هيئة قناة السويس توقع عقد شراكة مع أنكوراج للاستثمارات لإقامة مجمع بتروكيماويات في السخنة    بوتين يغيب عن قمة العشرين في جنوب أفريقيا.. وزيلينسكي في النرويج    فانس متفائل باتفاق غزة.. ونتنياهو ينفي كون إسرائيل محمية أمريكية    المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات: ندعو لوقف فوري لإطلاق النار في السودان    الأونروا: المساعدات التي تدخل غزة قطرة في بحر الاحتياجات العاجلة    محافظ القاهرة: توفير كل أوجه الدعم والرعاية للشباب والنشء    صلاح على رأس القائمة.. كاف يعلن قائمة المرشحين لجائزة أفضل لاعب في إفريقيا لعام 2025    تورام: مبابي هو أفضل لاعب في العالم حاليا    الداخلية تضبط 469 كيلو مخدرات و191 سلاحا ناريا خلال يوم    متهم يحفر نفقا من مسجد لسرقة مكتب بريد في الإسكندرية    حكي وعزف وأناشيد وطنية.. القومي للترجمة يحتفي بذكرى انتصارات أكتوبر    محمد عبده يقبل يد المايسترو هاني فرحات: ونكيد العوازل بقى"    بعد تفشي الجدري المائي بين التلاميذ التعليم تنتظر تقرير الصحة لحسم مصير مدرسة جروان    وزيرة التضامن تفتتح حضانة "برايت ستارز" بحدائق العاصمة    «الأتوبيس الطائر» للتفتيش والمتابعة على مدارس أسيوط    تأهل كلية الاستزراع المائي بالعريش لجائزة مصر للتميز الحكومي    جدل فى قطاع غزة حول مصير أبو عبيدة.. أين الملثم؟    "الأونروا": يجب فتح جميع المعابر إلى غزة مع ضرورة أن تكون المساعدات غير مقيدة    أونروا: إسرائيل تنفذ عمليات تدمير شمال الضفة وتجبر الفلسطينيين على النزوح القسرى    جدول مواقيت الصلاة فى الإسكندرية ومحافظات الجمهورية غداً الخميس 23 أكتوبر 2025    الضربة الجوية والطريق إلى نصر أكتوبر العظيم (2)    محافظ الغربية يتابع أعمال رصف وتطوير طريق حصة آبار ببسيون    «مصر» ضمن المرشحين لجائزة أفضل منتخب إفريقي في 2025    لبنى عبد الله: أمير عبد الحميد رحب بالاستمرار في الأهلى من موقع الرجل الثالث    وزير الإسكان: تخصيص 408 قطع أراضٍ للمواطنين بمنطقة الرابية    البترول: مصر تُصدر 150 ألف متر مكعب من الغاز المسال إلى تركيا لصالح توتال إنيرجيز    على خطى «لصوص لكن ظرفاء».. اعترافات المتهمين ب«سرقة ذهب» من فيلا التجمع    محافظ أسيوط: غدا فتح باب التقديم لحج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه – 2026م وحتى 6 نوفمبر المقبل    إزالة مخالفات بناء في جزيرة محمد بالوراق| صور    إحالة أوراق سائق للمفتي بعد اتهامه بقتل مزارع وتزعُّم عصابة للإتجار بالمخدرات في القليوبية    القبض على المتهم بقتل طليقته أمام مدرسة في مدينة السادات بالمنوفية    تراجع ظاهرة السحابة السوداء بالشرقية    محافظ دمياط يفتتح محطة رفع صرف صحي النجارين بكفر البطيخ    «مدبولي»: نعمل على قدم وساق استعدادًا لافتتاح المتحف المصري الكبير    الأقصر تتحرك لدعم موسم سياحي استثنائي.. لقاء موسع بمشاركة خبراء ومختصين    بيحبوا يكسروا الروتين.. 4 أبراج لا تخشى المخاطرة وتحب انتهاز الفرص    رئيس جامعة سوهاج يفحص حالات إكلينيكية أثناء إلقاء درس عملي لطلاب الطب (صور)    نائب وزير الصحة يتفقد جاهزية الخدمات الطبية والطوارئ بميناء رفح البري    بينها الأسماك الدهنية وممارسة الرياضة.. أطعمة صحية للمحافظة على القلب    هيئة التأمين الصحي الشامل تتعاقد مع 3 مراكز طبية جديدة وترفع عدد الجهات المعتمدة إلى 505 حتى سبتمبر 2025    إستمرار وقف تأسيس وترخيص نشاطي التمويل الإستهلاكي و المشروعات متناهية الصغر    منتخب مصر للسيدات يختتم استعداداته لمواجهة غانا في تصفيات أمم إفريقيا    موعد مباراة بايرن ميونخ وكلوب بروج فى دوري الأبطال والقنوات الناقلة    مفتي الجمهورية: الله تولى بنفسه منصب الإفتاء وجعله من وظائف النبوة    وزير الأوقاف يهنئ القارئ الشيخ الطاروطي