حمل خبراء ومفكرون الرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين وحلفاءها مسئولية مقتل 4 من الشيعة والتمثيل بهم في منطقة أبو النمرس بمحافظة الجيزة، مؤكدين أن مؤتمر "نصرة سوريا" وخطاب الرئيس فيه وعدد من المشايخ حمل تحريضا ضدهم في سوريا انعكس على الوضع الداخلي في مصر، وعزز ذلك عدم تدخل الشرطة لحماية الضحايا، بالإضافة إلى عدد من الخطب في مليونية "لا للعنف" التي نظمت من قبل الإسلاميين لتأييد الرئيس ضد مظاهرات 30 يونيو والتي حملت تكفيرا وإهدارا لدم معارضيه وجماعته، ما اعتبره عدد من العلماء خروجا عن الإسلام الصحيح المعروف بوسطيته وسماحته. ويرى د.عباس شومان، رئيس قسم الشريعة بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، إن الإسلام برئ مما حدث، مشيرا إلى أن الشريعة واضحة في تأكيدها على حرية المعتقد لكل الناس مهما كان، ومن ثم فإن دم جميع المصريين سواء سنة أو شيعة أو علمانيين أو إسلاميين حرام ، مؤكدا أن مقتل 4 من الشيعة أمس يعد عملا إجراميا بامتياز يوجب معاقبة المسئولين بعد تقديمهم للعدالة. وأضاف أن الرسول (ص) كان يتعامل مع الكفار واليهود في المدينةالمنورة رغم الإساءات التي كانوا يمارسونها ضده، ولم يحرض على استخدام العنف ضدهم أو قتلهم ،حتى المنافقين الذين يبطنون الكفر ويعلنون الإسلام رفض الرسول قتلهم، وقال عليه الصلاة و السلام عندما طلب منه أحد الصحابة أن يضرب عنق احد المنافقين رفض كي لا يقال أنه يقتل شخصا يقول " لا إله إلا الله "، وهو دلالة على سماحة الإسلام و أنه لا احد يملك وصاية الكشف عن قلوب الآخرين وعقائدهم، حتى أن الإمام عليّ رفض قتل الخوارج الذين خرجوا عليه. وأكد شومان أن الشيعة من المسلمين، حتى لو ارتكبوا ممارسات تسئ للإسلام من سب للصحابة أو حتى تكفير للسنة، فنقاوم هذه الممارسات بالأفكار وتوضيح خطأها ،ولكن لا يحق لأي إنسان أن يتهم آخر بالكفر، مطالبا الجهات التنفيذية بتقديم القتلة إلى العدالة، بالإضافة لقيام الأزهر بدوره التنويري في محاربة الفكر المتطرف. بينما يرى أبو العز الحريري، القيادي بحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، أن ما يحدث بمصر من جرائم طائفية وخاصة قتل الشيعة هو مخطط صهيوني أمريكي يقود تنفيذه الرئيس محمد مرسى و جماعة الإخوان المسلمين، بدليل تغطية الرئيس على كل عناصر الإرهاب بالمجتمع بإفراجه عن القتلة والإرهابيين وتجار المخدرات بقرارات عفو رئاسية ،وكأنه يجهزهم لمساعدته في معركته مع الشعب المصري. وأضاف أن ما حدث في أبو النمرس ما هو إلا نذير شؤم بعد أن دخلت مصر دوامة الاقتتال الطائفي بين السنة والشيعة وستجر البلاد إلى الأخطر ،ليتولد النزاع بين السلفيين والصوفيين ،ثم بين المذاهب الفقهية السنية المالكية والشافعية والحنفية ،ثم يصبح الاقتتال بين السلفيين والإخوان أنفسهم ولن يتوقف الدم طالما بدأ، وخاصة إذا كانت نوازعه دينية، لافتا إلى أن مؤتمر "نصرة سوريا" الذي أعلن فيه مرسي قطع علاقات مصر معها وإعلان دعم الجيش الحر كان موقفا طائفيا بامتياز الهدف منه كسب السلفيين في صفه لدعمه ضد تظاهرات 30 يونيو المقبلة. بينما يرى الدكتور محمد منير مجاهد، منسق حركة مصريون ضد التمييز أن الحادث طبيعيّ تحت مظلة دولة دينية يعمل عل ترسيخها جماعة الإخوان المسلمين، التي حمت نظامها الطائفي بدستور مشوه أعدته