اختتمت فى سلطنة عُمان، ندوة تطور العلوم الفقهية، التي شارك فيها لفيف من العلماء، يمثلون مصر ودول العالم؛ وقد أسهمت البحوث ومشاركات الحضور والنقاش، في إنجاح أعمال الندوة والارتقاء بمستواها العلمي والفكري. وأكد الشيخ أحمد بن حمد الخليلي، المفتي العام لسلطنة عُمان، على أهمية الانتقال من حيز التنظير إلى حيز التطبيق، وأنه يجب أن يكون هناك وفاق بين الأمة، أساسه الألفة والمودة والوئام، ومن ثم يمكن التعايش مع الأمم الأخرى. وقد خرجت الندوة، بعدد من التوصيات في مقدمتها: الدعوة إلى إحياء فقه المواطنة، وضوابط التعامل مع الآخر، من خلال التوجيه الديني والإرشاد الإجتماعي، وذلك بتطوير أنشطة الوعظ الديني والإرشاد الاجتماعي والتوعية الثقافية، إلى جانب إعداد برامج تدريبية للكوادر الدينية. وأوصت الندوة بضرورة الاعتناء بالتراث العُماني، في تفعيل ندوات تطور العلوم الفقهية المقبلة، بحيث تتبنى وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، إعداد فئة من الباحثين والدارسين العمانيين، من خلال تبني بعض البحوث والأطروحات، والتأكيد على أهمية الموقع المفتتح لندوة تطور العلوم الفقهية في تفعيل تصوراتها ونشر توجيهاتها، وإقامة الدراسات الإسلامية العلمية المعمقة في نطاقها. وأكدت على ضرورة غرس مبادئ القرآن الكريم والقيم الإيمانية، وتأصيل حب الوطن ومعرفة الحكمة الإلهية، في سنة التدافع، فإن ذلك كفيل بضمان حقوق الآخرين، من خلال رؤى مؤصلة في تجربة المسلمين، ومنفتحة على الرؤى الجديدة للعالم والعلائق به. وأوصت الندوة بأن فقه العيش، الذي يقصد به: فقه التصالح مع النفس والتساكن والتجاور والتحاور مع الآخر والعيش معه وفق قواعد الاحترام المتبادل وتوفير الأمان وضمان الحقوق والحريات لكل إنسان في إطار الضوابط المرعية المقتضية، لصون الدين على أعرافه المستقرة. موضحة أن لهذه المهمة الفقهية، أهمية بالغة وضرورة ملحة، لكون الفقه جسرًا للتواصل بين أبناء الإسلام، وغيرهم ومنبرًا لإبراز قسمات الإسلام النقية، وصورة ناصعة لعالمية الإسلام وشمولية فقهه للحياة البشرية في شتى مناحيها، وضبطًا لعلاقات الإنسان بأخيه الإنسان، بما يكفل له العيش الكريم، ويضمن منهجًا يسوده التآلف والاعتراف، وتصان فيه حريات الجميع، وإن تباينت بهم المسالك واختلفت الديانات. كما تطرقت توصيات الندوة إلى إن الإسلام يطالب بالتعايش المتوازن والتسامح المتكافئ بلا إفراط ولا تفريط، لأنه يوجب حرمة الإنسان كإنسان، بغض النظر عن جنسه أو لونه أو دينه، مع الدعوة إلى التزام القيم الأخلاقية المتبادلة، التي تعد عاملا أساسيا للعيش مع الآخر، فالأصل في العلاقات بين الناس جميعا هو التعارف والمسامحة والمساكنة. وأوصت الندوة بأن التعايش والتعارف مصطلح مقاصدي، ومضمونه قرآني صريح (وجعلنا لكم فيها معايش)، فهو ركن من أركان المجتمع الإسلامي والإنساني، والمحافظة عليه بما يقرره بحسب المقاصد الكلية والجزئية أمر شرعي تؤيده أدلة نصية كثيرة. ودعت إلى إحقاق الحق والعدل والمفاهيم الإنسانية واستقرار الأمم، إنما يكون بالتعايش والتعارف، ولذلك ثمار عظيمة في صلاح حال الإنسان والدنيا، وتحقيق أهداف الإنسانية المثلى، وللوصول إلى ذلك لا بد من الحوار والتزام آدابه والمبادئ التي تدعم ذلك. وبينت أن الواقع الإسلامي للمجتمعات الإسلامية في تعدد الأعراف والأديان والمذاهب أمر عاشه المسلمون، وعرفوه عبر تاريخهم الطويل، فعلينا أن نحافظ عليه، لأنه دليل وبرهان ساطع على سماحة الإسلام والمسلمين، وأن معالجة التأزم الراهن بالأفكار والوسائل الملائمة والمتفهمة، هي السبيل الأوحد للخروج من المأزق الحضاري العالمي وتفاعلات الظواهر الجزئية الناجمة عن العنف الذي يسود العالم، في كل مظاهر الحياة الإنسانية، ولذا كانت الحاجة ملحة لإنتاج الأفكار والمفاهيم والنظريات الإبداعية الاجتهادية، لمواجهة متطلبات الواقع الحضاري والعيش المشترك، وما يصدق بالنسبة للعالم والتأزم فيه يصدق أيضا على حالة المسلمين في علاقاتهم بالعالم وفي العلائق فيما بينهم. أخبار مصر- البديل