الانتخابات.. وإرادة الشعب    مع حلول المساء.. إقبال كثيف للناخبين بمدرسة أحمد عرابي بإمبابة    نفاد بطاقات الاقتراع في سفاجا وحلايب بسبب الإقبال الكثيف    بعد صعود حاد.. تراجع أسعار الذهب اليوم الثلاثاء بالتعاملات المسائية    الرئيس السيسي ونظيره الكيني يبحثان العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية في اتصال هاتفي    انقطاع التيار الكهربائى عن 24 قرية وتوابعها فى 7 مراكز بكفر الشيخ غدا    نأمل أن يحافظ القرار الأممى على ثوابت القضية الفلسطينية    عباس: نقترب من الانتهاء من دستور الدولة الفلسطينية    هذا ما وعد به ممداني كعمدة وهل سيتمكن من تحقيقه؟    أنشيلوتي ينصح لاعب ريال مدريد بالرحيل    تحديد موعد إقامة سوبر اليد بين الأهلي وسموحة في الإمارات    مصرع وإصابة شخصين في حادث انقلاب سيارة أثناء متابعة الانتخابات بأسوان    أول لقطات من حفل زفاف هايدي موسى على المذيع الرياضي محمد غانم في القلعة    السقا وباسم سمرة وشيرين رضا.. القائمة الكاملة لأبطال فيلم «هيروشيما»    مراسل إكسترا نيوز بالبحيرة: إقبال تاريخى وتسهيلات لوجستية للناخبين    الفراعنة.. والمتحف الكبير.. والأهرامات    هل يجوز تنفيذ وصية أم بمنع أحد أبنائها من حضور جنازتها؟.. أمين الفتوى يجيب    سفير تركيا: فيدان يستقبل وزير خارجية مصر غدًا في أنقرة للتحضير لمجلس التعاون الاستراتيجي    الزمالك يشكو زيزو رسميًا للجنة الانضباط بسبب تصرفه في نهائي السوبر    تأجيل لقاء المصرى ودجلة بالدورى ومباراتي الأهلى والزمالك تحت الدراسة    مصر الجديدة للإسكان تغرد بأداء مالي متميز خلال أول 9 أشهر من 2025..تجاوز الإيرادات 1.27 مليار جنيه بنمو 42%    أمين بدار الإفتاء يعلق على رسالة انفصال كريم محمود عبد العزيز: الكلام المكتوب ليس طلاقا صريحا    ضبط قائد سيارة نقل اعتدى على مواطن بالسب والضرب بسبب خلاف مرور    مستشفيات قصر العيني تنظم يوما تعريفيا للأطباء المقيمين الجدد (صور)    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    «بيحطوا روج للتماثيل».. فتيات يثيرن الجدل خلال زيارتها للمتحف المصري الكبير (صور)    المنظمة الدولية للهجرة تحذر من قرب انهيار عمليات الإغاثة في السودان    مسار يكتسح 15 أغسطس بخماسية في مجموعة الموت بدوري أبطال أفريقيا للسيدات    أوغندا تهزم فرنسا في كأس العالم للناشئين وتتأهل "كأفضل ثوالث"    الفريق ربيع عن استحداث بدائل لقناة السويس: «غير واقعية ومشروعات محكوم عليها بالفشل قبل أن تبدأ»    بعد أزمة صحية حادة.. محمد محمود عبد العزيز يدعم زوجته برسالة مؤثرة    توافد الناخبين على لجنة الشهيد إيهاب مرسى بحدائق أكتوبر للإدلاء بأصواتهم    حادث مأساوي في البحر الأحمر يودي بحياة نجل المرشح علي نور وابن شقيقته    الاتحاد الأوروبي يخطط لإنشاء وحدة استخباراتية جديدة لمواجهة التهديدات العالمية المتصاعدة    ليفربول يبدأ مفاوضات تجديد عقد إبراهيما كوناتي    الحكومة المصرية تطلق خطة وطنية للقضاء على الالتهاب الكبدي الفيروسي 2025-2030    «هيستدرجوك لحد ما يعرفوا سرك».. 