فى مثل هذا اليوم تم ازاحة الستار عن تمثال نهضة مصر والذى يعبر عن إرادة شعب لطالما اتهم بالجهل الثقافى، وتم اقامة هذا التمثال بالاكتتاب العام من الشعب المصرى الذى جمع الملاليم من قوته وقوت ابنائه ليلتف حول هذا المشروع الوطنى ضد الاحتلال والقصر والظلم والقهر، وليؤكد ان الشعب المصرى ليس بجاهل وانما هو يحمل بداخلة وعى وثقافة تدهش العالم، ويعد رمزا لمصر الحديثة وأهم أعمال الفنان المصري النحات محمود مختار على الإطلاق، ويصور امرأة واقفة فى ملابس الفلاحة المصرية وتلمس بأصابعها رأس تمثال أبى الهول الذى يفرد قائمتيه الأماميتين فى تعبير عن النهوض. وقال عنه الفنان الدكتور عز الدين نجيب ان هذا التمثال يحمل عدة رسائل، فهو اعلان عن مولد اكبر فنان مصرى معاصر بعد مرور 2000 عام بعد الحضارة الفرعونية. واضاف نجيب كيف ان الفن المعاصر يتم توظيفه لخدمة قضية وطنية تجتمع عليه الامة ويكون سلاح يواجه به المصريين الاستعمار والتحرر من القهر والكبت، ممثلا فى نهضة مصر والمرأة المصرية وكيف ان الفلاحة المصرية تخلع حجابها متحررة وناظرة للمستقبل. واشار نجيب ان الامة يمكن ان تلتف بجميع فصائلها حول مشروع النهضة الذى يرمز اليها التمثال بمشاركة الملاليم، حتى وان كانت ضئيلة فى مواجهة الاستعمار الغاشم ونحن نعلم ان محمود مختار ظل يجاهد القصر لإقامة هذا التمثال. واعرب نجيب عن ايمانه العميق بان القضايا الوطنية هى التى تنشأ الوعى عند الشعب المصرى فلا وعى يأتى من فراغ ويكون هذا المشروع الشامل للنهضة فى ذلك الوقت هو التمثال، بالاضافة انه على نفس المستوى على الجانب الاخر هناك وعى يتجاوز ضيق الافق الدينى، والذى مهد لذلك الوعى النخبة المثقفة بدأ من الامام محمد عبده ثم قادة حركة التنوير مصطفى كامل، والعقاد، وسعد زغلول، ومحمد فريد، وسيد درويش، وبيرم التونسى ساهموا فى إيجاد ذلك الوعى الذى قاد الى إقامة هذا التمثال. وجاءت فكرة نحت تمثال ليمثل نهضة مصر في تلك الفترة السياسية الهامة من تاريخ مصر فبدأ خلال 1918- 1919،بنحت تمثال كبير يبلغ حجمه نصف حجم التمثال الحالى وعندما أكمله عرضه في عام 1920 في معرض الفنون الجميلة السنوى في باريس ونال إعجاب المحكمين والرواد من المهتمين بفن النحت، وحدث أن ذهب سعد زغلول ورفاقه من رجال حزب الوفد إلى فرنسا وقاموا بزيارة معرض الفنون الجميلة وشاهدوا التمثال المصري وأعجبوا به وكتبوا إلى مصر يشجعون على إقامته في القاهرة، كما أسهم الشعب المصري في اكتتاب عام لإقامته ثم أكملت الحكومة النفقات وفى 2 مايو عام 1928 أقيمت حفلة كبرى فى ميدان باب الحديد "رمسيس حاليا" لازاحة الستار عن التمثال ثم نقل الى ميدان جامعة القاهرة فى عام 1955 ويقول الفنان التشكيلى الدكتور ياسر شحاتة عن محمود مختار هو احد اهرامات الحركة التشكيلية فى مصر واحد الرواد فى تشكيل الحركة المصرية، فلم يكن هناك فنانون تشكيليون فى مصر الا فرنسيون فتتلمذ على يديهم ثم بدأ مدرستة المصرية الخالصة. واضاف شحاتة ان مختار تأثر بالمدرسة المصرية القديمة وهى التشكيل الكلاسيكى، والذى لا يهتم بالتفاصيل على حساب الشكل الكلى رغم ان بعض الفترات الفرعونية كانت تهتم بالتفاصيل، وببراعته الشديدة اصبح كل الفنانيين اسرى لمدرسة محمود مختار وللاسف الشديد لا يوجد من يكمل ما بدأة مختار. واكد شحاتة ان محمود مختار اصبح عبأ على الحركة التشكيلية المصرية مع انه احد الاهرامات لانه لا يوجد احد يستطيع الخروج عن مدرسة مختار، وان اغنية "مصر ياما يا بهية يأم طرحة وجلابية" مأخوذة من تمثال نهضة مصر الذى يمثل الفلاحة المصرية والتى ترتدى الطرحة والجلباب.