متظاهرة ترفع لافتة: نزلنا لحماىة الدىمقراطىة وحرىة الإعلام للمرة الأولي منذ فترة طويلة تشهد المدن التركية اضطرابات ومظاهرات عنيفة، بدأت في اسطنبول مع اعتراض بضع مئات علي هدم حديقة جيزي وتغيير الملامح المعمارية لميدان تقسيم الشهير وتحويله إلي مركز تجاري ردت عليه الشرطة التركية بعنف شديد جداً أدي إلي اشتعال الغضب في الشارع التركي وتعدي المطالب من مجرد احتجاج علي قطع أشجار إلي احتجاج علي رجب طيب أردوغان نفسه وحزبه الحاكم، العدالة والتنمية. رغم العنف الشديد الذي قابلت به الشرطة التركية المتظاهرين، إلا أنها اضطرت في النهاية للانسحاب من ميدان تقسيم الشهير ليمتلئ الميدان عن آخره بالمحتجين الذين احتلوا الميدان وقاموا بإغلاقه باستخدام المتاريس ودمروا سيارات الشرطة وأقاموا احتفالات ضخمة في المكان. ورغم أن المظاهرات في بدايتها كانت للاحتجاج علي خطط الحكومة لتغيير معالم ميدان تقسيم وحديقة جيزي المجاورة وتحويلهما إلي مركز تجاري ضخم علي الطراز العثماني فإن المظاهرات تطورت لتطالب برحيل رجب طيب أردوغان الذي يسيطر علي الحياة السياسية التركية منذ عشر سنوات، وسط غضب من سياساته في الفترة الأخيرة خصوصاً من التيار العلماني الذي يري أن أردوغان حاد عن توجهات الدولة العلمانية التي كان يقول بنفسه إنه ملتزم بالحفاظ عليها. ورغم أن كثيرا اعتبر أن هذه التظاهرات جاءت مفاجئة وغير متوقعة للمحللين السياسيين إلا أنهم اعتبروا مايحدث هو تعبير عن غضب الشباب التركي من ملامح لتحول نظام الحكم في تركيا إلي نظام سلطوي ورأسمالي يتعدي علي الحريات العامة والخاصة. ومع ذلك فإن موقف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لم يتغير بشأن الأحداث الأخيرة وقال إنه لن يغير خططا لتطوير الميدان وتحويله إلي مركز تجاري ولن يرضخ للمتظاهرين وإن كان أبدي مرونة في وعده بالتحقيق في قمع الشرطة العنيف للمتظاهرين. وقال أردوغان إن المظاهرات الأخيرة ليس هدفها الحفاظ علي الأشجار، بل هي مظاهرات أيديولوجية، وأن من يعترض علي السلطة عليه أن ينتظر الانتخابات لكي يغير الحكومة إن أراد. وزير الداخلية التركي أعلن أنه ألقي القبض علي 939 شخصا وأن عدد الإصابات تعدي رقم الألف، كما امتدت المظاهرات لمدن أخري مثل بشكتاش المجاورة وأنقرة العاصمة. وشهدت المظاهرات ملامح لرفض المتظاهرين المواقف الأخيرة للحكومة التركية فمثلاً رفع عدد من المتظاهرين زجاجات البيرة في إشارة إلي قانون منع شرب الخمر في المناطق العامة ورفع آخرون أعلاما بها صورة مؤسس الدولة التركية الحديثة مصطفي كمال أتاتورك. ومع ذلك لم يظهر خلال التظاهرات ملامح قوية للأحزاب المعارضة التي لم تستغل هذا الحراك في تحويله إلي موقف سياسي قوي وموحد حتي الآن. ورغم رفض أردوغان التراجع إلا أن عمدة اسطنبول ونائب رئيس الوزراء التركي وعدا المتظاهرين بدراسة مطالبهم. وقال الرئيس التركي عبد الله جول إن المظاهرات الأخيرة وصلت إلي حد مقلق لابد من النظر إليه. المظاهرات الأخيرة ربما تهز صورة تركيا التي تحاول نقلها للعالم كرمز للدولة التي تجمع بين نظام إسلامي معتدل في إطار الديمقراطية واحترام الحريات. وهي الصورة التي تحاول عن طريقها بسط نفوذها في دول الربيع العربي تحديدا. والآن تواجه تركيا نفسها المظاهرات التي لا أحد يعلم ما ستسفر عنه في الأيام المقبلة. ويواجه أردوغان اعتراضات من أطراف داخلية خاصة فيما يتعلق بسياسته تجاه الملف السوري ومحاولته بسط سيطرته علي الإعلام التركي وقمع المعارضين ووضع بعضهم في السجون. وهناك بعض المتظاهرين الموجودين في الشوارع الآن ممن انتخبوا أردوغان يرونه بدأ يحيد عن وعوده السابقة وبدأ يأخذ مظهر الحاكم الديكتاتوري. ويقول أحد المتظاهرين واسمه سيردر "لقد سخر أردوغان من المتظاهرين، قال لهم لو جمعتم 1000 سأجمع لكم مليونا. لقد تغير كثيراً عن الماضي وأنا انتخبته ولن أنتخبه ثانية فيما قال آخر »لقد غسل عقول الناس بالدين، إنه يخدعنا، إنه ديكتاتور«. وقد شهدت شوارع اسطنبول مواجهات عنيفة جداً قابلتها الشرطة بأساليب متعسفة أثارت غضب الشارع التركي ووردت أنباء عن إصابات باختناقات وإصابات في العيون والوجه لعدد كبير من المتظاهرين مما أعاد إلي الأذهان صور المتظاهرين في ميدان التحرير المصري. وقام المتظاهرون بتكسير قطع الجرانيت من الشوارع وإلقائها علي الشرطة وتقطيع صور أردوغان المعلقة في الشوارع. في حين اشتكي عدد من المتظاهرين من التجاهل الإعلامي لهم حيث نشرت الصحف صورا لأردوغان وهو يفتتح مؤتمرا ضد التدخين وتجاهلوا ما يحدث في الشارع وهو مايؤكد تغير نبرة الإعلام لصالح السلطة وهو مادفع عددا أكبر من الناس للنزول.