في 2009 استهل الرئيس الأمريكي باراك أوباما رئاسته للولايات المتحدة بنهج جرى تسويقه على أنه انفتاح على العالم الإسلامي ترجمه بعدها بعامين إلى دعم صريح للتيارات السياسية ذات الشعارات الإسلامية والتي وصلت السلطة بمباركة أمريكية قبل أن يتحول (الشيخ) أوباما في 2013 إلى (حاخام) مناد ب (يهودية) إسرائيل وذلك في بداية فترته الرئاسية الثانية وفي زيارة للمنطقة لم يكلف نفسه خلالها لقاء أي ممن باركت الإدارة الأمريكية صعودهم للحكم. ففي الرابع من يونيو 2009 ومن على منبر جامعة القاهرة ألقى أوباما خطابا سمي ب "البداية الجديدة" كان وفاء بوعد قطعه أثناء حملته الانتخابية بتوجيه رسالة إلى العالم الاسلامي من عاصمة إسلامية في أشهره الرئاسية الأولى. ووقتها تم الترويج للخطاب على أنه تحسين لعلاقة مع العالم الاسلامي تشوهت كثيرا أثناء رئاسة سلفه جورج بوش الابن وجراء ما خلفته حربا العراق وأفغانستان. وطرح أوباما نفسه كوجه أمريكي جديد يسعى للانسحاب من العراق وأفغانستان ولديه نية لإغلاق معتقل جوانتانامو سيء السمعة في وعود لم تتعد كونها كلامية شأنها شأن الصدام الذي دخل فيه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن الاستيطان. يومها قال أوباما "لقد أتيت إلى القاهرة للبحث عن بداية جديدة بين الولاياتالمتحدة والمسلمين حول العالم استنادا إلى المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل.. وهي بداية مبنية على أساس حقيقة أن أميركا والإسلام لا يعارضان بعضهما البعض ولا داعي أبدا للتنافس فيما بينهما، بل ولهما قواسم ومبادئ مشتركة يلتقيان عبرها، ألا وهي مبادئ العدالة والتقدم والتسامح وكرامة كل إنسان." وطرح وقتها أوباما معادلة أمريكية للتعامل مع المنطقة وفق "شراكة بين أميركا والإسلام يجب أن تستند إلى حقيقة الإسلام وليس إلى ما هو غير إسلامي". وما إن تحقق لأمريكا حلمها بمعادلة الشراكة مع المنطقة والقائمة على (ما هو اسلامي) وذلك عبر صعود التيارات ذات الشعارات الاسلامية إلى الحكم تعزز أوباما حتى كتابة هذه السطور عن لقاء أي من الصاعدين الجدد إلى سدة الحكم رغم حاجتهم إلى التقاط الصور مع ساكن البيت الابيض باعتبارها وثيقة تدعيم لأركان حكمهم. بل زادت مشاهد الحميمية التي ظهرت بين أوباما ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو من خيبة أمل المراهنين عليه عندما وصل إلى إسرائيل في زيارته الأخيرة للمنطقة وسط استقبال حار من نتنياهو. وعلى غرار خطاب جامعة القاهرة ألقى أوباما خطابا عاطفيا أمام طلاب إسرائيليين في القدسالمحتلة طارحا نفسه صديقا حريصا على مصلحة اسرائيل داعيا الطلاب إلى الضغط على السياسيين للدخول في عملية سلام من منطلق الحرص على مستقبل اسرائيل وذلك دون طرح أية مبادرة أو أفكار لتحريك عملية السلام المتوقفة أساسا بسبب التعنت الاسرائيلي وتنصل الاحتلال من الأسس التي يأتي على رأسها وقف الاستيطان. الا أن أبرز ما خرج من فم أوباما خلال زيارته الأخيرة كان من رام الله خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه بالرئيس الفلسطيني محمود عباس حينما قال أوباما إن إدارته "تسعى إلى تحقيق حل يقوم على دولتين: فلسطينية مستقلة متواصلة جغرافيًّا قابلة للعيش، ودولة يهودية في إسرائيل"، مضيفاً أن "الشعب الفلسطيني يستحق نهاية للاحتلال ومستقبلاً أفضل". واذا كانت (البداية الجديدة مع الاسلام) الواردة في خطاب (الشيخ اوباما) في 2009 هي الكلمة المفتاح التي مثلت طلقة البداية لصعود تيارات الاسلام السياسي إلى الحكم في المنطقة فإنه يمكن اعتبار (يهودية إسرائيل) هي الكلمة المفتاحية في خطاب (الحاخام أوباما) في 2013 والتي من خلالها نستنبط خريطة جديدة ترسمها أميركا تكون فيها المنطقة عبارة عن دويلات مقسمة مذهبيا وترفع شعارات اسلامية بغض النظر عن تطبيق هذه الشعارات وتكون هذه الدويلات منزوعة القرار وتتواجد بحكم الجغرافيا حول دولة (يهودية) لها القيادة.