بروتوكول تعاون بين جامعتي المنصورة والمنصورة الأهلية لتطوير التعليم الصيدلي    مدبولي يتابع مع وزير الكهرباء خطة تطوير مشروعات الطاقة النووية والمتجددة في مصر    البورصة المصرية تختتم على تباين وتراجع رأس المال السوقي 2 مليار جنيه    رئيس التنظيم والإدارة يبحث مع مدير المنظمة العربية للتنمية تعزيز التعاون    عاجل من وزارة العمل حول مطالب زيادة الحد الأدنى للأجور    كوشنر: لن تبدأ عمليات إعمار في مناطق تسيطر عليها حماس بغزة    فليك يعلن تشكيل برشلونة لمواجهة أولمبياكوس في دوري أبطال أوروبا    القبض على 3 أشخاص أداروا مصنعين للأسمدة المغشوشة والتحفظ على 139 طنا بالإسماعيلية    السياحة والآثار تكشف حقيقة تعرض مقبرة الملك توت عنخ آمون لخطر الانهيار    «هنو» يوجّه بسرعة الانتهاء من مشروع رفع كفاءة قصر ثقافة السويس    أمينة خليل تكشف موقفها من المشاركة في موسم رمضان 2026 | فيديو    نائب وزير الصحة يتابع جودة الخدمات الطبية في شمال سيناء    أمن المنوفية يكثف جهوده لسرعة ضبط عاطل قتل طليقته بسبب خلافات    وفاة شابين صدمهما القطار في الشرقية    والدة فتاة بورسعيد تطالب بأقصى عقوبة على زوج ابنتها الذى ألقاها من الشرفة    "أهمية الحفاظ على المرافق العامة".. ندوة بمجمع إعلام سوهاج    بعد رد أمك.. متحدثة ترامب تنشر رسائل صحفي هاف بوست وتصفه بمتسلل يساري    ترامب ل زيلينسكي: لا أسلحة أمريكية قريبا    تفاصيل جدول زيارة الرئيس السيسي لبروكسل.. تكشفها القاهرة الإخبارية    رئيس جامعة طنطا يهنئ فتحية سيد الفرارجى على إيداع مؤلفها بمكتبة فرنسا    رفع قيمة جائزة أفضل ناشر عربى بمعرض القاهرة للكتاب إلى 2000 دولار    الآثار عن مقبرة الملك توت عنخ آمون : حالته جيدة من الحفظ وغير معرضة للانهيار    محمد ثروت ينتهى من بروفة حفله بمهرجان الموسيقى العربية بقيادة علاء عبد السلام    «موسم خناقة السلفيين».. دار الإفتاء تشتبك وتغلق باب الجدل: الاحتفال بموالد الأولياء يوافق الشرع    رمضان عبد المعز: جزاء الإحسان مكفول من الله سبحانه وتعالى    وزيرة التضامن تبحث مع نظيرتها القطرية تكثيف المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    محمد صبحي: عهد الإسماعيلي في وجود يحيي الكومي كان "يستف" الأوراق    «شوف جدول مرحلتك».. جدول امتحانات شهر أكتوبر 2025 لصفوف النقل في محافظة الإسكندرية    فرصة عمل شاغرة بجامعة أسيوط (الشروط وآخر موعد للتقديم)    منتخب مصر يواجه نيجيريا فى ديسمبر ومفاضلة بين مالى والكاميرون استعدادا لأمم أفريقيا    إصابات بالجملة تضرب الأهلي.. وتأكد غياب هؤلاء عن السوبر المصري (تفاصيل)    خلال جولته في طوكيو.. رئيس اقتصادية قناة السويس يلتقي مجموعتي «تويوتا تسوشو» و«زينشو» ومسؤولين بالحكومة اليابانية    وزير المالية: نتطلع إلى وضع رؤية مشتركة لقيادة التحول الاقتصادي نحو تنمية أكثر عدالة وشمولًا واستدامة    «زنزانة انفرادية وحكم ب 5 سنوات».. الرئيس الفرنسي الأسبق خلف القضبان فكيف سيقضي أيامه؟    الصين تدعو الحكومة اليابانية إلى الوفاء بالالتزامات بشأن التاريخ وتايوان    «بيتشتتوا بسرعة».. 5 أبراج لا تجيد العمل تحت الضغط    «العمل»: 285 وظيفة شاغرة بشركة بالسويس (تفاصيل)    طقس السعودية اليوم.. أمطار رعدية ورياح مثيرة للغبار على هذه المناطق    ليست مجرد مشاعر عابرة.. "الإفتاء" توضح موقف الإسلام من محبة أهل البيت    بعد فتح الباب للجمعيات الأهلية.. هؤلاء لن يسمح لهم التقدم لأداء مناسك الحج 2026 (تفاصيل)    ظهور حالات فى مدرسة بالمنوفية.. علامات الجديرى المائى وطرق العلاج    غدًا.. بدء عرض فيلم «السادة الأفاضل» بسينما الشعب في 7 محافظات    الجالية المصرية ببروكسل تستقبل الرئيس السيسي بالأعلام والهتافات    رسالة شكر من حمزة العيلي بعد أدائه دور ضابط في ذكرى انتصارات حرب أكتوبر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-10-2025 في محافظة الأقصر    دار الإفتاء توضح حكم تصدق الزوجة من