تساءلت صحيفة "واشنطن بوست" في افتتاحيتها اليوم الثلاثاء عن "كيف يمكن للحكومة التركية التي وصلت للسلطة بنسبة 50% من الأصوات أن تكون سلطوية؟"، فاز حزب العدالة والتنمية بالانتخابات ثلاث مرات متتالية بفارق متزايد، ولكن الأحداث الجارية في تركيا أثبتت أن البلد لم يعد لديها صحافة حرة وقوية مثل التي في الدول الغربية. ومع نزول المتظاهرين إلى ميدان تقسيم في اسطنبول، ابتعدت وسائل الإعلام المملوكة للدولة عن الأحداث فبثت قناة "سي إن إن" التركية برنامج طهي، وحتى الصحافة المطبوعة سحب أبناؤها ضرباتهم الانتقادية، لسبب وجيه، أن تركيا سجنت 49 صحفيًّا على الأقل بسبب عملهم، أكثر من أي دولة أخرى، وفقا للجنة حماية الصحفيين. وتعتقد الصحيفة أن المعارضة السلمية في الديمقراطية ليست مقبولة فقط بل تفرض تغييرات على سياسة الحكومة، وبدأ المتظاهرون احتجاجاتهم في تركيا بمظلمة محلية لكنها مشروعة، يتعلق بالقضاء على حديقة في ميدان تقسيم، وبدلًا من التسامح معهم، أرسلت الحكومة شرطة مكافحة الشغب التي أدى تعاملها العنيف على اتساع نطاق المظاهرات. وعلى العكس من الرئيس "عبد الله جول" الذي دافع عن حق المحتجين في التظاهر، فإن رئيس الحكومة "رجب طيب أردوغان" زعم أن المظاهرات تم تنظيمها من قِبَل عناصر متطرفة وتعهد بالمضي قدمًا في خطط القضاء على الحديقة على الرغم من حكم قضائي يمنع ذلك ،وربما يكون ردًّا متوقعًا من رجل مثل الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، والذي يبدو أن "أردوغان" يتعلم منه بعض الشيء، فالدستور الجديد الذي يدفع به رئيس الوزراء التركي سيمنح صلاحيات جديدة لمكتب الرئيس، بما يفتح المجال أمام قائد تركي مثل "أردوغان" يظل في السلطة لعقد آخر بعد انتهاء فترته كرئيس حكومة. وحول تعليق واشنطن على الأحداث، قالت الصحيفة إن إدارة الرئيس الأمريكي "أوباما" والتي لها علاقات قوية مع "أردوغان" أعربت عن قلقها إزاء استخدام الشرطة للعنف المفرط ضد المتظاهرين، مؤيدة حق التظاهر السلمي. ورأت "واشنطن بوست" أن الأزمة الراهنة تقدم فرصة لحلفاء تركيا لإخبار "أردوغان" أن الديمقراطية تتكون مما هو أكثر من الانتخابات، وأنه يقدم دليلًا مؤسفًا على أنه من الممكن أن يكون منتخبًا واستبداديًّا.