4 أبراج فضولية بطبعها    عمرو دياب يطعن على حكم تغريمه 200 جنيه فى واقعة صفع الشاب سعد أسامة    غضب بعد إزالة 100 ألف شجرة من غابات الأمازون لتسهيل حركة ضيوف قمة المناخ    مراسل "إكسترا نيوز" ينقل كواليس عملية التصويت في محافظة قنا    الكاف يعلن مواعيد أول مباراتين لبيراميدز في دور المجموعات بدوري أبطال أفريقيا    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. ندوة علمية حول "خطورة الرشوة" بجامعة أسيوط التكنولوجية    طقس الخميس سيء جدًا.. أمطار وانخفاض الحرارة وصفر درجات ببعض المناطق    شاب ينهي حياة والدته بطلق ناري في الوجة بشبرالخيمة    بعد قليل.. مؤتمر صحفى لرئيس الوزراء بمقر الحكومة فى العاصمة الإدارية    الرئيس السيسي يوجه بمتابعة الحالة الصحية للفنان محمد صبحي    إدارة التعليم بمكة المكرمة تطلق مسابقة القرآن الكريم لعام 1447ه    التغيرات المناخية أبرز التحديات التى تواجه القطاع الزراعى وتعيد رسم خريطة الزراعة.. ارتفاع الحرارة وتداخل الفصول يؤثر على الإنتاجية.. ومنسوب سطح البحر يهدد بملوحة الدلتا.. والمراكز البحثية خط الدفاع الأول    بعد غياب سنوات طويلة.. توروب يُعيد القوة الفنية للجبهة اليُمنى في الأهلي    إقبال على اختبارات مسابقة الأزهر لحفظ القرآن فى كفر الشيخ    وزير الصحة يؤكد على أهمية نقل تكنولوجيا تصنيع هذه الأدوية إلى مصر    محافظ الإسكندرية: انتخابات النواب 2025 تسير بانضباط وتنظيم كامل في يومها الثاني    محافظ قنا وفريق البنك الدولي يتفقدون الحرف اليدوية وتكتل الفركة بمدينة نقادة    "البوابة نيوز" تهنئ الزميل محمد نبيل بمناسبة زفاف شقيقه.. صور    بنسبة استجابة 100%.. الصحة تعلن استقبال 5064 مكالمة خلال أكتوبر عبر الخط الساخن    بينهم أجانب.. مصرع وإصابة 38 شخصا في حادث تصادم بطريق رأس غارب    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كارم يحيى يكشف وقائع ليلة تفتيش أوراق رئيس تحرير الأهرام .. بطولة الزميلة ” صباح حمامو “
نشر في البديل يوم 19 - 02 - 2011

رسالة لرؤساء تحرير أربع صحف قومية تدعو “مبارك” لخنق الصحف الخاصة
وساطة في أعمال بيع أراضي و مشروع كتاب ومسلسل تليفزيوني عن الدكتاتور
مشروع خطاب استعطاف إلى زملائه لكنه لا يجرؤ على إعلان استقالته
محاولة تهريب لوحة للفنان “صلاح جاهين ” رسمها لنفسه
صور تجمع بين “جمال مبارك ” و رئيسي الإدارة والتحرير وهم في حالة ضحك هستيري
الشرطة العسكرية وضعت المؤسسة تحت حراستها بعد محاولة تهريب أخيرة
كان الصديق والزميل “علاء العطار” يداعبني فيقول لي على مدى السنوات الماضية ” انت المجنون الوحيد في الأهرام ” . لكنني اكتشفت مساء يوم الجمعة 18 فبراير 2011 إن هناك من هم أكثر جنونا في هذه المؤسسة المحافظة شبه الرسمية .
تستحق الزميلة الشابة الأستاذة “صباح حمامو ” التي لم أتشرف بمعرفتها إلا منذ أيام قليلة فقط كل تحية وتقدير من زملائها ومواطنيها. فقد استمدت من روح ميدان التحرير وثورة 25 يناير 2011 شجاعة شعب ،وتصدت لمحاولة تهريب صناديق ( كراتين ) من مكتب رئيس التحرير عضو الحزب مبارك الحاكم و أحد أركان آله القمع المعنوي لنظام الفساد والاستبداد . و المثير للتأمل إن الزميلة ” صباح” خرجت من صفوف واحد من أكثر أقسام الصحيفة اليومية تورطا في جرائم خلط الإعلان بالتحرير و مشاركة رجال الأعمال فسادهم ” قسم الاقتصاد ” . وإن كان بالقسم ذاته العديد من الزملاء المحترمين ممن قبضوا على الجمر .