لاختياره أفضل شخصية قرآنية بموسكو    مهرجان القاهرة الدولي لموسيقى الجاز يهدي دورته السابعة عشرة إلى زياد الرحباني    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 22-10-2025 في محافظة الأقصر    وزير المالية: نتطلع لدور أكبر للبنوك التنموية متعددة الأطراف فى خفض تكاليف التمويل للدول الأعضاء والقطاع الخاص    الصحة وصندوق مكافحة الإدمان يفتتحان قسما جديدا للحجز الإلزامي بمستشفى إمبابة    منال عوض: نسعى لحل مشاكل المواطنين والتواجد المستمر على أرض الواقع    دبلوماسي روسي سابق: النزاع مع أوكرانيا قائم على خلافات جوهرية    رئيس جامعة أسيوط يرأس اجتماع لجنة متابعة مشروع مستشفى الأورام الجامعي الجديد    حكم القيام بإثبات الحضور للزميل الغائب عن العمل.. الإفتاء تجيب    مجلس الكنائس العالمي يشارك في احتفال الكنيسة المصلحة بمرور 150 عامًا على تأسيسها    حين يتأخر الجواب: لماذا لا يُستجاب الدعاء أحيانًا؟    سماء الفرج    موعد شهر رمضان المبارك 1447 هجريًا والأيام المتبقية    «تقريره للاتحاد يدينه.. واختياراته مجاملات».. ميدو يفتح النار على أسامة نبيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد كشيك: ملامحُ الرؤيةِ الإبداعيةِ في ديوان "شبرين من ملاك طيب"
نشر في البديل يوم 03 - 05 - 2013


-------
تهتزُ شجرةُ الإبداعِ الخالدةِ؛ لتثمرَ لنا في النهايةِ عددًا نادرًا من المبدعين، يصبحون صوتَ المجتمعِ، والعلاقات الفاعلة فيه، كما يشكِّلون الصوتَ الأكثرَ تعبيرًا عن مجملِ التحولاتِ الكبري التي تحدثُ فيه.
- وها هي شجرةُ الإبداعِ، بكلِّ ما تمتلكُهُ من خضرةٍ وحيويةٍ، تزف إلينا شاعرًا استثنائيًّا، يجاهرُ بصوتِهِ المبدعِ، يمتلكُ صوتًا خاصًا بالغَ الخصوصيةِ، قادرًا على إغناءِ العاميةِ المصريةِ، ورفدِها بمزيدٍ من الثراءِ والحيويةِ، والمزيدِ من القدرةِ على التجاوزِ والتقدمِ والاستمرارِ .
- وفي ديوانِ "شبرين من ملاك طيب" تمكَّنَ الشاعرُ "سعيد شحاتة"، منذ أول ضربةِ فأسٍ أن يبتكرَ قصيدتَهُ الخاصةَ التي تتورطُ بأرضِ الواقعِ والجماهيرِ، كما تنفتحُ أيضًا على سماواتِ الحريةِ والإبداعِ :
أنا وانتي روحين في فضاء الله
والكون بلوره كبيره، في عب الأرض
والأرض وليد مشتاق، لحياه
والناس أشباه وسط الملكوت،
قلتيلي برقّة بنت، بنوت
الموت أضعف من ريحة الورد،
- وهكذا يستمرُ الشاعرُ، في بلورةِ صوتِهِ الخاصِ وتشكيلِهِ، عبر مجموعة من الاستخدامات الفنية البليغة، التي تمتلك حضورَها وسحرَها الخاص، فيتمكنُ من التأسيسِ لحالاتٍ فنيةٍ متقدمةٍ، فتنفتح سماوات القصيدة، لتتلقي هبات النص، وما يمكن أن يتيحه من إمكانيات هائلة، ويلتحم الشاعر، بحركة النص، فينتج لنا تلك المعاني، المتفردة، التي تتجاوز سطح النص، لتنفد إلى مستويات أكثر عمقًا، حيث السحر والعذوبة، وحيث يمكن العثور على عروق الذهب الكامنة في عمق الأعماق:
النور ولاّد
وضلوع القلب... عباد الله
.................. ساجدين لله
وشموع القلب...
القايده ف كل زوايا الروح
.................... بتشعّ حياه
وأنا داير بارمح فى الملكوت
وأضحك ويّاه.
- وفي أغلب قصائد الشاعر سعيد شحاتة، نلمح ذلك التناغم والانسجام، الذي يحدث تلقائيًّا، وبغير مشقة، وبدون أي تكلف، ليهب للقصيدة سمْتَها المميز والقوي، حيث تتآزر المعطيات الفنية والجمالية كافة؛ لتنتج المعني الشعري، وهو معني بليغ، خاص بالشاعر، ولعل أهم إنجازات الشاعر تكمن في تلك القدرة الفريدة على توظيف العنصر الموسيقي، حيث البناء النغمي للنص، يظل يتشكل في العمق، فلا تكون الموسيقى مجرد،حلية خارجية، تنفصل عن النص، بل تصير جزءًا لا يتجزأمن النص، تذوب بداخله،؛ لتصبح هي النص ذاته، بكل ما يستوعبه من أنظمه ومستويات
8 يمامات
ونبق أخضر
وبوصة ناى
وضحكة شمس مكسوفه لولد نسّاى
وصوت لربابه حكّايه
وجدع حكّاى....
