نقابة المحامين تناشد الرئيس السيسي بالتدخل لحل أزمة الرسوم القضائية    وزير الإسكان يُصدر حزمة تكليفات لرؤساء أجهزة المدن الجديدة    وحدة المخلفات بالإسماعيلية تشن حملات لمتابعة مستوى النظافة بمدينة المستقبل    إسرائيل تشن غارات جوية على مطار صنعاء وتعلن تعطيله بالكامل    (د ب أ): البرلمان الألماني سيجري اليوم جولة تصويت ثانية لانتخاب ميرتس مستشارا    روسيا تعلن تبادل 205 من الأسرى مع أوكرانيا بوساطة الإمارات    عقوبات الدوري.. رابطة الأندية تعلن إيقاف جمهور الأهلي لمدة مباراتين    فينجر: يجب حرمان يونايتد وتوتنهام من مقعد دوري أبطال أوروبا    بعد رحيله عن الأهلي.. تقارير: عرض إماراتي يغازل مارسيل كولر    انطلاق منافسات بطولة العالم العسكرية للفروسية في العاصمة الإدارية وسط أجواء تنافسية حماسية    ضبط تشكيل عصابي تخصص في الاتجار بالمواد المخدرة بمدينة دهب    طلاب علوم الزقازيق ينظمون مسيرة للمطالبة بكشف ملابسات وفاة زميلتهم داخل الكلية    تأجيل محاكمة متهم قتل زوجته بسبب 120 جنيهًا في العمرانية    وزير الزراعة ومحافظ القاهرة يتفقدان محطة الزهراء للخيول العربية الأصيلة    رنا رئيس تحتفل بزفافها وسط نجوم الفن.. وتامر حسني يشعل أجواء الحفل (صور)    نائب وزير الصحة: تحسين الخصائص السكانية ركيزة أساسية في الخطة العاجلة لتحقيق التنمية الشاملة    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة بنهاية التعاملات بدعم مشتريات عربية وأجنبية    «في ذكرى رحيل المايسترو».. شموع صالح سليم لن تنطفئ    أكاديمية الشرطة تستقبل وفداً من أعضاء هيئة التدريس بكلية الشرطة الرواندية    جامعة كفر الشيخ تنظّم ندوة للتوعية بخطورة التنمر وأثره على الفرد والمجتمع    حفل استقبال رسمي على شرف قداسة البابا تواضروس الثاني في بلجراد    «متى عيد الأضحى 2025».. تاريخ وقفة عرفات وعدد أيام الإجازة    المنوفية الأزهرية تختتم أعمال امتحانات النقل الثانوي والقراءات للفصل الدراسي الثاني    لمناقشة العنف السيبراني.. جامعة مصر للمعلوماتية تشارك في المؤتمر العاشر لمنظمة المرأة العربية    مهرجان البحر الأحمر السينمائي يفتح باب التقديم للمشاركة في دورته الخامسة    قصور الثقافة تطلق العرض المسرحي «منين أجيب ناس» لفرقة الزيتيات بالسويس    المخرج جون وونج سون يزور مقر مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي بالقاهرة    طريقة أداء مناسك الحج خطوة بخطوة.. تعرف عليها    توضيح مهم من «اقتصادية قناة السويس» بشأن اتفاقية موانئ أبو ظبي (تفاصيل)    رافينيا يُرشح محمد صلاح ورباعي آخر للفوز بالكرة الذهبية    وزير المالية الإسرائيلي: سيتم تركيز سكان غزة في محور موراج جنوبا    تفاصيل التصعيد الإسرائيلى الأخير فى غزة بعد توسيع العمليات العسكرية    الجيش الإسرائيلي يصدر إنذارا بإخلاء منطقة مطار صنعاء الدولي بشكل فوري    الكرملين: بوتين وبزشكيان اتفقا على تعزيز التعاون العملي بين البلدين وتنسيق السياسة الخارجية    لمناقشة فرص توطين اللقاحات وتعزيز التصدير، رئيس هيئة الدواء يستقبل وفد فاكسيرا    جزاءات رادعة للعاملين بمستشفى أبوكبير المركزي    نصيحة وزير الشؤون النيابية لابنته بشأن العمل التطوعي    61.15 دولار للبرميل.. تعرف على أسعار النفط بالأسواق العالمية    ننشر توصيات اجتماع وزراء السياحة بالدول الثماني النامية بالقاهرة    ضربة موجعة لستارمر.. رفض طلب لندن الوصول لبيانات الجريمة والهجرة الأوروبية    كلية التمريض جامعة قناة السويس تنظم ندوة حول المشروع القومي لمشتقات البلازما    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    تعليم السويس يعلن جدول