مال زوجها دون إذنه    "الابتكار في إعادة تدوير البلاستيك".. ورشة ببيت ثقافة إطسا| صور    وكيل تعليم الفيوم يشهد فعاليات تنصيب البرلمان المدرسي وتكريم الطالبات المتميزات على منصة "Quero"    وزير الصحة يبحث مع السفير الفرنسي تنفيذ خطة لتقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    851 مليار جنيه إجمالي التمويل الممنوح من الجهات الخاضعة للرقابة المالية خلال 9 أشهر    ساناي تاكايتشي.. أول امرأة تكسر حاجز السلطة في اليابان    وزير الصحة: إدخال تقنيات المستشفيات الذكية والجراحة الروبوتية ضمن المنظومة    شون دايش مدربا لنوتنجهام فورست    بالصور.. بدء التسجيل في الجمعية العمومية لنادي الزمالك    ميدو: كنا نسبق الكرة المغربية.. والعدل في الدوري سبب التفوق    أهلي جدة يحقق فوزًا مهمًا على الغرافة في دوري أبطال آسيا    متى وكيف تقيس سكر الدم للحصول على نتائج دقيقة؟    زيلينسكي: نسعى لعقد طويل الأمد مع أمريكا لشراء 25 منظومة باتريوت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى ذكرى رائد التنوير الإنساني والمعرفي أبو الوليد ابن رشد
نشر في البديل يوم 09 - 02 - 2013

في الوقت الذي يتفنن فيه المتأسلمين الجدد، بكل الطرق إقصاء العقل البشري وتنحيته جانبًا لصالح النص القرآني وهو المليء بالآيات التي تحث بشكل مباشر وصريح لإعمال ذلك العقل وإثراءه بالمعرفة والتأمل في خلق الله وخليقته،نتذكر رائد العقل والتنوير في عصره وفي العصور التي تلته ،أبو الوليد بن رشد الفيلسوف والفقية وقاضي القضاة. وأجاب ابن رشد عن أسئلة جالت في عصره وفكره. ولكن يبدو أنها لم تسمع إلى الآن لآننا وببساطة نعايش تلك الهموم والاشكاليات نفسها ، وهي محاولات التوفيق بين الفكر وفلسفته وما ندين به في إسلامنا، محاولة الوقوف على وظيفة عقل الإنسان وإعلائه ونصرته وذلك عندما تفاعل مع أفضل وأصلح ما ينتجه الفكر العالمي، بإدخال الفكر اليوناني الإغريقي إلى ساحة الفكر الإسلامي، والاستفادة مما صلح منه.
حيث كانت المشادة العنيفة التي دارت بين الفلاسفة والمتكلمين في الشرق القديم كادت تقوض الفكر الفلسفي وتقضي على أسس العقل والإيمان قضاءً تامًا لولا وجود ابن رشد وتمكُّنُهُ من الدفاع عنهما بعزيمة خارقة وإعلاءًا لسلطان العقل. وقد احتدم النزاع بين الفريقين حول بعض القضايا الفلسفية البحتة وفرق جديدة نجم عنها نتائج لاهوتية ناقضت العقيدة المسيحية صراحة. رفع الستار عنها ابن رشد في كتابه " كتاب النفس" لأرسطو، فقد طرح المعلم الأول سؤالًا فحواه: هل العقل واحد يشترك فيه جميع البشر به يعقلون؟ أم أنه خاص بكل إنسان فرد يصح بموجبه القول: " إن هذا الإنسان يعقل"؟
وفي ذلك ذهب ابن رشد في تأويله للعقل الهيولاني إلى أن العقل واحد غير متجزئ بالنوع والعدة، ولا يطرأ عليه أي فساد، وإذا تم الإنحلال للجسد بعد الموت يعود العقل إلى حالته الأولى من الوحدة ما دامت علة الكثرة عند فيلسوفنا هي المادة. حيث يرى ابن رشد أن القوة الناطقة جُعِلَتْ في الإنسان من أجل وجوده على الوجه الأفضل، لأنها قاعدة الصنائع العملية والعلوم النظرية التي تستقيم للإنسان دون الحيوان، وُجعِلَتْ فيه من أجل سلامته فقط. وقسم بن رشد القوة الناطقة في . ثلاثة نقاط أولها : المعرفة بوجودها، وثانياً مباينتها لقوس النفس الأُخرى بالإضافة إلى حلتها التي توجد عليها تارة بالقوة وتارة أخرى بالفعل. حيث أوضح بن رشد أن الجواب على هذه المسائل الثلاث كفيل بمعرفة: هل هي ذات هيولي أم لا؟ وما هو المحرك الذي يحركها بإخراجها من القوة إلى الفعل؟ وهل هيأزلية أم حادثة؟ أما العقل عند بن رشد فقد تم تقسيمة الي جزئين العقل العملي وهو الذي يدرك الصور الخيالية للأفعال الإرادية التي يتمثلها والمتصلة بالفضائل العملية مثل الشجاعة.. الوفاء...الصداقة... الحمية..وغيرها من فضائل "لأن وجود هذه الفضائل منوطٌ بتقديرٍ تخيلُّيٍ لما ينبغي فعلُهُ في مقامٍ ما وعلى قَدْر"ٍ أما العقل النظري فيدرك الكليات "المعقولات" دون ارتباط بالعمل بسبب.
