تحدثنا فى المقال السابق عن موضع الصوت فى الإسلام من خلال وصية لقمان الحكيم لأبنه وهو يعظه واغضض من صوتك، وفى هذا العدد نتحدث عن موضوع المشى فى الإسلام فالمشى فى الإسلام له ضوابط هذه الضوابط نعرفها أيضاً من خلال وصايا لقمان لأبنه "واقصد فى مشيك" القصد: إستقامة الطريق قصد يقصدُ قصداً فهو قاصد يقول الله تعالى "وعلى الله قصد السبيل" اى على الله يتبين الطريق المستقيم من أجل أن يكتمل معنى الكلمة تكملة الأية ومنها جائر – أى ومنها طريق غير قاصد فمعنى طريق قاصد أى سهل مستقيم . وقول الله تعالى "لو كان عرضاً قريباً وسفراً قاصداً لاتبعوك" قال ابن عرفه سفراً قاصداً أى غير شاق والقصد فى اللغة العدل وفى الحديث يقول النبى صلى الله عله وسلم القصد تبلغوا أى عليكم بالقصد فى الأمور فى القول والفعل وهو الوسط بين الطرفين . وفى الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كانت صلاته قصداً وخطبته قصداً وفى الحديث أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم قال عليكم هدياً قاصداً أى طريقاً معتدلاً . فالقصد فى الشئ – خلاف الإفراط وهو ما بين الإسراف والتقتير وفى الحديث عن الجريرى قال كنت أطوف مع أبى الطفيل فقال ما بقى أحد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم غيرى قال قلت ورأيته قال نعم قال قلت كيف كان صفته "قال كان أبيض مليحاً مقصداً" قال أراد بالمقصد أنه كان ربعه بين الرجلين بين مستوى غير مَشرف ولا ناقص فهو مقصد – وأبو الطفيل هو واثله ابن الأسقع . فقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مشيه فتعالوا لنتعلم من مشيه رسول الله عن أبى هريرة رضى الله عنه قال "ما رأيت أحداً أسرع مشيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكأنما الأرض تطوى له كنا إذا مشينا معه نجهد أ نفسنا وأنه لغير مكترث" رواه الترمذى والإمام أحمد . وعن هند ابن أبى هالة رضى الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا مشى مال تقلُعاً يتكفأُ تكفؤاً ويمشى هوناً ذريع المشية كأنما ينحط من صبب" رواه البيهقى . معنى التقلع – أى الإنحدار من الصبب والتقلع من الأرض قريب بعضه من بعض ومعنى التكفؤ: تمايل الماشى إلى قدام كالغصن إذا ذهبت به الريح هذه صفة مشية رسول الله عليه وسلم مشيه بين الإسراع والبطء . وفى وصية لقمان لأبنه "واقصد فى مشيك" الذى يوضح هذه القضية سورة الفرقان فى قوله تعالى "وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما" لابد أن نفهم لماذا وصف الله تعالى هؤلاء الصنف من الناس بأنهم عباد له . *وعباد الرحمن هم العباد المنسوبون إلى الله وحده إذا كان هناك عباد للشيطان أو للطاغوت أو للشهوات أو للدينار والدرهم الذى يوضح هذا الأمر هذا الحديث عن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة زاد فى رواية وعبد القطيفة إن أعطى رضى وإن لم يعط سخط وانتكس وإذا شيك فلا انتقش" رواه البخارى فى صحيحه . فإذا كان هناك عبيد للمخدرات وعبيد للمال فإن هناك عباداً للرحمن هؤلاء العباد الذين أنسى الشيطان نفسه أن يتسلل اليهم أويجد منفذاً لإغرائهم والسيطرة عليهم اسمع قول الله تعالى "قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين" ص: 83،82 وقال تعالى "إن عبادى ليس لك عليهم سلطان" الإسراء 65 هؤلاء هم العباد المنسوبون إلى ذات الله تعالى المقدسة : عباد الرحمن وقد رضى الله إن بينهم إلى ذاته باسم "الرحمن" الذى يشعر بأنهم أهل الرحمة الله عز وجل وأنهم فى دائرة هذه الرحمة وقبل ذلك فى هذه السورة قال الله تعالى عن المشركين "وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفوراً" الفرقان 60 فإن كان هؤلاء يجهلون ما الرحمن فإن هناك إناساً يعرفون الرحمن ويقدرون حق قدرةً ويؤدون له حقه السؤال هنا أتريد أن تكون من عباد الرحمن أتريد أن تنتسب إلى الله عز وجل أتريد أن تكون واحداً من هؤلاء أتريد أن تكون من عباد الرحمن وحدة فلابد أن تعرف مقوماتهم وخصائصهم وصفاتهم اعرف من هم "عباد الرحمن" فعباد الرحمن لهم سمات وخصال وصفات . وأول هذه الصفات – أنهم يمشون على الأرض هوناً – فكلمة هوناً صفة المشى لها قيمة عند الله – فوصية لقمان واقصد فى مشيك هنا وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً . فكيف نجمع بين هاتين الصفتين – القصد فى المشى – وكلمة هوناً هذا ما نعرفه فى العدد القادم إن شاء الله .