بيبدر ورد ع السكّه
وبنت وواد
وحلم كبير على الدكه
وست عجوزه بتحاول
تلمّ بقيت جنيه فكه اتبدر من دبدبات القطر
..... ونقطه
ومن بداية السطر .
والشاعر لا يهاب اقتحام الألفاظ، من أجل أن يتجدد قاموس مفرداته؛ ليعبر عن حركة الحياة بكل ما فيها من تحولات ، ويبدو موقفه من التجديد موقفًا متقدمًا، لا لبس فيه، فهو يؤمن بالتجريب، واختبار الأدوات الفنية والجمالية، لكنه ليس ذلك التجريب المجاني، الذي يستحلب عناصر الصورة، ولا ينتج في النهاية، سوي نص ليس له أصل أو صلة بالواقع الذي نحياه، بل هو التجريب الخلَّاق، الذييقترب من الواقع؛ ليصبح النص أكثر قدرة علي التعبير عن تلك التحولات الكبرى، التي تشهر وجه تناقضاتها باستمرار :
إحنا أولاد بيرم التونسى وجاهين والشيخ إمام
إحنا أولاد البيوت العتمه وإقفاص الحمام
إحنا أولاد المزارع والمصانع
إحنا أولاد الكنايس والجوامع
إحنا جيش الانتقام
إحنا طلق الثوره فى إولاد الحرام
إحنا سيف ومسلّه ومشَنّة سهام
وإحنا قطَّاع الطرق وإحنا السلام
وإحنا بركان الغضب ساعة الصيام
وإحنا أحلامك وطيفك فى المنام
مصر يا مراية الكلام الحلو
يا عشوش اليمام
اللى مات فى الثوره عايش..
بس واقف فى الأمام .
- ولعل أهم ما يميز صورَ الشاعرِ "سعيد شحاتة" وتراكيبَه ومفرداته، هو تلك الروح المصرية الخالصة، النابعة من مياه جوفية صرف، تستلهم عصير تلك الشخصية، التي تطل علينا في كلِّ سطرٍ من سطورِ الديوان، وهذا العشق الذي يصل الي درجة التوحّد الصوفي فتتجمع الصوركافة، والعبارات والمفردات؛ لتكشفَ عن هذا الولع، الذي يبين، ويتجلي في معظم قصائد الديوان:
والدى لمّا نصحنى قال لي:
إياك تخاف
وإن أكلت اللقمه
غمسها بعرق أو كلها حاف
وإن كلاب الأرض غنّت
غنى، لكن باختلاف
وإن نويت تضحك عليهم
ابتسم، بس بعفاف
وفي النهاية، يمكن أن نقول، بأن الشاعر سعيد شحاتة، قد توصل، عبر
مسعاه الإبداعي، الي صياغة "وصفته" الخاصة، والتي صارت
علامة من علاماته الدالة، التي ميزته عن غيره من الشعراء.
فهو الشاعر الذي لم ينكر، فضل الآباء الرواد، فيقول في بلاغة
وسلاسة، واقتدار "احنا أولا د بيرم التونسي، وجاهين والشيخ إمام"
فإمتدت جذوره عميقًا في باطن الأرض، وتمكن في النهاية، من أن
يصنع اسطورته الخاصة، بالغة الخصوصية، والتي سوف تثمر
في كل وقت شعرًا خالصًا وبليغًا، سوف يضيف الكثير إلى شعر العامية المصرية.
ومن ذلك كله نرى أن سعيدَ شحاتة شاعرٌ متميزٌ، يحاولُ دائمًا أن يصيغَ قصيدتَه الخاصةَ، التي لا تتشابه مع باقي القصائد، فهو لا يعيدُ إنتاجَ الإنجازاتِ الإبداعيةِ، لشعراء آخرين، لكنه يتمكن باقتدار من صياغة نص شعري، مبدع، متفرد، وخلاق، في رغبة دائمة للانعتاق من أسر الإنجازات التقليدية لشع العامية المصرية، وهو بالإضافة إلى ذلك كله، يمتلك تصورًا خاصًا للشعر، يتيح له الانطلاق بداخل فضاءات شعرية متنوعة، والشاعر لا يخشي التجريب، بل يمتلك قدرة متطورة على اقتحام المعاني والصور والمفردات، في محاولة مستمرة للتعبير عن تحولات العالم، في واقع لا يكف أبدًا عن إشهار تناقضاته باستمرار.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،
محمد كشيك
مع تمنياتي بالنجاح، والتوفيق.
للشاعر "سعيد شحاتة"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.