نحن أمام حالة خطيرة من حالات ضمور العقل السياسي المصري ؟.. وكأن هذا العقل تم تحنيطه بأحناط الفراعنة ؟.. أو كأنه مات موتا ً إكلينيكيا ً ؟ واليوم أتحدث عن ظاهرة مهمة من مظاهر ضمور العقل السياسي المصري وهو غياب سؤال هام.. ماذا بعد؟!. هذا السؤال لم يسأله الذين حاولوا اقتحام وزارة الداخلية عدة مرات .. فماذا كان سيحدث إذا تم الاقتحام .. كانت ستتم مذبحة بين ضباط الداخلية والمقتحمين وقد يحرق هذا المبنى الذي يحوي ملايين الوثائق وصمد ثمانين عاما ً من قبل ضد عشرات المحن المماثلة . وهذا السؤال لم يسألوه لأنفسهم الذين حاولوا اقتحام وزارة الدفاع .. وماذا بعد اقتحامها .. ترى ما نريد منها ؟.. وما هدف الاقتحام ؟.. وهل سيمر الأمر بسلام؟.. أم ستحدث مذبحة بداخلها؟! وهو نفس السؤال الذي لم يسألوه لأنفسهم الذين حاولوا اقتحام السفارة الأمريكية بالقاهرة .. وماذا بعد الاقتحام .. وهل يمكن أن تحدث مذبحة ومجزرة بين المقتحمين من الجماهير والمارينز الأمريكي الذي يحرس السفارة من الداخل .. وقد يقتل العشرات أو يقتل السفير وتتأزم العلاقات المصرية الأمريكية والغربية .. وقد تحدث حروب ومآسي ونكبات .. ألم يفكر هؤلاء في تجربة اقتحام السفارة الأمريكية بطهران .. وما جره علي إيران من ويلات حتى الآن. وهو نفس السؤال الذي لم يسألوه لأنفسهم الذين حاولوا اقتحام السفارة السعودية بعد حصار وشتائم وسوء خلق وسباب .."وماذا بعد الاقتحام؟!" .. هل سيمر الأمر بسلام .. وكيف يكون الموقف إذا عاد إلي مصر فجأة عدة ملايين مصري يعملون بالسعودية كل منهم ينفق علي أربعة .. وإذا فقدت مصر أقوى حليف إقليمي لها طوال الفترات الماضية .. وهل ستسكت السعودية علي هذه الإهانة الغير مبررة . وهو السؤال نفسه الذي لم يسألوه لأنفسهم الذي حاصروا قصر الاتحادية ممن قبل وحاولوا اقتحامه .. وماذا بعد الاقتحام ؟! وماذا لو حدث مكروه للرئيس .. أو حدثت مذبحة بين المتظاهرين والحرس الجمهوري .. أو.... أو... غياب هذا السؤال وغياب الإجابة عنه هو سر أخطاء كثيرة حدثت لنا قبل ذلك في الحركة الإسلامية وفي كل الحركات الثورية وحركات التحرر الوطني .. فلو أننا سألنا أنفسنا هذا السؤال عند مقتل السادات .. ما أقدم أحد علي قتله.. إننا نتوقف عند لحظة الحدث ولا نسأل أنفسنا وماذا بعده؟ .. لقد جاء حسني مبارك وكأن القدر ساقه إلي بعض أطياف الحركة الإسلامية ليعرفهم حسنات السادات التي أنكروها .. حيث أذاق مبارك الحركة الإسلامية أشد الويلات وسامها سوء العذاب .. لقد نقمنا علي السادات موضوع التحفظ الذي حدث لأول مرة في تاريخه وكان لمدة أشهر وأعلن عنه .. فجاء مبارك ليفعل ذلك مع الآلاف كل عدة أشهر ويذيقهم ويلات العذاب.. حتى قال البعض : دعوت علي عمرو فمات فسرني فجاء أقوام بكيت علي عمرو وماذا بعد ؟.. سؤال مهم لا يهتم به الكثير من المصريين الآن بكل أطيافهم علي السواء .. هم ينظرون تحت أقدامهم ويعيشون لحظتهم الحالية المملوءة بالحماسة الغير محسوبة والمقامرة الخطيرة بمصائر الأوطان والدماء . وماذا بعد ؟!! سؤال مهم ينبغي لنا جميعا ً أن نهتم بإجابته وهو لا يقل أهمية عن فقه النتائج الذي انتوى الحديث عنه لاحقا ً .. وكتبت عنه كثيرا ً في كتبي والآن أري كثيرا من المصريين يريدون خلع د/ مرسي يوم 30 يونيه .. ولا يكلفون أنفسهم مشقة الإجابة علي السؤال : وماذا بعد؟. قد تكون للدكتور مرسي أخطاء سياسية وإدارية كثيرة رغم صلاحه وتقواه .. ولكن فكرة خلعه قد تحرق مصر كلها .. وقد تأتي علي الأخضر واليابس .. وقد تجعلنا نعيش فيما قاله حبيبي الخليفة العظيم عثمان بن عفان لقاتليه قبل أن يقتلوه " والله لوقتلتموني ما صلى بعضكم وراء بعض أبدا ً " . قد نغتاظ اليوم من الأخطاء السياسية والإدارية للدكتور/ مرسي .. ولكننا قد نبكي غدا ً حينما تغوص الأقدام في الدماء المعصومة .. وحينما لا يدري القاتل فيما قتل .. ولا المقتول فيما قتل .. إنها الفتن تطل برأسها . وماذا بعد ؟!.. سؤال هام لو سأله أحد لنفسه قيل أن يقدم علي أي أمر هام لكان لنا شأن آخر بين الأمم ولكننا أمة هوجاء تفتقر كثيرا ً إلي الحكمة والتريث مع الشجاعة والحماسة . يا قوم قولوا لنا: ماذا بعد.... ؟! السؤال الذي لم يسألوه لأنفسهم الذين حاولوا اقتحام السفارة السعودية بعد حصار وشتائم وسوء خلق وسباب .."وماذا بعد الاقتحام؟!" .. هل سيمر الأمر بسلام .. وكيف يكون الموقف إذا عاد إلي مصر فجأة عدة ملايين مصري يعملون بالسعودية كل منهم ينفق علي أربعة .. وإذا فقدت مصر أقوى حليف إقليمي لها طوال الفترات الماضية .. وهل ستسكت السعودية علي هذه الإهانة الغير مبررة .