رياضة النواب تطالب بحل إشكالية عدم إشهار 22 ناديا شعبيا بالإسكندرية    المصريين الأحرار بالسويس يعقد اجتماعاً لمناقشة خطة العمل للمرحلة القادمة    التربية النوعية بطنطا تنظم ملتقى التوظيف الثالث للطلاب والخريجين    رايان رينولدز يتصدر إيرادات السينما العالمية بفيلم الأصدقاء الخياليين - IF ويحقق 59 مليون دولار    أخبار الأهلي : أحمد الطيب عن لاعب الأهلي : هاتوه لو مش عاوزينه وهتتفرجوا عليه بنسخة زملكاوية    السر يملكه القائد.. اللواء هشام حلبي يكشف أسباب تحطم طائرة رئيسي (فيديو)    إسبانيا تستدعي السفير الأرجنتيني في مدريد بعد هجوم ميلي على حكومة سانشيز    أسعار الفراخ اليوم 20 مايو 2024 للمستهلك بجميع الأسواق    صلاح مودعاً كلوب: آمل أن نلتقي مرة أخرى    الرياضية: جاتوزو يوافق على تدريب التعاون السعودي    قوات وحدة الإنقاذ النهري ب الغربية تستخرج جثمان غريق من بحر كفر الزيات    صندوق النقد الدولي: البنوك القطرية تتمتع برأس مال جيد وسيولة وربحية    النجمة ديمي مور تخطف الأنظار في فعاليات اليوم السادس لمهرجان كان السينمائي    جنوب أفريقيا ترحب بإعلان "الجنائية" طلب إصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت    تكريم نيللي كريم ومدحت العدل وطه دسوقي من الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية    الأرصاد تحذر من الطقس غداً.. تعرف علي أعراض ضربة الشمس وطرق الوقاية منها    لحرق الدهون- 6 مشروبات تناولها في الصيف    وزير الرى: اتخاذ إجراءات أحادية عند إدارة المياه المشتركة يؤدي للتوترات الإقليمية    أحمد الطاهري: مصرع الرئيس الإيراني هو الخبر الرئيسي خلال الساعات الماضية    ليفربول يعلن رسميًا تعيين آرني سلوت لخلافة يورجن كلوب    وزير العدل: رحيل فتحي سرور خسارة فادحة لمصر (فيديو وصور)    وزير السياحة يتفقد متحف شرم الشيخ.. ويوجه بتضمينه في برامج الزيارات    وكيل صحة الشرقية يتفقد أعمال التطوير بمستشفى سنهوت التخصصي    رئيس الوزراء يشهد افتتاح جامعة السويدى للتكنولوجيا "بوليتكنك مصر" بالعاشر من رمضان.. ويؤكد: الجامعات التكنولوجية تربط الدراسة بالتدريب والتأهيل وفق متطلبات سوق العمل    انقسام كبير داخل برشلونة بسبب تشافي    الشرطة الصينية: مقتل شخصين وإصابة 10 آخرين إثر حادث طعن بمدرسة جنوبى البلاد    تراجع المؤشر الرئيسي للبورصة بختام تعاملات جلسة الإثنين    «سوميتومو» تستهدف صادرات سنوية بقيمة 500 مليون يورو من مصر    أول تعليق من التنظيم والإدارة بشأن عدم توفير الدرجات الوظيفية والاعتماد ل3 آلاف إمام    حجز شقق الإسكان المتميز.. ننشر أسماء الفائزين في قرعة وحدات العبور الجديدة    الأوبرا تحتفل بالذكرى ال42 لتحرير سيناء    "اليوم السابع" تحصد 7 جوائز فى مسابقة الصحافة المصرية بنقابة الصحفيين    قائمة الأرجنتين المبدئية - عائد و5 وجوه جديدة في كوبا أمريكا    محافظ دمياط تستقبل نائب مدير برنامج الأغذية العالمى بمصر لبحث التعاون    إصابة 8 أشخاص بحادث تصادم ميكروباص وربع نقل بالطريق الزراعى فى أسوان    تحرير 174 محضرًا للمحال المخالفة لقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    