اليوم كان أجازة جمعة و الملايين في ميدان التحرير وجواره يحتفلون بإزاحة الدكتاتور “مبارك” و يطلبون استكمال إزالة نظامه و محاكمته وأركانه ورموزه ، وقد ارتفعت في جنبات الميدان الوسيع أيضا لافتات تدعو لرحيل رؤساء مجالس إدارة و تحرير الصحف القومية ومحاكمتهم على جرائمهم المهنية والسياسية والمالية . و في قلب الميدان تحرك عدد من صحفيي وعمال وإداريي مؤسسة ” الأهرام ” خلف لافته انطلقوا بها من مبنى نقابة الصحفيين مكتوب عليها ” نطالب برحيل عصابة مبارك في مؤسسة الأهرام والصحف القومية ” . وفي هذا التوقيت اختارت قيادات في مؤسسة ” الأهرام ” استكمال تهريب ما شاءوا من مستندات و منقولات .
حوالي الساعة الرابعة عصرا تلقينا اتصالا هاتفيا يفيد بان مكتب مدير الإعلانات و الحوت الشهير “حسن حمدي” يقوم بتهريب خمس صناديق ( كراتين ) إلى خارج المؤسسة .و انطلقنا على الفور الزميلة “شيرين المنيري” والزميل “محمد حربي” و أنا إلى الجريدة حيث كانت هناك الزميلة ” صباح ” . و تحاورنا مع مسئولي الأمن في مدخل المبنى الجديد للمؤسسة . حملت كلماتهم معلومات متضاربة . و حاولنا الاتصال بمدير الأمن لكننا لم نصل إلى شئ محدد . فقط كان لدينا وعد بألا يخرج أي شئ من المؤسسة من دون أن يفتشه الأمن مسبقا .
وفي طريق العودة إلى الميدان هاتفتنى الزميلة “صباح حمامو ” مستنجدة ، و قد تهدج صوتها . أبلغتني أن هناك ثلاثة صناديق ( كراتين ) تخرج الآن من مكتب رئيس التحرير ” أسامة سرايا ” . و قالت أنها بمفردها تحاول منع التهريب في مواجهة رجال الأمن . و سارعت والزميلة ” سعادة حسين ” التي كانت قد عادت إلى منزلها بالاستنجاد هاتفيا بعدد من الزملاء أن يتجهوا على الفور إلى مقر المؤسسة . أما الزميلة ” شيرين ” التي كانت قد اقتربت من العودة إلى منزلها في مدينة السادس من أكتوبر فقد عادت أدراجها على الفور .
وعندما عدت إلى مقر المؤسسة وجدت الزميل الأستاذ “أسامة غيث” عضو مجلس الإدارة السابق قد سبقني لمؤازرة الزميلة ” صباح ” التي اعتصمت أمام جناح الأمن في الطابق الأرضي ومنعت بجسدها النحيل خروج الصناديق الثلاث ، حيث استقرت. وكان هناك أيضا أحد مديري التحرير الأستاذ ” حازم عبد الرحمن ” وهو من رجال الإدارة والنظام وطالما روج للتطبيع وقمع حق زملائه في التعبير عن رأيهم على صفحات الجريدة مستفزا مشاعرهم بنزعاته العنصرية ضد العرب والمسلمين ، وهو أيضا صاحب المانشيت الشهير يوم الغزو الأمريكي البريطاني في مارس 2003 ” بدأت حرب تحرير العراق ” . وقد انخرط في محاولة إخراج الصناديق دون تفتيشها . وعندما فشل استدار إلى محاولة إعادة الصناديق لمكتب رئيس التحرير دون تفتيش.
