بقلوب تنزف دمًا، وعيون لا تعرف لغة غير الدموع، تتحدث أمهات ثكلى، فقدن فلذات أكبادهن في الثورة، ويمر عليهن هذا اليوم حزينًا قاتمًا، فعيد الأم على أمهات شهداء الثورة له مراسم أخرى، فقد شيعن أحلامهن ودُفنت مع أولادهن الذين تركوا الدنيا في رحلة غدر، فبعض الأمهات يأتى عليهن هذا العام ليعشن التجربة للمرة الثانية، وكل عام تصبح المرارة أقسى والوجع أعمق؛، لأن ذهول الصدمة يمتص الكثير، ومع توالى الأيام يصبح الألم صديقًا، وأمهات أخريات يعشن التجربة هذا العام للمرة الأولى ليدخلن بورصة القلوب الملتاعة، فليس للأيام مذاق سوى "العلقم"، الذي لم يعدن يعرفن غيره طعمًا.. "البديل" التقى بأمهات الشهداء لينقل كلامهن في عيد الأم قالت السيدة نادية بشارة والدة الشهيد مينال دانيال إن هذا هو ثاني عيد أم يمر عليها دون أن ترى مينا، وعلى الرغم من افتقادها له، إلا أنها تعلم أنه في مكان أفضل بكثير، وأشارت إلى أن مينا وغيره من الشهداء ماتوا وأملهم هو التغيير وتحقيق العدالة الاجتماعية، ولكن كل أحلامهم ذهبت هباءً وبقي الحال كما هو عليه. وتابعت وقد اختنق صوتها "عمر الأم ما تنسى ضناها"، ولكن يكفيني بأن أكون أم الشهيد، وأيضًا عندما يتصل بي بعض الأشخاص الذين لا أعرفهم؛ ليقولوا لي "كل سنة وانتي طيبة يا أمي"، أقول إن مينا حي في السماء، ولكن لن يعوضني عن فراقه أحد، فما زال إخوته يأتون إليَّ كل عيد أم، ولكنه كان أكثرهم حنانًا. ووجهت بشارة رسالة إلى الرئيس محمد مرسي قائلة: "راعي ضميرك وراعي ربنا في مصر وأهلها؛ لأن شعب مصر لا يستحق كل ما يحدث له، وأتمنى أن تستقر الأمور ولا نرى مزيدًا من الدم"، وأشارت إلى أن جميع المسئولين تجاهلوها ولم يلتفتوا حتى لتكريمها كإحدى الأمهات المثاليات. أما والدة الشهيد ولاء الدين حسني فصارحتنا بأنها تشعر بالأسى كلما أتى هذا اليوم دون أن ترى ابنها ودون أن يأتي إليها ويقبلها ومعه هديته، فقد اعتقد هو وباقي الشباب أنهم سوف "يعدلوا" البلد وتتحسن أحوالها على أيديهم، ولكن الأيام أثبتت أنهم "راحوا هدر"، قائلة "كلما رأيت شابًّا جديدًا يسجل اسمه في قائمة الشهداء أتذكره وأبكي عليه وعلى الحال الذي وصلت إليه البلد". وأضافت أن "الجميع تجاهل حقوق الشهداء، ووعدوا بالقصاص، ولكنهم لم ينفذوا وعدهم؛ وبذلك لن ينصلح الحال طالما أن حق من مات أصبح منسيًّا ومُتجاهَلاً، سيظل الدم أرخص ما في البلد، وأتمنى أن ينزل الرئيس مرسي من قصره، ويرى مطالب الشباب ويحاول تحقيقها بدلاً من قتلهم في كل مكان". وواصلت والدة الشهيد حسين طه أن عيد الأم يمر للمرة الثالثة عليها بعد رحيل ابنها، فهى تعلم كل العلم أن عيد الأم بدون "حسين" لا يعتبر عيد، خاصة وإنه كان دائمًا يأتى إليها بهدايا ويحتفل معها بطريقة خاصة. وأوضحت أن "المطلب الأساسى لها هو القصاص العادل لكل أبناء الوطن، فالحق الآن أن يرحل النظام الإخوانى وأن نأتى بنظام يحقق ما وعد به، ويأتى بالقصاص العادل لكل شهداء الوطن". فيما اعتبرت والدة الشهيد مصطفى العقاد السيدة "منى العقاد" أن "عيد الأم هو ذكرى ومناسبة جيدة لتذكير زوجة مرسى بأن أبناءها معها، وأنها لو كانت فى مكان أهالى الشهداء ما كانت لترضى بذلك الوضع الذى نحن به، بل الوضع يزداد سوءًا، فبعد ما كنا احتسبنا أبناءنا شهداء عند الله، نفاجأ كل يوم بتزايد عدد الشهداء، ويكون القاتل هو من وعدنا بأن يأتى بحقوق الشهداء". أما والدة الشهيد جابر صلاح "جيكا" فأكدت أنها لم تحزن بيوم عيد الأم؛ لأن أصدقاء جيكا لم يشعروها بالوحدة، فهم دائمًا معها، ويأتون إليها؛ حتى لا يشعروها أن جيكا مات، فعلى الرغم من وفاة جيكا، إلا أنه ما زال حيًّا فى نفوس الشباب المصرى، الذى سيحقق حلمه ويأتى بحقه عن قريب. وأوضحت والدة الشهيد محمد خالد شهيد اشتباكات كورنيش النيل أن عيد الأم ليس له معنى، خاصة وأن الأم الكبرى وهى مصر تجرح ويؤلم أبناؤها، فعندما يذهب أولادها ليحرروها يتهمون بالبلطجة، وهذا هو الظلم بعينه. وطالبت الرئيس مرسى أن يعود إلى رشدة وثوابه؛ حتى يأتى بحق كل شهيد من أبناء الوطن؛ حتى تستطيع أهالى الشهداء أن تغمض جفنها على السرير.