ولمعرفة هذه القوة يجب الوقوف على طبيعة الكليات النظرية: هل هذه المعقولات موجودة بالقوة أم بالفعل؟ أم فقط بالفعل؟كما فطن إلى أن هذا العقل النظري يرتقي هو نفسه، وأن لا سبيل إلى الارتقاء إلا في الاعتناء بالعلوم، إذ بدون العلوم يمتنع ارتقاء العقل إلى الكمال ،على مستوى كل الحضارات البشرية السابقة واللاحقة. وأما المعقولات عنده فتدرك بالحس والتخيل لأنها متصلة بقوة بهما. يقول ابن رشد: "مضطرون في حصولنا لنا أن نحس أولًا ثم نتخيل، وحينئذ يمكن أخذ الكلي". وذلك بأن يحدث ذلك عن طريق الترقي في مراتب من الحس إلى مرتبة الخيال فالنطق . وعندما باين ابن رشد الفلاسفة العرب في قضية العقل الفعال، وعلى رأسهم ابن سينا والكندي وآخرون حيث رأوا أن لا صلة لهذا العقل بالنفس عرضًا، كان هو يرى أن له صلة قوية جوهرية بقوى النفس كصلة الصورة بالمادة، وإلا لما كان الإدراك أو النطق. من خواص النفس وكمالاتها الجوهرية. وهذا تجاوز لما كان عليه مفهوم الإدراك قبله. وعندما تمكن ابن رشد رائدًا لفلسفة التنوير النظري الإسلامي. بأن يعلن سيادة العقل. كان هذا سبب تلقف أوربا له، وهي تستيقظ من غفوتها الطويلة والمظلمة فتعمقت في أفكاره، وظهر ما سمي بالرشدية اللاتينية والسياسية- في باليرمو وباريس ونابولي. بل يمكن أن نقول: إن هذه اليقظة العقلية والنفسية معًا، أسهمت إلى حد كبير في هدم صرح لاهوت القرون الوسطى وتهيئة الأجواء للنهضة الأوربية. ليتنا نلتفت إليها كي تحث لنا نهضة تماثلها . كانت دراسة الفقه وتوليت ابن رشد لمنصب قاضي القضاء في عهد الخليفة يوسف بن عبد المؤمن نَمّتْ فيه حسَّ النقد الفلسفي إلى جانب روح النقد وترجيح الآراء على بعضها بعضاً. وقوة الترجيح أدت به إلى الكشف عن كثير من الأخطاء والتناقضات في فكر الأسبقين. وإلى جانب رسوخ قدم بن رشد وكفاءته في الفقه، كان عارفًا بالفتوى، ثاقب النظر في علم الفرائض والأصول،وقد اتّبع منهجاً في تناوله لأصول الفقه وفروعه، وتناول كل ما يتصل بالعقيدة والأحكام، بل إنه أرشد المجتهدين إلى طريقة النظر في قضايا الدين عامة. كثيرة هي مؤلفات ابن رشد في تنوع مجالتها ، وتراثها المعرفي والديني والإنساني ونذكر منها كتابه "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" الذي يتناول فيه فقه الفروع. أما كتابه "فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال" تناول فيه طريق العقل للنظر في المشكلات الفلسفية، وطرق التأويل والقياس العقلي، ومسائل الدين. و كتابه: "الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة" فحاول إيجاد علم كلام جديد عمدته البراهين اليقينية المستمدة من النظر العقلي الذي أمر به الوحي. ويرى أن البراهين العقلية الفلسفية هي التي جاء بها القرآن الكريم. من كتب بن رشد أيضًا نذكر كتاب" تهافت التهافت"- قد صدر نسخة حديثة منه في جزءين من دار المعارف من خلال سلسة ذخائر العرب-والذي كان رد ابن رشد على الغزالي في كتابه تهافت الفلاسفة. وكتاب" الكليات "، وكتاب "التحصيل" في اختلاف العلماء ، وكتاب "الحيوان" وكتاب "المسائل ،" وجوامع كتب أرسطوطاليس .. في الطبيعيات والإلهيات ،" وشرح أراجوزة ابن سينا" في الطب ، كثيرًا من تركه لنا بن رشد من أرث عظيم في تاريخ الفكر العربي والإنساني .
Comment *


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.