بدأ العد التنازلي.. موعد غرة شهر ذي الحجة وعيد الأضحى 2024    حكم شراء صك الأضحية بالتقسيط.. الإفتاء توضح    الصحة تضع ضوابط جديدة لصرف المستحقات المالية للأطباء    تراجع ناتج قطاع التشييد في إيطاليا خلال مارس الماضي    الإعدام لأب والحبس مع الشغل لنجله بتهمة قتل طفلين في الشرقية    المالديف تدعو دول العالم للانضمام إلى قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل    وزيرة الهجرة: الحضارة المصرية علمت العالم كل ما هو إنساني ومتحضر    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    ليفربول ومانشستر يونايتد أبرزهم.. صراع إنجليزي للتعاقد مع مرموش    إيتمار بن غفير يهدد نتنياهو: إما أن تختار طريقي أو طريق جانتس وجالانت    الإعدام شنقًا لشاب أنهى حياة زوجته وشقيقها وابن عمها بأسيوط    تأجيل محاكمة طبيب بتهمة تحويل عيادته إلى وكر لعمليات الإجهاض بالجيزة (صور)    محافظ كفرالشيخ يعلن بدء العمل في إنشاء الحملة الميكانيكية الجديدة بدسوق    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    توجيه هام من الخارجية بعد الاعتداء على الطلاب المصريين في قيرغيزستان    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    10 ملايين في 24 ساعة.. ضربة أمنية لتجار العملة الصعبة    أسرته أحيت الذكرى الثالثة.. ماذا قال سمير غانم عن الموت وسبب خلافه مع جورج؟(صور)    عواد: لا يوجد اتفاق حتى الآن على تمديد تعاقدي.. وألعب منذ يناير تحت ضغط كبير    ماذا نعرف عن وزير خارجية إيران بعد مصرعه على طائرة رئيسي؟    خلاف في المؤتمر الصحفي بعد تتويج الزمالك بالكونفدرالية بسبب أحمد مجدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مآذن سويسرا.. ومسؤوليتنا تجاه الدعوة الإسلامية
نشر في المصريون يوم 23 - 12 - 2009

آثار قرار حظر المآذن في سويسرا ثائرة المسلمين في كل مكان.. كما أغضب السويسريين الذين عاشوا من قبل في بلاد المسلمين أو يحبون الإسلام.
ورغم أن مآذن المساجد ليست من ثوابت الدين أو أركانه أو عقائده إلا أن منعها يعني الكثير.. فهو مقدمة لخطوات كثيرة أخطر منها من المرجح أن تتبعها.
نعم المآذن لم تكن موجودة من في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) ولا في عهد الخلفاء الراشدين.. فقد ظل المسجد النبوي قرابة 88 عاما ً من الهجرة دون أن يكون له مآذن.. وأول من أقام له مآذن هو "سيدنا عمر بن عبد العزيز" وكان وقتها واليا ً على المدينة.. وقد فعل ذلك تنفيذا ً لأمر الخليفة الأموي الشهير الوليد بن عبد الملك.
وبعدها صارت المآذن رمزا ً على المساجد في كل ديار الإسلام ثم في ديار غيرهم.. وكانت المآذن في بدايتها تبنى حتى يقف عليها المؤذن ليصل صوته إلى أبعد مدى.. ورغم أن هذه العلة قد ألغيت بعد اختراع الميكروفون إلا أن المآذن ظلت علما ً على المساجد حتى اليوم.
تاريخ المآذن في سويسرا
أما سويسرا فلم تعرف المساجد ولا المآذن إلا في سنة 1961م حيث شيد المرحوم أ/ "سعيد رمضان" صهر "الشيخ حسن البنا" وزوج ابنته الذي هاجر من مصر إلى السعودية.. ثم إلى عدة دول أخرى منها سويسرا.. وهو والد "الدكتور/ طارق رمضان" الداعية السويسري الشهير الآن.
