يستقبل الرئيس محمد مرسي اليوم الأول من عام 2013 بصورة مغايرة تماما لما كان عليه الحال في 2012، حيث لم يكن تحت بؤرة الأضواء كما هو عليه الوضع الان ولم يكن يتردد اسمه في الأوساط الإعلامية بالصورة الحالية. فرغم إنه كان رئيسا لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الاخوان المسلمين، إلا إنه كان يغيب عن المشهد في معظم الأوقات ليتصدره المرشد العام للإخوان أو نائبه المهندس خيرت الشاطر، الذي حصل علي النصيب الأكبر من تسليط الضوء، لاسيما وأن الشاطر كان المرشح الأول للجماعة في الانتخابات الرئاسية، حيث استمر الشاطر في الصورة حتى مطلع الانتخابات الرئاسية التي بزغ معها نجم محمد مرسي، ليعرفه القاصي والداني من خلال المناظرات السياسية ومحاولة دفع الجماعة له ليكون المنظر الأول لأفكارها، ويدخل في صراع تلو الآخر. وتجدر الإشارة إلي أن "البديل" بحثت في مختلف الصحف ووسائل الإعلام عن أية أخبار تخص "مرسي"، في الأيام الثلاثة الأولي من العام 2012، فلم تجد، ويجوز أن يكون ذلك بسبب الصمت الانتخابي، قبل انطلاق المرحلة الثالثة من انتخابات مجلس الشعب، الذي تم حله بعد ذلك بحكم قضائي.. الوضع في 2013 من المنتظر أن يكون مختلفا بكل المقاييس، حيث من المتوقع أن تتصدر أخبار مرسي جميع وسائل الاعلام المحلية والعالمية بأنواعها المختلفة منذ اللحظة الأولي في العام الجديد. يذكر أنه بعد دفع حزب الحرية والعدالة بالاتفاق مع جماعة الإخوان المسلمون بخيرت الشاطر مرشحًا لانتخابات الرئاسة المصرية 2012، قرر الحزب في 7 إبريل 2012 الدفع بمرسي، كمرشحًا احتياطيًّا للشاطر كإجراء احترازي خوفًا من احتمالية وجود معوقات قانونية تمنع ترشح الشاطر، وقررت لجنة الانتخابات الرئاسية بالفعل استبعاد الشاطر وتسعة مرشحين آخرين في 17 أبريل، ومن ثم قررت جماعة الإخوان المسلمين وجناحها السياسي المتمثل في حزب الحرية والعدالة، الدفع بمحمد مرسي، الذي قبلت اللجنة أوراقه، مرشحًا للجماعة. وتصدر كل من محمد مرسي وأحمد شفيق الجولة الأولى لكن دون حصول أي منهما على أكثر من خمسين في المئة المطلوبة ما اقتضى إجراء جولة ثانية. و بعد أكثر من تأجيل، رافقتها بعض الشائعات، وإعلان حملتي المرشحين نفسيهما فائزين، استنادا على محاضر لجان الانتخابات ادعتها الحملتين، حيث كانت حملة محمد مرسي سباقة في إعلان فوزه، إلا أن شفيق رد بعقد مؤتمر صحفي، أعلن فيه عن نجاحه، مما خلق ارتباكا في عموم مصر. وفي يوم الأحد 24 يونيو 2012 أعلنت لجنة الانتخابات الرئاسية المصرية محمد مرسي رئيسا لمصر، بعد أن حصل على 51٫7% من إجمالي الأصوات، بينما حصل أحمد شفيق على نسبة 48٫3%. وبعد ساعات من فوزه أُعلن مرسي عن استقالته من من رئاسة حزب الحرية والعدالة ومن عضوية مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين. ومع اقتراب اشراق شمس العام الجديد، يبدو أن مرسي مقبل علي كم من الصراعات التي قد تفوق ما واجهه في النصف الثاني من 2012، يتقدمها السعي لإحداث توافق داخل المجتمع المصري بشان العديد من الملفات، خاصة بعد الانقسامات الجلية