاحتلال تعلن بدء إجراءات ترحيل ركاب أسطول الصمود إلى أوروبا    من غزو العراق إلى غزة| كيف عاد توني بلير إلى قلب المشهد الفلسطيني؟ رئيس الوزراء البريطاني الأسبق يظهر مجددًا عبر خطة أمريكية تثير الشكوك    لماذا يحدث الإغلاق الحكومي الأمريكي؟    رابطة الأندية توضح سبب عدم معاقبة جماهير الزمالك وحسين الشحات بعد القمة 131    راموس بعد إسقاط برشلونة: نحن الأبطال ويجب أن نثبت ذلك في الملعب    الزمالك يصرف جزءا من مستحقات اللاعبين اليوم    مصطفى عبده يكشف تفاصيل اجتماع الخطيب مع لاعبي الأهلي قبل القمة    إصابة 10 أشخاص في انقلاب سيارة ربع نقل بحدائق أكتوبر    النشرة المرورية.. كثافات متوسطة للسيارات بمحاور القاهرة والجيزة    موقع وزارة التربية والتعليم.. التقييمات الأسبوعية عبر هذا الرابط    وفاة الشيخ بشير أحمد صديق كبير القراء فى المسجد النبوى عن عمر ناهز 90 عاما    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 2 أكتوبر 2025 فى المنيا    هل الممارسة الممنوعة شرعا مع الزوجة تبطل عقد الزواج.. دار الإفتاء تجيب    الصحة تكشف 4 خطوات بسيطة للوقاية من الاكتئاب وتحسين المزاج اليومي    «الرعاية الصحية» توافق على إنشاء وحدتين لزراعة النخاع بمجمعي الأقصر الدولي والسويس الطبي    مصرع وإصابة 11 شخصا إثر حريق هائل يلتهم عقارًا في فيصل    موعد مباراة روما وليل في الدوري الأوروبي    مصرع شخص وإصابة 5 في حادث انقلاب ميكروباص بالشرقية    3 شهداء و13 مصابًا في قصف إسرائيلي على خيام النازحين بدير البلح    قصور الثقافة تعلن مد فترة استقبال الأعمال المشاركة بمسابقة النصوص الدرامية القصيرة جدا    وزير الخارجية يؤكد تضامن مصر الكامل مع السودان ودعم سيادته ووحدة أراضيه    كوبا تخطف نقطة من إيطاليا وصعود الأرجنتين فى كأس العالم للشباب.. فيديو    السودان: سنجري مراجعة تفصيلية لملف السد الإثيوبي    «الداخلية»: القبض على مدرس بتهمة التعدي بالضرب على أحد الطلبة خلال العام الماضي    معركتك خسرانة.. كريم العدل يوجه انتقادات حادة لمخرج فيلم «اختيار مريم»: انتحار فني كامل    أودي تعتزم طرح أول سيارة إس.يو.في ذات 7 مقاعد العام المقبل    ترامب يقرر اعتبار أي هجوم على قطر هجومًا على أمريكا    احتجاجات شبابية تتصاعد في المغرب.. مقتل شخصين خلال هجوم على مركز أمني    سعر سبيكة الذهب اليوم الخميس 2-10-2025 بعد الارتفاع الكبير.. بكام سبيكة ال10 جرام؟    البابا تواضروس الثاني يترأس قداس تدشين كاتدرائية الأنبا أنطونيوس والأرشيدياكون حبيب جرجس بأسيوط الجديدة    شركة مايكروسوفت تطلق "وضع الوكيل الذكي" في 365 كوبايلوت    المسرح المتنقل يواصل فعالياته بقرية نزلة أسطال بالمنيا    بلاغ أم يقود لضبط مدرس متهم بالاعتداء على طفل فى الأهرام    عبدالله مجدي الهواري: «بحب الفن ونفسي أبقى حاجة بعيد عن اسم أمي وأبويا»    الدكتور محمود سعيد: معهد ناصر قلعة الطب في مصر وحصن أمان للمصريين    دعاء صلاة الفجر ركن روحي هام في حياة المسلم    زكريا أبوحرام يكتب: الملاك الذي خدعهم    4 أهداف.. تعادل مثير يحسم مواجهة يوفنتوس أمام فياريال بدوري أبطال أوروبا    رئيس مجلس المطارات الدولي: مصر شريك استراتيجي في صناعة الطيران بالمنطقة    حماية العقل بين التكريم الإلهي والتقوى الحقيقية    تحذير لهؤلاء.. هل بذور الرمان تسبب مشاكل في الجهاز الهضمي؟    الحمل بيحب «الروايات المثيرة» والحوت «الخيالية».. ما نوع الأدب الذي يفضله برجك؟    «مقتنعوش بيه».. ماجد سامي: كنت أتمنى انتقال نجم الزمالك ل الأهلي    حل 150 مسألة بدون خطأ وتفوق على 1000 متسابق.. الطالب «أحمد» معجزة الفيوم: نفسي أشارك في مسابقات أكبر وأفرح والدي ووالدتي    محافظ الشرقية يكرّم رعاة مهرجان الخيول العربية الأصيلة في دورته ال29.. صور    السكر القاتل.. عميد القلب السابق يوجه نصيحة لأصحاب «الكروش»    تسليم 21 ألف جهاز تابلت لطلاب الصف الأول الثانوي في محافظة المنيا    أحمد موسى يوجه رسالة للمصريين: بلدنا محاطة بالتهديدات.. ثقوا في القيادة السياسية    أرسنال بالعلامة الكاملة في الإمارات ينتصر بثنائية على أولمبياكوس    مدير معهد ناصر: اختيار المعهد ليكون مدينة طبية لعدة أسباب ويتمتع بمكانة كبيرة لدى المواطنين    «التضامن الاجتماعي» بالوادي الجديد: توزيع مستلزمات مدرسية على طلاب قرى الأربعين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عريب الرنتاوي: معادلة "رابعة العدوية": الجماعة مقابل الجميع
نشر في البديل يوم 08 - 07 - 2013

لم يترك المرشد العام محمد بديع في خطابه "الجهادي" في ساحة رابعة العدوية في القاهرة، مكاناً للتسويات والمصالحات.. فقد قطع "شعرة معاوية" ودفع المواجهة بين الإخوان وخصومهم، إلى "حافة الهاوية"، أو بالأحرى، نقطة اللاعودة، وهو بعد أن أمر أنصار الجماعة ونشطائها البقاء في الميادين حتى عودة الرئيس مرسي إلى القصر الجمهوري محمولاً على الأعناق، رسم لنفسه وجماعته، هدفاً لا يمكن تحقيقه إلا بتكسير إرادة (= ورؤوس) غالبية المصريين ومؤسستهم العسكرية والأمنية.. وأحسب أن هذا ليس من السياسة ولا من الحكمة في شيء، ولقد دفع المصريون عشرات القتلى ومئات الجرحى، كعربون أول من الثمن الذي سيتعين عليهم دفعه، بعد دعوات "الشهادة" و"بذل الأرواح والدماء"، التي صاحبت استحضار بعض الأكفان إلى ميادين التظاهر "السلمي"؟!
دفع المرشد المواجهة إلى ذروة "المفاصلة" بين الجماعة وحلفائها من الإسلاميين وحدهم، في مواجهة بقية أطياف المجتمع المصري ومكوناته، فضلاً عن مؤسسات الدولة من عسكرية وأمنية وقضائية وإعلامية ومدنية.. جعل من جماعته بؤرة استقطاب من لون واحد فقط، فيما بقية الأولوان والأطياف، تصطف على المقلب الآخر من المعادلة المصرية.. وأحسب أن عاقلاً ما كان يرتضي للإخوان (أو يرتضون لأنفسهم) مثل هذا التصنيف والفرز: الجماعة في مواجهة الجميع.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد صدر "أمر العمليات" لكافة فروع الإخوان وتنظيماتهم خارج مصر، للانتصار إلى الجماعة الأم في مهد الجماعة ووطنها الأول.. فرأينا التظاهرات والاعتصامات ووسائل الإعلام المحسوبة عليها، تصدع بما تؤمر.. من أنقرة وإسطنبول وانتهاء بعمان وغزة، مروراً بكابول وتونس والرباط وغيرها من ساحات العمل الإخواني وميادينه، فأية رسالة يُراد إيصالها؟ ولمن؟
لن يكون لمصر جيش وطني إن عاد محمد مرسي إلى القصر الجمهوري رغم أنف المؤسسة العسكرية.. ولن تحتفظ مصر بأقباطها ولن يشعروا بمصريتهم إن عاد الرئيس المعزول لموقعه بعد الحملة الخارجة عن المألوف التي شنّها الرئيس الإخواني على رمزهم ورئيس كنيستهم.. وستهبط مكانة الأزهر ومفتيه الأكبر إلى مستوى جامع بلال بن رباح وشيخه الطريد أحمد الأسير، إن تم لمرسي وإخوانه ما أرادوا وتعاهدوا عليه أمس الأول، في ميدان رابعة العدوية.. وسنقرأ على التعددية والديمقراطية السلام، إن تم تكسير إرادة كل هذه الملايين التي خرجت في مختلف الميادين والساحات منذ قبل وأثناء وبعد الثلاثين من يونيو.. باختصار لقد وضع المرشد المصريين أمام معادلة إما نحن أو أنتم.