أما المئذنة الثانية فقد شرف ببنائها الملك "فيصل بن عبد العزيز" (رحمه الله) العاهل السعودي الأسبق.. فقد أقام أكبر مسجد سويسري وأقام معه المؤسسة الثقافية الإسلامية.. ولكنه توفي قبل إتمامه.. وبذلك نال الملك فيصل ومستشاره "أ/ سعيد رمضان" شرف بناء المساجد الأولى في سويسرا.
ثم توالت المساجد والمآذن في سويسرا.. ورغم أن عدد المآذن في سويسرا كلها لا يزيد عن ستة مآذن فقط من مجموع 200 مسجد تقريبا ً إلا أن هذا العدد الضئيل من المآذن هو الذي آثار كل هذه المشكلة.
بداية الأزمة
وقد بدأت المشكلة هناك عندما أطلقت جمعية إسلامية تركية 2005 مشروعا ً لبناء مأذنه رمزية بارتفاع يبلغ ستة أمتار فقط.. ولكن السلطات المحلية رفضت ذلك.. ثم استغلت الأحزاب اليمنية والإنجيليين المتعصبين هذا الأمر في استصدار تشريعات تمنع المآذن في سويسرا.
كلنا يعرف قصة الاستفتاء الذي حدث في سويسرا على منع بناء المآذن فيها.. ونتيجة لهذا الاستفتاء سيتغير الدستور السويسري رغما ً عن الحكومة لتضاف إليه هذه الفقرة.
ورغم أن هذه المواد الجديدة التي تم الاستفتاء عليها تتعارض تماما ً مع الدستور السويسري الذي ينص في المادة (15) منه على الحرية الدينية في سويسرا.. كما ينص في المادة (2-8) منه على الحق في المساواة في المعاملة بين كل السويسريين.. كما تصطدم تماما ًَ بالمادة (26) من نفس الدستور التي تنص على حرية التملك.
كما تتناقض تماما ً مع القوانين السويسرية التي تمنع وضع مجموعة من الناس في مرتبة أدنى من المجموعات الأخرى أو المساس بحريتهم في تنظيم حياتهم أو التعبير عن هوياتهم الدينية والثقافية.
تقرير المرصد الديني السويسري
وقد أصدر المرصد الديني في سويسرا تقريرا ً ينبه على جملة المخالفات للقوانين والدساتير السويسرية في هذا الاستفتاء.. والمرصد الديني في سويسرا هو معهد مستقل يجمع ويحلل المعلومات والتقارير عن الحالة الدينية في سويسرا والعالم.
وقد ندد هذا المرصد بنتيجة هذا الاستفتاء وأشار إلى خطورته المستقبلية على التعايش السلمي في سويسرا.
وقد آثار هذا الاستفتاء غضب المسلمين في كل الدنيا.. والذين عبروا عن ردود فعلهم من خلال الخطب الحماسية أو استرجاع ذكريات الحروب الصليبية أو التنديد بالغرب كله.. ولم يفكروا في الأسباب الحقيقية التي دفعت هذا الشعب العلماني أصلا ً بالقيام بهذه الخطوة ضد المسلمين.
أسئلة ينبغي الإجابة عليها
وكان من الأجدر بنا جميعا ً أن نسأل أنفسنا عدة أسئلة:
لماذا تخاف الشعوب الأوروبية من الإسلام والمسلمين حقا ً؟
وما خطتنا لمواجهة ذلك؟
وهل العلاج يمكن في الخطب والمؤتمرات والمقالات والتنديدات فحسب؟
وهل نحن مهتمون بدعوة الغرب حقا ً؟
وهل هناك ترجمات للمصحف وأحاديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) وشرحها وتفسيرها باللغات الأجنبية المختلفة وباللغة السويسرية؟
وهل ضخ أثرياء المسلمين أموالهم لهذا الغرض؟ أم أنهم أنفقوها فيما لا طائل من وراءه.. لا في دنيا ولا في دين؟
كل هذه الأسئلة وغيرها تحتاج إلى إجابات دقيقة.