وبعدما ظل يحاول الاتصال عبثا لأكثر من ساعة بمدير الأمن ” اللواء السابق محمد عطية ” ، توصل الزميل الأستاذ ” غيث ” إلى تسويه عبر الهاتف مع مدير الشئون القانونية الأستاذ ” فوزي العريان ” ، تقوم على تشكيل لجنة بإشراف ممثل للشئون القانونية لفتح ” الصناديق ” و جردها . و كنت من بين أعضاء هذه اللجنة عن المحررين . و بدأت اللجنة عمله برئاسة المحامي ” عبد المنعم فكري” في جناح الأمن بالمبنى القديم بعد محاولات تعطيل وعرقله لا تتوقف. وللأسف فقد جرى الدفع بزميلين مقربين من الإدارة “إسماعيل العوامي ” و محمود المناوي ” كي ينضما للجنة بعد أن بدأت عملها ويتحرشا بالزملاء الصحفيين الذين أصروا على كشف المستور . وهو التحرش الذي وصل إلى حد الاعتداء على الزميل ” أسامة الرحيمي ” بألفاظ نابيه ، مما دفعه للاشتباك بالأيدي مع الزميل ” المناوي ” .
الأهم انه اتضح من الجرد لثلاثة صناديق خرجت بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من تفجر ثورة 25 يناير حدث فيها ما حدث من تدمير وتهريب وثائق ومستندات في كل مؤسسات الدولة أن رؤساء تحرير صحف “الأهرام”و “أخبار اليوم” و”روزاليوسف” و”الجمهورية” وجميعهم أعضاء في حزب “مبارك” ومن أبواق نظامه كانوا قد بعثوا برسالة إلى الدكتاتور في 15 فبراير 2011 يشكون فيه عجزهم عن منافسة الصحف الخاصة الجديدة ،وهي بالأصل ليست بعيده عن سيطرة النظام ولا تصدر أصلا إلا بترخيص من الجهات الرسمية وموافقات أجهزة الأمن وفي مقدمتها “أمن الدولة” . وقد تضمنت الرسالة المشتركة لرؤساء التحرير المطالبة بمنع إعلانات الحكومة والمؤسسات والشركات العامة عن صحف ” الدستور ” و المصري اليوم ” و ” الشروق ” ، والتي وصفوها بأنها تحمل ” أجندات أجنبيه ” . كما طالبوا رئيس الجمهورية المخلوع بان يسمح لهم بقدر من الانتقاد لبعض المسئولين بهدف إضفاء حيوية مصطنعة على صحفهم . كما تتضمن الرسالة تحريضا على رؤساء مجالس إدارات صحفهم بدعوى أنهم يتدخلون في شئون التحرير. ولاشك أن هذه الوثيقة تفضح العلاقة غير القانونية وغير الدستورية بين الصحف القومية والرئاسة وتنطوي على فساد سياسي صحفي يستحق التحقيق والمحاكمة . و كذا تعكس ثقافة قيادات الصحف القومية المعينين بسلطات الحاكم الفرد وأسرته و حاشيته و حزبه و أجهزة أمنه ، والي حد أنني لم استطع أن أمنع نفسي فخرجت منى كلمة ” فاشيست ” . ولحظتها تذكرت كيف جادلني صديق عندما كتب ونشرت في 3 يناير 2011 على موقع جريدة ” البديل “الالكتروني مقالا بعنوان ” حزب كفرة وخونه ” ، أشرت فيه إلى ملامح “شبه فاشية” في الحزب الوطني الحاكم .
وفي جعبة صناديق رئيس التحرير كانت هناك أيضا مشروع بيان كتبه إلى زملائه بالصحيفة يستعطف فيه زملاءه بشأن سياسة التحرير إبان أيام ثورة 25 يناير .لكن البيان لم تتضمن استقالته .وبالأصل فان البيان لم ينشر ، فيما انخرط الرجل في تدبيج ونشر مقالات في الصفحة الأولى من الجريدة بما في ذلك يوم الجمعة ذاته تهاجم ” النظام السابق وتطالب بمحاسبة رجاله ” ويتطوع فيها بإسداء النصائح لقيادة المرحلة الانتقالية ، فيما يحذر من المبالغة في الحديث عن الفساد . وهو المقال الذي نشره بعد يوم واحد من نبأ طلب جهاز الكسب غير المشروع التحقيق معه. و ” أسامة سرايا ” نفسه هو ذات الرجل الذي لا يزال يمنع النشر عن زملائه المحرومين مهنيا من حقهم في التعبير عن رأيهم على صفحات الجريدة ، والى حد أنه وأعوانه منعوا منذ الأحد 13 فبراير 2011 نشر بيان وقع عليه نحو 300 زميل كدفعة أولى يدين سياسة التحرير إبان أيام الثورة وعلى مدى عقود قبلها .