الجماعة وحلفاءها الإخوان وحلفائها، حذرنا مرارا من أنه سيهوي بالبلاد إلى مستنقع الاحتراب الأهلي والقتل على الهوية في ظل غياب سلطة الدولة المركزية في أغلب الأحيان بل وتواطؤها ودعمها في أحيان أخرى، وهو ما حدث بالفعل في جريمة "أبو النمرس" وحمّل الرئيس مرسى مسئولية قتل المواطنين المصريين الشيعة دون وجه حق ، بعد تحريضه ضدهم في "مؤتمر نصرة سوريا" الذي نظمته الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، بالإضافة إلى تأييده لمليونية رابعة العدوية، رغم ما حوته من تكفير للمواطنين المصريين وتحريض على قتلهم وسحقهم، مشيرا إلى أن هؤلاء المواطنين الشيعة كانوا يعيشون بالقرية منذ أكثر من 10 سنوات، أي أنهم من أبناءها وليسوا غرباء أو وافدين، ومن ثم شجع الخطاب الطائفي للرئيس على التجرؤ عليهم من قبل التكفيريين، مستنكرا عدم تدخل الشرطة لنجدة الشيعة، ما يشير بوضوح إلى تواطؤ لصالح القتلة. وفسّر مجاهد توقيت الحادث بكونه محاولة من جماعة الإخوان المسلمين لشغل الشعب المصري وتحويل أنظاره عن المشاركة في 30 يونيو، بالإضافة إلى محاولة ترسيخ فكرة الفرز الطائفي حتى ينقسم المجتمع إلى "إخوان و مصريين " وهذه طبيعة الأنظمة الفاشية التي تمنح لنفسها السيادة على الآخرين، محذرا من أن النموذج الطائفي لو ترسخ في مصر فستكون عواقبه وخيمة وأبشع بكثير مما جرى في العراق نظرا للطبيعة الديموجرافية المختلفة، حيث أن الشيعة أو السنة أو المسيحيين ليس لهم أماكن محددة يعيشون فيها مثل العراق، ولذلك فالعنف في ظل الذوبان السكاني هذا سيكون أشد. أما عن الرؤية الاجتماعية للجريمة ، تقول الدكتورة سامية خضر صالح، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة عين شمس، إن المجتمع المصري أصبح أرضا خصبة لمثل تلك الأحداث نتيجة الشحن الديني المستمر الذي يحاصر به الشعب في الخطب السياسية كالتي شهدتها مظاهرة يوم الجمعة الماضي لجماعة الإخوان المسلمين وحلفاءها التي شهدت تحريضا وشحنا دينيا ضد المختلفين مع الرئيس أو الجماعة، بالإضافة للقنوات الدينية الفضائية و المساجد والزوايا التي احتلها أصحاب الأفكار المتطرفة الغير متخصصين في الشريعة ولا يعلموا شيئا عن صحيح الإسلام الوسطى بسماحته المعهودة. وشددت على خطورة خلط الدين بالسياسية وتوجيه خطاب سياسي طائفي يؤيد فصيل ويهاجم آخر واعتبرته أحد الأسباب وراء الجريمة، مشيرة إلى أن مصر تقع الآن بين الفرقة والتقسيم و التي يلعب الجهل والفقر والأمية وقودا سريعا لاشتعالها في أي وقت، لأن هؤلاء البسطاء الذين تغسل عقولهم ليل نهار ويتم تعبئتها بأفكار تكفيرية ضد الآخرين ترفض قبول الآخر والتعامل معه . وطالبت خضر الإعلام بتحمل مسئوليته التنويرية ومعالجة القضايا بشكل هادئ يجمع الشعب و لا يفرقه ويحضه على احترام تركيبته المتنوعة بعناصرها الدينية والسياسية، بالإضافة لمحاكمة مرتكبس الجريمة، مؤكدة أن العدالة الناجزة وسيادة دولة القانون والحفاظ على حقوق المواطنة هي درع الأمان لهذا المجتمع والوقوف ضد تكرار مثل هذه الجرائم الطائفية مرة أخرى. عباس شومان :الشيعة مسلمين لا يجوز قتلهم حتى لو ارتكبوا مخالفات الحريرى : ما حدث هو أولي خطوات تنفيذ مخطط أمريكي صهيوني منير مجاهد: نتيجة طبيعة للدولة الدينية التي يعززها "الإخوان" خضر: الشحن الديني وخلط الدين بالسياسة خلقا بيئة متطرفة