إن حل المشكلة لا يمكن في سب وشتم السويسريين أو الألمان أو غيرهم من الأوربيين.. أو التبشير بحرب صليبية جديدة.. أو إعلان الحرب على سويسرا وأوروبا... أو القيام بتفجيرات هنا وهناك.. أو المطالبة بإغلاق سفارة سويسرا أو سحب السفراء.. ولكن حل هذه المشكلة وأشباهها يكمن في الوقوف على أسبابها.. والوقوف على مكامن القصور عندنا.. وتغيير وتطوير أساليب دعوتنا في بلاد الغرب.
الأسباب السويسرية لمنع المآذن
ونبدأ الآن في شرح أسباب السويسريين أنفسهم والتي دفعتهم إلى التصويت على منع المآذن في سويسرا
فقد جاء في تقرير المرصد الديني السويسري ما نصه:-
لقد أعتبر بعض السويسريين: "أن المساجد هي أماكن للدعوة ونشر الإسلام في الغرب.. وأن المئذنة هي رمز للإعلان قوة الوجود الإسلامي.. وأنها تحمل معنى سياسيا ًُ دينيا ً يهدد الطابع الديني في البلاد.. وقد نشر عدد من كبار المثقفين السويسريين فكرة أن الإسلام ضد الحداثة.. وأن المسلمين تملؤهم مشاعر الحقد وإرادة الانتقام بسب ما هم عليه من الضعف والإهانة".
كما سجل المرصد الديني أحد أسباب هذا الموقف المعادي للإسلام بالنمو المضطرد في أعداد المسلمين هناك.
"ففي عام 1970م كان هناك عدد قليل من المسلمين معظمهم من العمال المهاجرين .. ولكن عددهم وصل عام 1980م إلى 95.9 ألفاً وفي عام1990أصبح عددهم 152 وصار عددهم في عام 2000 أكثر من ثلث مليون مسلم.. والآن يزيد عددهم عن 400ألفاً.. و12% من هؤلاء المسلمين فقط يحملون الجنسية السويسرية ومنهم السويسريين الأصل الذين أسلموا.
وقد صرح أوسكار فرانرنكو أحد قادة الاتحاد الديمقراطي الذي قاد هذه الحملة أن المآذن تعتبر أسلحة زاحفة إلى سويسرا.. وأن الأقلية المسلمة يمكن أن تصل يوما ً ما إلى السلطة".
هذه هي الأسباب كما سردها تقرير المرصد الديني السويسري المستقل وكما أوضح قادة الحزب المسئول عن تحريك هذا الاستفتاء منذ البداية وحتى النهاية.
ولنا أن نصف مبرراتهم هذه وتصرفاتهم هذه بالعنصرية أو عدم التسامح أو التناقض مع آرائهم الديمقراطية أو كراهيتهم للإسلام والمسلمين أو عدوانيتهم أو... أو..
قل فيهم وفي تصرفهم هذا ما تشاء.. فهذه الأوصاف كلها لن تقدم في الأمر شيئا ً أو تؤخره.
مسئوليتنا نحو الدعوة في الغرب
ولكن الأهم من ذلك كله:
ما دورنا نحن في هذا الأمر؟.. وكيف نعالجه؟ وكيف نتصدى له؟
وما دورنا في حدوثه؟ وما هي مسؤولياتنا تجاه هذا الأمر؟
فالكل يشتم ويسب ويلعن في سويسرا والغرب جميعا ً.. وهذا سهل يسير على الصغير قبل الكبير.
ولكن ماذا عن جنايتنا نحن.. ومسؤولياتنا تجاههم.. وفشلنا في دعوتهم ودعوة أمثالهم.. وتعريفهم بالإسلام الصحيح؟!!
الغربي يعادي الإسلام لأنه يجهله
إن الإنسان في العادة يعادي ما يجهله.. وكل الأزمة السويسرية وأشباهها تندرج تحت سبب رئيسي واحد هو الجهل بالإسلام وتصويره بصورة مشوهة سيئة لا تمت لحقيقة الإسلام بصلة.