و الأخطر أن صناديق رئيس التحرير حوت أوراقا عن وساطات مارسها رئيس التحرير لدي الجهات الرسمية وبخاصة وزير الإسكان ” أحمد المغربي ” لشراء عشرات الآلاف من الأفدنة لحساب شركات خاصة ورجال أعمال تحوم حولهم شبهات فساد (!) . و خرج من الصناديق مستند موجه إلى رئيس مجلس الإدارة من دون تاريخ يطالبه بتخصيص مبلغ 183ألف جنيه كمكافآت إضافية لثلاثة و خمسين من الزملاء يتقدمهم مديرو تحرير .وقد جرى تخصيص مبلغ عشرة آلاف جنيه لكل منهم من حصيلة الإعلانات ، ومن بينهم ” حازم عبد الرحمن” نفسه ، فيما تحصلت مديرة مكتبه الأستاذة ” مها النحاس ” على خمسة آلاف جنيه. و من بين المقتنيات التي كانت بطريقها إلى خارج المؤسسة لوحة ” بورتريه ” زيت رسمها الفنان الراحل ” صلاح جاهين ” لنفسه ووقع عليها . علما بأنه توفي في عام 1986 . وقد نبهت زملائي إلى انه من المستبعد أن يكون الفنان الراحل قد أهداها لرئيس التحرير قبل هذا التاريخ وأنه يتعين التحقيق أولا فيما إذا كانت اللوحة من أموال رئيس التحرير أم أنها تخص المؤسسة . ولذا فقد صممنا على إلحاقها بالمستندات والمقتنيات الخاصة بالأهرام.
و هناك أيضا مشروع كتاب ومسلسل تليفزيوني عملاق عن حياة الدكتاتور , وصور تجمع بين نجله ” جمال مبارك ” و رئيس التحرير ورئيس مجلس الإدارة وهم في حالة ضحك بدا هستيريا . والى جانب ذلك كانت هناك تقارير مرفوعة إلى رئيس التحرير عن توزيع الصحيفة وبخاصة في الأسابيع الأخيرة ، إلا أننا لم نتمكن من الاطلاع على فحواها . و لكنني تذكرت ما روته لي قيادة في المؤسسة قبل نحو شهرين عن انهيار توزيع “الأهرام” اليومي إلى حد انه لم يصبح الجريدة الأولى في كل أيام الأسبوع ، باستثناء عدد يوم الجمعة . كما تذكرت ما قالته لاحقا القيادة ذاتها من أن إدارة التوزيع استغاثت برئيسي مجلس الإدارة والتحرير يوم 26 يناير مطالبه بتغيير سياسة التحرير فورا ، بعدما عاد معظم المطبوع من الجريدة كمرتجع إلى المخازن لتحقق المؤسسة خسائر بملايين الجنيهات .
كانت التسوية التي تم التوصل إليها بين الصحفيين المتمردين و الإدارة القانونية تقضى بوضع محضر جرد بمحتويات الصناديق ، و تصوير نسخة منه وتسليمها إلى الصحفيين و إعادة الصناديق كوديعة لدى الشئون القانونية ، بعدما اقترحت فرز المستندات والمتعلقات الشخصية عن تلك التي تخص المؤسسة ، وعلى إلا تخرج الأخيرة منها بأيه حال . لكننا فوجئنا بعد الانتهاء من الجرد بمندوب الشئون القانونية يتراجع عن الاتفاق و يرفض تسليمنا صورة من محضر الجرد . و مع إصرارنا اضطر للسماح للزميلة ” صباح ” بتصوير أوراق المحضر بآلة تصوير ، دون أن يستجيب لتسليمنا صورة ضوئيا بواسطة الماكينة المتوافرة بالغرفة ذاتها .