امتحانات الشهادة الإعدادية    ضبط مالك كيان تعليمي وهمي بدون ترخيص بالدقي    ادعوله بالرحمة.. وصول جثمان الفنان نعيم عيسى مسجد المنارة بالإسكندرية.. مباشر    السيسي يؤكد ضرورة التركيز على زيادة احتياطي النقد الأجنبي وخفض مديونية الموازنة    باكستان تتهم الهند بوقف تدفق مياه نهر تشيناب    "هذه أحكام كرة القدم".. لاعب الزمالك يوجه رسالة مؤثرة للجماهير    وزير الري: خطة وطنية لمراجعة منشآت حصاد مياه الأمطار    «العربية للتصنيع» تتعاون مع شركة أسيوية لتأسيس مشروع لإعادة تدوير الإطارات المستعملة    فاضل 31 يوما.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    مدرب كريستال بالاس: هذا ما يجب علينا تقبله    «الداخلية»: ضبط شخص عرض سيارة غير قابلة للترخيص للبيع عبر «فيس بوك»    وزير الثقافة يطلق مشروع "أهلا وسهلا بالطلبة" بتخفيض 50% للمسارح والمتاحف    ضبط (18) طن دقيق مدعم قبل بيعها بالسوق السوداء    ما علاقة الشيطان بالنفس؟.. عالم أزهري يوضح    تشغيل وحدة علاجية لخدمة مرضى الثلاسيميا والهيموفيليا في مستشفى السنبلاوين العام بالدقهلية    هل يجوز الحديث مع الغير أثناء الطواف.. الأزهر يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد بدر الدين: مدكور ثابت "قلب في المكان الصحيح"
نشر في البديل يوم 22 - 01 - 2013

مدكور ثابت: السينمائي المبدع المجدد، المثقف الرفيع المجتهد، الإنسان النبيل، المولود بسوهاج في 30 سبتمبر 1945، المغادرة روحه الطاهرة حياتنا إلى بارئها السبت 5 يناير 2013.
بدا: كمن مات كمداً.
كان يهاتفني قبيل هذا الموعد مع الارتحال بنحو عشرة أيام بصوت واهن، بل ومحبط، وقال لي: أنا حزين جداً، ولا أتحدث منذ فترة مع أحد، في الحقيقة أفرض على نفسي عزلة ويعتصرني الألم.. استطرد إلى أن ذلك: بسبب ما آلت إليه أوضاع مصر وثورتها، وما نراه بوضوح من "مخطط إخواني" يجري على قدم وساق، ليس لسرقة ثورة الشعب والشباب فحسب، وإنما لسرقة الوطن نفسه لحساب جماعة لها مشروعها الضيق، وطمس معالمه لحساب نمطها الرجعي الوهابي، المضاد لكل ما هو طبيعي وإنساني، فطري وحقيقي..!.
حاولت تهوين الأمر عليه بعض الشئ، ببعض ما أنا مؤمن به بالفعل، قائلاً: صحيح أن ما يحدث بعد ثورة يناير ليس ما أملنا كلنا، لكن به شئ إيجابي هو أن يكتشف الشعب بنفسه، وبتجربة مؤلمة لكن ضرورية، حقيقة نوعية وإدعاءات تيار "الإخوان" وما خرج من جلبابه!.. أضفت مستلهماً مفردات السينما: لعل ما يحدث هو "السيناريو" النموذجي الذي يهبه الله لهذا الشعب، لكي يلفظ بعدها من جوفه خرافة الاتجاهات اليمينية المتخلفة المتطرفة التي تتحدث باسم الدين وتسئ إليه.. بعدها سيفيق من الناس من كان ينطلي عليهم ذلك، ويعرف جميع الشعب طريقه ويتجه إلى ما يحقق وما يليق!.
عقب هنا مدكور ثابت:
إنني أفهمك وأعرف ما تقول.. وأثق به.. وأقول ما يشبه ذلك حقاً لنفسي ولغيري.. لكنني حزين لصدمة الوطن.. لمصر بعد أن طارت فرحاً وشوقاً ولامست السماء والنجوم في 11 فبراير 2011، صدمة ما حدث وما يحدث لهذا الشعب والوطن بعد ثورة كبرى رائعة الجمال والعنفوان.. فهو نكوص وانتكاس حقيقي...
هذا هو مدكور ثابت المؤرق دوماً بهذا الشعب والوطن، والذي قدم له عمره وعمله: أفلاماً مجددة طليعية أخاذة، وكتباً نادرة المثال في الثقافة السينمائية المتعمقة، وكان آخر عطاياه ومنجزاته الإبداعية الوطنية فيلمه "سحر ما فات في كنوز المرئيات"، الفيلم التسجيلي الطويل البليغ، الفياض بالجماليات والمفاجآت الوثائقية، وروح السيرة الذاتية المتداخلة مع الخوض عميقاً في القضايا الكبيرة، فهو فيلم عن قضايا مصر وهموم أمتها، على الأخص الهم الفلسطيني على مدار مائة عام (القرن العشرين).
