رئيس جامعة قنا يفتتح فعاليات المعرض الزراعي الثاني    برلماني: رسالة الرئيس السيسي للهيئة الوطنية للانتخابات تعزز الشفافية والنزاهة    انتخابات النواب 2025| مؤتمر جماهيري حاشد ل«حماة وطن» بالغربية    القومي للأشخاص ذوي الإعاقة يدشن مبادرة "إرادة وقيادة"    تراجع جديد في أسعار الذهب محليًا والأسواق تترقب حدثًا هامًا الخميس    وزير «الإسكان» يتابع موقف مشروعات المرحلة الأولى للمبادرة «حياة كريمة»    ما أهداف زيارة الرئيس الأوكراني لفرنسا؟    جلسة تصويت في مجلس الأمن الدولي على مشروع القرار الأمريكي بشأن غزة    وزير الخارجية يؤكد لنظيره السوداني رفض مصر الكامل لأي محاولات تستهدف تقسيم البلاد أو الإضرار باستقرارها    أبو الغيط: الحوار العربي- الصيني ضرورة استراتيجية في مواجهة تحولات العالم المتسارعة    تشكيل منتخب ألمانيا المتوقع أمام سلوفاكيا في تصفيات كأس العالم    موعد والقنوات الناقلة لمباراة مصر والرأس الأخضر    الزمالك يوضح حقيقة عروض احتراف البرازيلي بيزيرا    الداخلية تكشف تفاصيل تشويه وجه طالب في أسيوط| فيديو    شبورة كثيفة.. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس غدًا الثلاثاء    محافظ أسيوط: تشكيل لجنة لإنهاء إجراءات دفن 3 تلاميذ توفوا إثر حادث سير    جولة مفاجئة لوزيرالتعليم في مدارس كفر الشيخ    توم كروز يحصل على الأوسكار الفخرية بعد أربع ترشيحات سابقة    مدير متحف الهانجول الوطني بكوريا الجنوبية يزور مكتبة الإسكندرية    مدبولي: قطاع السياحة من أسهل وأسرع القطاعات التي توفر العملة الصعبة للبلاد    ريم مصطفى تعتذر عن المشاركة في مسلسل «أولاد الراعي»    مصلحة الجمارك: منظومة ACI تخفض زمن الإفراج الجمركي جوا وتقلل تكاليف الاستيراد والتصدير    الأهلي يستعيد قوته الضاربة الأربعاء استعدادًا لشبيبة القبائل    صندوق التنمية الثقافية ينظم محاضرة "نساء على عرش مصر" بالأمير طاز    انطلاق جائزة القراءة الكبرى لمكتبة الإسكندرية    محافظ كفر الشيخ: الكشف على 1626 شخصا خلال قافلة طبية مجانية فى دسوق    ضبط 137 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    مقتل عناصر عصابة شديدة الخطورة وإصابة ضابط بعد تبادل لإطلاق النار    مشروع ميادين خضراء بقلب المدن لتطوير وزيادة المسطحات الخضراء.. صور    جاتزو بعد السقوط أمام النرويج: انهيار إيطاليا مقلق    كوريا الجنوبية تقترح محادثات مع نظيرتها الشمالية لترسيم الحدود    «التضامن» تقر توفيق أوضاع 3 جمعيات في محافظتي القاهرة والمنيا    وزارة العمل: تحرير 437 محضر حد أدنى للأجور    محافظ بورسعيد يشيد بافتتاح المحطات البحرية بشرق المحافظة.. ويؤكد: نقلة كبرى تعزز مكانة مصر اللوجستية عالميًا    موعد شهر رمضان 2026 فلكيًا .. تفاصيل    إصابة أسرة في انقلاب دراجة بخارية بكورنيش النيل ببني سويف    الصحة تطلق برنامج «قادة الأزمات والكوارث» بالتعاون مع الأكاديمية الوطنية للتدريب    وزير الري يتابع تنفيذ مشروع إنشاء قاعدة معرفية للمنشآت الهيدروليكية فى مصر    بنجلاديش تعزز الأمن قبل الحكم على رئيسة الوزراء المخلوعة الشيخة حسينة    أسعار الذهب في مصر اليوم الإثنين 17 نوفمبر 2025    دار الإفتاء: فوائد البنوك "حلال" ولا علاقة بها بالربا    كلاكيت تاني مرة| منتخب مصر «الثاني» يواجه الجزائر وديًا اليوم    ضوابط استخدام وسائل الإعلام الحكومية في الدعاية الانتخابية وفق القانون    وزير الصحة يشهد الاجتماع الأول للجنة العليا للمسئولية الطبية وسلامة المريض.. ما نتائجه؟    