والسبب الرئيسي أيضا ً في تكوين هذه الصورة المشوهة هو تقصيرنا الكبير في الدعوة إلى الإسلام.. وتعريف الناس به.. وكذلك ندرة وجود النموذج الحي للإسلام الصحيح في واقع الحياة سواءً على مستوى الفرد أو الجماعة أو الدولة.
فماذا يكون شعور الأوربيين والغرب عامة وهم لا يعرفون عن المسلمين سوى التخلف والتعبئة؟!!
ماذا يكون شعور الشعب السويسري تجاه العرب والمسلمين وهم يعلمون أن بعضهم يرتشي ويسرق وينهب من بعض.. ليضع أمواله في بنوكها حماية له من المسائلة ولها من المصادرة؟!!
ماذا يقولون عن دين هؤلاء؟!!
لا تقل لي يجب عليهم الفصل بين الإسلام والمسلمين.. فهذا كلام نظري لا يحدث أبدا ً إلا مع أتقى التقاة من المسلمين ؟
الإسلام لابد أن يكون له نموذجاً حياً يمشي على الأرض.. ولذلك جاء الرسول (صلى الله عليه وسلم) ليكون نموذجاً حياً لتعاليم القرآن.. وليكون قرآناً يمشي بين الناس.. وتفسيراً عملياً وواقعياً لمعاني الإسلام.
ولماذا لا يسحب العرب والمسلمون أموالهم من هذه البنوك.. فإن هذه الأموال هي التي تنعش الحياة الاقتصادية السويسرية؟!!
التفجيرات الأوربية وأثرها على الدعوة الإسلامية
إن تفجيرات 11 سبتمبر وتفجيرات لندن وباريس ومدريد كان لها أثر سيئ على فهم الأوربيين والغربيين للإسلام.. فهو يعني عندهم قتل الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين.. هذه التفجيرات كلها لم يحصد المسلمون منها سوى السلبيات فقط.. وخاصة على المسلمين الذين يعيشون في هذه البلاد.
حتى أنني قلت لبعض الإخوة في المعتقل لو استمرت هذه التفجيرات في أوروبا لفترة طويلة فقد تؤدي في النهاية لطرد العرب والمسلمين من الدول الأوروبية.
ولم أكن أظن أن أحدا ً يوافقني على هذه الرؤية المستقبلية حتى تحادثت مع أ/ حسام تمام رئيس تحرير موقع الإسلاميون وذكرت له هذا الرأي فقال لي: "إن الخبير النمساوي الأصل والأمريكي الجنسية د/ طلال محمد أسد وهو من كبار علماء الأنثربولجي في أمريكا وابن العلامة/ محمد أسد يقول بنفس الرأي.
وحينها تذكرت مقولة والده العلامة محمد أسد الذي أسلم وكتب أجمل الكتب عن الإسلام وقال: "الحمد لله الذي هداني للإسلام قبل أن أتعرف على العالم الإسلامي".
تكرار صورة الدعوة في الغرب بكل سلبياتها في الشرق
إن المتأمل في صورة الدعوة الإسلامية في أوروبا كلها يجدها صورة طبق الأصل "وبالكربون كما يقول العوام" من صورتها في الدول العربية والإسلامية.. فهذه مساجد للإخوان.. وتلك للسلفيين.. وثالثة للتبليغ.. وهذه للمغاربة.. وتلك للمصريين.. وأخرى للباكستانيين.. ومساجد السلفيين جل همها التحذير من الإخوان ومن دعوتهم ومن أفكارهم.. فهم ينقلون مشاكلهم وصراعاتهم من الدول الإسلامية إلى الغرب.. ويتعاملون مع هذه القضايا وكأنهم يدعون في دولة إسلامية فقد نسوا تماما ً أن هؤلاء لم يدخلوا الإسلام بعد.. ومن دخله منهم كان إيمانه على حرف.
والإخوان يصنعون ذلك.. ويردون على هؤلاء وهؤلاء.. لأن البعض قبل أن يسألهم عن الإسلام يسألهم عما آثاره الآخرون ضدهم.