فهو من المشاريع السينمائية الضخمة، المتفردة التي أثارت اهتماماً واسعاً خاصة حين عرضه التليفزيون (على فضائية دريم ولها دورها الأساسي الجدير بالتنويه في إنتاجه).
وفي هذا الفيلم، الوثيقة الإبداعية الوطنية، الذي يجب أن يتكرر عرضه على المشاهدين والأجيال، كان يتراوح السيناريو والسرد السينمائي باستمرار، بين الشواغل المصرية والعروبية خاصة الشاغل الأكبر والأقسى (الفلسطيني)، وكان مدكور يظهر بنفسه عبر بعض اللقطات واللحظات في هذا السرد، كفنان يعبر ويصور من أجل بلاده، وأيضاً كمجند كان يقاتل في جيش بلاده يدافع عن شرفها وأرضها، في مواجهة عدوان الأيام الستة الغاشم عام 1967 والإصرار على تحرير التراب الوطني في حرب الأعوام الستة المجيدة (حرب الاستنزاف حرب رمضان).
ويستخدم مدكور برهافة وشجن آسر عند النهاية الخلفية الموسيقية الغنائية، لأنشودة: (وطني وصبايا وأحلامي).
نعم هو وطنه وصباه وأحلامه.. واليوم وصوله إلى المرفأ. لكنها ليست النهاية.
كان حزن مدكور ثابت إحساساً بواقع ينبغي أن يزول ولم يكن يأساً، وكان ألمه أملاً!.
وكان طول الوقت يأمل كثيراً في (حمدين صباحي) وينتظره قائداً جديداً لمصر.. على طريق القائد الثوري التاريخي جمال عبد الناصر، البطل الذي أحبه مدكور من قلبه وقدم له لقطات وثائقية نادرة، بعضها في خضم حرب فلسطين 1948، اكتشفها مخرجنا الدؤوب نفسه أثناء بحثه وعمله في الفيلم. مستعرضاً عصره، كما فعل مع مراحل الحقبة الملكية والاحتلال البريطاني والمقاومة الشعبية الباسلة له عبر أكثر من سبعة عقود، مختتماً الفيلم بزمن الخروج باطراد عن الخط الوطني والاجتماعي للعصر الناصري الزاخر.
قال لي مدكور ثابت في اللحظات المبكرة لانتخابات رئاسة الجمهورية في مصر بعد ثورة 25 يناير:
كنت أعد نفسي لمشاهدة ومتابعة اللقاءات مع جميع المرشحين للرئاسة بكل اهتمام.. حتى أختار بتجرد ومن دون مواقف مسبقة.. ولكن حدث لي شئ غريب جداًُ.. في أول مرة أستمع إلى حمدين صباحي باعتباره الآن مرشحاً للرئاسة وليس في حدود معرفتي له من قبل ومتابعتي عن بعد.. فإذ بي بعد وقت قليل جداً، بعد لحظات، أجد نفسي أنسى تماماً أنه مرشح.. إنما أحسست أنني بالفعل أمام "رئيس الجمهورية المنشود نفسه"!!.. وقلت: "هذا هو رئيسي.. ولن أبحث عن أحد غيره".
وقد يذكرنا ذلك بآخرين، لم تضطرب رؤيتهم أو تشوش أثناء انتخابات الرئاسة.. ووجدوا في "حمدين" بوضوح وجلاء الرئيس الذي يمكن للوطن معه استكمال الثورة وانتصارها.. (كان منهم على سبيل المثال منصور حسن الذي فاجأ الكافة بإعلانه تأييد حمدين رئيساً، وهو سياسي مخضرم حظى بالاحترام دائماً، رحمه الله سبحانه وتعالى وقد وافته المنية قبل ثابت بقليل).
وقد قلت لنفسي في الحالين، وفي الحالات المماثلة، عن رجال حسموا أمرهم هكذا، بهذا الوضوح في الرؤية وصفاء الوجدان والحس (منهم على سبيل المثال المفكر اليساري الكبير سمير أمين وأعلام آخرون كثيرون من كل التوجهات):
هذا إنسان.. "قلبه في المكان الصحيح".
وقد نقلت بعدها إلى "حمدين"، موقف مدكور ثابت وكلماته، فوجدته ممتناً بل متأثراً جداً.
أجل وصل مدكور ثابت إلى المرفأ.
لكنها ليست النهاية.
وكان ألمه أملاً.
Comment *


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.