جامعة الإسكندرية توقع بروتوكول تعاون لتجهيز وحدة رعاية مركزة بمستشفى المواساة الجامعي    لمواجهة الصعوبة في النوم.. الموسيقى المثالية للتغلب على الأرق    مواعيد مباريات اليوم الاثنين 17 نوفمبر والقنوات الناقلة    مسؤول بحرس الحدود يشيد باعتقال مهاجرين في كارولينا الشمالية رغم اعتراضات محلية    خدمات المصريين بالخارج على منصة مصر الرقمية.. استخراج وثائق رسمية إلكترونيا وتصديقها من القنصلية    لكل من يحرص على المواظبة على أداء صلاة الفجر.. إليك بعض النصائح    بعد صلاة الفجر.. كلمات تفتح لك أبواب الرحمة والسكينة    أحمد سعد: الأطباء أوصوا ببقائي 5 أيام في المستشفى.. أنا دكتور نفسي وسأخرج خلال يومين    رئيس شعبة الذهب: البنك المركزي اشترى 1.8مليون طن في 2025    الفجر 4:52 مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 17نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    السيطرة على حريق نشب في سيارة ملاكي و4 موتوسيكلات بأرض فضاء بالزاوية الحمراء    ترامب: أى دولة تتعامل تجاريا مع روسيا قد تُفرض عليها عقوبات    أحمد سعد يطمئن جمهوره: أنا بخير وقريبًا بينكم    أحمد صالح: محمد صبري كان موهوبًا ويرفض المجاملة والواسطة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عريب الرنتاوي: معادلة "رابعة العدوية": الجماعة مقابل الجميع
نشر في البديل يوم 08 - 07 - 2013

لم يترك المرشد العام محمد بديع في خطابه "الجهادي" في ساحة رابعة العدوية في القاهرة، مكاناً للتسويات والمصالحات.. فقد قطع "شعرة معاوية" ودفع المواجهة بين الإخوان وخصومهم، إلى "حافة الهاوية"، أو بالأحرى، نقطة اللاعودة، وهو بعد أن أمر أنصار الجماعة ونشطائها البقاء في الميادين حتى عودة الرئيس مرسي إلى القصر الجمهوري محمولاً على الأعناق، رسم لنفسه وجماعته، هدفاً لا يمكن تحقيقه إلا بتكسير إرادة (= ورؤوس) غالبية المصريين ومؤسستهم العسكرية والأمنية.. وأحسب أن هذا ليس من السياسة ولا من الحكمة في شيء، ولقد دفع المصريون عشرات القتلى ومئات الجرحى، كعربون أول من الثمن الذي سيتعين عليهم دفعه، بعد دعوات "الشهادة" و"بذل الأرواح والدماء"، التي صاحبت استحضار بعض الأكفان إلى ميادين التظاهر "السلمي"؟!
دفع المرشد المواجهة إلى ذروة "المفاصلة" بين الجماعة وحلفائها من الإسلاميين وحدهم، في مواجهة بقية أطياف المجتمع المصري ومكوناته، فضلاً عن مؤسسات الدولة من عسكرية وأمنية وقضائية وإعلامية ومدنية.. جعل من جماعته بؤرة استقطاب من لون واحد فقط، فيما بقية الأولوان والأطياف، تصطف على المقلب الآخر من المعادلة المصرية.. وأحسب أن عاقلاً ما كان يرتضي للإخوان (أو يرتضون لأنفسهم) مثل هذا التصنيف والفرز: الجماعة في مواجهة الجميع.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد صدر "أمر العمليات" لكافة فروع الإخوان وتنظيماتهم خارج مصر، للانتصار إلى الجماعة الأم في مهد الجماعة ووطنها الأول.. فرأينا التظاهرات والاعتصامات ووسائل الإعلام المحسوبة عليها، تصدع بما تؤمر.. من أنقرة وإسطنبول وانتهاء بعمان وغزة، مروراً بكابول وتونس والرباط وغيرها من ساحات العمل الإخواني وميادينه، فأية رسالة يُراد إيصالها؟ ولمن؟
لن يكون لمصر جيش وطني إن عاد محمد مرسي إلى القصر الجمهوري رغم أنف المؤسسة العسكرية.. ولن تحتفظ مصر بأقباطها ولن يشعروا بمصريتهم إن عاد الرئيس المعزول لموقعه بعد الحملة الخارجة عن المألوف التي شنّها الرئيس الإخواني على رمزهم ورئيس كنيستهم.. وستهبط مكانة الأزهر ومفتيه الأكبر إلى مستوى جامع بلال بن رباح وشيخه الطريد أحمد الأسير، إن تم لمرسي وإخوانه ما أرادوا وتعاهدوا عليه أمس الأول، في ميدان رابعة العدوية.. وسنقرأ على التعددية والديمقراطية السلام، إن تم تكسير إرادة كل هذه الملايين التي خرجت في مختلف الميادين والساحات منذ قبل وأثناء وبعد الثلاثين من يونيو.. باختصار لقد وضع المرشد المصريين أمام معادلة إما نحن أو أنتم.
