نشر موقع "نواة تونس" تحقيقا استقصائيا عن جبال الشعنابي التي تقع فيها المواجهات بين القوات التونسية وجماعات إرهابية متطرفة يشتبه في تعاونها مع جماعات سلفية وبعض أعضاء حركة النهضة. وفي هذا التحقيق يرفع موقع "نواة تونس" الستار عن بعض أسباب تأخر الحسم في مواجهات الشعنابي وخفايا الإنفجارات المريبة للألغام التي يتعرض لها الجيش التونسي، وكذلك ملابسات نجاح المجموعة الإرهابية في الفرار من قبضة الدوريات الأمنية والعسكرية، فضلا عن كشف النقاب عن كيفية إيصال المؤونة إلى معسكر هؤلاء الإرهابيين. وبدأ الموقع التونسي تقريره بالقول :"عندما تسير في مدن الكاف وقراها كما في بقيّة مناطق الشمال الغربي والقصرين تشعر أنّك بصدد التجوّل في دولة داخل الدولة، كلّ شيء هنا يوحي باختلال التوازن الأمني وتنامي نفوذ العصابات الإجرامية التي تتّخذ من أنشطة التهريب ذراعا اقتصاديا موازيا لبسط سيطرتها على المنطقة والتحكّم في مصير المئات من العائلات ذات الوضعية الاقتصادية والاجتماعية الهشّة". وتابع التقرير وصف الوضع بالمنطقة : إن بعض المهربين استغلّوا غياب الدولة وضعف الرقابة الأمنية على المناطق الحدودية وحوّلوا أنشطتهم، وفق شهادات متطابقة، نحو تجارة جديدة أكثر ربحا من غيرها إنها "النفط مقابل الدّواء". وحول تجارة " النفط مقابل الدواء" أكد أحد المهربين –رفض الإفصاح عن هويته- لمراسلي الموقع أن فحوى هذه التجارة يتمثّل في أنّ بعض المهرّبين الجزائريين الذين اعتادوا التعامل معهم منذ سنوات طويلة في إطار عمليات تهريب البنزين والإلكترونيات والأغنام والأجهزة الكهرومنزلية أصبحوا خلال الآونة الأخيرة يلحّون على طلب منتجات غريبة ويدفعون لقاؤها أثمانا باهضة قد تصل إلى عشرة أضعاف قيمتها الحقيقية، ومن بين هذه المنتجات حبوب مخدرة افّيرالغون، آدول، بانادول، قريبّاكس.. الخ بالإضافة إلى معدات طبية ومواد تبنيج. ولفت الموقع إلى أن اقتناء هذه المعدّات الطبّية تمّ إعلامه (بعد تحفّظ طويل) بأنّ هذه البضاعة مطلوبة بكثرة في معسكرات الجهاديين شرق الجزائر حيث يدفع أمير تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي (معسكر تبسّة) بسخاء لكلّ المهرّبين الذين ينجحون في تزويده بهذه الأغراض التي يتمّ استعمالها لاسعاف "الإخوة المجاهدين" وعلاجهم بعد انتهاء العمليات العسكرية المفاجئة التي تشنّها قوّات الدرك والجيش الجزائريين على معسكرات التدريب ب"لأدرار" و"تيزّي وزّو" و جبل "قابل بوجلال" بالقرب من قرية "الماء الأبيض" من ولاية تبسّة على الحدود التونسيةالجزائرية، قبالة ساقية سيدي يوسف و قلعة سنان من الناحية التونسية. وكشف الموقع نقلا عن أحد أعضاء المخابرات الجزائرية يعيش في تونس من أجل التحري عن الجماعات الإرهابية أن ولاية جندوبة التونسية تضم ثلاث معسكرات إرهابية (لم يكشف أماكنها) يشرف عليها قادةٌ في رصيدهم تجارب قتالية في كل من أفغانستان والعراق والجزائر تجمع بعضهم علاقة صداقة بشخصين يشغلان خططا سياسية رفيعة في تونس حسب قوله. ويقول المصدر ذاته أن عنصر المخابرات الجزائرية المتواجد حاليا في الشمال الغربي، بأنّ الجزائر كانت نبّهت الجهات التونسية المختصّة منذ فترة إلى وجود تحرّكات مريبة في جبل الشعانبي و بعض المناطق الحدودية الأخرى تمّ رصدها عبر الأقمار الصناعية بالإضافة الى إثباتها ميدانيا من خلال التقارير الاستخباراتية مع تمكين الجهات المختصّة في تونس من إحداثيات دقيقة لمعسكرات الإرهابيين قصد مداهمتها أو توجيه ضربات جويّة أو برّية مباغتة لها قبل أن تنجح هذه الخلايا الإرهابية في التمركز وتأمين وجودها، إلاّ أنّ الجهات التونسية لم تحرّك ساكنا ولم تبادر إلى تفكيك هذه المعسكرات وتجاهلت التحذيرات الجزائرية ما دفع بالجزائر – وفق المصادر- إلى التكثيف من أنشطتها الاستخباراتية في تونس وتحريك ألوية الدرك الوطني والقوّات الخاصّة للجيش الشعبي الجزائري باتجاه المناطق الحدودية حيث تمّ تأسيس قطب أمنيّ جاهز للتحرّك والتصدي لكل ما من شأنه المس بأمن التراب الجزائري. ونقل الموقع عن بعض مصادر جزائرية أخرى غير رسمية أن جهات تونسية بصدد تجهيز معسكرات إرهابية على طول الشريط الحدودي مع الجزائر بدعم من جهات أجنبية في إطار مؤامرة جاهزة لإضعاف النظام الجزائري إستعدادا لإسقاطه. كما اتهمت نفس المصادر أطرافا سياسية تونسيّة نافذة بالإنخراط في مخطّط إقليمي بتمويل هذه الجماعات الإرهابية. واستكملت المصادر أيضاً أن أحداث جبل الشعانبي تندرج ضمن هذا الإطار و انّها "مجرّد مناورة لإيهام الرأي العام الوطني والدولي بأنّ تونس ليست مقصّرة في محاربة الإرهاب. واستشهد "نواة تونس" بما قاله أحد المصادر العسكرية في جبال الشعنابي "باتت تحدونا قناعة راسخة مفادها أنّ هنالك يدا خفيّة تقوم بإفشاء أسرار تحركاتنا في الجبل للمجموعة الإرهابية حتّى يتسنّى لها زرع الألغام في طريقنا وتغيير تمركزها كلّما أوشكنا على الوصول إليها، يبدو أنّه قد وقعت التضحية بنا من أجل أن لا يصاب الإرهابيون بأذى .. يموت حماة الوطن من أجل أن يحيا الإرهاب آمنا".