جاء قرار د. مرسي الذي دعا خلاله لاستفتاء شعبي على مسودة الدستور الجديد أشبه بزلزال تجلت آثاره بانشقاق شديد الوضوح بين فئات الشعب، فخرج الملايين من المتظاهرين وبجوارهم قوى المعارضة مصرين على الاعتصام حتى الرجوع عن هذا القرار، وفي المقابل خرجت جموع أخرى مؤيدة للقرار. وبإصرار الرئيس مرسي على قراره هذا دعا بعض المعارضين إلى عصيان مدني شامل أملاً في تصعيد الموقف للتراجع عن القرار. وحول هذا المشهد المرتبك والمربك تستطلع "البديل" آراءَ بعض مثقفينا ومبدعينا. يقول الشاعر سيد حجاب: "من الواضح أن مصر انقسمت إلى فسطاطين، فسطاط الاستبداد وفسطاط الحرية والثورة، الأول يحاول الاستقواء بالدين لتبرير استبداده ويحاول أيضًا الاستقواء بالخارج "الصهيو إرهابي أمريكي" التابع لأمريكا مقابل ما قدمه له من خدمات في الهدنة، ذلك في مقابل معسكر الحرية الذي يستقوى بالشعب والأغلبية الصامتة التي بدأ نزولها إلى الشوارع". ويرى حجاب أن العناد والمراهنة على تقسيم الأمة أوصلا معسكر الحرية والشعب والثورة أمام حل وحيد وهو محاولة إسقاط الدستور القادم لتكريس الاستبداد. ولذلك وجب تشديد الضغط الشعبي السلمي على فسطاط الاستبداد وتصعيد هذا الضغط حسبما تقرر قيادة ميدان التحرير التي تأتمر بأمر جبهة الإنقاذ الوطني من الرموز الوطنية؛ لذلك علينا أن نسعى لإعادة الوحدة الوطنية "إيد واحدة".. "سلمية سلمية"، وهي التى كانت أداة ثورتنا في مواجهة الاستبداد السابق والتي يحاول فصيل الاستبداد كسرها وتحويلها إلى انقسام وطني "اعتراض أهلي"، بينما هذه المعركة طويلة وساخنة، وعلينا أن نخوضها بجسارة وإصرار على السلمية والوحدة الوطنية. ويتفق الروائي والكاتب إبراهيم عبد المجيد مع الشاعر سيد حجاب، فيرى أن: "الذي يحدث الآن هو ارتداد على الثورة وانقلاب من قِبَل حزب الحرية والعدالة ورئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، والأمر صعب جدًّا، ولن يمر بسهولة، الثورة صنعها جيل لن يهدأ وهم لا يقدِّرون هذا الجيل، وتلك المظاهرات التي أخرجوها من جامعة القاهرة مقدمة لتقسيم مصر وتنفيذ للمشروع الأمريكي الإسرائيلي في المنطقة وخاصة بعد زيارة كلينتون الأخيرة والتهدئة بين مصر وإسرائيل؛ لذلك لم نرَ أي احتجاج له معنى من الجانب الأمريكي، والإخوان خير من ينفذون الأجندة الأمريكية والتي من شأنها تقسيم مصر وتهميشها على مستوى العالم، وأذكر هنا قول أحد المفكرين السودانيين والذي قال خلاله: إن هذا الدستور يشبه دستور الإخوان في السودان الذي كانت نتيجته تقسيم السودان كما رأينا". ويكمل عبد المجيد أن العلاقة وطيدة بين كل من حسن البنا ومحمد عبد الوهاب وإقامة إسرائيل في المنطقة وكل هؤلاء صنيعة بريطانيا في تخطيطها لتقسيم المنطقة. ولذلك يرى عبد المجيد أن العصيان المدني الذي يدعو إليه البعض غير كافٍ، ولكن مع استمرار المعارضة والاعتصام بأشكاله كافة وهذا ما يملكه الناس. ويرى د. حسام عيسى أستاذ القانون بجامعة عين شمس أنه: "سواء جاءت نتيجة الاستفتاء ب "نعم" أو "لا"، فإن الانقسام والشرخ قد حدثا بالفعل، وهذا ليس في مصلحة أحد على الإطلاق، فهناك البعض الذي لم يعترف بهذا الدستور، ويرى أنه لا يعبر عنهم، أما البعض الآخر فسيعتبرونه دستورهم، هذا إلى جانب انتظار تزوير النتيجة لصالحهم". ويضيف عيسى: "فهل من المعقول أن تأتي هذه الإجراءات المفزعة التي نراها في محاصرة أعلى محكمة دستورية في مصر؟! فبعد أن كان هناك ترهيب على الرأي أصبح هناك تهديد في حياتهم". أما الكاتب والقاص سعيد الكفراوي فقال: "إنه في ظل سيطرة الإخوان المسلمين أو الإسلام السياسي على الأغلبية في الشارع، إلى جانب استعجال المعارضة في إسقاط النظام، يكسب الإخوان، وذلك يرجع إلى أن المعارضة تعودت على مناقشة مسودة الدستور، ومحاورة اللجنة التأسيسية ومحاورات الشارع، فيما كان الإخوان يحشدون الذين يصوتون في الانتخابات". ويضيف الكفراوي: "لا نستطيع مواجهة هذه الأغلبية الشعبية؛ حيث إن المعارضة تمثل 20% من الشعب؛ لذلك الاستفتاء قادم قادم، ما يجب فعله هو تشكيل معارضة حقيقة تعيد الوعي إلى الشارع الذي سيطر عليه ما يقال لهم في الإعلام وفي المساجد، والتغير في هذا الوعي هو وحده الذي يستطيع إسقاط الحكومة أو جماعة الإخوان". البديل ثقافة Comment *