"أسوار، أسلاك، جدران خرسانية".. حلول ثابتة وأنظمة متغيرة، فعلى مدار ما يقرب من سنتين بعد ثورة 25 يناير العظيمة كانت هذه هى أول الحلول التى تسخدمها القوات الأمنية؛ للفصل بينها وبين المتظاهرين. وبعد بناء أول سور خرسانى فى شارع قصر العينى أمس خلال الاشتباكات التى تدور بين المتظاهرين وقوات الشرطه يبقى عدد من الأسئلة التى تطرح نفسها، أهمها إلى متى يبقى السور حلاًّ للأزمات؟ يرى الدكتور أحمد عبد ربه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن بناء الأسوار والموانع الخرسانية أو حتى فرض منع التجول حلول أمنية مؤقتة تستطيع أن تحل المشكلة لأيام قليلة. ويضيف عبد ربه أنه لا بد من النظر للمشكلة من زاوية أخرى، وهى شعور الثوار بأن هناك "ثأرًا" مع وزارة الداخلية، وعلى الدولة أن تقدم حلاًّ جذريًّا للمشكلة، بأن تقوم بإعادة هيكلة الوزارة، مع إعادة محاكمة من قتل المتظاهرين من جديد، وهو ما قام به الرئيس مرسى، على حد قوله. ويؤكد أنه بدون هذه الخطوات، فلن يهدأ الثوار، لعدة أمور أهمها أنهم لا يعانون من أعباء اجتماعية، كما لم يتم تقديم حل جذرى للمشكلة. ويطالب عبد ربه بتغيير الخطاب التقليدى السلطوى القديم الذى يستخدمه النظام الحالى، حيث يصف المتظاهرين بأنهم بلطجية ممولون من الخارج، أو يعملون لجهات خارجية. ويتفق معه الدكتور معتز سلامة الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في أن بناء الأسوار والجدران الخرسانية حل أمني تستخدمه قوات الشرطة، يحافظ على أرواح المتظاهرين وقوات الشرطة، معقبًا: رغم أنه ليس المانع للعنف، ويمكن أن يتم منعه بإجراءات سياسية. ويضيف سلامة أن الحل هو استراتيجى بالدرجة الأولى، وسيكون بعيد المدى، وذلك عن طريق أن يقوم المتصارعون من الأحزاب السياسية على المصالح الضيقة السياسية بحل مشاكلهم بشكل سلمى وليس بالعنف. بينما يرى العميد حسين حمودة الباحث والمفكر الأمنى أنه كلما وضعت الحوائط الأسمنتية، زادت أمامها الحواجز النفسية للمتظاهرين والثوار؛ حيث إن الحواجز الإسمنتية والخرسانية التى وضعت حتى الآن بعد الثورة فى شوارع محمد محمود وبعض الشوارع المحيطة بوزارة الداخلية جعلت الثوار يتواجدون فى التحرير، مؤكدًا أن الأسوار والحواجز لم تفلح كحل مع المتظاهرين والثوار، فقد تم اقتحامها كلها. ويضيف حمودة أن استخدام الحوائط الخرسانية نظرية يستخدمها العدو "الإسرائيلى"، وذلك مبين فى القرآن الكريم فى الآية القرآنية "لا يقاتلونكم إلا فى قرى محصنة أو من وراء جدر". ويرى حمودة أن الحل لا بد أن يكون بالسبل القانونية والأمنية، حيث إن وزارة الداخلية من قديم الأزل وحتى الآن هى أدة لقمع الشعب؛ ولذلك يطلق عليها الشعب لفظ "الحكومة". ويطالب حمودة بإعادة بناء المنظومة الأمنية من الناحية الفلسفية والعقائدية وليس من الناحية الشكلية كما تم فى الحركة الدورية الأخيرة لوزارة الداخلية عندما تم استحداث قطاعين هما "حقوق الإنسان والتواصل الاجتماعى"، معتبرًا الحديث عن إعادة هيكلة الداخلية هو من باب "التضليل". جدير بالذكر أن وضع الأسوار يتسبب فى ازدحام الحركة المرورية، ويولد حالة من السخط تجاه المتظاهرين أو المعتصمين، وأنه من بعد ثورة 25 يناير مرت مصر بعدد من الأحداث الدموية، مثل أحداث ماسبيرو، والعباسية، والسفارة الأمريكية، فضلاً عن محمد محمود 2011، و2012، وقام النظام في كل هذه الأحداث ببناء أسوار خرسانية ووضع أسلاك شائكه كحل أولى للفصل بين المتظاهرين. عبد ربه: المشكلة هي شعور الثوار بأن هناك "ثأرًا" مع وزارة الداخلية. سلامة: السور ليس المانع للعنف، ويمكن أن يتم منعه بإجراءات سياسية. حمودة: كلما وضعت الحوائط الأسمنتية، زادت الحواجز النفسية للمتظاهرين.. والحوائط نظرية يستخدمها العدو "الإسرائيلى"