كما أن معظم هؤلاء الدعاة إلا ما ندر يدعون في أوروبا بنفس الطريقة التي يدعون بها في البلاد العربية.. فالملابس هي نفس الملابس.. والهيئة نفس الهيئة.. والطريقة نفس الطريقة.. والدروس هي نفس الدروس.. والخطب هي نفس الخطب.
حتى الآراء الفقهية والاختيارات الفقهية هي نفس الاختيارات دون تفرقه بين ما يصلح من الآراء الفقهية في بلاد المسلمين وفي بلاد غيرهم.. فالنقاب هناك فرض أيضا ً.. رغم عدم مناسبة هذا الزي للمسلمين الذين يعيشون هناك.. وهو عند بعض الدعاة هناك أيضا ً عبارة عن رأي فقهي واحد هو الوجوب طبعا ً.. ولابد أن يكون النقاب والزى كله أسودا ً.. وكأنه فريضة من فرائض الدين.. مع أن النقاب كحكم شرعي مختلف فيه بين فقهاء المسلمين فضلا ً عن لون الثياب.. الذي لا أرى إلى اليوم من أين أتى وجوب السواد في حجاب المرأة.
أما زكاة الفطر فلابد أن تكون عينا ً هناك أيضا ً.. وهناك هجوم كاسح على من يقول بجوازها نقدا ً.. رغم عدم مناسبة الرأي الأول لهذه البلاد.
فلنتعلم من الشافعي
وكان ينبغي على الدعاة الذين يتصدون للدعوة السنية في الغرب أن يقتدوا بالإمام الشافعي الذي غير آراءه الفقهية لمجرد تركه للعراق وقدومه إلى مصر.. وأصبح له القديم والجديد في الفقه.. رغم أن الفرق بين العراق ومصر أقل مئات المرات من الفرق بين الدول العربية والأوروبية الآن.
وعليهم أن يدركوا أن المرجوح في الفقه من آراء العلماء الثقات له فائدة عظيمة قد نوهت عنها كثيرا ً في بعض كتبي.. فعلينا أن نختار لهذه البلاد وأهلها ما يناسبها من الآراء الفقهية.. والفقه الإسلامي ثري بهذه الآراء.. ولكننا نختار لهم عادة ما لا يناسبهم من الآراء الفقهية.
فضلا ً عن أن بعض دعاة الحركات الإسلامية هناك يهتمون في المقام الأول بانضواء الناس تحت لوائهم أكثر من اهتمامهم بدعوتهم وانضوائهم تحت مظلة الشريعة نفسها.. فهذا قد يأتي عند البعض في المرتبة الثانية.
ويتم تصنيف المسلمين والدعاة هناك بحسب انضوائهم تحت لواء كذا أو كذا من التيارات الإسلامية.
دعوة الأحمدية والشيعة في الغرب
وهذا كله هين وبسيط بجانب اكتساح وهيمنة الدعوة الأحمدية على كثير من المساجد في أوربا.. وإيهامهم الأوروبيين أنهم يمثلون الإسلام الصحيح.
ثم يأتي دور الشيعة في الدعوة إلى مذهبهم الديني والسياسي أيضا ً.. وهم أكثر تنظيما ً ودقة وأموالا ً وتماسكا ًمن أهل السنة.. فضلا ً عن الرخص الفقهية العديدة التي يتمتع بها الفقه الشيعي.. مثل زواج المتعة.. وهو من أهم الآراء الفقهية التي تتيح للشيعة التغلغل بين طلاب الدراسات العليا المسلمين الوافدين من الدول الإسلامية.
ونحن هنا لا نتحدث عن بطلان هذا الرأي فهذا معروف.. ولكننا نتحدث عن الأدوات التي مكنت الشيعة من هزيمة أهل السنة في كثير من الدول الأوروبية والأسيوية والأفريقية.. وذلك بالرغم من أن أهل السنة يحملون الحق إلا أنهم نمطيون في دعوتهم وتغلب عليهم الصراعات والنزاعات والتحزبات والتحرشات.. وما يبنيه أحدهم في سنوات يهدمه الآخرون في دقائق..وما أسهل الهدم وما أشق البناء.