وفي تلك الأثناء كان كلا من الزميل ” غيث ” و ” سعادة ” قد اتصلا بالجيش واستدعياه للقدوم إلى مؤسسة “الأهرام “. وهو إجراء عارضته من قبل حيث كنت أرى انه لا يصح تدخل القوات المسلحة في مؤسسات مدنية على هذا النحو . وكانت الزميلة ” حنان حجاج ” وكذا الزميلة “سعادة ” ليلة الأربعاء الماضي قد أبلغتاني هاتفيا بتهريب خمسة صناديق ( كراتين) من مكتب رئيس التحرير . واقترحا الاتصال بالجيش . ورغم أن الزميل ” محمد غزلان ” في جريدة “المساء ” كان قد أمدني بهاتف عقيد قال انه مسئول عن شئون الصحافة ، إلا إنني امتنعت عن الاتصال به منى بضرورة عدم إقحام الجيش في شئوننا.
لكنني وجدت نفسي مع زملاء نندفع إلى استقبال قوة شرطة عسكرية بقيادة ضابط برتبه “مقدم ” مسئول عن تأمين وسط البلد . وقد صلت القوة إلى ” الأهرام ” بعد منتصف الليل وانتهاء عملية الجرد ،وذلك بعدما سعى مدير الأمن إلى صرفهم و منع دخولهم إلى المؤسسة مدعيا بأن ” كل الأمور على ما يرام و لا توجد أية مشاكل ” ، وبعدما لمسناه على مدى نحو خمس ساعات من مماطلات و ممانعات. و خارج المبنى أخذ مدير الأمن يحاول منعي من التحدث إلى قائد القوة حتى انه استخدم يده وذراعه للحيلولة بيني وبين متابعة التحدث إليه .
وبعد نحو الساعة من الكر والفر لحق بنا خلالها الزميل العزيز ” ضياء رشوان ” بدا أن قائد القوة العسكرية مرتبكا لا يعرف كيف يتصرف أمام هذا الموقف . و اقترح أن يصحب أحدنا إلى قسم شرطة ” بولاق ” الذي يتبعه “الأهرام” لجلب جنود يقومون على حراسة غرف كبار قيادات المؤسسة لضمان عدم تهريب المستندات والوثائق والمقتنيات . وحاول القائد الاتصال بمكتب اللواء “سامي عنان” رئيس الأركان لكنه فشل . إلا أن ما حسم الموقف انه بينما كنا منشغلين في الحوار مع القائد العسكري داخل بهو المبنى كان مدير الأمن بمساعده معاونيه ومندوب الشئون القانونية يقوم بإخراج الصناديق إلى خارج باب المبنى القديم . و إزاء ذلك اتخذ قائد القوة على الفور قرارا حازما بوضع منافذ المؤسسة تحت سيطرة الجيش ، ومنع خروج أية ورقة منها. و قام بتنفيذ القرار على الفور.
كانت الساعة قد جاوزت الساعة الواحدة والنصف عندما تركنا خلفنا مباني ” الأهرام ” بشارع الجلاء وقد أحكمت الشرطة العسكرية سيطرتها على مداخله . واقترح الزميل”ضياء رشوان” أن نعزز في الصباح البلاغ الذي تقدم به أكثر من 120 صحفيا بالمؤسسات الصحفية القومية إلى النائب العام يوم 8 فبراير الماضي ، والذي يطالب بسرعة منع رؤساء مجالس إدارة وتحرير الصحف القومية الحاليين والسابقين في عهد ” مبارك ” من السفر احترازيا و اتخاذ التدابير اللازمة لمنع تدمير أو تهريب أية وثائق أو مستندات أو مقتنيات في هذه المؤسسات .فضلا عن التحقيق في ثرواتهم ومدى مشروعيتها و رد المبالغ المليونية المتحصله شهريا من حصة القيادات في عائدات الإعلانات والتي لا تقرها المادة 70 من قانون تنظيم الصحافة لعام 1996 وعندما دخلت إلى بيتي كنت غير مستريح تماما لأننا اضطررنا للجوء إلى الجيش .. لكن ماذا كان علينا أن نفعل بعد مشوار طويل من الإنكار لمطالبنا ومن المماطلة والتلاعب .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.