قال الرئيس السوري، بشار الأسد، أن دول الجوار لن تكون بمنأى عن تداعيات ما يجري في سوريا، وأن عدم الاستقرار لن يتأخر في الوصول إليها، معيداً التشديد على رغبة النظام في الحوار. وفي بداية المقابلة مع قناة "اولوصال" التي بثتها صفحة المكتب الإعلامي في الرئاسة السورية على موقع "فيسبوك"، رد الأسد على شائعات وفاته وتركه البلد، بقوله "الجواب موجود في السؤال، وأنا موجود أمامكم، ونحن فوق الأرض لا في ملجأ، وهذه شائعات تبث من وقت لاخر للتأثير في الروح المعنوية للشعب السوري". وأضاف "لا أعيش في بارجة روسية، ولا في ايران، أنا أعيش في سوريا، في نفس المكان الذي كنت أعيش فيه دائماً". الأسد الذي أبدى سعادته بالتحدث إلى الشعب التركي الشقيق تكلم عن حاجة الجامعة العربية إلى الشرعية، قبل أن يؤكد، رداً على سؤال عن كيفية تقويمه لنشاطات وفعاليات وسياسات دول البركس "أن الصراع في سوريا لم يكن في الأساس صراعاً محلياً". وأضاف "هناك حراك داخلي في سوريا، لكن الموضوع برمته خارجي، وهو صراع خارجي على سوريا مرتبط بالخارطة الإقليمية، وبإعادة رسم الخارطة في هذه المنطقة، وهو في الوقت نفسه مرتبط بالصراع بين القوى الكبرى"، مشيراً إلى أن «تشكل مجموعة او تشكيل مجموعة البركس يدل على أن الولاياتالمتحدة لن تكون بعد الآن هي القطب الوحيد في العالم». وشدد على أن «هناك شركاء لها، ولا يمكن ان يكون هناك عمل على الساحة الدولية من دون الأخذ بالحسبان وجهة نظرهم ومصالحهم مجموعة البركس لا تدعم الرئيس بشار، مجموعة البركس لا تدعم الدولة السورية، هي تدعم الاستقرار في هذه المنطقة». ولفت إلى أن «الكل يعرف أنه اذا حصل اضطراب ووصل الى مرحلة التقسيم، أو إلى سيطرة القوى الإرهابية في سوريا، أو كلتا الحالتين، فلا بد أن ينتقل هذا الوضع مباشرة الى الدول المجاورة اولاً، وبعدها بتأثير الدومينو إلى دول ربما بعيدة». وأضاف إن الأمر «يعني خلق حالة من عدم الاستقرار لسنوات، وربما لعقود طويلة». أما بالنسبة إلى بعض الدول العربية أو الإقليمية التي وقفت ضد سوريا، فأكد الأسد أن «المعروف أن جزءاً من هذه الدول ليس مستقلاً في قراره السياسي، هذه الدول تتبع التعليمات الخارجية، ربما تكون في داخلها مع الحل السياسي، لكن عندما يعطى الأمر لهذه الدول من الغرب فعليها أن تنفذ». وفي ما يتعلق بما اذا كان يفكر في ترك منصبه لأحد آخر، تساءل الرئيس السوري «كيف يبقى (الرئيس إذا كان الشعب ضده). كيف تصمد سوريا سنتين». وأضاف «أن تقف دول خارجية ضدي فلا يعني لي كثيراً هذا الموضوع، فأنا رئيس منتخب من قبل الشعب السوري، لذلك نصل الى هذه النتيجة. فمجيء رئيس أو ذهابه قرار سوري داخلي يتخذه الشعب السوري لا الدول التي تطالب بذلك». وبعدما أكد عدم حرص الولاياتالمتحدة على الديموقراطية، أو دماء الشعب السوري على غرار كل من فرنسا وبريطانيا، لفت إلى أن «الحكومة التركية الحالية منغمسة في الدماء السورية ودول اخرى مشابهة». وأضاف «نحن محاطون بمجموعة من الدول التي تساعد الإرهابيين على الدخول الى سوريا. طبعاً ليس بالضرورة كل هذه الدول تفعل ذلك على نحو متعمد». وأضاف «مثلاً العراق ضد تسريب الإرهابيين، لكن لديه ظروف معينة لا تسمح له ربما بضبط الحدود. في لبنان هناك أطراف مختلفة تساعد أو لا تساعد أو تقف ضد إدخال الإرهابيين إلى سوريا. أما تركيا، فتحتضن على نحو رسمي الإرهابيين، وتُدخلهم الى سوريا. هناك تسريب من الأردن غير واضح تماماً إذا كان مقصوداً. طالما لديك تسريب إرهابيين، فستبقى لديك معارك مع أولئك الإرهابيين، وهذا الشيء طبيعي». ونبّه إلى أن «ما يجري حرب بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى. هي ليست مجرد أحداث امنية متفرقة. الإرهابيون يدخلون بالآلاف وربما بعشرات الالاف». وعن التحول الذي طرأ في العلاقة مع الحكومة التركية ورئيسها رجب طيب أردوغان، رأى الأسد أنه «يبدو ان أردوغان يرى في أحداث العالم العربي فرصة له لكي يطيل عمره السياسي. هذا الرجل عقله عقل إخوان مسلمين، والإخوان المسلمون من تجربتنا معهم في سوريا منذ ثلاثين عاماً وأكثر بقليل مجموعات انتهازية تستخدم الدين منهجاً للمصالح الشخصية». ورداً على ما يردده أردوغان عن تقديمه اقتراحات وإصلاحات، وعن أن الرئيس السوري رفضها، قال الأسد «مع كل الأسف، اردوغان لم يقل كلمة صدق واحدة. المقترحات الذي قدمها مقترحات عامة». وأضاف «لكن هناك سؤال بسيط نسأله إذا كان أردوغان قد قدم مقترحات لكي تحل المشكلة في سوريا كما يدعي، فما علاقة هذه المقترحات بدعم المسلحين؟ اليوم أردوغان يُحضِر المسلحين بتمويل قطري، ويؤمن لهم السلاح عبر الأراضي التركية». ومضى يقول «هو يعرف أننا كنا مع الحوار، ومن اليوم الأول أعلنا موافقتنا على التحاور مع كل القوى السورية، وعندما فشلت المرحلة الأولى التي يسمونها ويطلقون عليها المرحلة السلمية، انتقلوا إلى دعم المسلحين. أردوغان يكذب ويستخدم هذه المقترحات مجرد قناع». وعن إمكانية رد دمشق بالمثل ضد أنقرة، طالما أن تركيا متورطة في ما يجري في سوريا، أكد الأسد «نحن لا يمكن أن نقوم بنفس العمل. أولاً لاننا لا نقبل الإجرام، نحن نرفض الأعمال الإجرامية. ثانياً نفترض ان الشعب التركي شعب شقيق. ثالثاً هذا ما يريده اردوغان». وأضاف «أردوغان يريد أن يكون هناك صدام على المستوى الشعبي بين سوريا وتركيا، لكي يحصل على الدعم الشعبي في سياساته». وعن مدى تورط الضباط الأتراك، قال الأسد «أما بالنسبة إلى الاستخبارات التركية، فنحن حتى هذه اللحظة لم نلقِ القبض على أي شخص في الاستخبارات أو الجيش. لكن هذا لا يعني أنهم ليسوا متورطين».