التي باتت تهدد مستقبل الدولة، كما أن هناك ثلاث معضلات كبرى تواجهه و هي: "الدين العام" و"عجز الميزان التجاري المزمن" واختلال العلاقة بين الادخار والاستثمار. ومن هنا نحاول ان نلقي الضوء علي بعض التصرفات والمواقف الصعبة التي تعرض لها مرسي منذ دخوله الي حلبة الصراع في منتصف 2012. يأتي في مقدمتها تعرض ثلاثة من أبناءه لحوادث، ففي يوم الأربعاء 2 فبراير 2012 حاصر 300 من البلطجية ابنه «عبد الله» وكان معه 70 فردا داخل مسجد، وطلبوا فدية، فدبر أخوه «أسامة» الفدية، وسار مشيًا ومعه الفدية لعدم توفر مواصلات آنذاك، فمسكه رجال أمن، واعتقلوه، وربطوه في شجرة داخل معسكر أمن بالزقازيق لمدة 35 ساعة، وضربوه وكسروا عظامه وقطعوا ملابسه، وسرقوا الفدية وماله وبطاقة هويته. و كان شقيقهم "عُمر" في ذات اليوم مشاركًا في مظاهرة، فطارده بلطجية ورجال أمن في الشارع حتى وقع أرضا، فانهالوا عليه ضربًا بالهراوة، وخُيّطت له غُرز في رأسه، وجلس في البيت مدة أسبوعين على السرير- حسب رواية مُرسي. وبعد ذلك باشهر دخل مرسي في صراع سياسي مع اللواء الراحل عمر سليمان، علي خلفية اتهام الأخير ل"الإخوان" بالتخطيط لاغتياله، حيث قال مرسي أن اتهامات اللواء عمر سليمان، بتلقي تهديدات بالاغتيال من قبل الجماعة كذب وليس عليها أي دليل، مؤكدا أن صندوق سليمان الأسود لا يستحق الرد عليه، و أن الشعب المصري علي درجة عالية من الوعي ويجب عليه مقاومة الفساد. وأضاف مرسي "سرنا مع الانتخابات وكنا نحيي المجلس العسكري علي حمايته للانتخابات وما زلنا نعتبره حامي حمي البلاد، لكن إذا حاول أن يعيد رموزا فاسدين فهذا هو الذي لن نسمح به، وسوف يكون ردنا من خلال البرلمان والشارع، لافتا إلي أن معظم القوي الوطنية توحدت تعبيرا عن رفضها للفلول الذين أذلوا الشعب علي مدي عقود، مشيرا إلي أن المصريين يظلون ثائرين دائما كلما استدعي الأمر مثلما حدث مع وثيقة السلمي، و"من يعتقد بأن الثورة المصرية خمدت أو من الممكن أن تتعثر فهو مخطئ". وفي بورسعيد كان للدكتور مرسي حضورا لافتا قبل الانتخابات الرئاسية من خلال فتح النار علي العديد من القوي المناوئة للثورة حيث أكد خلال مؤتمرا جماهيريا، أن الثورة المصرية تواجهها خمس تحديات...و يتمثل التحدي الأول في بقايا النظام الحالي الذين يتواجدون في أماكن اتخاذ القرار، مطالبًا باليقظة والصبر المقترن بالعزيمة لاقتلاع باقي جذور الصنم الأكبر الذي ما كان في حسبانه أن في الكون إلهًا، وذلك في ظلِّ حجم الفساد الصعب الذي ما زال موجودًا كالسوس في العظام. وأضاف أن التحدي الثاني هو ضباط "أمن الدولة" الذين أفسدوا الوطن كله، والذين لا بد أن تستمر المحاكمات ضدهم، أما التحدي الثالث فيتمثل في "البلطجية" الذين أوجدهم جهاز أمن الدولة مع تزوير الانتخابات، فضلاً عن أصحاب رءوس الأموال المسروقة، ووجود عدو لمصر في الخارج لا يريد لمصر خيرًا بهذه الثورة محاولة خلط الأوراق. وطالب مرسي إزاء تلك التحديات بالعمل على استمرار الثورة؛ حتى تستكمل كل الأهداف والعمل علي زيادة الإنتاج، وترتيب البيت سياسيًّا. Comment *