تعد عزبة "القرود" الكائنة خلف محطة قطار "غبريال" بالإسكندرية أشهر المناطق سيطًا، فمنذ عشرات السنين كانت تضم "القرداتية" الذي كانوا يجوبون الشوارع؛ ليقدموا عروضًا للقرود وهي ترقص على دقات الدفوف وهم يرددون "الليل الليل اصح يا ميمون"، فترسم القرود الابتسامة على وجوه الصغار والكبار حينما تقلد "نوم العازب" و"عجين الفلاحة"، ثم يعودون بعد يوم شاق وطويل من التجوال بالشوارع الرئيسية والميادين مقابل مبالغ زهيدة. ما زالت عزبة "القرود" تحتفظ بنفس الاسم، ولكنها لم تعد تحتفظ بنفس المهنة، فقد تحولت وبكل أسف المهنة الأساسية لعدد كبير من أهالى العزبة إلى بيع حبوب "الترامادول" فى وضح النهار على مرأى ومسمع من الجميع. فمع بداية دخول العزبة من خلال الممر الضيق الذى يفصل بين محطة قطار غبريال والشارع الرئيسى الذى ينتهى بأرض الحوفى، تجد شبابًا فى العشرينيات من العمر يفصلهم عن بعضهم عدة أمتار ما بين الناصية والتى تليها، وينظرون إليك بترقب؛ بانتظار الطلبات، ويقولون لك: "شريط يا باشا ولا اتنين؟"، "أبيض يا باشا ولا فراولة؟" هذا لو كان "الزبون" معروفًا ويأتى اليهم باستمرار. إما إذا كان من الوجوه الجديدة فيكتفى البائع بالإشارة إليه على "الحبوب التى يحملها بيده"، منتظرًا رد الفعل. التقى "البديل" بأحد سكان المنطقة؛ ليحكي عن معاناته وما يلقاه الأهالي من مشاكل ومتاعب.. يقول "محمد. ص." (سائق توك توك) "أعاني من حرج شديد وضيق بسبب احتفاظ المحافظة بهذا الاسم للعزبة، فعندما يرى أحد بطاقتي الشخصية، يكون العنوان مادة خصبة للسخرية". وعن تاريخ العزبة يقول "منذ عشرات السنين كانت هذه المنطقة أرضًا خالية، ولكن كانت بها بعض العشش وإسطبلات الخيل، يسكنها من يعمل فى تربية الحيوانات الأليفة ويبيعها، ومن ضمنهم "القرداتية". ولأنها مهنة سريعة لجلب الأموال؛ عمل بها معظم المتواجدين بالعزبة، إلى أن عرفت باسم عزبة القرود، وبعد ذلك قامت المحافظة ببيع الأرض للأهالى، وأقاموا عليها بيوتًا لا تزيد على أربعة أدوار، وتدريجيًّا انقرض من يعملون بهذه المهنة من العزبة، وظل اسمها ملصقًا بها". ويضيف "الآن كما يعلم كل المقيمين بالإسكندرية وعلى رأسهم قوات قسم شرطة الرمل أول أن العمل الأساسى لشباب العزبة هو الاتجار بالحبوب المخدرة وأشهرها "الترمادول"، وذلك فى وضح النهار، ويأتى المئات يوميًّا للعزبة لشراء المخدرات، ورغم إبلاغ قسم الشرطة وعلمهم بما يحدث من تجاوز القانون، لا يتحرك ساكن". Comment *