عقد المركز المصرى لاستقلال القضاء ندوة لمناقشة مسودة الدستور الجديد، تحدث فيها الدكتور جابر نصار أستاذ القانون الدستورى بكلية الحقوق جامعة القاهرة، وقال: "بدايةً إن هذا الدستور جاء بعد ثورة عظيمة، وقد قدم الشعب أرواح أبنائه وثار على حاكم مستبد؛ أملاً فى نظام ديمقراطى يحفظ له قيم الحياة المتمثلة فى الحريات الاجتماعية والسياسية، ولكن للأسف تم اختطاف هذه اللحظة؛ لذا كانت انتفاضه الشعب للحفاظ على مقومات هذا الحلم والذى يتمثل فى دستور يحفظ الحريات ولن يسمح بالالتفاف على أهداف الثورة وسلق دستور لا يليق بتطلعاته، وهو ما لن نوافق عليه، وإلا نكون قد خذلنا الثورة وأهدرنا دم شهدائها". وأكمل: "ونحن باعتراضنا على هذه المسودة لا ننازع فريقًا ما فى حقه فى أن يحكم، ولكن لا يتحكم، يدير الدولة وينظمها، ولكن لا يستبد ويكرس لمبادئ دستورية تسلب الحقوق والحريات، ولن نقبل أن نرتد للخلف، والأسوأ مما كنا عليه قبل ثورة يناير". واستطرد: "وعندما نقول أن البدايات كانت خاطئة حيث ثار جدل الانتخابات أم الدستور أولاً فإن هذا قد فات أوانه، ولكن تشكيل الجمعية آنذاك كان سيجنبنا الكثير من العثرات التى نعانى منها الآن، وكنا وفرنا الكثير من الوقت، لكن لو شكلنا اللجنة ألف مرة بهذا الشكل الآن لن ننتج دستورًا يليق بمصر، ولكن الجماعة قد شكلت الجمعية التأسيسية وفقًا لهواها وحصنوها من الرقابة القضائية"، واصفًا هذا التحصين بأنه "يعد فى القانون شذوذًا فى التفكير واعتداء على السلطه القضائية، وبالطبع هذا إجراء باطل، ويدلل على نية السلطة للاستبداد". وأكمل: "ثم أصدر الرئيس إعلانا دستوريا يحصن قراراته ويصنع من نفسه فرعونًا آخر وتملص من الرقابة على طريقة الديكتاتوريات "فأنا لا يراقبنى أحد"، وتوجت هذه التحصينات الهزلية بإعلان 21 نوفمبر و8 ديسمبر بنسف الرقابة القضائية على دستورية القوانين" . وعن المحكمة الدستورية قال جابر: "إن الدستورية المصرية تعد ثالث أكبر محكمة دستورية على مستوى العالم لها استقلاليتها اوحترامها ومصداقيتها بعد الأمريكية والألمانية.. كما أن المخلوع لم يكن يعين إلا رئيسها فقط وبقية الأعضاء الستة يتم انتخابهم، ثم ارتأى المجلس العسكرى أن يتم انتخاب رئيسها من قضاتها، ولكن الدستور الجديد جاء ليقلص اختصاصاتها بنص المادة 176". وفيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية قال جابر: "لم يكن لها آليه تضمن تنفيذها بدستور 71 ونتيجة لذلك انقرضت الطبقة الوسطى التى كان عبد الناصر قد رفع من قدرها هى والفقيرة، وقد طالبنا بضرورة وجود هيئه تراقب الحكومه فى تفعيل تلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية؛ لذا فحقوقهم تتآكل وسط تراكمات اجتماعية، ولن تجد لها وجودًا فى هذا الدستور المعيب". وأردف: "وبخصوص المادتين 15،16 نجدهما بلا قيمة، فقد شددنا أثناء المناقشات على ضرورة وجود قيم محددة مثل توفير المياه للزراعة، فلا يصح أن تستنزف مياه مصر الجوفية فى ملاعب الجولف، بينما نحتاجها للمحاصيل لإطعام الشعب، وضرورة توفير مستلزمات الإنتاج بأسعار تعاونية، وضرورة تسويق الحاصلات الزراعية؛ لمساعدة الفلاح وحمايته وتوفير حصة من الأراضى المستصلحة للفلاحين. وهذا تم إلغاؤه فى الدستور الجديد". أما عن حرية الصحافة، فيقول: "أغفلت المادة حظر مصادرة الصحف ووقفها وهى مادة مطاطية، وبذلك أقر إلغاء ومصادرة الصحف، والنص بذاته به قيود كثيرة عند التفسير وغير موجود فى أى من دساتير العالم.. كما أننى كنت مصرًّا على ممارسة الجمعيات الأهلية والنقابات لأنشطتها بحرية ودون قيود، ولكن الأخطر أنه أجاز حل النقابات والجمعيات والمؤسسات الأهلية، وهذا لم يحدث فى العالم كله، كما أنه أجاز محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكريه بما يجافى كافة المواثيق والأعراف الدولية" . ثم تحدث عمرو حمزاوى أستاذ العلوم السياسية وعضو مجلس الشعب السابق عن الحقوق والحريات العامة، قائلاً: "هذه المسودة تفرض على مصر رؤية تعصف بكافة الحريات والحقوق العامة، وهي نتاج رؤية رجعية بعيدة عن مرجعية حقوق الإنسان، ومصر بالطبع ملتزمة بالاتفاقيات والمواثيق الدولية التى وقعتها بهذا الصدد، وهو فى حد ذاته تراجع عما استقر فى مصر من ضمانات حرية ودستورية، والمادة 43 تقيد حرية الاعتقاد، ولا يمكن تقييدها وفقًا للأعراف الدولية" . وأضاف حمزاوى أن "مجموعة المواد بالباب الثانى من المسودة والمتعلقة بحرية الرأى والفكر والإبداع، كما أن المادة 81 تقيد ممارسة الحريات، وهى خطيرة للغاية؛ حيث إن الدساتير الحديثة تتحدث عن دعمها وليس تقييدها، كما أن مصر موقعة على قوانين دولية تحرم التمييز ضد المرأة، ولا بد أن ينص الدستور على ضمان هذه الحقوق، كما أنه يشرع لعمالة الأطفال فى المادة 70؛ لذا فالحقوق الأساسية للطفل المصرى تم العبث بها، وهذا جزء من غياب الإبداع" . واختتم حمزاوى كلمته بأن "الدساتير تحمل دائمًا حق الشعب فى تعديل مواد الدستور، ولكن وفقًا للمادة 217 بأغلبية أعضاء مجلس الشعب، بينما دستور 71 كان ينص على جواز التعديل بنسبه ثلثى المجلس". المحكمة الدستورية ثالث أكبر محكمة بعد الأمريكية والألمانية، والمخلوع لم يكن يعين إلا رئيسها فقط وبقية الأعضاء الستة يتم انتخابهم أغفلت المسودة حظر مصادرة الصحف ووقفها بمادة مطاطية، أقرت إلغاء ومصادرة الصحف، وأجازت محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية