انفجرت الأوضاع في تركيا على نحو مفاجئ وغير متوقع، بعد تزايد حدة الاشتباكات بين آلاف المتظاهرين الغاضبين وقوات الأمن، على خلفية خطط حكومية لتغيير ميدان "تقسيم" الشهير بوسط مدينة اسطنبول وإزالة متنزه لإقامة مركز تجاري ضخم "مول" . ودفعت حدة الاشتباكات البعض إلى وصف ما يجري في تركيا بأنه مقدم لرياح الربيع العربي التي هبت على اسطنبول وتهدد بالإطاحة بحكم حزب العدالة والتنمية (ذراع الإخوان المسلمين في تركيا) والذي يقوده رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان. وانتقدت العديد من وسائل الإعلام العنف المفرط ضد المتظاهرين، وأشارت صحيفة "توداي زمان" التركية إلى أن الحكومة كان يجب أن تنتهج الحوار مع المتظاهرين لإقناعهم بخططها التنموية، لا أن تقابلهم بالعنف والقسوة. وتعود قصة الاحتجاجات التركية إلى إعلان الحكومة عن إزالة المتنزه التاريخي الشهير "جيزي بارك" في ميدان تقسيم بوسط اسطنبول، لإنشاء مركز تجاري، وهي الخطوة التي أشعلت غضب المواطنين، وبدأت المسيرات الاحتجاجية الاثنين الماضي 27 مايو بعد ان بدأت الحكومة بالفعل في قطع أشجار المتنزه. وبلغ ذروة الغضب الجمعة 31 مايو، مع خروج تظاهرات غاضبة في جميع أنحاء العاصمة للمطالبة بوقف المشروع والحفاظ على شكل الميدان التاريخي، وهي التظاهرات التي قابلتها الشرطة بالعنف المفرط وقنابل الغاز المسيلة للدموع. وقال مسعفون إن ما يقرب من ألف شخص أصيبوا في الاشتباكات في اسطنبول أمس، وأكد اتحاد الأطباء التركي إن نحو ستة متظاهرين فقدوا البصر بعد إصابتهم في العين بعبوات غاز. وأبدت وزارة الخارجية الأمريكية قلقها إزاء عدد الإصابات في حين قالت منظمة العفو الدولية والبرلمان الأوروبي إنهما يشعران بالقلق إزاء استخدام الشرطة للقوة المفرطة. واندلعت احتجاجات في العاصمة أنقرة وفي مدينة أزمير الساحلية على بحر إيجه في وقت متأخر من مساء الجمعة، وهناك دعوات في مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت لخروج مظاهرات مشابهة في أكثر من عشر مدن أخرى اليوم. ومن جانبه اعترف رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان باستخدام الشرطة العنف المفرط ضد المتظاهرين الغاضبين من خطط الحكومة تغيير ميدان تقسيم وتطويره. وأكد أردوغان أن الشرطة بالغت في رد فعلها في بعض الحالات عندما تدخلت لتفريق المحتجين على مشروع بناء في متنزه وسط اسطنبول. ومن جانبه أكد الرئيس التركي عبد الله غول إن الاحتجاجات العنيفة وسط مدينة اسطنبول قد وصلت الى حد مقلق، ودعا الى تغليب ما أسماه المنطق في التعاطي مع الأوضاع القائمة. وأكدت وزارة الداخلية عزمها اتخاذ الاجراءات القانونية بحق رجال الشرطة الذين تصرفوا بشكل غير مناسب ضد المتظاهرين، بحسب بيان للوزارة.