ذكرت صحيفة "يو إس توداي" الأمريكية في نسختها الصادرة يوم الاثنين أنه تزامنًا مع إحياء الأمريكيين لذكرى يوم المحاربين القدامي، يتبين أن مئات الآلاف من الجنود الأمريكيين يعانون من "صدمة ما بعد الحرب"؛ نتيجة جرائم ارتكبوها خلال الحروب التي خاضوها، سواء في العراق، أو أفغانستان، تتنافى مع قيمهم الأخلاقية والدينية. وأوضحت الصحيفة - في تحليل إخباري أوردته على موقعها على شبكة الإنترنت - أنه على الرغم من أن الحرب الأمريكية على العراق قد انتهت منذ قرابة العام وأن نظيرتها في أفغانستان قد أوشكت على الانتهاء كما هو مقرر في عام 2014، غير أن عبئًا إنسانيًّا ثقيلاً لايزال قائمًا. وأشارت الصحيفة إلى أن عام 2012 وحده سجل حالات انتحار لجنود أمريكيين تفوق أعداد الحالات الذين قُتِلوا بواسطة نيران معادية في أفغانستان، فضلاً عن أن نسبة تتراوح ما بين 10% إلى 20% من الجنود العائدين إلى ديارهم مصابون بأعراض "صدمة ما بعد الحرب". ورصدت الصحيفة مخاوف من أن الافتراضَيْن الشائعَيْن اللذين تضعهما التشخيصات الطبية حول حالات "صدمة ما بعد الحرب" قد تعيق عودة الجنود إلى حياتهم الطبيعية. ولفتت إلى أن الافتراض الأول والمضلل في الوقت ذاته يتمثل في أن "الصدمة التي تنال أحد الجنود تكون نتيجة معايشته أو رؤيته أو مواجهته لحدث تَضمَّنَ موتًا حقيقيًّا أو تهديدًا بالموت أو إصابتهم أنفسهم أو أناسًا آخرين"، وهو التشخيص الذي يكرس الانطباع بأن هؤلاء الجنود هم ضحايا لمواقف خارجية أو أحداث تطرأ عليهم. وفي كثير من الأحداث تكون "إما انفجارًا مفاجئًا، أو كمينًا نُصِب لهم، أو رؤية رفيق يُقتَل". ورأت الصحيفة أن هذا التشخيص ربما يطابق الحقيقة في كثير من الأحيان، إلا أنه يخفي حقيقة أخرى تتمثل في أن العديد من المحاربين لا يعانون في الأغلب مما تَعرَّضوا له أو شاهدوه خلال فترة الحرب، بل مما اقترفته أيديهم. واستدلَّت صحيفة" يو إس توداي" في طرحها هذا بالإشارة إلى دراسة أعدتها "شيرا ماجوين" الباحثة في علم النفس بالمركز الطبي الخاص بالمحاربين القدماء في مدينة سان فرنسيسكو، وثَّقَت لوجود رابط بين عمليات القتل وبين احتدام أعراض "صدمة ما بعد الحرب" لدى الجنود الذين خاضوا حربي العراق وأفغانستان، وتفكيرهم في الانتحار. وأشارت الصحيفة إلى أن "ماجوين" والعديد من الباحثين في شئون المحاربين القدامى أطلقوا مصطلح "جرح أو إصابة أخلاقية"؛ لوصف الصراع الداخلي الذي يعانيه المحاربون نتيجة انتهاك مبادئ وقيم أخلاقية جوهرية من جراء عمليات القتل التي قاموا بها. بمعنى آخر - كما استطردت الصحيفة - "يعاني المحاربون بصورة عميقة، ليس فقط من الأشياء التي تحدث لهم، بل من عجزهم مواصلة حياتهم وهم مدركون لكافة ما ارتكبوه في حق آخرين". واعتبرت الصحيفة الأمريكية أن الافتراض الطبي الثاني الشائع والمضلل في الوقت ذاته وثيق الصلة بالافتراض الأول، وهو أن صدمة ما بعد الحرب هى في جوهرها أزمة ذو طابع تقني؛ ومن ثم فإن حلها يجب أن يكون تقنيًّا. مشيرة إلى أن الطب الحديث يشجع في أغلب الأمور على التفكير التقني والفني عن أي شيء آخر. وتابعت: ربما يحمل هذا الفهم لحالات "صدمة ما بعد الحرب" فوائد، إلا إنه ينطوي في الوقت ذاته على مشكلات. موضحة أن اعتبار الصدمة أو بالأحرى "الإصابة الأخلاقية" علة تقنية أو مشكلة طبية بحتة من شأن هذا الاعتبار أن يسلبها دلالالتها الأخلاقية. وخلصت الصحيفة - في ختام تعليقها - إلى أنه في حال ما نظر الطبيب لمعاناة المحاربين باعتبارها مشكلة تقنية يجب معالجتها طبيًّا، فستواجهه بعد ذلك حقيقة أن الشخص الذي يتلقى العلاج هو في حد ذاته "شهادة حية" على الحروب التي خاضها. مشددة على أن "معالجة" المحاربين يجب ألا تخفي القصص الأخلاقية المهمة التي يجب أن يسردوها لنا. ذكرت صحيفة "يو إس توداي" الأمريكية في نسختها الصادرة يوم الاثنين أنه تزامنًا مع إحياء الأمريكيين لذكرى يوم المحاربين القدامي، يتبين أن مئات الآلاف من الجنود الأمريكيين يعانون من "صدمة ما بعد الحرب"