لقد قال في وصف حشد رابعة العدوية بأنه يمثل مصر بكل أطيافها، وأتحدى أن تجد مصرياً واحداً من خارج الحزب والجماعة والجماعة الإسلامية وبعض تيارات السلفية الحليفة للإخوان، انبرى خلال الأسابيع القليلة الفائتة، للدفاع عن الإخوان والرئيس.. إذ حتى الذين أخذوا على الجيش خطواته، من خارج الصف الإخواني – السلفي، لم نجد منهم، من يثمن أو يشيد بتجربة الإخوان في الحكم، وتحديداً رئيسهم المنتخب.. هي إذن، ومرة أخرى، معادلة الجماعة في مواجهة الجميع.
في المقابل، وبعد كل التأكيدات والهتافات والأيمان الغلاظ التي قطعها المرشد على نفسه وجماعته أمام الجموع المحتشدة في رابعة العدوية، لن يبقى من الإخوان سوى "بقايا صور" إن هم تراجعوا عن موقفهم، وجنحوا للتسويات والصفقات في إطار خريطة الطريق التي بدأت تنفذ في "مصر ما بعد مرسي".. وأحسب أن قائمة للإخوان لن تقوم، إن هم عادوا إلى منازلهم، وشرعوا في تلبية دعوات الحوار والمشاركة والمحاصصة والنسب المئوية والتمثيل.. مثل هذا الأمر، سيكون ضربة قاصمة لسمعة الإخوان وهيبتهم وصدقيتهم ومستقبلهم.
لكأننا إذن، إمام قرار "انتحار جماعي"، يتخذه المرشد العام في لحظة غضب وانفعال شديدين.. كنا سنفهم الغضب ونقدر الانفعال، لولا أن الرجل قد قيّد نفسه وجماعته بهدف كرره عشرات المرات: الرئيس خط أحمر، وكل ما دونه قابل للتفاوض والحوار والمساومة.. وستكون لهذا القرار تداعيات على أمن مصر واستقرارها وسلمها الأهلي، يصعب التكهن بها، وما حصل في الساعات العشر التي أعقبت الخطاب، هزّ مصر، ورسم ملامح السيناريوات السوداء التي قد تنتظرها.
قد يراهن البعض على "إصلاحية" الإخوان و"براغماتيتهم"، وهم أصحاب تاريخ طويل في التنقل بين الخنادق والتحالفات والمحاور المتناقضة (نميري في السودان، والمجلس العسكري في مصر، والولايات المتحدة في زمني الحرب الباردة واليوم، ومعهم في مجلسهم الانتقالي في العراق، ومع الشيوعيين والبعثيين والقوميين والحكومات العرفية).. بيد أن طبيعة المعركة التي يخوضونها اليوم، تبدو من وجهة نظرهم، معركة حياة أو موت، ليس على مستوى مصر فحسب، بل وعلى مستوى المنطقة برمتها كذلك، ما يقلل من هوامش "البراغماتية" و"المناورة" خصوصاً بعد أن دفع خطباء رابعة العدوية، وعلى رأسهم المرشد، الصراع مع "الآخر" إلى مستوى "وجودي" غير مسبوق.
خسر الإخوان الحكم في مصر، ما يؤذن بخسارات متلاحقة لهم في الحكم والمعارضة في غير دولة ومجتمع في الإقليم.. بيد أن ردهم على خسارة الحكم، من حيث طبيعته وانفعالاته وشعاراته، قد يلحق بهم خسارات أكبر وأفدح على مستوى الشارع وعلاقاتهم ببقية المكونات السياسية والاجتماعية.. ولقد كان يتعين على الإخوان، أن يتبصرا في خياراتهم، السيئة جميعها من دون ريب، لولوج الطريق الأقل سوءاً وضرراً منها، لكنهم لم يفعلوا، فكان الربيع العربي الذي اصطبغ بألوانهم الخضراء، وبالاً عليهم، بعد أن أخذهم على جناحيه، إلى علياء الحكم والسلطة أو على مقربةٍ منهما، ولمدة عام واحد فقط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.