أما الشيعة فرغم الخلل في عقيدة أكثرهم إلا أنهم يوقرون ويطيعون أئمتهم وقادتهم.. وعندهم نهر لا ينضب من الأموال ينفقونه على دعوتهم التي تجمع ما بين الديني والسياسي في التشيع.
تقتير على الدعوة وبذخ في التوافه
أما الدول العربية والإسلامية وخاصة دول الخليج فقد قبضت يدها عن الإنفاق على الدعوة الإسلامية وخاصة بعد 11 سبتمبر.. مما أدى إلى تحول الدعوة الإسلامية وخاصة السنية في أوروبا وأسيا وأفريقيا إلى دعوة عاجزة عن التطور والتقدم واستخدام الأساليب الحديثة مثل القنوات التلفزيونية ومواقع النت.
وقد مر هذا التقليص المادي بمرحلتين:-
أولهما:- زوال الخطر الشيوعي بعد تفكك الإتحاد السوفيتي.. وعدم اهتمام الغرب بالسماح للدعوة الإسلامية بنفس الحريات السابقة.. وتقليص الميزانيات الخليجية التي كانت تدعم الدعوة الإسلامية في الغرب.
أما المرحلة الثانية:- وهي الأخطر فقد تمت عقب أحداث 11 سبتمبر والتفجيرات المختلفة في أوروبا.. واتفاقات الدول الأوروبية على إجراءات موحدة لتقليص النشاط الإسلامي هناك.
والغريب أن الدول العربية تنفق ببذخ على أمور تافهة لا تفيد بلادها.. ولا تهتم بالدائرة الإسلامية كإحدى دوائر الأمن القومي الهامة بالنسبة لها.
هذه الدول العربية لم تقبض يدها فقط عن مساعدة الدعوة في أوروبا.. ولكنها حالت دون تقديم الآخرين لمعوناتهم.
أما الأغرب والأدهى فهو إنفاق أثرياء العرب أموالهم فيما لا طائل فيه.. فهذا ينفق في زواجه من مغنية غانية 400 مليون جنية.. وهذا يشتري عددا ً من الخيول بملايين الجنيهات.. حتى أن واحدا ً منهم وصل ثمن حصان لديه قرابة 5 مليون جنيها ً.. وهذا يشتري صقرا ً بأكثر من مليون جنيه ويستدعى له أخصائيا ً نفسيا ً من أوروبا للتعامل معه وعلاج نفسيته من الاكتئاب.
كل هذه الأموال الإسلامية والعربية تضخ ضخا ً بلا حساب في التفاهات.. ولو أنفق عشرها على الدعوة الإسلامية في أوروبا أو أفريقيا أو جنوب السودان أو آسيا.. لكانت كل هذه الشعوب ظهيرا ً عظيما ً للمسلمين والعرب في كل قضاياهم.
أين الإنفاق الحقيقي على الدعوة الإسلامية؟
أين الكتب الإسلامية الجيدة التي ترجمت إلى اللغة السويسرية واللغات المشابهة؟
أذكروا لنا قناة قضائية واحدة تتحدث عن الإسلام وتنطق بالسويسية أو البرتغالية أو اللغات الأسيوية أو الأفريقية!!
إن الذي حدث في سويسرا هو نتيجة طبيعية تقصيرنا في حمل وتبليغ رسالة الإسلام الصحيحة.
أين نموذج الدول الإسلامية الصحيحة التي نريد أن يراها الغرب ويرى فيها القوة مع الرحمة.. والتسامح مع الجدية والرجولة.. والعفو مع المقدرة.. وكل أخلاق الإسلام الأخرى؟!!
قبل أن تلوموا السويسريين لوموا أنفسكم.. وفكروا في علاج مثل هذه الثلمات قبل أن يتسع الخرق على الراتق
ألا هل بلغت.. اللهم فاشهد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.