لقد قال في وصف حشد رابعة العدوية بأنه يمثل مصر بكل أطيافها، وأتحدى أن تجد مصرياً واحداً من خارج الحزب والجماعة والجماعة الإسلامية وبعض تيارات السلفية الحليفة للإخوان، انبرى خلال الأسابيع القليلة الفائتة، للدفاع عن الإخوان والرئيس.. إذ حتى الذين أخذوا على الجيش خطواته، من خارج الصف الإخواني – السلفي، لم نجد منهم، من يثمن أو يشيد بتجربة الإخوان في الحكم، وتحديداً رئيسهم المنتخب.. هي إذن، ومرة أخرى، معادلة الجماعة في مواجهة الجميع.
في المقابل، وبعد كل التأكيدات والهتافات والأيمان الغلاظ التي قطعها المرشد على نفسه وجماعته أمام الجموع المحتشدة في رابعة العدوية، لن يبقى من الإخوان سوى "بقايا صور" إن هم تراجعوا عن موقفهم، وجنحوا للتسويات والصفقات في إطار خريطة الطريق التي بدأت تنفذ في "مصر ما بعد مرسي".. وأحسب أن قائمة للإخوان لن تقوم، إن هم عادوا إلى منازلهم، وشرعوا في تلبية دعوات الحوار والمشاركة والمحاصصة والنسب المئوية والتمثيل.. مثل هذا الأمر، سيكون ضربة قاصمة لسمعة الإخوان وهيبتهم وصدقيتهم ومستقبلهم.
لكأننا إذن، إمام قرار "انتحار جماعي"، يتخذه المرشد العام في لحظة غضب وانفعال شديدين.. كنا سنفهم الغضب ونقدر الانفعال، لولا أن الرجل قد قيّد نفسه وجماعته بهدف كرره عشرات المرات: الرئيس خط أحمر، وكل ما دونه قابل للتفاوض والحوار والمساومة.. وستكون لهذا القرار تداعيات على أمن مصر واستقرارها وسلمها الأهلي، يصعب التكهن بها، وما حصل في الساعات العشر التي أعقبت الخطاب، هزّ مصر، ورسم ملامح السيناريوات السوداء التي قد تنتظرها.
قد يراهن البعض على "إصلاحية" الإخوان و"براغماتيتهم"، وهم أصحاب تاريخ طويل في التنقل بين الخنادق والتحالفات والمحاور المتناقضة (نميري في السودان، والمجلس العسكري في مصر، والولايات المتحدة في زمني الحرب الباردة واليوم، ومعهم في مجلسهم الانتقالي في العراق، ومع الشيوعيين والبعثيين والقوميين والحكومات العرفية).. بيد أن طبيعة المعركة التي يخوضونها اليوم، تبدو من وجهة نظرهم، معركة حياة أو موت، ليس على مستوى مصر فحسب، بل وعلى مستوى المنطقة برمتها كذلك، ما يقلل من هوامش "البراغماتية" و"المناورة" خصوصاً بعد أن دفع خطباء رابعة العدوية، وعلى رأسهم المرشد، الصراع مع "الآخر" إلى مستوى "وجودي" غير مسبوق.
خسر الإخوان الحكم في مصر، ما يؤذن بخسارات متلاحقة لهم في الحكم والمعارضة في غير دولة ومجتمع في الإقليم.. بيد أن ردهم على خسارة الحكم، من حيث طبيعته وانفعالاته وشعاراته، قد يلحق بهم خسارات أكبر وأفدح على مستوى الشارع وعلاقاتهم ببقية المكونات السياسية والاجتماعية.. ولقد كان يتعين على الإخوان، أن يتبصرا في خياراتهم، السيئة جميعها من دون ريب، لولوج الطريق الأقل سوءاً وضرراً منها، لكنهم لم يفعلوا، فكان الربيع العربي الذي اصطبغ بألوانهم الخضراء، وبالاً عليهم، بعد أن أخذهم على جناحيه، إلى علياء الحكم والسلطة أو على مقربةٍ منهما، ولمدة عام واحد فقط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.